طرابلس :أحيت السفارة الإيرانيةبطرابلس مساء الأربعاء 4/6/2008م الذكرى السنوية التاسعة عشر لرحيل مؤسس الثورة الإسلامية في إيران (الخميني)، وذلك بحضور أعضاء من السلك الدبلوماسي المعتمدين في ليبيا، وطلبة كلية الدعوة الإسلامية، وعدد من المثقفين والمفكرين الليبيين،
وعرض أثناء الاحتفال شريط مرئي عن الأيام الأخيرة في حياة الخميني، سبقته محاضرة للدكتور محمد الشحومي الأمين المساعد للمجمع العلمي للسادة الأشراف بعنوان "وحدة الأمة الإسلامية في مواجهة الفتن الطائفية" ذكر في مستهلها أن المعرفة الإنسانية نسبية، وأن القاعدة الربانية لإقامة أي حوار بين مختلفين وصولا إلى معرفة الحقيقة تكمن في أن رأينا صواب يحتمل الخطأ ورأي غيرنا خطا يحتمل الصواب، التزاما بما جاء في الذكر الحكيم "وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين".
وأسهب الشحومي في التفريق بين ثقافة الوحدة، وثقافة التفرقة معتمدا أن عبادات الإسلام تجسد الوحدة: "فالصلاة واحدة في أركانها وأذكارها وقبلتها.. ولا يكون للعبادات معنى ما لم تعكس شعورا بوحدة الانتماء إلى هذا الدين العظيم"، مضيفا أن أسباب ثقافة الفرقة المنتشرة تعود إلى: "تقليد الرجال من السلف دون عرض على ميزان الأصول" معددا أقوال كبار الصحابة في ذم تقليد الرجال دون العودة إلى الأصول ليخلص إلى القول: "من أعقد المسائل التي أصيب بها المسلمون، والتي عملت على إفشاء ثقافة التفرقة في مقابل ثقافة الوحدة هي مسألة ربط الإسلام بالرجال، وجعل أعمالهم شريعة ودينا يدان به الله تعالى، والحق هو أن تكون أعمال الأفراد من السلف والخلف خاضعة للأصول".
ثم انتقل المحاضر إلى بيان أن التطرف والاعتدال ظاهرة طبيعية في أي مجتمع تماما، كالمرض والصحة، مبينا أن التطرف ليس بالضرورة أن يكون دينيا، وإنما قد يكون نتيجة للتعصب العرقي كما في البوسنة والهرسك، وقد يكون سياسيا واقتصاديا كما أيرلندا الشمالية، مؤكدا أن التطرف الديني ليس ظاهرة إسلامية قائلا: "لقد هاجم الصليبيون القسطنطينية التي كفروا أهلها الأرثوذكس وأزهقوا أرواح عشرات الآلاف منهم نتيجة للترف المذهبي مع أن الطرفين كانا مسيحيين"، ذاكرا في الوقت نفسه أن ظاهرة التكفير عند المسلمين ليست وليدة اليوم وإنما ابتدأها الخوارج الذين كفروا مرتكب الكبيرة، معددا شواهد تاريخية لما عانته الأمة من الفكر التكفيري ليصل إلى القول: "الحقيقة هي أن التطرف والتكفير وما ينتج عنهما من عنف وتعد على الأرواح والأعراض والممتلكات هما مخالفان تماما لروح الإسلام ومبادئه"، مشيرا إلى أن أصحاب الفكر التكفيري اليوم يعملون وفقا لأجندة خارجية شعروا بذلك أم لم يشعروا مضيفا: "الباحث في وقائع التاريخ لن يغيب عن بصيرته دور المستعمر خاصة بريطانيا في تأسيس هذا الفكر الجاهلي المنحرف، الذي أسست له الدول ومكنته من أقدس مقدسات المسلمين وساعدتهم في تدمير آثاره وهدم روضات أئمة الإسلام التي حافظ على وجودها المسلمون على امتداد التاريخ".
كما حرص المحاضر على التأكيد على دور الدس والوضع فيما نعانيه اليوم من فرقة بالقول: "أول من اشتهر وعرف من الزنادقة بل وأخطرهم لدرجة أن خطر مدسوساته وأكاذيبه وتأويلاته لازالت سارية حية حتى وقتنا المعاصر يتناقلها دعاة الفتنة والطائفية وتندس بخبث واضح بين أشهر الكتب وأكثرها انتشارا هو المسمى (سيف بن عمر التميمي الأسدي).. أجمع المحدثون على أنه من أخطر الوضاعين... وهو الذي اخترع شخصية عبد الله بن سبا التي لا وجود حقيقيا لها ودبج الأساطير التي لا زال يستعملها بعض المتفيقهين في بث الفتنة والفرقة ودعوة الطائفية وقد بلغت خطورة هذا الرجل أنه ألف كتاب (الفتوح والردة) وكتاب (الجمل ومسير علي وعائشة) اللذان أصبحا من أكثر المصادر التاريخية انتشارا حتى يومنا هذا".
وعن كتب التاريخ الإسلامي بدء من الطبري وحتى اليوم فقد أكد أنها جمعت بين الصحيح والمكذوب قائلا: "إن كتاب التاريخ ينقلون كل الروايات دون نقد أو تمحيص أو انتخاب وهذا ليس بالعمل العلمي الذي يعتد به ويعتمد عليه ولهذا تكون رواياتهم أقل اعتبارا من روايات الحديث وبالرغم من ذلك علينا أن نعذرهم فهم على الأقل جمعوا كمية من الأخبار ويبقى دور المحقق الواعي لانتخاب الإرث من الموروث وتمييز الصحيح من السقيم".
الليبييون شيعة!!
وعقب المحاضرة توالت المداخلات التي تبين أهمية الوحدة الإسلامية، وتنبذ التفرقة بين الشيعة والسنة وأن ما يحدث لعبة استعمارية إلا أن أهم سؤالين جاء من الناشط الحقوقي محمد سالم دراه حول الدولة الفاطمية التي دعا إليها العقيد القذافي ولماذا الشمال الأفريقي خلا من أي آثار فاطمية؟ فيما جاء السؤال الثاني من د. جمعة الزريقي، وعدد من طلبة كلية الدعوة الإسلامية عن ما هي الخطوات اللازمة لتحقيق الوحدة الإسلامية، فجاءت إجابة المحاضر د. محمد الشحومي صادمة لجل من حضر إذ قال: "من قال إن شمال أفريقيا خلا من أثار الفاطميين؟ أليست القاهرة مدينة فاطمية؟ أليست المهدية كذلك؟..هنا قام المحامي دراه ليوضح أنه يسأل عن الثرات الاجتماعي، والمدارس الفقهية للشيعة في ليبيا لماذا لا نلمسه اليوم؟
ورد د. الشحومي : الليبيون شعب شيعي ألسنا نقول اللهم صل على النبي والسيد علي، أليست أكثر الأسماء المتداولة عندنا هي الحسن والحسين وعلي وفاطمة.. أما المذهب الفقهي فالإمام مالك هو تلميذ لجعفر الصادق.
تحرير الحجاز !!
أما السؤال الثاني فكانت الإجابة عنه أكثر جرأة حيث قال في إشارة إلى المملكة العربية السعودية: "بعيدا عن حسابات القيادة الليبية وتحرجها أقول بكل صراحة ما لم نتمكن من تطهير بيت الله من الرجس، وما لم نتمكن من تخليص بيت الله من سيطرة المذهب الواحد، ويصبح مشاعا لكل المذاهب الإسلامية المعترف بها، لن تتحقق الوحدة الإسلامية، طريق الوحدة الإسلامية يمر عبر تحرير الحجاز".