بوريل..امريكا فقدت مكانتها المهيمنة في العالم وأوروبا مهددة بالانقراض    86 مشرعا ديمقراطيا يؤكدون لبايدن انتهاك إسرائيل للقانون الأميركي    المدير العام للديوانة يتفقّد سير عمل المصالح الديوانية ببنزرت    فتحي الحنشي: "الطاقات المتجددة والنجاعة الطاقية أصبحت أساسية لتونس"    تصنيف يويفا.. ريال مدريد ثالثا وبرشلونة خارج ال 10 الأوائل    قرعة كأس تونس لكرة القدم (الدور ثمن النهائي)    إفتتاح مشروع سينما تدور    فيلا وزير هتلر لمن يريد تملكها مجانا    بين النجم والمنستيري صراع مثير على المركز الثاني    منير بن رجيبة يترأس الوفد المشارك في اجتماع وزراء خارجية دول شمال أوروبا -إفريقيا    انتخاب تونس رئيسا للمجلس التنفيذي لمركز «أكساد»    القصرين: تمتد على 2000 متر مربع: اكتشاف أول بؤرة ل«الحشرة القرمزية»    بطاقتا إيداع بالسجن في حقّ فنان‬ من أجل العنف والسرقة    إنه زمن الإثارة والبُوزْ ليتحولّ النكرة إلى نجم …عدنان الشواشي    المركب الثقافي بمدنين يحتضن فعاليات الملتقى الجهوي للمسرح بالوسط المدرسي    محاميتها تتحدث عن كواليس ليلة القبض على الإعلامية حليمة بولند    المحمدية.. القبض على شخص محكوم ب 14 سنة سجنا    تالة: مهرجان الحصان البربري وأيام الاستثمار والتنمية    "سلوكه مستفز": الافريقي يطالب بتغيير هذا الحكم في مباراته ضد الصفاقسي    سوسة: ايقاف مروج مخدرات وحجز 500 قرصا مخدرا    حالة الطقس هذه الليلة    عاجل/ قضية "اللوبيينغ" المرفوعة ضد النهضة: آخر المستجدات..    مجلس وزاري مضيق: رئيس الحكومة يؤكد على مزيد تشجيع الإستثمار في كل المجالات    توقيع محضر اتفاق بين وزارة التربية وجامعة التعليم الأساسي .    توطين مهاجرين غير نظاميين من افريقيا جنوب الصحراء في باجة: المكلف بتسيير الولاية يوضّح    عاجل/ أعمارهم بين ال 16 و 22 سنة: القبض على 4 شبان متورطين في جريمة قتل    العثور على جثة آدمية مُلقاة بهذه الطريق الوطنية    حجز 67 ألف بيضة معدّة للإحتكار بهذه الجهة    نتائج قرعة الدورين ثمن وربع النهائي لكاس تونس لكرة القدم    عاجل/ الحوثيون: سنستهدف جميع السفن المتّجهة للاحتلال حتى في البحر المتوسّط    لجان البرلمان مستعدة للإصغاء الى منظمة "كوناكت" والاستنارة بآرائها    القصرين: اضاحي العيد المتوفرة كافية لتغطية حاجيات الجهة رغم تراجعها    مراسلون بلا حدود: تونس في المرتبة 118 في التصنيف العالمي لحرية الصحافة لسنة 2024    بطولة افريقيا للسباحة : التونسية حبيبة بلغيث تحرز البرونزية سباق 100 سباحة على الصدر    مدنين: حجز 50 طنا من المواد الغذائية المدعّمة    السعودية: انتخاب تونس رئيسا للمجلس التنفيذي للمركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة "أكساد"    الحماية المدنية:15حالة وفاة و500إصابة خلال 24ساعة.    مواطنة من قارة آسيا تُعلن إسلامها أمام سماحة مفتي الجمهورية    منظمة إرشاد المستهلك:أبلغنا المفتي بجملة من الإستفسارات الشرعية لعيد الإضحى ومسألة التداين لإقتناء الأضحية.    التلقيح ضد الكوفيد يسبب النسيان ..دكتور دغفوس يوضح    أعمارهم بين 13 و16 سنة.. مشتبه بهم في تخريب مدرسة    فوز التونسي محمد خليل الجندوبي بجائزة افضل لاعب عربي    جدل حول آثار خطيرة للقاح أسترازينيكا مالقصة ؟    دراسة صادمة.. تربية القطط لها آثار ضارة على الصحة العقلية    خطبة الجمعة ..وقفات إيمانية مع قصة لوط عليه السلام في مقاومة الفواحش    خطير/ خبير في الأمن السيبراني يكشف: "هكذا تتجسس الهواتف الذكية علينا وعلى حياتنا اليومية"..    عاجل/ الأمن يتدخل لاخلاء محيط مقر مفوضية شؤون اللاجئين في البحيرة من الأفارفة..    الرابطة المحترفة الاولى : تعيينات حكام مقابلات الجولة السادسة لمرحلة التتويج    زلزال بقوة 4.2 درجة يضرب إقليم بلوشستان جنوب غرب باكستان    العمل شرف وعبادة    ملف الأسبوع .. النفاق في الإسلام ..أنواعه وعلاماته وعقابه في الآخرة !    "أنثى السنجاب".. أغنية أطفال مصرية تحصد مليار مشاهدة    بايدن يتحدى احتجاجات الطلبة.. "لن أغير سياستي"    وزارة الشؤون الثقافية تنعى الفنان عبد الله الشاهد    وفاة الممثل عبد الله الشاهد‬    موعد عيد الإضحى لسنة 2024    ''أسترازنيكا'' تعترف بأنّ لقاحها له آثار قاتلة: رياض دغفوس للتونسيين ''ماتخافوش''    وفاة حسنة البشارية أيقونة الفن الصحراوي الجزائري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حوارمثيرمع الشيخ طارق يوسف إمام مسجد أولي الألباب بنيويورك
نشر في الفجر نيوز يوم 22 - 08 - 2008

هذه قصة مصطفي أبو اليزيد الرجل الثالث في تنظيم القاعدة!

الشيخ طارق يوسف
من هو مصطفي أبو اليزيد الرجل الثالث في تنظيم القاعدة؟
هذا السؤال طرح نفسه في أول ظهور تليفزيوني للرجل، كما طرح نفسه مؤخرا عندما تم الإعلان عن انه قتل في باكستان!
مصطفي أبو اليزيد مصري، وهو مع ذلك ليس معروفا لدي قيادات تنظيم الجهاد في مصر، علي الرغم من انه كان قائد خلية في هذا التنظيم، كما لم يتعرف عليه الخبراء في شؤون الجماعات الإسلامية.
لكن الشيخ طارق يوسف إمام مسجد أولي الألباب في نيويورك يعرفه جيدا، فهو صديق سابق له، وهما من بلدة واحدة، هي أبو حماد بمحافظة الشرقية، وقد سعت الأجهزة الأمنية الأمريكية إلي استغلال تلك العلاقة في استخدام طارق في الإيقاع بمصطفي، لكنه رفض العرض الذي جاء يضمر الوعد والوعيد.
حتي الآن لم تتحقق الأجهزة الأمنية في باكستان من ان أبو اليزيد قد قتل، وان كانت قد أرسلت وفدا لمصر من اجل الحصول علي الحمض النووي لعائلة مصطفي، ربما أن لديهم قتيلا يشتبهون فيه.
ومهما يكن الأمر، فقد حاورت الراية الشيخ طارق يوسف، عبر الماسنجر تارة، وعبر الاتصال الهاتفي تارة أخري، فكشف الكثير عن شخصية صديقه مصطفي أبو اليزيد حسبما جاء في السطور التالية:
في البداية سألته: من هو مصطفي أبو اليزيد، الذي بدا كما لو كان لغزا، فهو علي الرغم من انه مصري، إلا أن كثيرين من أبناء الحركة الإسلامية والباحثين لا يعرفونه؟
- فأجاب: مصطفي أبو اليزيد هو مصطفي أحمد محمد عثمان أبو اليزيد، من مواليد أبو حماد شرقية في الشمال الشرقي من القاهرة حوالي 60 كيلو متر، ولد لعائلة متوسطة الحال، كان والده رحمه الله الحاج أحمد أبو اليزيد لفترة طويلة المسؤول عن توزيع المواد التموينية لحاملي البطاقات، قبل أن يستريح ويأخذ مصطفي دكان أبيه ويحيله لمحل لبيع الأدوات المنزلية.
ولد مصطفي لوالدين مصليين عرفا بهدوئهما وكان محل أبيه في نفس مبني المسجد الأشهر في المدينة مسجد أبو العلا حسان وهو أشبه بمسجد عمر مكرم في القاهرة حيث تخرج منه الجنائز الكبري ولم يزل محله الذي يديره أخوه محمد في ذات المبني علي الناصية.
ومصطفي هو الابن الأكبر والذي جاء بعد بنات فكانت استهلالا للبنين فجاء من بعده يحيي ثم محمد ثم عبد الحكيم.
عاصرت نشأة مصطفي ابو اليزيد منذ البداية، فهل كان متطرفا في الفكر، قبل سفره لأفغانستان؟
- لم يكن مصطفي في تدينه في البداية إلا محافظا علي الصلاة، وفي الجامعة حيث تخرج من كلية التجارة، صار أكثر تدينا، وأدي الخدمة العسكرية وحتي تزوج مبكرا وكان يتندر ويقول جلس في الفرح في الكوشة بجوار عروسه أمام المدعوين، وكان قريبا من الإخوان.
ولكن هل كان اخوانيا تنظيما؟
- هو كان متواجدا معهم بدون انتماء حقيقي في مسجدهم الذي اشتهروا به في أبو حماد مسجد السكة الحديد قبل مصادرة الحكومة له، وتبعيته لوزارة الأوقاف. ولقد كان مصطفي ميالا للزهد وتذكر الموت كالمتصوفة حتي إنه كان يذهب لمسجد أبو العلا في الليل وينام في نعش المتوفين (حمالة الموتي للمقابر) ويقضي فيها ساعات لتذكر الموت... هذا كان في نهاية السبعينيات، وكان له صديق اسمه صبري الحداد ، كان طالبا في كلية الهندسة جامعة القاهرة، وكان يرتاد مسجد سوق الآخرة في حلوان، الذي كان يخطب فيه الشيخ يوسف البدري، حيث أعجب به وصار صبري من حواري الشيخ البدري وعليه فقد تباعد صبري عن الإخوان واقترب من يوسف البدري ومع تخرجه اصطدم صبري بالإخوان وافتتح مسجدا عام 1980 سماه علي اسم مسجد البدري تيمنا سوق الآخرة أسفل أحد العمارات. وانضم مصطفي لصبري وصارت لهم مجموعة خاصة في هذا المسجد ملتزمون بخط يوسف البدري. وكان صبري يقلد البدري في أسلوب الخطابة، وكان مصطفي يتناوب مع صبري الخطابة، وإن لم يكن مصطفي خطيبا حيث له طبيعة هادئة، وكان عفيف اللسان مع خصومه. ولقد زار يوسف البدري مسجد سوق الآخرة في أبو حماد وخطب فيه وعقد قران أحدهم، وكانت المجموعة مخترقة من أمن الدولة، ثم تمت اعتقالات عام 1981 بعد مقتل السادات حيث تم اعتقالي قبل مصطفي ومجموعته إلا صبري بشهرين تقريبا حيث كنا من الإخوان وأحد الأمراء في جامعة الزقازيق وكلية الهندسة، وقد كنت ابتداء في سجن أبي زعبل واعتقل مصطفي واثنا عشر من رجاله منهم زوج أختي حاليا محمد حمدان وتم سجنهم في استقبال طرة مع قيادات الجهاد، حيث كان التعذيب علي أشده غير أن صبري لم يعتقل وهو من كان سببا في إبعاد مصطفي عن الإخوان، وسافر إلي العراق بعد انتهائه من الخدمة العسكرية. وقد أبلغني أحد أفراد المجموعة المعتقلة من رجال مصطفي بأن شخصا منهم هو الذي أبلغ عن انتمائهم لجماعة الجهاد بقيادة مصطفي بعد أن استبعدت قيادات الجهاد صبري لعدم صلاحيته إلا للسلفية غير الجهادية، وكانت المجموعة لم تشترك بقيادة مصطفي في أي أعمال عنف بعد وتم اختيار مصطفي لهدوئه وعدم ظهور حرصه علي الإمارة وزهده في الدنيا.
وقد اعتقل مع مصطفي عام 1981 أخوه يحيي ولم تكن تظهر عليه أمارات التدين وقد عجب الناس لاعتقاله، ولقد قضي مع مجموعة مسجد سوق الآخرة حوالي عامين في السجن وأفرج عنهم عام 1983 حيث لم توجه لهم أي تهمة بعد أن تبين انتماؤهم لجماعة الجهاد دون أن يتورطوا في أعمال عنف وكانوا حديثي عهد بهذا التنظيم ولوجودهم في منطقة نائية عن القاهرة وغير ساخنة ومن ثم أفرج عنهم جميعا، وأما أخوات مصطفي الآخران محمد فهو مدرس فلسفة متقاعد، ولم يكن متدينا وأما الأخير عبد الحكيم فهو مدرس فقه في جامعة الأزهر وهو منطوي علي نفسه.
لكن مصطفي أبو اليزيد عمل موظفا لدي الحكومة بما يتنافي مع فكر جماعات الجهاد في هذه المرحلة التي كانت تري حرمة العمل في الوظائف الحكومية؟
- بعد خروج مصطفي من السجن عام 1983 كان قد عين مأمور ضرائب في محافظة الإسماعيلية، وبدا عليه مزيداً من التشدد وإن كان محافظا علي هدوئه وأدبه، ومن ثم اعتبر العمل في مثل جمع الضرائب حراما شرعا حيث لا تجمع الحكومة الزكاة، وبعد أن عمل فترة قصيرة في مصلحة الضرائب استقال وافتتح مكتبا للمحاسبة القانونية للدفاع عن دافعي الضرائب، وكان المكتب في مهده ومن ثم افتتح دكان أبيه علي ناصية مسجد أبي العلا محلا للأدوات المنزلي.
هذا وكان مصطفي قد تزوج في ريعان شبابه وفور تخرجه من ابنة ابن عم أبيه وكان يحبها حبا شديد.
وما السبب في انه ليس معروفا لقيادات الجماعة الإسلامية أو تنظيم الجهاد في مصر؟
- لعل السبب أنه لم يبد معروفا للجماعة الإسلامية أنه انتمي لجماعة الجهاد قبيل اعتقالات سبتمبر مباشرة، كما انه شخص لا يحب الظهور، فضلا عن ان ابو حماد منطقة بعيدة عن الأحداث والمواجهة التي حدثت في هذه الفترة.. ولقد كان مصطفي محافظا علي سمته وهدوئه وأدبه وعفة لسانه حتي لوحظ عليه في شريطه علي قناة الجزيرة قوله إن أفغانستان دمرت بالمخدرات وهذا من بركات السيد بوش ثم استدرك فقال عفوا... الكذاب بوش!
هل كان مصطفي معتنقا لأفكار الجهاد في تحريم التعددية الحزبية، وتحريم خوض الانتخابات في مجلس الشعب، وهل كان له دور في انتخابات برلمان 1984 التي خاضها الإخوان المسلمين علي قوائم حزب الوفد، وفي انتخابات برلمان 1987 التي خاضوها علي قوائم حزب العمل فيما سمي بالتحالف الإسلامي، لاسيما وان ابو حماد تتميز بكثافة اخوانية معروفة؟
- لا، دوره في هذه الانتخابات انه كان متفرجا، واذكر انه كان ضد الحزبية والأحزاب، والديمقراطية ومجلس الشعب، والانتخابات، ويعتبر ذلك حراما، وفي صيف عام 1986 كان الصحفي الصديق الأستاذ إبراهيم نصر قد عرفته علي أخت من أبو حماد، وأراد الزواج منها، وقرر دعوة الشيخ صلاح أبو إسماعيل رحمه الله، لعقد القران في مسجد أبو العلا حسان وحضر الشيخ صلاح، وكان يدعو الإسلاميين لدخول حزب الأحرار، وهو نائب رئيس الحزب ومن ثم إذا كون الإسلاميين الأغلبية داخل البرلمان أمكن لهم تطبيق الشريعة حسب رؤية الشيخ صلاح في حينه، وكان مصطفي قد سألني أن أتيح له فرصة خاصة ليناقش الشيخ صلاح في حرمة الحزبية والانتخابات ومجلس الشعب وبالفعل بعد انتهاء الشيخ صلاح وأثناء تناوله طعام العشاء في حجرة أعلي المسجد أدخلت عليه مصطفي ودار بينهما في حضوري حوار ونقاش هاديء. كان مصطفي يري أنها طريق لن ينتج وأجابه الشيخ بأننا لا نملك طريقا غيره لأننا لا نملك القوة المسلحة لنغير النظام، فليس أمامنا إلا الانقلاب الدستوري، ثم قال له مصطفي لكن الديمقراطية والحزبية ومجلس الشعب حرام إذ كيف يسأل المؤمنون عن رأيهم في حكم الله هل يطبق أم لا ؟ورد الشيخ صلاح بآيتين من سورة النحل ففي الأولي يقال لغير المؤمنين (وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم قالوا أساطير الأولين).. بينما يقال للمؤمنين (وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا)
وبدا موقف مصطفي يضعف، وإن تشبث به غير أنه كان مهذبا كعادته وكان الشيخ صلاح واسع الصدر كعادته، وقد قال لي مصطفي بعد هذا اللقاء إن الشيخ صلاح عالم محترم وموقر ولا يفقد أعصابه في الحوار وكان مصطفي يحمل بشدة علي النظام وعدم احترامه للشريعة والإسلام وتعاليمه، والشيخ يحاول إقناعه بأن ينضم للتجربة الحزبية ومصطفي يأبي وانتهي اللقاء الخاص في هدوء بدون أن يلوم أو يكفر مصطفي الشيخ أو التحدث عنه بسلبية.
كيف كان سفره لأفغانستان؟.
- جاء عام 1987 فذهب مصطفي مع أسرته للعمرة، ومن هناك ذهب إلي باكستان وأفغانستان، ثم انقطعت أخباره وألتحق به أحد أتباعه للجهاد في أفغانستان، ولكنه عاد بعد فترة قليلة وهو الآن في السجن محكوما عليه بعقوبة في إحدي قضايا الجهاد. وقد اتصلت بمصطفي علي التليفون بعد انتهاء حرب أفغانستان مباشرة ليهيئ لي أن أذهب إلي بيشاور باكستان لأقوم هناك بتعليم أبناء العرب القرآن واللغة العربية حيث كنت قد افتتحت مدرسة للقرآن عام1983 في مصر وحوصرت من أمن الدولة، وتدخل في شأن عدم إغلاقها زكي بدر وزير الداخلية عندما التقيته مع الشيخ صلاح عام مايو 1986 وكان لهذه المدرسة نتائج باهرة وانتقلت من مسجد إلي مسجد بفعل أمن الدولة وتركي للإخوان عام 1985 وكلمت من مصطفي أن يأذن بالتدريس في مسجده سوق الآخرة لكن أتباعه أصروا أن يكون التدريس للبنات من خلف ستار، وبدا مصطفي متفهما لوجهة نظري بأن هناك صعوبة لأن تركز الأطفال البنات من وراء ستار، وأحضرت له رأي الفقهاء القائلين بالجواز في حال التعلم واقتنع ولكنه اقترح أن أتحدث إلي أتباعه لأقنعهم بالحجة واجتمعنا في بيته وشرحت لهم ثم أخذنا التصويت فلم أحصل إلا علي صوتين صوتي وصوته، والآخرون ضد التدريس بدون ستار وكان لهم ما أرادوا، ثم بعد مكالمتي له للالتحاق به في بيشاور اتصل بي مصطفي بعد يومين ليخبرني بالترحيب وتلا علي قول الله ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة ، غير أن أمورا طرأت منعتني من السفر. ولم أذكر لمصطفي بعض الأمور اللطيفة، كنت وأنا في المرحلة الثانوية في أواخر السبعينيات، قد كسبت مسابقة للقرآن الكريم في مسجد السكة الحديد وكانت منظمة من كلية اللغة العربية جامعة الأزهر فرع الزقازيق وكنت فيها الأول وأعطوني جائزة نصف جنيه أو جنيها أخذها مصطفي واشتري بها حلوي في طريقنا للبيت بدون سؤالي وأكلناها وضحكنا.
الموقف الثاني كنت قد قررت في بداية عام 1983 أن أعيد صلاة العيد كما كانت قبل عام 1981 في الساحات العامة في مدينة أبو حماد وكان ذلك في صلاة عيد الأضحي.. والأمن كان يرفض بشدة فاتصلت بمصطفي ليكون علي أهبة الاستعداد هو وأتباعه الذين سبق اعتقالهم عام 1981 حيث لم يعتقل من الإخوان إلا الشيخ علي متولي وأنا، وأما مصطفي ورجاله فأكثر خبرة وأقل هيبة لرجال الشرطة ومن ثم يكونون من بعيد علي أهبة الاستعداد إذا استدعي الأمر صداما مع الأجهزة الأمنية لنفرض صلاة العيد تحقيقا للسنة، وقد سألني مصطفي يومها من سيخطب العيد إذا لم يخطب الشيخ علي متولي خطيب الإخوان كما تراجع في عيد الفطر السابق، قلت له تخطب أنت أو أنا لا فرق، فالمهم أن نحقق السنة وقبل، وبالفعل نجحنا في إقامة صلاة العيد في ساحة من الساحات بعد صراع 3 ساعات مع الشرطة قبل صلاة العيد. وكان شباب الإخوان حدثاء الأسنان قد ولوا الدبر عندما وصل مأمور القسم، ورجال المباحث بعد أن ظنوا أنهم سوف يقبضون علي وثبت مصطفي ورجاله في أماكنهم في أماكن بعيدة تحسبا لأي مشكلة ولم أزل أذكر أن أحد قيادات الإخوان وجه لي لوما أو عتابا علي استعانتي بمصطفي ورجاله فشرحت له أنهم أكثر خبرة، وشبابنا لم يزل عودهم طريا فقال: إني أخشي إن لم نصل نحن العيد في العراء فربما هم أقاموها. فقلت له: وما المشكلة إذا هم أقاموا السنة إذا عجزنا نحن أن نقيمها.. المهم أن تقام.. فسكت.
كيف يحمي مصطفي ورحاله ظهوركم وانتم من الإخوان، وأعضاء الجهاد كانوا ضد الإخوان ويكفرونهم؟
- مصطفي شخصية مختلفة، فهو علي الرغم من انه له موقف من الإخوان إلا أنني اذكر يوم ان طلبت منه أن يأخذ رجاله ويحضر جنازة الأستاذ عمر التلمساني رحمه الله المرشد العام الأسبق لجماعة الإخوان، علي أن أقوم أنا بخطبة الجمعة مكانه في مسجد سوق الآخرة فاستجاب وذهب بالرغم من خلافه مع الإخوان المسلمين.
ألم تلتقيه منذ ان سافر إلي أفغانستان؟
- في عام 1990 التقيته في الحج وكان بصحبتي أخوه محمد وكان هو بصحبة زوجته وأولاده، حتي كان يطوف بالليل مع زوجته من الدور الأعلي وكانت زوجته تطوف منتقبة.. وقد أبلغني إخوته بأنه انتقل إلي السودان في أواسط التسعينات مع أسامة بن لادن حيث أقام أسامة مشروعات زراعية واقتصادية وسافرت الحاجة أم مصطفي إلي العمرة ومن هناك سافرت إلي ابنها مصطفي حيث رتب لها ليراها بعد وفاة أبيه بدون رؤيته، وقد نقلت لي أمه في إحدي زياراتي من نيجيريا كيف تعرفت علي زوجات أسامة بن لادن الثلاث فعرفت من ذلك قرب مصطفي الشديد من أسامة فهما يتشابهان كثيرا في طبيعتهما الهادئة والزهد ولن يسمح أسامة بتعريف أم مصطفي علي زوجاته إلا إذا كان قريبا جدا منه.
وقد علمت من إخوته أن مصطفي فضل أن لا تتعلم بناته في المدارس العامة فترة طويلة لذا فقد أخرج بعضهن من المرحلة الابتدائية وزوج إحداهن جزائريا قتل في أفغانستان وترملت ابنته مبكرا في صباها.. وقد علمت أن له بنتا قد تزوجت أحد أبناء الشيخ عمر عبدالرحمن وقد عادا إلي مصر وزارها أهله بترتيب من أجهزة أمن الدولة في مصر.
لهذه العلاقة سعت ال اف بي أي لتجنيدك للإيقاع به؟.
- بعد أحداث سبتمبر 2001 زارتني في المسجد في نيويورك أجهزة أمنية محلية وفيدرالية وقلت لهم إن الأسلوب الذي تنتهجه الإدارة الأمريكية لإيقاف القاعدة لن ينتج، والعنف لا يولد إلا العنف، وهذا يعالج بالحوار عن طريق شيوخ الإسلام معهم، فأنا أعرفهم بحكم معرفتي اليقينية بمصطفي أبو اليزيد وقد جاء جهاز الإف بي آي وشرحت لهم بعد 11 سبتمبر ثم استدعوني في أبريل 2006 وقبل الظهور الأول لمصطفي علي الجزيرة بعدة أسابيع ليعرضوا علي أنهم سوف يرينني ما يثبت أن مصطفي هو المسؤول الأول عل تمويل العمليات الإرهابية بما لا يدع مجالا لشك وسألوني لو أريناك هذا وكان هناك طريقة لوصلك به هل تساعدنا في القبض عليه؟
وغضبت كيف يعرضون علي أن أعمل مخبرا وأنا إمام مسجد وليس عملي ما تريدوه مني، وأن هذا يعتبر إهانة وسألوني لأسباب دينية أم لأسباب القرابة قلت لهم ليس عملي اذهبوا فاقتلوه أو يقتلكم لا دخل لي بهذا الشأن فاعتذروا عن الطلب وتأسفوا وقلت لهم من حقكم أن تدافعوا عن بلدكم كيف شئتم لكن لا دخل لي كشيخ بهذا ولكن يبدو أن أغلب المشايخ قد تعاونوا معهم
ثم خطبت الجمعة التالية عن العرض الذي عرضوه علي ثم بدأت الحرب الموسعة ضدي، بإيقاف الجرين الكارت وإرسال التهديدات بإخفائي أو ترحيلي إلي مصر، ومحاولة دفع الناس لتلفيق التهم ضدي ونشر الدعايات الفاسدة في النيويورك بوست ضدي لتحطيم سمعتي ثم استدعوني مرة أخري وسألوني صراحة لو كنت تريد الجرين كارت عليك أن تتعاون للقبض علي مصطفي أبو اليزيد فبقيت علي موقفي أن لا دخل لي بهذا الذي بينكم وبين القاعدة وأنا اعتبر أعمال القاعدة أضرت بسمعة الإسلام ومخالفة للإسلام في قتل الأبرياء، كما أدين بوش في ردود فعله واحتلاله للعراق ودعم أمريكا اللامحدود لإسرائيل لكن هذا لا يعطيني الحق باسم الإسلام في قتل الأبرياء في مركز التجارة العالمي أو في قتل من كان في الطائرة.
لكن هناك سؤال نود إجابتكم عليه: كيف يحدث الانتقال من الفكر السلفي الذي كان يمثله الشيخ البدري، إلي فكر الجهاد العنيف، فتنظيم القاعدة. فمصطفي أبو اليزيد كان من السلفيين بزعامة البدري، فتنظيم الجهاد فالقاعدة؟
- الأصل أن الفكر السلفي يعتمد علي ابن تيمية أصالة في الماضي، وسيد قطب في الحاضر. وابن تيمية أشد الناس علي خصومه، والسلفيون غرقي في كتبه، وبالتالي يرون لغته الدائمة في تضليل، وتفسيق، وتشريك، وتكفير الخصوم، وبالتالي فالسلفي يكون عقلية جاهزة في الانقضاض علي خصومه، بالإضافة إلي رؤيتهم ألا سبيل لتغيير الواقع المتردي بالطرق السلمية حيث أن واقعهم منغلقا من خلال تجارب الإخوان، فضلا أن كثيرا من هؤلاء مؤهلين نفسيا للعنف قبل تدينهم ومتأثرين بجاهليتهم إن صح التعبير، فمثلا أبو مصعب الزرقاوي كان بلطجيا في منطقته فبل أن يلتحق بالتيار الإسلامي، ثم وجد ضالته في الإسلام الجهادي. وعلي رأي الشيخ الغزالي وهو يصف متندرا قائلا لو إن جزارا أصبح من التيار الإسلامي لسيطر علي لغته لغة الساطور، فهذا يريد أن يقطعه وذاك يريد أن يفرمه، بالطبع هذا بمنأي عن مصطفي لكن كثرا منهم هكذا. والذي يؤكد لك أن انسداد الطرق أهم الأسباب تجد مثلا مأمون الهضيبي رحمه الله (المرشد العام السابق للإخوان) مرة أسر إلي الدكتور عبدالحي الفرماوي بعد ما رأي ممارسات رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب السابق، والحزب الوطني معهم في مجلس الشعب، قال للدكتور عبدالحي من أراد أن يتأكد أن فكر الجهاد هو الحق فليدخل مجلس الشعب، ويري ما يحدث فيه. ومرة أسر لي الشيخ صلاح في آخر حياته أنه متيقن أن التغيير من خلال مجلس الشعب بالانقلاب الدستوري مستحيل وهو يعرف أن الانقلاب
المسلح هو الحل ولكن لا سبيل للانتصار علي الدولة بجيشها وشرطتها، لذا فهو يمارس المتاح وإن كان متيقنا أنه لن يؤدي إلي تغيير.
لكن المعلوم عن السلفيين انهم مشغولون بالزبيبة واللحية والجلباب القصير وليس بالجهاد وما إلي ذلك ام ان هناك سلفية أخري؟
- لا هذا في البداية، ولكن مع التوسع في قراءات كتب ابن تيمية لن يثنيك عن استخدام العنف إلا الجبن، أو أنك عميل لأجهزة أمنية.
أكثر التيارات اختراقا من الأمن السلفيون، فهم أحسن من يصدون عن سبيل الله، ففي أمريكا هنا الأمريكي الأسود يسلم بالنهار في أحد السجون ثم يتحول إلي سلفي بالليل ثم يكفر الناس في الصباح في السجن.
لكن من الملاحظ ان الدولة المصرية تترك الساحة للسلفيين مثل الشيخ محمد حسان وغيره باعتبارهم ضد أفكار العنف والجهاد؟
- هناك سلفيون ولاشك موالون للحكام!
اذن هناك سلفية موالية وسلفية مناضلة؟
- أنت توطن نفسك من البداية علي مساحة الجبن أو العمالة، أو ما اتفقت عليه مع الجهاز الأمني فإذا تجاوزت حوسبت كما فعل السادات مع عمر التلمساني والإخوان.
وهل تعتقد بصفتك إخواني سابق ان عمر التلمساني المرشد العام الأسبق للإخوان خرج علي النص؟ ام ان اعتقاله كان لإحداث توازن مع مسألة عزل البابا كما قال وزير داخلية السادات النبوي إسماعيل؟
- التلمساني خرج علي النص أصالة، ولو لم يكن البابا طرفا، وكما قال السادات كلهم يخرجون من تحت عباءة الإخوان، فالإخوان يجمعون المتدينين ابتداء ثم تدخل جماعة الجهاد تتصييد من يصلح للعنف والقتال، بالطبع في ذاك الوقت في السبيعينات.
تريد أن تقول إن مصطفي أبو اليزيد لم يحدث له انقلاب فكري عندما انتقل من السلفية، ومن تلميذ للشيخ يوسف البدري إلي تنظيم الجهاد فالقاعدة؟
- مصطفي متدين منذ شبابه ويريد أن يحقق دولة للإسلام، وقد اقتنع بفكر العنف كملاذ وحيد لإقامة دولة إسلامية، بعد مروره علي فكر الإخوان أصالة ثم سلفية يوسف البدري بضع شهور، ولا تنسي أن يوسف البدري آنذاك كان يدير مظاهرات، وهذا كان فيه استعمال القوة، وتهديد الدولة. ثم اعتقل مصطفي ورأي التعذيب المذل في استقبال طرة، ثم سافر إلي أفغانستان واشترك في أخريات الحرب الأفغانية الروسية واعتاد علي القتال والعنف ثم لاصق بن لادن، وهو ينفق علي عمليات الجهاد، وأصبح المسؤول المالي عنده كمحاسب فأني له أن يتفلت من كل هذا؟! ولم أزل أثق لو أن مصطفي إن كان حيا لو أتيح له حوار موضوعي بالدليل والبرهان مع مشايخ ليسوا عملاء، فإنه سيتراجع عن قتل الأبرياء والمدنيين.
الراية
الجمعة22/8/2008


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.