تونس- إشراف بن مراد: يثير واقع الانترنت في تونس الكثير من الجدل خاصة أمام دعوات المنظمات الدولية إلي فتح المواقع المحجوبة. في المقابل تنفي السلطات التونسية أي ضلوع لها في الاضطراب الحاصل علي الشبكة العنكبوتية ، وأكدت أكثر من مرة أن المواقع التي تقوم بحجبها هي المواقع التي تحثّ علي الإرهاب والعنف والمواقع الخليعة والمنافية للأخلاق فحسب، إلا أن جهات من المعارضة ومنظمات المجتمع المدني المستقلة تتهم السلطات التونسية بعمليات الحجب والقرصنة والتخريب المختلفة التي تستهدف المواقع الإخبارية والسياسية والمدونات ذات الخط التحريري المخالف للسائد. وقد أقام مؤخرا الصحفي التونسي وعضو النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين زياد الهاني دعوي قضائية ضّد الوكالة التونسية للانترنت بسبب حجبها لموقع فيسبوك الشهير رغم تدخل الرئيس بن علي ليأمر بإعادة فتحه أمام مستخدميه. وللتطرق لهذا الموضوع التقت الراية معز الصوابني رئيس الجمعية التونسية للانترنت والوسائط المتعددة الذي أشار إلي أنّ هدف الجمعية التي يترأسها يتمثل بالخصوص في نشر الثقافة الرقمية والتعريف بتقنيات الاتصال قصد تقليص الفجوة الرقمية في تونس وذلك من خلال تبسيط المعلومة للمواطن العادي. يري الصوابني أنّ وضعية الانترنت في تونس طيبة قائلا: الإشكال الذي نواجهه مرتبط بنشر الثقافة الرقمية ووجوب انخراط المجتمع في هذه الشبكة العنكبوتية لأننا نشكو في تونس من فجوة رقمية بين الأجيال. وما يعوزنا حقا هو نقص المضمون علي النت. وهذا يفسر بأنه ليست لنا تقاليد إنتاج المضامين وصناعتها. مع العلم أنّ الدول أصبحت تقيم بحضورها في هذه الشبكة العنكبوتية الرهيبة . وردّا عن سؤال ارتبط بمصداقية الوكالة التونسية للانترنت خاصة أمام ما يكال إليها من تهم تؤكد سيطرتها الكلية علي النت في تونس وتضييق الخناق علي عدة مواقع بحجبها خاصة بعد حجب موقع الفايسبوك، يؤكد معز الصوابني أنّ الوكالة عبارة عن مزوّد للانترنت في تونس ومن اختصاصاتها القيام بدراسات بخصوص الانترنت قصد الارتقاء بالشبكة العنكبوتية في تونس . أما عن ما يعرف بغلق المواقع، يقول رئيس الجمعية التونسية للانترنت والوسائط المتعددة: أريد أن أوضح شيئا وهو أنّ قطع الانترنت لا يمكن أن يحدث تقنيا ذلك أن الولاياتالمتحدة هي الوحيدة القادرة في العالم علي فعل ذلك نظرا لتحكمها في الانترنت. و للأسف الكثير من المعارضين يستعملون هذا المصطلح دون أن يعرفوا انه غير صحيح. ومع ذلك، الموضوعية تستدعي منا الحكمة في التفكير التي تقتضي منا الإقرار بأنّ من حقّ أي دولة حجب المواقع التي تمس بأمنها ومصلحتها. فعلي سبيل المثال تحجب الولاياتالمتحدةالأمريكية التي كثيرا ما عرفت بهامش شاسع من الحرية تحجب المواقع المرتبطة بالشيوعية.. أي أن عملية الحجب جدّ عادية وليست بدعة تونسية . وعن التطورات التي تحققت في مجال الانترنت في تونس بعد قمة مجتمع المعلومات (تونس2005) قال رئيس الجمعية التونسية للانترنت والوسائط المتعددة: من المعلوم أن هذه القمة التي انعقدت في مرحلتها الأولي في جنيف 2003 وفي مرحلتها الثانية تونس 2005 أسفرت عن أجندة تونس التي تطرقت إلي عدة مسائل يتمّ العمل علي تنفيذها من بينها نذكر الجامعة الصيفية الرقمية التي نظمت مؤخرا في مدينة الحمامات بالتوازي مع المهرجان الدولي للانترنت الذي نظمّه الصندوق العالمي للتضامن الرقمي الذي تمّ بعثه في تونس بمبادرة من الرئيس السينغالي وهو يعتبر امتدادا للصندوق العالمي للتضامن.. ومن ثمّة فإنّ كلاّ من الصندوقين يعملان في تكامل قصد تقليص الفجوة بين الأغنياء والفقراء . علي الرغم من أن الانترنت يقوم في جوهره علي مبدأ الانفتاح والحرية إلا أنّ الحديث عن الأمن المعلوماتي أصبح يستقطب اهتمام الكثيرين خاصة مع ما أصبحت يفرزه الانترنت من قضايا وإشكاليات. وفي هذا الصدد يقول الصوابني: لقد انتهي العالم الافتراضي وأصبحنا نعيش في خضم عالم رقمي ممتّد الأطراف وسعت ملامحه كل مسائل الحياة لدينا إذ أصبحنا نتحدث عن الحكومة الالكترونية والزواج عن بعد والتجارة عن بعد والتوقيع الالكتروني والتعليم عن بعد وغيرها.. وأنا بدوري أغتنم هذه الفرصة لأؤكد أنّ ليس كل ما ينشر علي النت موثوقاً منه دائما.. مّما أصبح يتطلب وضع تنظيم معين بمثابة ميثاق شرف يتم اللجوء إليه إذا استدعي الوضع ذلك خاصة وأننا صرنا نشهد حروبا الكترونية وفيروسات قادرة علي إلحاق خسائر كبيرة علي مستوي اقتصاديات الدول .