أعلنت الجامعة العربية اليوم أنها ستعقد اجتماعا طارئا الأربعاء المقبل على مستوى المندوبين الدائمين لبحث مذكرة الاعتقال التي أصدرها المدعي العام للحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو أوكامبو بحق الرئيس السوداني عمر حسن البشير بتهم ارتكاب جرائم حرب في إقليم دارفور السوداني. جاء ذلك بعد قليل من إصدار أوكامبو المذكرة التي اتهم فيها البشير بالتخطيط لمحاولة إبادة قبائل عربية في دارفور وبتزعم حملة قتل وتهجير. وزعم الادعاء في مذكرته أن "قوات وعملاء" تحت قيادة البشير قتلت ما لا يقل عن 35 ألف مدني كما تسببت ب"موت بطيء" لما يتراوح بين ثمانين ألفا و265 ألفا شردهم القتال. وبذلك يصبح البشير أول رئيس توجه له محكمة دولية اتهامات وهو في السلطة . وكان بيان لمكتب الادعاء قال إن ممثل الادعاء سيقدم للقضاة "أدلة على جرائم ارتكبت في دارفور بأكملها على مدى الأعوام الخمسة الماضية"، وسيطلب توجيه تهم لفرد أو لأفراد، دون إيراد مزيد من التفاصيل. وحسب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية فإن "جهاز الدولة كله" في السودان ضالع في حملة منظمة لمهاجمة المدنيين في دارفور. وقد تعهد قبل نحو شهر بأن يقدم لقضاة المحكمة الدولية أدلة على تورط مسؤولين سودانيين كبار، ومن المتوقع أن يستغرق القضاة بضعة أسابيع أو شهور للبت في قرارات الاعتقال الجديدة. من جهتها ردّت الخرطوم مباشرة على هذه الاتهامات رافضة إياها، ووصفها الرئيس البشير بأنها كيدية، مؤكدًا أن الردّ المناسب عليها يتمثل في استكمال التعاون مع الأممالمتحدة لمواصلة عملية السلام في دارفور، بالإضافة إلى مزيد من برامج التنمية بالسودان. وقد استبق السودان تحرُّكَ المحكمة الدولية باتخاذ عدّة إجراءات من بينها الدعوة لعقد اجتماع طارئ للجامعة العربية، وكذلك عقد اجتماع طارئ لمجلس الوزراء ترأَسَّه البشير وتمّ خلاله إعلان عدم اعتراف الخرطوم بالمحكمة الجنائية الدولية وبكل ما يصدر عنها من قرارات أو مذكرات توقيف. كما دعا المجلس المجتمع الدولي إلى وقف الابتزاز السياسي غير المسئول عن طريق "وقف الكيل بمكيالين في تعامله مع قضايا الشعوب والسودان على وجه التحديد". تزامن ذلك مع تظاهرات عارمة عمّت السودان تأييدًا للرئيس ولإظهار وحدة الصفّ في مواجهة الهجمة الدولية الشرسة التي تهدف النيل من وحدة البلاد، وهتف المتظاهرون وهم يسيرون في شوارع الخرطوم باتجاه مكتب الأممالمتحدة "بالروح بالدم نفديك يا بشير" و"تسقط أمريكا". كما تجمع مئات المتظاهرين قرب مقر الحكومة. وفي بيان سُلِّم لمكتب الأممالمتحدة قال المتظاهرون: إن المحكمة الجنائية "تفعل بالضبط ما يطلبه الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وإسرائيل". ومن جهته اتهم وزير العدل السوداني عبد الباسط سبدرات المحكمة الجنائية بالسعي لإشعال حريق في كافة أنحاء البلاد, وقال للحشد المتجمع أمام مقر الحكومة: إن المحكمة "لا تستهدف فقط رئيس البلاد وإنما استقرار شعب السودان؛ لأن الرئيس يمثل الأمة". الاتحاد الأفريقي من جانبه حذر من خطورة المذكرة الدولية، مؤكدا أن ذلك سينعكس سلبا على جهود إنهاء النزاع في دارفور عن طريق الحوار. كذلك الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الذي أعرب عن مخاوفه أن يؤدي مثل هذا الإجراء إلى عرقلة عملية السلام في الإقليم وتعريض قوات حفظ السلام إلى هجمات انتقامية.