تونس: 6 أوت 2008 من ابسط حقوق المواطنة الحرة في البلدان الديمقراطية التي تكفلها مبادئ الجمهورية في جميع دساتير العالم هو الحق في التعبير الحر وحرية الرأي والاختلاف والحق في التظاهر السلمي والتنظيم القانوني . وهذا يطرح واجبات على الدولة- الجمهورية بمعنى أن تكون حريصة على تطبيق نصوص الدستور والقوانين المنظمة للحيات السياسية والمدنية .إلا أن في تونس نجد الأمر معكوسا تماما فعلى مستوى النصوص المواطن حر وله كل الحقوق ولكن ينقلب ذلك رأسا على عقب في الممارسة العملية على الأرض . وفي هذا الباب الأمثلة كثيرة لا تحصى ولا تعد لكنني سأنطلق مما وقع ولا يزال يقع في الحوض المنجمي وفي مدينة الرديف بالذات حيث بدأت التحركات منذ 5 جانفي 2008 سلمية وحضارية من اجل الحق المشروع في الشغل فقاموا بالاعتصامات والمسيرات السلمية والتجمعات الجماهيرية وبعد كر وفر استجابت النظام جزئيا إلى حل بعض المشاكل وعينت لجنة تفاوض متكونة من النقابيين وأجرت العديد من الحوارات الناجحة والتي أفضت إلى عدة حلول . وهذا يدل دلالة واضحة على أن السلطة معترفة باللجنة التي تقود المفاوضات نيابة عن أهالي الرديف وأمضت معها بعض المحاضر . وبينما الأمور تسير في كنف الهدوء والسلم والمفاوضات تجري بصفة عادية وتتقدم حول حل المشاكل العالقة وإذا بالسلطة تدير رأس المجن وتنقلب الأمور رأسا على عقب . فتتدخل أولا قوات الأمن لاهانة المواطنين وجرح كرامتهم فعبر الأهالي عن رأيهم على طريقتهم فخرجوا يوم 6 جوان 2008 في مسيرة سلمية للاحتجاج على هذه الاهانات التي وصلت إلى حد لا يطاق .إلا أن قوات الأمن واجهت تحركات الأهالي السلمية ذات الطابع المدني بوحشية وإرهاب شديد وصل حد إطلاق الرصاص الحي فأردت قتيلا وهو الشهيد حفناوي بن رمضان وأكثر من عشرين جريحا لا زال احدهم في غرفة العناية المركزة بالمستشفى الجهوي بصفاقص .وعلى اثر سقوط الضحية الثانية بعد أن استشهد الشاب هشام العلايمي نتيجة صعقة كهربائية تسبب فيها معتمد الرديف حيث أعطى تعليماته لرجال الأمن بتشغيل المحطة بالرغم من وجود المعتصمين ومن بينهم الشهيد نزل الجيش إلى الشوارع وأصبحت مدينة الرديف تحت الحصار وحالة الطوارئ . وتدخلت ثانيا قوات الأمن في وضح النهار للسلب والنهب لتزيد من تحدي الأهالي وتدوس على كرامتهم فعبثت بممتلكاتهم وخربت بيوتهم وأتلفت ادباشهم . وبدا مسلسل الإيقافات والمحاكمات منذ تلك الفترة . . فهل ذنب الأهالي أنهم طالبوا بحقهم في الشغل بالطرق السلمية فيحاكمون فهل ذنب الأهالي أنهم تظاهروا واعتصموا في سبيل الكرامة فيدانون فهل ذنب الأهالي أنهم احتجوا على التسويف والمماطلة فيحاسبون فهللا ذنب الأهالي أنهم رفضوا الظلم ونادوا بالعدل فيعذبون ويطاردون فهل ذنب الأهالي أنهم كسروا جدار الصمت الرهيب ليسمعوا صوتهم لكل أصقاع الدنيا ويقولون للعالم اجمع أنهم مقموعون . فهل ذنب المرأة في عيد المرأة أن تطالب بإطلاق سراح زوجها أو أخيها أو ابنها ويقولون إنها متهورة وخارجة عن القانون في دولة القانون التي تحرس دوما على تطبيق القانون أعزك الله وأدامك لحفظ القانون ؟. أليس هذا من باب الضحك على الذقون ؟ أليس هذا سخرية على القانون ؟ أليس هذا عبثا بحق المواطن الذي لاهم له سوى المطالبة بحقوقه الأساسية في الحياة ؟ هل من يطلب رغيف الخبز يصبح خارجا عن القانون ؟ هل من يدعو إلى تطبيق القانون في محاسبة المارقين عن القانون بالفساد المالي وسوء التصرف والمحسوبية وتبديد المال العام يعتبر خارجا عن القانون ؟ هل من يساعد على إعطاء الأولوية في التشغيل للوسطاء والوكلاء السماسرة في غرف الظلام يحرسه القانون ؟ بالله عليكم من يستحق التشغيل هل من له أب ميت أو عجوز ولا يجد من يعيل أسرته وربما في أحسن الحالات يعيشون على فتات لا يسمن ولا يغني من جوع أم من أفراد أسرته كلهم يشتغلون ؟أليس هذا ظلما اجتماعيا مقيتا ؟ ألا يدعو هذا الضيم إلى الاحتجاج والثورة ؟ أليس من حق أهالي الحوض المنجمي أن يفجروا بركان غضبهم على ما يعانونه من بؤس اجتماعي وحقرة ؟ هل يحاكمون من شدة قسوة الطبيعة والمناخ الصعب الذي وجدوا فيه رغم أنوفهم؟ هل يحاكمون مرة أخرى لأنهم طالبوا بحقهم المقدس في جز ء من الثروة الوطنية فيعيشون حياة كريمة مع بني جلدتهم؟ إنهم لم يطالبوا بحياة الرفاهة ولا البذخ فهم يكفيهم الحصول على الأدنى في الرزق حتى يطمئنوا على مستقبلهم . وفوق هذه يحاكمون . إنهم يحاكمون من اجل تطبيق القانون كالحق في الشغل والتعبير السلمي . إنهم يحاكمون من اجل قوت الشعب إنهم يحاكمون من اجل أن يحيى الشعب إنهم يحاكمون من اجل تونس العدل إنهم يحاكمون من اجل تونس الحرية إنهم يحاكمون من اجل تونس الكرامة إنهم يحاكمون من اجل الوطن إنهم يحاكمون من اجلنا من اجل حاضر ومستقبل ا أجيالنا
فتحية لأبطال الوطن الذين أبوا إلا أن يسيروا على طريق الحرية ليعلموننا أن الحرية مهرها غال عند الرجال والنساء الأحرار النفطي حولة :6 أوت 2008 المصدر بريد الفجرنيوز