span lang="AR-SA" style="font-size: 16pt; font-family: "Malik Lt BT";"محمد العماري span lang="AR-SA" style="font-size: 14pt; font-family: "Malik Lt BT";"بكلّ تأكيد لا توجد علاقة بين الرقم القياسي الذي سجّلته موريتانيا بالانقلابات العسكرية وبين دورة الألعاب الأولمبية الجارية في بكين والذي ينتظرمنها تسجيل أرقام قياسية في جميع صنوف الرياضة. وموريتانيا الشقيقة تحتجز بلا منازع ولعدّة سنوات الميدالية الذهبية في هذا الميدان. بعد أن تركت باكستان وتركيا تتنافسان على المداليتين الفضيّة والبرونزيّة. span lang="AR-SA" style="font-size: 14pt; font-family: "Malik Lt BT";" لكن موريتانيا, تلك الدولة المتواضعة في كلّ شيء والمهمّشة والمنسيّة من الأصدقاء قبل الأعداء, لا يذكرها العالم الاّ عندما يقوم عسكرها بخبط عشواء, كما يقول زهير بن أبى سلمى, ويسقط حكومتها سواءا كانت هذه الحكومة منتخبة بشكل شرعي ونزيه أم أنها جاءت عن طريق إنقلاب عسكري سابق..حتى ترسّخت لدى الكثير من الناس فكرة مفادها إن أي ضابط كبير في جيش موريتانيا يستطيع, بغض النظرعن الأسباب والأهداف وربما النتائج أيضا, أن يقود إنقلابا عسكريا ويستولى على مقاليد الأمور في البلاد. span lang="AR-SA" style="font-size: 14pt; font-family: "Malik Lt BT";"والغريب هو إن هذه الانقلابات تحضى عادة بقبول وتضامن وحتى مساندة قطاعات واسعة من الشعب الموريتاني. وكأن هذا الشعب, مع جلّ إحترامنا وتقديرنا ووقوفنا الى جانبه في المصاعب, أصيب هو الآخر بعدوى الانقلابات التي تسري في صفوف قادته العسكرين. فما أن تنتشرالدبابات والعربات المصفحة حول القصرالرئاسي ودارالاذاعة حتى تجد ثمة من يصفق ويغني ويمجّد القادة الجدد, دون أن يتنظر إنقشاع غبارالمعارك, رغم عدم وجودها هذه المرّة والحمد لله. span lang="AR-SA" style="font-size: 14pt; font-family: "Malik Lt BT";" وهنا نودّ أن نؤكد, دون أن نتّخذ موقفا متعجلا, إن ما يحصل في موريتانيا وإن كان في البداية, لا علاقة له بالديمقراطية أو بدرء خطرما يداهم البلاد. فالازمات السياسية أو الفساد المستشري في صفوف بعض النخب والشخصيات الحاكمة لا تحلّ بانقلاب عسكري يعيد البلاد الى المربع الأول. span lang="AR-SA" style="font-size: 14pt; font-family: "Malik Lt BT";"إن مشكلة دول العالم الثالث, ومنها بلاد العرب طبعا, هي أنها تعيش تحت تأثير خدعة كبرى إسمها الديمقراطية. فأمريكا وأوروبا وبعض الدول تتمتع بثمارالديمقراطية الطازجة واللذيذة بينما يقذفون في وجوهنا القشور والثمارالفجّة ويتركوننا تتصارع ونتقاتل من أجلها وهم يضحكون علينا ملأ أشداقهم. علما إن نخبنا السياسية تدرك إن شعوبنا بحاجة ماسّة الى ما هو أبسط وأدنى من الديمقراطية, كالطعام والماء الصالح للشرب والكهرباء والتعليم والرعاية الصحية وغيرها. فليس بالديمقراطية وحدها يحيا الانسان. ولاحظوا ماذا جلبت الديمقراطية الدموية للعراقيين بعد الغزو الأمريكي للعراق. لقد أصابتهم بوجع البطن والتخمة المزمنة, وصاروا يكرهون كل أنواع وألوان الديمقراطيات. span lang="AR-SA" style="font-size: 14pt; font-family: "Malik Lt BT";"نحن, ولأسباب كثيرة لدينا فهم خاطيء عن الديمقراطية وتصوّرات لا تتناسب مع تقاليدنا وعاداتنا وسبل حياتنا, بما فيها حياتنا السياسية. نحن كما هو معروف أمّة إنصرأخاك ظالما أو مظلوما. ما زلنا نعتبرالخصم السياسي عدوا يجب القضاء عليها بكل الوسائل, وأولها الوسائل الغير شرعية. فضلا عن ذلك إن الجيش في بلداننا يشكّل, خلافا لمعظم جيوش دول العالم, القاعدة الاساسية التي يستندعليها النظام السياسي مهما كان نوع هذا النظام. وهذا الأخيرما هو الاّ قناع خادع لحكم العسكر. span lang="AR-SA" style="font-size: 14pt; font-family: "Malik Lt BT";"ولهذا السبب فان أي تصرّف شاذ اوغيرلائق يصدرعن الساسيين ينتفض الجيش فورا تحت نفس الحجّة التي يستعملها أي جيش يريد الاطاحة بالنظام السياسي في بلاده. كحجّة الدفاع عن المصالح العليا للوطن ومنع التدهورالسياسي وإنقاذ البلاد من الأزمة التي يعيشها وحماية الدستور..ألخ. span lang="AR-SA" style="font-size: 14pt; font-family: "Malik Lt BT";"لكن الأغرب فيما حصل في جمهورية موريتانيا الشقيقة هو إن رئيسها الشرعي والمنتخب ديمقراطيا, والمخلوع حاليا, سيدي عبد الله ولد الشيخ قام بخطوة لم يسبقه اليها أي رئيس دولة في العالم. لقد أصدر مرسوما باقالة, دفعة واحدة وفي نفس اليوم, أربعة من كبارالضباط الذين يشغلون مناصب ومسؤوليات حساسة جدا في الدولة, ومن المقرّبين منه أيضا, دون أن يأخذ بالحسبان ردّة فعل هذا الجيش الذي لا يجيد غيرالانقلابات العسكرية, البيضاء منها والسوداء. span lang="AR-SA" style="font-size: 14pt; font-family: "Malik Lt BT";"وفي كلّ الأحوال, إن الانقلاب العسكري, حتى لو كان أبيضا كالثلج, يتناقض ويتنافى مع أبسط أنواع الديمقراطية. وطعنة في دستورالبلاد ولا يمكن تبربره أبدا إن لم تكن خلفه دوافع شخصية أو أطماع من نوع ما. فالحكومات كما هو متعارف عليه يجب أن تولد وتموت في البرلمان. فهو حلبة الصراع الدستورية الوحيدة لخوض المعارك السياسية بالنسبة لجميع الفرقاء. وعلى المؤسسة العسكرية أن تقف على الحياد وأن لا تتدخّل الاّ في حالات نادرة جدا. طبعا ليس من ضمن هذه الحالات الفساد المالي والاداري أو العراك والصراع السياسي بين القوى والأحزاب السياسية. طالما ييقي هذا الصراع والمنافسة في حدود العمل السياسي السلمي المنضبط. ودون أن يعرّض البلاد والعباد الى حرب أهلية أو شيء من هذا القبيل. [email protected]