أخذ مسار الجدل السياسي في موريتانيا منحى تصعيديا جديدا بعد فترة وجيزة من الهدنة أعقبت حجب الثقة عن الحكومة السابقة وإعادة تكليف يحيى ولد احمد الواقف بتشكيل حكومة جديدة، وعاد السجال هذه المرة بين نواب الأغلبية والرئيس سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله الذي هدد بحل البرلمان بينما يسعى نواب الأغلبية إلى تأسيس محكمة عليا تكون مهمتها محاكمة الرئيس شخصيا بتهمة الخيانة العظمى. وأوضح العضو المستقيل من حزب العهد الوطني للديمقراطية والتنمية (عادل)، وأحد قادة مبادرة دعم الديمقراطية المحامي محمد أحمد سالم في تصريحات أن الهدنة التي تحققت بعد استجابة الرئيس لمطلب الأغلبية بحجب الثقة عن الحكومة السابقة وإعادة تشكيل يحيى ولد احمد الواقف لحكومة جديدة قد تحولت إلى عاصفة جديدة بسبب جملة من التطورات الميدانية، وقال: "لقد تم تعيين المجلس الاقتصادي والاجتماعي من عناصر مناوئة لنواب الأغلبية في البرلمان ولاتجاه الأغلبية، وإجراء تعيينات في بعض المناصب التنفيذية غير متوافقة مع رغبة الأغلبية البرلمانية، ثم جاءت تصريحات السيدة الأولى في موريتانيا زوجة الرئيس التي هاجمت فيها مجلس الشيوخ والتي وصفته بأنه غير حائز على ثقة الشعب". وأشار أحمد سالم أن أن هذه التطورات دفعت بالنواب الذين استقالوا من حزب العهد الوطني للديمقراطية والتنمية (عادل)، إلى عدم التفكير في العودة إلى الحزب مجددا، وقال: "لقد بدأ النواب المستقيلون من حزب (عادل) التفكير جديا في عدم العودة إلى الحزب ودعوا مجلس الشيوخ إلى مقاطعة السيدة الأولى، وطلبت في إجراء دورة استثنائية للبرلمان على أن يكون جدول أعمال الدورة الاستثنائية تصعيديا ضد مؤسسة الرئاسة من حيث تشكيل محكمة العدل السامية التي ستكون مهمتها محاكمة الرئيس بتهمة الخيانة العظمى، ووسيكون من بين برامج الدورة تشكيل لجان تحقيق في متابعة شؤون حاشية الرئيس بتهمة سوء تسيير بعض البرامج"، على حد تعبيره. وذكر المحامي أحمد سالم أن من بين من ستشملهم التحقيقات ابنة الرئيس آمال الشيخ عبد الله العاملة ملحقة إعلامية في مكتب الرئيس، وقال: "لقد تم اكتشاف تعاقد تم مع مؤسسة إعلامية فرنسية من أجل تحسين صورة الرئيس في الخارج، كما أن هذا المكتب طلب من قناة الجزيرة الفضائية إجراء مقابلة مع الرئيس وهي لم تبث كاملة إلا بعض المقاطع التي هدد فيها بحل البرلمان، وأنا أشك في قدرته على حل البرلمان مثلما فشل في حله سابقا عندما طالبنا بحجب الثقة عن الحكومة السابقة فأقال الحكومة ولم يحل البرلمان وكذلك هو الآن". وحذر سالم الرئيس سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله من الاستماع لنصائح بعض الجماعات الخارجة من التشكيلة الحكومة السابقة والدخول في مواجهة مع المؤسسة العسكرية، وقال: "نحن نتمنى أن تتمكن الطبقة السياسية من تجاوز هذه الأزمة بسهولة، وهي عموما جزء من حراك ديمقراطي جديد في العقلية العربية، حيث تكون ممارسة السلطة متقاسمة، ونحن نفكر الآن بشكل جدي في تشكيلة سياسية جديدة ستكون هي العمود الفقري للاستحقاقات الرئاسية المقبلة، وبالتالي فإنه بخروج النواب من الحزب الحاكم لن يبقى لرئيس الوزراء إلا عدد قليل من المؤيدين لا يتجاوز العشرة، ومن هنا لا يكون هناك أي مبرر أخلاقي لوجود وزير أول لا يتمتع بالأغلبية"، على حد تعبيره.