"نحو مجتمع متكافل"، هو آخر الأنشطة العلمية التى نظمتها "الرابطة المحمدية للعلماء" بالرباط، وشهد مشاركة الدكتور كمال العلمي، منسق برنامج الأممالمتحدة المشترك لمحاربة الإيدز، والدكتورة عزيزة بناني، عن البرنامج الوطنى لمحاربة الإيدز، والدكتور أحمد عبادي، الأمين العام للرابطة، و الدكتور محمد بلكبير، الخبير الدولى فى تغيير السلوكيات المنحرفة والتثقيف بالنظير. وبداية، رصد كمال العلمى فى مداخلته الحالة الوبائية لفيروس نقص المناعة البشرى على الصعيد العالمى بوجه عام، وعلى صعيد شمال إفريقيا والشرق الأوسط بوجه خاص، بناء على معطيات إحصائية ضافية؛ مسجلا أن هناك معطيات أساسية تبرز كيف أن هذا المرض فى تزايد مستمر، وأنه قد وصل فى بعض المناطق من العالم إلى درجة الاستفحال؛ ولو أنه فى دول شمال إفريقيا والشرق الوسط، يظل عدد حاملى الفيروس منخفضا نسبيا "حوالى 380.000" بالمقارنة مع منطقة جنوب شرق آسيا التى يبلغ عدد الإصابات فيها إلى حوالى 4 ملايين، أو بالمقارنة مع إفريقيا جنوب الصحراء. بعد ذلك انتقل المتدخل لإبراز أهم العوامل المحددة لانتشار وباء فيروس نقص المناعة البشري، وكذا الوقوف على واقع الحالة الوبائية بمنطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط، ليصل إلى الوقوف على "الاستراتيجية العالمية لمكافحة الإيدز" مذكرا بالمحطات الرئيسية فى هذا المجال، وكذا أهم الحملات العالمية ضد هذا المرض، ليخلص إلى تحديد معالم الولوج الكلى للوقاية والعلاج فى أفق 2010. ومن جهتها، ركزت عزيزة بنانى على الحالة الوبائية للأمراض المنقولة جنسيا والإيدز بالمغرب، وقد جاءت مداخلتها، بدورها، معززة بأرضية إحصائية غنية. فبعد أن وقفت على مشكلة التقديرات ومدى مطابقتها للواقع، رصدت تطور عدد حالات الإيدز عبر السنوات بالمغرب. وبعد تشخيص الحالة الوبائية لفيروس نقص المناعة البشرى على الصعيدين الدولى والإقليمى والوطني، قدم د. محمد بلكبير طرحا ضافيا لأسلوب أو مقاربة التثقيف بالنظير، وفق منظور تواصلى تفاعلى للتوعية بمخاطر هذا الداء خاصة بالنسبة للقادة الدينيين. أما مداخلة أحمد عبادى فقد شددت على ضرورة أن تتم معالجة هذا الوضع وفق رؤية أصولية مقاصدية تعتمد على فقه الترجيحات، من منطلق الوعى والتسليم بأن "داء الإيدز وباء قد عمت به البلوى"، بات يستدعى فعلا كفاحيا لمواجهته، محذرا من كون الإصابة مع أنها قد تبدأ بوتيرة متوالية رياضية، إلا أنها سرعان ما تتسارع بمتوالية هندسية تصعب ملاحقتها. ومع تنويهه بأهمية وجدوى المقاربة التكاملية، إلا أنه شدّد ضرورة أن يخضع هذا التكامل لهندسة فى سبيل تحديد الأدوار حتى لا تتناقض وتتبدّد الجهود. مذكرا فى هذا السياق أن الرابطة قد دأبت على العمل مع شركاء متعددين. وبعد أن أبرز المحاور التى تشتغل عليها الرابطة فى هذا الإطار، سواء تعلّق الأمر بالعمل على تعزيز الجانب القيمي، أو تقديم الخبرات اللازمة فى هذا المجال، مع عدم الاكتفاء بالمقاربة الوعظية، على أهميتها، إذ لا بد، كما شدّد الأمين العام للرابطة على ضرورة اعتماد مقاربة علمية مدركة ومستوعبة لشروط تغيير السلوكيات الخطرة والمنحرفة، وسياقات هذا التغيير المنشود، وفق منظور تفاعلى يراهن على النفاذ إلى عقليات وذهنيات ونفسيات الفئات المستهدفة، مع احترامها وتفهم ظروفها وأصول سلوكها، بغض النظر عن عدم الاتفاق المعيارى معها، وهى المقاربة التى لن تؤتى كامل أكلها إلا بتعزيز التكافل الاجتماعى سعيا "لتبنى هموم الخلق فى السياقات العامة"، وليس بحثا عن الخلاص الفردي. وأعلن عبادى فى نهاية الندوة عن ميلاد موقع للرابطة يشكل فضاء "للتثقيف بالنظير" ضد تفشى وباء السيدا، وملتقى للمهتمين بهذا الموضوع، يلتقى من خلاله الشباب للتداول فى أنجع السبل لمحاربة هذا الداء وطرق الوقاية منه، من خلال منتديات مباشرة ومدونات ومواضيع تنشر على الموقع الإلكترونى للمؤسسة.