أثارت الفتوى الصادرة عن دار الإفتاء المصرية والتي دعا فيها الدكتور علي جمعة مفتي مصر ، الحكومة بضرورة التدخل علي وجه السرعة من أجل فرض تسعيرة جبرية عل مختلف السلع الإستراتيجية لحماية مصالح المواطنين وللحيلولة دون حدوث ثورات شعبية، جدالا واسع بين شيوخ الفضائيات. وكان جمعة قد فاجأ الرأي العام حينما أطلق الفتوى التي وصفها بعض المراقبين بأنها تتعارض مع رجال الأعمال وفي طليعتهم الملياردير أحمد عز الذي تلاحقه اتهامات بأنه أشعل أسواق الحديد بسبب ممارساته الاحتكارية. واعتبر جمعة الغلاء الذي تشهده المدن والقري المصرية في الوقت الراهن بمثابة تهديد لمصالح الوطن العليا ولذا فمن حق النظام أن يتعامل مع تلك الظاهرة علي أساس سياسي وبالتالي فالشرع يبيح لولي الأمر أن يقوم بفرض تسعيرة عل السلع تضمن للمواطنين الحفاظ عل مصالحهم وضمان بقائهم عل قيد الحياة وتحول بينهم وبين أن يتحولوا لقوائم المتسولين. ورفض الداعية الشيخ محمد الزغبي الفتوى واعتبرها لا تتفق مع الشرع واستشهد بالحديث النبوي الشريف الذي قال فيه النبي صلي الله عليه وسلم حينما ارتفعت الأسعار وطالبه الصحابة بأن يسعر لهم " إن الله هو المسعر دعوا الناس يرزق بعضهم بعضاً فإني لا أحب أن ألقي الله بمظلمة أحد ". واعتبر الزغبي الدعوة لتسعير المنتجات والسلع بأنها لا تخدم مصالح المواطنين وأنها تمثل تدخلاً في تقسيم الأرزاق. ودعا الزغبي المواطنين لأن يستعينوا علي الغلاء بالتقرب إل الله سبحانه وتعالي وكثرة الدعاء والإستغفار وذلك من أجل أن يرفع الله عنهم الكربات. واعتبر الزغبي الذين يدعون لتسعير السلع بأنهم يلجأون للإقتداء بزمن القيم الاشتراكية والشيوعية التي ليس لها نصيب من الإسلام في شيء بل تتعارض مع مبادئ الدين الحنيف. ويتفق عدد من مشايخ الفضائيات مع رأي الزغبي ومن هؤلاء الداعية محمد حسان وآخرون. في المقابل يرى وكيل مشيخة الأزهر الشريف الشيخ محمود عاشور أن فتوي جمعة تتسق مع الواقع الذي نعيشه. وفي تصريحات خاصة لجريدة " القدس العربي " أكد عاشور أن الدعوة للتسعير تأتي في صالح الرأي العام واصفاً الذين يرفضونها بأنهم لا يعرفون طبيعة العصر الذي نعيشه فقد رفض الرسول صل الله عليه وسلم التسعير لأن المجتمع كان أغلبه من الصحابة الصالحين والذين كانت تحكمهم ضمائر حية عكس ما يحدث الآن حيث انتشر الغش في كافة السلع وأصبح الإحتكار سمة غالبة بين العديد من التجار" . وفي ذات السياق أشار الداعية يوسف البدري إلى أن آراء العلماء في تلك القضية تسير علي ثلاثة أوجه الرأي الأول يتمثل في تحريم التسعير إمتثالاً للحديث النبوي السابق والرأي الثاني مع التسعير بشكل مطلق أما الرأي الثالث فيري أصحابه بأنه إذا كانت أسعار السلع معتدلة فلا يجوز وإذا كان هناك مغالاة وجب علي ولي الأمر أن يسعر. ويرى البدري أن الوضع الراهن الذي تعيشه البلاد يجعل من تسعير السلع أمراً حتمياً من أجل مصالح الرأي العام. جدير بالذكر أن فتوي دار الإفتاء دفعت بالبعض لأن يصفوا مفتي مصر بأنه تحول إلي إعتناق المذهب الإشتراكي بينما رأي البعض الآخر بأن الفتوى تهدف في الأساس لتبديد الغضب المتنامي في الشارع ضد النظام بسبب موجات الغلاء المتتالية.