الرقابة المركزية الأمريكية علي الإنترنت في الوطن العربي الرقابة المركزية الأمريكية علي الإنترنت في الوطن العربي GMT 17:30:00 2007 السبت 29 ديسمبر محمد الحمامصي ------------------------------------------------------------------------ كتاب يكشف سطوتها ويدلل عليها محمد الحمامصي من القاهرة: تولي هذه أول دراسة (الرقابة المركزية الأمريكية علي الإنترنت في الوطن العربي) للناقد د. مصطفى عبد الغنى والصادرة عن دار العين للنشر قضية رقابة الشبكة المركزية الأمريكية اهتماما خاصا فعلي الرغم من انعقاد اكثر من قمة لمجتمع المعلومات (جنيف 2003- تونس 2005).. لم يستطع أحد الإجابة علي السؤال: كيف تفرض رقابة اكثر ديمقراطية علي الإنترنت؟ كيف تستمر رقابة إمبريالية شرسة وعاتية علي أقطارنا العربية والإسلامية؟ فقبل عقد القمة الأخيرة بأيام قامت الولاياتالمتحدةالأمريكية باستهانه بإرسال مسئول الاتصال بوزارة الخارجية (حيث يجتمع قادة 170 بلد شاركو في القمة العالمية). بعد أن أعلنت رفضها بشكل صريح المساهمة في تمويل صندوق دولي لمساعدة الدول الفقيرة علي تجاوز الفجوة الرقمية بينها وبين الدول الغنية. الأكثر من هذا أنها رفضت أن يشاركها أحد في إدارة الشبكة الدولية التي تتحكم فيها من خلال مؤسسة "أيكان " "ICANN " التابعة لها: لتضيف صفحه جديدة لسجلها الحافل في ممارسة العنف مع حليفتها إسرائيل في المنطقة ليس السياسي والاقتصادي وحسب وإنما التكنولوجي أيضا وعلي النحو فأنه يصبح من الهراء أن نتحدث عن أجندة "تونس " التي راحت تتعهد بتضييق الفجوة الرقمية بين البلدان الفقيرة والغنية أو الحث علي حرية التعبير أو نقل المعلومات أو احترام حقوق الإنسان.. وما إلى ذلك. وعلي هذا النحو تتحول (تتحول العولمة) إلى عولمة "عسكرية " تؤكدها وتكرس لها العولمة المعلوماتية ضد أقطارنا العربية حيث تتأكد الرقابة علي الشبكة بالقوة التي رأينا إشارتها في العراق بشكل عام وفي الوطن العربي بشكل خاص.. لقد استبدل بالسيطرة علي الطرق البحرية الأوربية في القرن التاسع عشر السيطرة بالتفوق الاستراتيجي عبر الشبكة دون أن تأبه بصياح أقطار الوطن العربي ومؤتمراته.. وما زالت تطرح أمامنا أسئلة كثيرة: الإمبريالية المركزية مازالت حقيقة مؤكدة حاضرة. والوعي العربي بما يحدث له مازال حقيقة غائبة.. فمتي - متي - يكون لدينا إستراتيجية عربيه تضع في الاعتبار هذا كله وتعمل له؟ ود.مصطفي عبد الغني صاحب الدراسة ناقد وكاتب بجريد الأهرام وله اكثر من خمسين مؤلفا موزعة جميعها علي النقد الأدبي منها (طه حسين والسياسة)، و(الإتجاه القومى فى الرواية) و(نجيب محفوظ الثورة و التصوف) و(قضايا الرواية العربية فى نهاية القرن العشرين) و(المسرح المصرى فى السبعينات) وغيرها وحصل علي جوائز منها جائزة نقابة الصحفيين المصريين، جائزة وزارة الثقافة المصرية، جائزة أحسن كتاب من معرض القاهرة الدولى للكتاب عن كتاب أحمد بهاء الدين: سيرة قومية، وجائزة المجلس الأعلى للثقافة فى(النقد الأدبى)، وجائزة الدولة التشجيعية فى النقد الأدبى. في البداية يوضح المؤلف منهجه في الكتاب قائلا إنه يمثل مزيجا من المنهج التاريخى والموضوعى معا فى الوقت الذى كنت قد غرقت أو أغرقت تماما فى عصر تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وازدهارها المبهر فى الغرب ومأساتها الميلودرامية فى الشرق، فقد فعلت الكثير للوصول إلى مواقع غائبة، والحصول على وثائق سرية، والمثول أمام العديد من الشركات الإليكترونية كدائرة الرقابة الأمريكية MPAA والمعاجم اللغوية والإفادة من عديد من الخبراء فى هذه التقنية وفى مقدمتهم د. نبيل على الذى استفدت بكتاباته كثيرا فى هذا المجال وبوجه خاص كتابه"الفجوة الرقمية"(عالم المعرفة عدد أغسطس/318) الذى صدر أثناء الانتهاء من "مسودة" هذه الدراسة، وأيضا محاولة الإغراق والخروج من مصطلحات دالة غزيرة من مثل الرقابة Censorship وأمن الانترنت Internet Security ورهاب الكومبيوترComputer phobia ومشروع إمبريإلى عالمىEchelon وأيضا بقانون لياقة الاتصالات البعيدة The Exon/Coats Communications Decsncy Act. وعدد كبير من الموسوعات الإليكترونية.. وفى ذلك استفدت أيضا بعشرات أن لم يكن مئات من المواقع الكثيرة المتناثرة من كاليفورنيا من أقصى الغرب إلى الصين فى أقصى الشرق مما حاولت معه الوصول إلى (آلية) شركات الإمبريالية الأمريكية أو رصد تأثيرها فى الحقبة الأخيرة. إلى جانب هذا كله، لم اغفل الخبرة الشخصية، فقد شاركت ببعض هذه الفصول أو الكتابات فى ندوات ومؤتمرات بين المغرب وتونس فى المشرق العربى إلى جامعة اليرموك فى الأردن صعودا إلى بعض مؤتمرات ومشاركات فى كل من باريس ومدريد إلى غير ذلك.. وهو ما أفادنى كثيرا فى السنوات الأخيرة، فأضفت الوعى النظرى إلى الخبرة الدالة. ويضيف د.مصطفي: لقد راح الغرب يعمل فى أدوات التقدم ويندفع إليها طيلة هذه القرون ورحنا نحن ننسحب حتى انتهى بنا الزمن حيث عشنا وعرفنا الغرب وهو يقيم إسرائيل فى المنطقة- وسط الوطن العربى- في مناخ لم نعد نمتلك فيه غير النسيج البإلى من تراثنا - لا الزاهى الذى لا يبلى - لنرى سقوط ثوب المنطقة كلها اليوم.. لم يشغلنا المستقبل فى كثير وإنما شغلنا- فى الغالب - النسيج القديم من الثوب الإسلامي دون التنبه إلى بقية الثوب الناصع والعقيدة الزاهية، كانت هذه بواعث كتابة هذه الدراسة فى هذه الفترة الصعبة من تاريخنا. وهو مايحتاج إلى إسهاب أكثر: فى هذه الفترة من التسعينات تذكرت إننى حضرت مؤتمرا فى (مدريد) وكان موضوعه عن طه حسين بشكل خاص، وأذكر إننى فى صخب الحوار الذى دار عقب إحدى الجلسات اقتربت من د. بدرومارتينيث مونتابيث وكان رئيس الجلسة لاسمعه يميل على ليقول: لقد استمعت إلى أبحاث (كل العرب) الذين جاءوا الآن عن طه حسين، ولكننى لم أسمع بحثا عن طه حسين والمستقبل؟ وقبل أن ألتفت إلى المستشرق الإسبانى حتى عاجلنى: ألا يوجد طه حسين فى المستقبل لديكم؟ لم أجب، وإنما ظللت الملم أوراقى وأنا أحأول أن أغرق فى صمتى الحزين الشرس الموحش الذى مازال يلازمنى حتى اليوم. وعلى أية حال، فإن الخروج من أسر الماضى لخطورة الحاضر لابد من التنبه أو إعادة التنبه إلى حقائق نعرفها جميعا دون أن نتحرك لفهمها والتجاوب معها، إذ تشير الإحصائيات الإخيرة فى العالم إلى أن مستخدمي الإنترنت بالدول العربية يبلغ 0.6% فقط من تعداد السكان بينما بالدول المتقدمة نجد أن مستخدمي الانترنت يبلغ 88% من تعداد السكان، فما تفسير ذلك؟ الإجابة أن الدول المتقدمة بهذا المجال أوجدت البنية التحتية القوية و بأسعار في متنأول الجميع، وتسعى البنى (الإمبريالية) فيها إلى تمكين أدواتها بالقبض على الرقابة على (كل) الأجهزة الإليكترونية فى العالم كله. وعلى هذا النحو نرى الفرق الشاسع بين الدول العربية و الدول المتقدمة في نسب مستخدمي الإنترنت أن دولة الإمارات العربية المتحدة تتربع برأس القائمة بنسبة 10.2% و تليها لبنان 8% و الكويت 5.5% و الأردن 2% وتأتي المملكة العربية السعودية و ثم مصر بنسبة 0.8% من تعداد السكان. و لتطوير شبكات الاتصال بالدول العربية، سوف تنفق الدول العربية 90 مليار دولار خلال العشر السنوات القادمة لتواكب من سبقها في هذا المجال، بيد أن التطوير لابد أن يسبقه التنبه إلى التطوير العدائى فى الشمال الذى يتمثل فى الهيمنة على أقطارنا العربية التى - ماتزال - متفرقة حتى فى هذا المجال. ويؤكد د.مصطفي أن الغرب هنا أو الهيمنة الغربية هنا تعنى الهيمنة الأمريكية بشكل أكثر وضوحا، وإذا كان العالم يعرف أن الإمبريالية (الأمريكية) أصبحت هى الآن التي ورثت حركة الاستعمار التقليدى، فلابد أن نضع فى الحسبان أن المركزية الأمريكية في حالة الرقابة على الأجهزة الأمريكية تظل تابعة عبر تكنولوجيا المخابرات - بين أجهزة أخرى - للعم سام أكثر من الأعمام الآخر الكثيرة فى الشمال. وهو ماتردده الأقلام الأمريكية عبر مخابراتها بوضوح شديد، وهو ما نجده – على سبيل المثال - الخطاب الرئيس فى كل أعمال فريدمان حين يردد كثيرا فى بساطة دالة هذه العبارة: «نحنُ الأميركيين رُسُلُ العالمِ السَّريعِ. أَعداءُ التقاليدِ أنبياءُ الإقتصادِ الحرِّ الكهنةُ الأعظمُ للتكنولوجيا الرقميةُ، نحن نعملُ لتوسيعِ ونشرِ قيمنا ومطاعمِ بيتزاهت.. نحنُ نريدَ من العالمِ أن يقتفي أَثرَنا ويصبحَ ديموقراطياً ورأسمالياً على شفتيه زجاجة بيبسي وميكروسوفت على جهازِه الحاسوبي». إذن (الإمبريالية)وصلت الآن إلى اأقصى درجات توحشها وانفلاتها.. ويقول د.مصطفي عبد الغني: إن الولاياتالمتحدةالأمريكية أعلنت فى خريف 2005(وهو ما رددته من قبل خاصة فى جنيف 2003 وستردده فى شتاء2005 فى تونس).. أنها تصر على البقاء على الدور الذى تقوم به - وهو دور رئيسى - على السيطرة على شبكةِ الانترنت والإشراف على تقنياتا على أن تقوم بهذا على أنها (المسيطر) الوحيد و(المستحوذ) على اجهزة الشبكة. ولم يكن هذا القرار رد فعل إيجابى على ما أعلنته الأممالمتحدة لضرورة منح فرصة لتعلم المزيد من التقنية على الشبكة المعلوماتية للدول التى لم تصل إلى هذا بالفعل، وإنما استجابة لموقفها المتزايد إصرارا ورسوخا أن تقوم هى - بشكل مفرد - على السيطرة على الشبكة وهى لا تبإلى بقرار أمم متحدة أو دعوات أمنية مصطنعة من الداخل.. وقد يكون من المهم أن الولاياتالمتحدة مع إنها لا تضع أى اعتبار لمن يتحدث عن أمن الشبكة أو شكوى الأجهزة القاعدية للقطاع الخاص وإنما تشير صراحة دائما وتلمح أحيانا- وهو ما تكرر كثيرا- إنها ستحول مسئوليات منظومة DNS إلى مؤسسة الإنترنت للأسماء والأرقام المخصصة والتى تعرف اختصارا بهذا الاسم Icann، أنشأت عام 1998 للإشراف على العمليات الرئيسية للإنترنت والتى كانت تحتل منذ عرفت الشبكة المركزية أن هذا البيان الذى صدر عن الحكومة الأمريكية أخيرا يؤكد أن الإدارة الأمريكية مازالت تعمل بدأب لتظل الشبكة تحت يديها فقد جاء البيان الأمريكى الذى صدر فى 30 يونيو 2005- بأن أهمية الانترنت تحتم على الحكومة الأمركية للسيطرة عليه دائما وان تبقي منظومة ال دى إن إس مستقرة ومأمونة للجانب الأمريكى (هكذا). والمعروف أن الإدارة الأمريكية كانت تستعمل كل وسائل الضغط الإنترنتية فى الرقابة المشددة على كل شىء بشكل تجسس صريح حتى أن مراقبة محرك البحث لسنوات كان يؤكد لنا من آن لآخر حرص الولاياتالمتحدة على الاستحواذ على كل وسائل المراقبة هذه حتى أن جوجل تعرض فى العام الأخير أنها استطاعت - من باب المباهاة والتجارة - استعمال التقنية التى كانت تستعملها فقط - الأجهزة المخابراتية الأمريكية - وهى التقنية التجسسية النادرة التى كانت تعد حكرا على الأجهزة المخابراتية لدى العم سام وهى الخدمة التى يمكن بها رؤية صور الأبنية والتضاريس بصورة ثلاثية الأبعاد، فضلا عن إمكانية دمجها بالخرائط التقليدية ودليل محركات البحث مما يشير إلى أن الأجهزة الأمريكية كانت تستخدم منذ فترة مبكرة اتجاهات فى الويب لم يسبقها إليها أحد. ويضيف د.مصطفي: يرتبط بهذا كله أمر آخر يعود إلى ندرة الوثائق وغزارتها فى آن واحد.. فقد واجهتنى غزارة الوثائق الغربية (الشبكة العنكبوتية) من كاليفورنيا -حيث المركز الرئيسى للإمبريالية صعودا فى كل اتجاه إلى الكرة الأرضية حتى نعود إلى نقطة المركز فى مؤسسة خاصة مركزها لوس أنجلوس وخاضعة لقانون ولاية كاليفورنيا ثانيا حيث أصرت الولاياتالمتحدةالأمريكية ألاّ تتنازل عن مركزيتها وسيطرتها الكاملة على العالم، وحيث أعلنت هذا بوضوح وشراسة أكثر فى جنيف فى مؤتمر جنيف عام 2003 كما سنرى وبشكل أكثر شراسة فى مؤتمر تونس عام 2005، وفى الوقت نفسه، عانيت من ندرة المراجع والمصادر العربية؛ فعلى الرغم مما نعاينه اليوم من مواقع عربية كثيرة، فالحصاد الأخير ضعيف، إذ أن التقنية العالية وضعت دولة كمصر فى المرتبة الستين فى حين وضعت الولاياتالمتحدة وإسرائيل فى المراتب الأولى.. فضلا عما يمر به الوطن العربى من مخاض طال وأصبح ينذر- لو استمر الحال كما هو عليه - بإجهاض يودى بأحلامنا؛ يحول الحلم إلى (كابوس) فى عصر تخثر الوعى العربى فى هذا الزمن الردىء.. ومن هنا، كان علىّ أن أتعامل مع هذه(المعادلة) الصعبة، خاصة، وإننى آتٍ -بحكم جيلى - الذى عرف الوجود فى نهاية الأربعينات - من عالم عرف غزو الكويت فغزو بغداد وترقب (فوضى) المملكة العربية السعودية وتمزق سوريا والسودان والجزائر إلى آخر منظومة الإدارة الأمريكية التى كانت قد أعلنت بوضوح انتهاء(الاستراتيجية) الأمريكية بعد غزو العراق وتغيب السعودية إلى حصولها - والأهم إلى حصول (الإمبريالية) على الجائزة الكبرى (مصر) وهو ما جاء على لسان الإدارة الأمريكية بوضوح شديد مبكرا.. أقول إننى آتٍ بحكم جيلى من عالم شهد سقوط أوطاننا العربية فى براثن التخلف الداخلى والتربص الخارجى، وقبل هذا جئت من جيل مدرسة (فلسفة الأدب) و(فلسفة التاريخ) والحداثة وما بعد الحداثة فى مرحلة متأخرة دون أن نشهد - أو نشارك - فى تطور واع وحقيقى لهذه الثورة التقنية (الشبكة الإليكترونية) منذ بداية التسعينات بشكل لم يعرفه العالم من قبل. وعلى هذا كان قدر على أن أعيش نصف القرن الأخير من القرن العشرين لأعاود العيش - وان يكن بآليات أخرى وأسى بالغ - النصف الأول من القرن الحادى والعشرين.. ومع هذا، ورغم هذا، حاولت أن أشاهد الصورة من الخارج بعد أن عايشتها من الداخل فى الجيش الذى عرف تبدل المصائر وتغيرها فى اليمن ففى شعاب سيناء بعد هزيمة 1967 وصولا إلى انتصارات أكتوبر وتغيرات نهاية القرن الماضى حتى اليوم. وهو ما يفسر كيف أن مخطط البحث كان لابد أن يبدأ منذ الفصل الأول من صور السيطرة على الشبكة فى صعودها الهادر من عصر العم سام إلى هبوطها الحزين فى عصر (البدو) الذين مازالوا يعيشون فى هذه المنطقة منذ آلاف السنين ولم يتعلموا بعد. الكتاب: الرقابة المركزية الامريكية علي الإنترنت في الوطن العربي المؤلف: د. مصطفى عبد الغنى الناشر: دار العين للنشر تاريخ النشر: 2006