بداية من الغد: اضطراب وانقطاع توزيع المياه بهذه المناطق..#خبر_عاجل    الهند توقف تدفَق المياه على نهر تشيناب.. وباكستان تتوعد    تونس تحصد 30 ميدالية في بطولة إفريقيا للمصارعة بالدار البيضاء منها 6 ذهبيات    دوّار هيشر: السجن 5 سنوات لطفل شارك في جريمة قتل    المديرة العامة للمنظمة الدولية للهجرة في زيارة إلى تونس    تصنيف لاعبات التنس المحترفات: انس جابر تتراجع الى المرتبة 36    جمعية الأطباء التونسيين في ألمانيا تدعو إلى ضرورة إحداث تغيير جذري يعيد الاعتبار للطبيب الشاب    الإدارة العامة للأداءات تُحدد آجال إيداع التصاريح الشهرية والسنوية لشهر ماي 2025    في المحمدية :حجز عملة أجنبية مدلسة..وهذه التفاصيل..    قيس سعيّد يُجدّد دعم تونس لفلسطين ويدعو لوحدة الموقف العربي..    وفد من هيئة الانتخابات في رومانيا لملاحظة الانتخابات الرئاسية    ربط أكثر من 3500 مؤسسة تربوية بشبكة الألياف البصرية ذات التدفق العالي بالأنترنات    كل ما تحتاج معرفته عن ''كليماتيزور'' السيارة ونصائح الاستعمال    عاجل/شبهات تعرّض سجين للتعذيب ببنزرت: هيئة المحامين تُعلّق على بلاغ وزارة العدل وتكشف..    عاجل/ في نشرة متابعة: تقلبات جوية وامطار رعدية بعد الظهر بهذه الولايات..    انطلاق امتحانات البكالوريا التجريبية..    تقلبات جوية متواصلة على امتداد أسبوع...تفاصيل    عاجل -فلكيا : موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى المبارك 2025    عاجل : دولة عربية تعلن عن حجب 80% من الحسابات الوهمية    مفتي السعودية يوجه رسالة هامة للحجاج قبل انطلاق الموسم بأيام    بطولة مدريد المفتوحة للتنس للأساتذة: النرويجي كاسبر رود يتوج باللقب    البطولة الفرنسية : ليل يتعادل مع مرسيليا 1-1    محرز الغنوشي: حرارة صيفية الظهر وأمطار منتظرة    حكم قضائي في حق اجنبي متهم في قضية ذات شبهة ارهابية    ترامب يأمر بفرض رسوم بنسبة 100% على الأفلام غير الأمريكية    الرحيلي: الأمطار الأخيرة أنقذت السدود... لكن المشاكل الهيكلية مستمرة    العثور على جثث 13 موظفا من منجم للذهب في بيرو    سوريا.. انفجار الوضع في السويداء مجددا.. اشتباكات وقصف ب"الهاون"    معرض تونس الدولي للكتاب: الناشرون العرب يشيدون بثقافة الجمهور التونسي رغم التحديات الاقتصادية    بوسالم.. فلاحون يطالبون بصيانة و فتح مركز تجميع الحبوب بمنطقة المرجى    بورصة تونس تحتل المرتبة الثانية عربيا من حيث الأداء بنسبة 10.25 بالمائة    كأس تونس لكرة اليد : الترجي يُقصي الإفريقي ويتأهل للنهائي    الرابطة الثانية (الجولة العاشرة إيابا)    رئيس اتحاد الناشرين التونسيين.. إقبال محترم على معرض الكتاب    البطولة العربية لألعاب القوى للأكابر والكبريات: 3 ذهبيات جديدة للمشاركة التونسية في اليوم الختامي    معرض تونس الدولي للكتاب يوضّح بخصوص إلزام الناشرين غير التونسيين بإرجاع الكتب عبر المسالك الديوانية    بوشبكة.. حجز أجهزة إتصال متطورة لدى اجنبي اجتاز الحدود بطريقة غير قانونية    طقس الليلة.. أمطار رعدية بعدد من الجهات    قابس.. حوالي 62 ألف رأس غنم لعيد الأضحى    ثنائية مبابي تقود ريال مدريد لمواصلة الضغط على برشلونة المتصدر بالفوز 3-2 على سيلتا فيغو    انتفاخ إصبع القدم الكبير...أسباب عديدة وبعضها خطير    هام/ بالأرقام..هذا عدد السيارات التي تم ترويجها في تونس خلال الثلاثي الأول من 2025..    إلى أواخر أفريل 2025: رفع أكثر من 36 ألف مخالفة اقتصادية وحجز 1575 طنا من المواد الغذائية..    الفول الأخضر: لن تتوقّع فوائده    تونس في معرض "سيال" كندا الدولي للإبتكار الغذائي: المنتوجات المحلية تغزو أمريكا الشمالية    النفيضة: حجز كميات من العلف الفاسد وإصدار 9 بطاقات إيداع بالسجن    هام/ توفر أكثر من 90 ألف خروف لعيد الاضحى بهذه الولاية..    الدورة الاولى لصالون المرضى يومي 16 و17 ماي بقصر المؤتمرات بتونس العاصمة    سوسة: الإعلامي البخاري بن صالح في ذمة الله    لبلبة تكشف تفاصيل الحالة الصحية للفنان عادل إمام    كارول سماحة تنعي زوجها بكلمات مؤثرة    هند صبري: ''أخيرا إنتهى شهر أفريل''    قبل عيد الأضحى: وزارة الفلاحة تحذّر من أمراض تهدد الأضاحي وتصدر هذه التوصيات    صُدفة.. اكتشاف أثري خلال أشغال بناء مستشفى بهذه الجهة    تونس: مواطنة أوروبية تعلن إسلامها بمكتب سماحة مفتي الجمهورية    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حوار مع: المفكر الإسلامي السوداني الدكتور حسن مكي
نشر في الفجر نيوز يوم 21 - 09 - 2008

البشير لا يزال الأقوى داخل حزب المؤتمر الوطني الحاكم
يمكن تجاوز أزمة الجنايات الدولية .. لكن المقابل ثمن باهظ
يواجه السودان مأزقا سياسيا كبيرا، على خلفية الاتهامات التي وجهها المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية للرئيس السوداني عمر البشير، ففي الوقت الذي تستنفر فيه الحكومة كافة آلياتها وتبحث عن كافة الوسائل للحيلولة دون صدور مذكرة توقيف دولية ضده الرئيس، لايزال الغموض يكتنف الموقف، ويبدو التكهن بالمستقبل أمرا صعبا.
لكن الدكتور حسن مكي القيادي الإسلامي وعضو الحزب الحاكم والمحلل السياسي، يرسم سيناريوهات، يلاحظ المراقب أنها دائما ما تتحقق، فقد تنبأ الرجل منذ وقت مبكر بخلافات الإسلاميين في السودان، وحذر في السابق من خطورة اللعبة التي تديرها الحكومة مع القوى الدولية بشأن التسوية في الجنوب وما يصفه ب( فخ دارفور)، ونبه إلى أن المطلوبات الدولية من الحكومة لن تنتهي بعد قبولها بالمرجعية الدولية في إتفاقية السلام الشامل مع الحركة الشعبية.
وهو الآن جالسا في مكتبه بجامعة إفريقيا العالمية يبدو متحسرا لما آلت إليه الأوضاع، لكنه رغم ذلك يرى أن (المخارجة) محتملة من أزمة المحكمة الجنائية الدولية، لكنها ستتم مقابل (أثمان كبيرة)، وأن التسوية القادمة ستعيد (هندسة النظام) بصورة قد (تشق عظمة نظام الإنقاذ)، كما أن الدكتور حسن مكي لايزال عند موقفه القديم بأن الرئيس البشير هو الأقوى داخل حزب المؤتمر الوطني الحاكم -رغم ضغوط الاتهامات الدولية- ويعتقد في هذا الخصوص أن ليس هناك حاليا في المؤتمر الوطني من يريد منازعة الرئيس في سلطاته أو صلاحياته، معتبرا أن البشير يستمد قوته من كونه رئيسا للبلاد وقائدا للجيش، وأضاف في الخصوص: لا أحد ينسى أن البشير أطاح بالدكتور حسن الترابي عراب النظام السابق صاحب (الجلد والرأس).
في الحوار التالي مع الشرق، يقدم الدكتور حسن مكي تحليلا جديدا بشأن الأزمة مع المحكمة الجنائية الدولية، ويتحدث عن مفاجآت ستحصل قريبا، لكنه يرفض أن يكشف عنها، ويصر على أنها ليست (معلومات) وإنما مجرد استنتاجات خلص إليها من قراءاته للأوضاع الراهنة.
* في إحدى الندوات التي تحدثت فيها، اعتبرت أن القوى الدولية حاولت الوصول عبر إتفاقية نيفاشا للسلام إلى هندسة سياسية جديدة لنظام الإنقاذ، هل تم ذلك، وإذا حصل ما أشرت إليه، لماذا لاتزال الضغوط الدولية تمارس على الحكومة؟
-المؤكد أن السودان أصبح في وضع يخضع للمرجعية الدولية، فرضت عليه هندسة سياسية متعلقة ببرتكولات نيفاشا الستة والتي قامت على نظامين في دولة واحدة، مما أدى إلى بروز دولتين أو نظامين، وزيري دفاع وعدة جيوش، وحكومة وحدة وطنية، وتم الاستغناء عن المشروعية الانتخابية التي خلفت المشروعية الثورية، وأصبح مشروعية دولية واكتفوا بالضمانات الدولية والإقليمية، أصبح السودان (مٌكتًف) باتفاقية السلام، وكان البعض يتوقع حوافز، والبعض (شطح) وتوقع الحصول على جائزة نوبل للسلام، فإذا تنقلب ( جائزة نوبل) إلى (فخ دارفور)، وأدت (الأزمة) إلى تصعيد، وأدت مرجعية دولية أيضا (القوات الهجين)، وأعقبتها فخاخ أخرى، وأصبح التكييف للسياسية السودانية تكييف خارجي، وأصبح المؤثر الداخلي ضعيفا، وكأنما السياسة المحلية وصلت إلى طريق مسدود وأصبح الأساس هو التكييف الخارجي.
* ألم تحقق صيغة نيفاشا أهداف القوى الدولية التي تتحدث عنها؟
-من الصعب أن نقول إنها فشلت، لآن الجنوب أصبح كله في يد (الحركة الشعبية)، وهو يشكل ربع السودان أو يزيد، ودارفور أصبحت مقاسمة بين (الحكومة والحركات والأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي).
القوى الدولية كانت دائما تتحدث عن تغيير سياسات النظام، لكن تغيير السياسات يحتمل دائما أن لا يتغير كليا إلا بالاقتلاع، وبدأت المحاصرة، ومن الغريب أن النظام السياسي السوداني لم ينل جوائز، بينما قدم تنازلات، والمطلوب الآن ما يشبه (الانزلاقة) أو (الجراحة العميقة).
* هل تعتقد أن قضية المحكمة الجنائية الدولية تأتي في إطار مزيد من الضغوط الدولية على الحكومة من أجل إجراء هذه الجراحة السياسية على النظام؟
-قضية المحكمة الجنائية ستدفع بالقاطرة (النظام) كلها للانزلاق من مسارها لتأخذ مسارا مختلفا تماما.
* المدعي العام تحدث عن توجيه اتهام لشخصية الرئيس، واعتبره مسؤول عما جرى في دارفور من انتهاكات وجرائم حرب؟
-لأن الرئيس كان صوته عاليا ضد المرجعية الدولية، وهذا يشجع المجموعات غير الراغبة في التعاون مع أمريكا في الخروج والاطلال برأسها، وهذا أمر أمريكا يمكنها أن تحتمله إذا صدر من دول لديها بيئة داخلية متجانسة كإيران أو فنزويلا، أوكوبا، ولكن بالنسبة لأمريكا، من غير المقبول أن يصدر (الصوت العالي) من نظام أصبح يقوم على مرجعيه دولية وأصبح حملة الجوازات البريطانية يشكلون نصف حكومة النظام.
* ولكن هذا الاتجاه الذي تتحدث عنه يسحب المشروعية الدولية من النظام بعد نيفاشا؟
-هذا تلويح، بأنه طالما أن النظام قام على هندسة سياسية ومرجعية دولية، فعلى النظام أن لا يأخذ منها باختياره وإنما بوصفة (القوى الدولية)، وطالما قبلت الحكومة بالمقدمات، عليها أن تقبل بالنتائج.
* هل كان أفق الحكومة ضيقا للدرجة التي لم تتوقع أن مشكلات جديدة بعد التوصل إلى حلول لأزمة الجنوب؟
-بعضهم كان يتوقع حصول جائزة نوبل، وإذا اعتبرت هذا انسدادا فهذا من حقك كصحفي.
* ما هو تقييمك لتعامل حزب المؤتمر الوطني الحاكم مع قضية المحكمة الجنائية الدولية؟
-التشخيص كان ضعيفا، والفهم لدلالات الهندسة السياسة الدولية كان ضعيفا، بدليل أن لجنة التحقيق الوطنية برئاسة مولانا دفع الله الحاج يوسف، رفضت وجود اللجنة الدولية للتحقيق لكن القرارات الخارجية جبت قرارات لجنة دفع الله الحاج يوسف، وطالبت بأن يسمح للجنة الدولية بأن تجوب دارفور وتحدد من تشاء وكان هذا الرأي يقوم على افتراضات غير صحيحة، أي أن (القوى الدولية) ستقول إن الوضع في السودان عسل على لبن وهذا افتراض لم يك صحيحا، وبناء على تقرير اللجنة جاءت قضية محكمة الجنايات الدولية، وكلاهما مدفوع من مجلس الأمن حسب القرار 1556 الصادر في الثالث من يوليو 2004م، الغريب في الأمر أن قرار مجلس الأمن سابق على توقيع اتفاق السلام الشامل في مايو 2005م، ولذلك كان يجب أن لا تكون هناك مفاجأة، فقد طالب (قرار مجلس الأمن) بثلاثة أشياء من الحكومة وعلى وجه التحديد، نزع سلاح الجنجويد والمحاكمات العادلة والقبول بقوات دولية، وبناء على هذا القرار تأسست عدة قرارات لمجلس الأمن حتى وصلنا إلى الوضع الحالي.
* هل كان يمكن تجنب الاتهامات ضد الرئيس، في حال تعاملت الحكومة مع المحكمة الجنائية الدولية فيما يخص أحمد هارون وعلي كوشيب؟
-قد لا يجنبها، بل قد يستدرجها ويكون فخا، وهذا يذكرني بقصة لأحمد سليمان المحامي رواها في كتاب له، حيث وقع أحمد سليمان على مذكرة تطالب بإنهاء حكم الفريق عبود وتصدر اسم قائمة الموقعين على المذكرة السيد الصديق وآخر شخص هو أحمد سليمان، لكن السلطات سارعت باعتقال أحمد سليمان، فكان أن احتج الأخير وقال لرجال الأمن( هل قرأتم المذكرة بالمقلوب).
* البعض يعتقد أن فشل الحكومة في التعامل مع الأزمة في دارفور، هى التي قادت إلى قضية المحكمة الجنائية الدولية؟
-للأسف الشديد دخلنا في موقف صعب، علاقاتنا الدبلوماسية واهنة مع دول الجوار، وقد راهنا على المعارضة التشادية لكنها الآن (منقسمة وتبيع عرباتها)، وكذلك هناك حديث عن تدريب مباشر بين تل أبيب والمتمردين في دارفور، فإسرائيل أصبحت داخل قضية دارفور، ومع عدم انسجام البيت الداخلي فإن الوضع يبدو غريبا وشائكا، ولا يؤهل السودان للدخول في منافسة كبيرة مع القوى الدولية، فقد تنفتح عليك شروط أخرى، كالوصايا، السودان لا يستطيع أن يتجه نحو مصادمة بدون رؤية سياسية نافذة وبدون الإحاطة بتجارب سياسية أخرى وبقدراتها.
* هذا الوضع المعقد ماذا سينتج؟
-إذا لم يكن هنالك سياسة خارجية رشيدة، واذا لم تك لدينا مؤسسية بالداخل، ففاتورة التسوية القادمة مكلفة (خالص).
* هل تنظر أنت أيضا إلى أن توجيه الاتهام للرئيس البشير تدفعه أجندة سياسية؟
-نعم، الهدف هو جعل النظام أمثولة للذين يطمعون في العالم إلى إنشاء دولة بنظام إسلامي، اذا كان الغنوشي في تونس، أو الإسلاميين في تركيا أو غيرها من البلاد، تقول القوى الدولية؛ انظروا ماذا فعلنا للسودان، ومثلما فعلوا مع نظام صدام حسين وجعلناه أمثولة للبعثيين والقوميون العرب، فالسودان مطلوب أن يكون أمثولة للتيار الإسلامي.
* هل يمكن أن يكون القصد من الاتهام ضد البشير، ترجيح لتيار على تيار داخل النظام نفسه؟
-في داخل النظام لا توجد تيارات بل توجد وجهات نظر، الرئيس البشير لا يزال هو الفيصل في المؤتمر الوطني، لكن بعد الاتفاقيات (نيفاشا) أصبح الرئيس البشير منازعا في سلطاته واختصاصاته، من قبل التركيبة الجديدة التي أفرزتها اتفاقية نيفاشا، فهو لا يستطيع أن يقيل وزير الخارجية، إذا تبنى وجهة نظر مخالفة لوجهة نظره كما يحصل الآن، ونائبه نفسه لديه موقفه الخاص، لكن في المؤتمر الوطني البشير كلمته نهائية.
* هل يمكن أن تكون اتهامات أوكامبو جزءا من خطة لإبعاد البشير من سدة الحكم؟
-هذه واضحة، منذ فترة اتضح أن القوى الدولية ترى أن الرئيس البشير أصبح صوته عاليا وبات ترياقا مضادا للتدخل الدولي، وبوجوده المالات لن تصل إلى نهاياتها، خاصة بشأن الهندسة التي طرحت في نيفاشا، والانتخابات هى الفيصل، المطلوب أن لا يكون الرئيس البشير من الجيادة التي ستخوض السباق.
* هل تحفز الضغوط الخارجية على الرئيس البشير، اخرين داخل حزبه للاستعداد لخلافته؟
-الحزب الحاكم ليس فيه تيارات، هى وجهات نظر، والرئيس البشير هو خيار المؤتمر الوطني الوحيد في الوقت الحالي، حتى بعد المحكمة الجنائية الدولية، لا أحد يرغب في منافسة الرئيس حاليا (لا يستطيعون فعل شي ( حتى تحت البطانية) لا يتحركون، لكن القوى الدولية غير مستعجلة، يمكن أن تنتظر.
* من أين يستمد الرئيس قوته؟
-أولا هو رئيس البلاد والمؤتمر الوطني الحاكم، وقائد الجيش، وهو الذي استطاع أن يبعد الترابي صاحب (الجلد الرأس) فإذا هو استطاع إبعاد الترابي، فكيف لا (.....).
* هل يوجد خليفة للبشير داخل المؤتمر الوطني؟
-موجود بالتأكيد ولكنني لا أود الخوض في هذا الموضوع. السودان ليس عقيما والرحم السوداني لم يصاب بالانسداد.
* في اعتقادك، هل ترغب القوى الخارجية في بديل للبشير من داخل المؤتمر الوطني؟
-كله ممكن ووارد.
* أعيد إليك سؤالي بصيغة أخرى، هل تبحث القوى الدولية عن بديل للرئيس من داخل النظام أو من القوى المعارضة؟
-ستتم عملية هيكلة جديدة مفروضة من الخارج.. فمن يقوم بالانقلاب يفرض شروطه.
* ماذا تعني بهيكلة جديدة؟
-جراحة سياسية كبيرة، لكن (حل أخوي لا يوجد) مثلما ما حدث في زمبابوي، رغما أن الرئيس موغابي اعتبر نفسها منتصرا على القوى الدولية، إذ استطاع أن يقنع الصين باستخدام حق الفيتو، لكنه مع ذلك دفع ثمن كبير وتنازل عن 50% من سلطات لمصلحة زعيم المعارضة الذي أصبح رئيس وزراء وأصبح لديه غالبية بالبرلمان، ليبيا أيضا تعرضت لجراحة بيضاء، والسودان ليس أقوى من هذه الدول.
* هل تقصد أن تغييرا سيشمل كافة أرجاء النظام؟
-لابد للحكومة بشكلها الحالي أن تقوم بجراحة كبيرة، لا يمكن أن يظل الموقف مجمدا هكذا كيف ومتى هذا يتحدد في الدهاليز الضيقة، هم يضغطون في سبيل سقف عالي والحكومة تحاول ان تبذل جهدا في سبيل سقف منخفض، ولكن لابد أن يتم شئ في النصف، كان هناك أشياء متاحة ومعروضة، السودان ليس أقوى من زيمبابوي وليبيا، ونحن كما قبلنا بفاتورة المرجعية الدولية كما هى لابد أن نقبل بالنتائج، إلا إذا حدث تغيير كبير في موازين القوى الدولية وهو أمر غير محتمل.
* ما هى فرص نجتح المبادرة العربية الجامعة العربية والمحادثات التي ترتب قطر لاستضافتها؟
-يمكن أن يكون واحدا من المنابر المهمة لحل الأزمة، لأن قطر دولة مهمة لديها تواصل مع أركان السياسة الدولية كما أنها إمبراطورية مالية ضخمة.
* هل لدى الحكومة خيارات أخرى لتفادي المطلوبات الدولية؟
-يمكن أن تقول إن الحكومة في موقف صعب، لكن يمكنها أن تعجل بالانتخابات، وتدعو في إطار هذه الانتخابات إلى حكومة جديدة، ولكنه ذلك أيضا دونه (خرت القتات) لأن الشركاء (الحركة الشعبية) يمكن أن يرفضوا، ويمكن أن تقوم انتخابات جزئية ليس لديها شرعية قومية، وبالتالي ستكون هذه الخطوة (عزف منفرد)، أما الخيار الثاني للحكومة، فهو النكوص عن كل ما تم من مرجعيات دولية (نيفاشا- القوة الهجين) وهذا يتطلب العودة لعشرين سنة، لكن الطروف التي مهدت ليوم الثلاثين من يونيو غير متوفرة الآن وإذا حصل ذلك ستكون مرحلة قصيرة.
* إذا من الممكن حصول تطورات دراماتيكية؟
-السيناريوهات عديدة، لكن يصعب تحقيق تحول مفاجئ، فالسلطة (مشتتة)، في الماضي كان البيان الجديد يصدر في الخرطوم، وتنصاع كافة الولايات للحاكم الجديد، لكن الآن؛ كل ولاية تعمل على موجه تخصها، الخرطوم نفسها (موجاتها كثيرة).
* كيف تقرأ موقف الجشي من مذكرة اوكامبو؟
-الجيش كلامه واضح جدا؛ قال إن الرئيس خط أحمر أن الذي يحاول أن يقلل من قيمة الجيش، عليه أن يحمل سلاحه ويتمرد مثلما فعلت حركات دارفور، فالجيش ليس مثل السياسيين، لا يعرف (طق الحنك).
* السيناريو الثاني الذي تحدثت عنه أقرب للمواجهة، هل المؤتمر الوطني قادر على هذه الخطوة؟
-لن يجدي ذلك فتيلا، لأن الممانعة (ضد القوى الخارجية) التي كانت في تلك السنوات، ضعفت الآن كثيرا.
* كافة السيناريوهات التي طرحتها لم تتضمن حلولا للأزمة؟
-ليس مطلوبا مني أن أأتي بحلول من سطح القمر، الحلول لابد أن تأتي من الوقائع.
* هل المؤتمر الوطني قريب من القوى السياسية الأخرى؟
-القوى السياسية الأخرى لديها حساباتها ومصالحا، وقد تظهر ما لا تبطن وتصريحات السياسيين تختلف تماما عن نواياهم.
* كيف تنظر لتراجع الموقف الفرنسي الذي كان متشددا بشأن ضرورة تعامل السودان مع الجنائية الدولية؟
-ليس سوى تبادل أدوار بين القوى الدولية، فلندن هى مركز صناعة القرار الأوروبي، والفرنسيون لديهم مطالبهم، وامريكا لديها مصالحها.
* هل هناك دول في الجوار العربي أو الإفريقي يمكن أن تلعب دورا مؤثرا في الأزمة؟
-هناك دول أن يمكن أن تلعب دورا مؤثرا مثل مصر، لكن قطر هى المؤهلة للمصادمة مع القوى الدولية، فهى التي رفضت بيان الجامعة العربية الذي لم يساند السودان بقوة، أما بقية الدول العربية فهى ليس لديها قدرة لتحمل أي أعباء مثل أزمة دارفور، ليبيا وجنوب إفريقيا أيضا في الخط، يمكنهما أن يلعبا دورا، عن طريق الاتحاد الإفريقي، لان دورها عن طريق الجامعة العربية محدود.
* التحركات التي تقوم بها الحكومة حاليا خارجيا، هل تتوقع ان تعود بنتائج إيجابية لصالح الحكومة؟
-واضح أن هناك تواصل سياسي كبير ونتائجه غير معروفة، لكني أتوقع أن تحدث مفاجات.
* ما هى هذه المفاجآت، وهل تشمل مثلا تلبية الحكومة للمطالب الفرنسية؟
-لا استطيع أن أتحدث عن تسليم يؤذيني كسوداني هذا الأمر، خاصة وأن من نتحدث عنهم أشخاص لا حول لهم ولا قوة، لكن ما أريد أن أقوله إن هناك مفاجآت ستحدث لا أستطيع التكهن ماذا تعني كلمة مفاجآت ولكنها واردة، وقد تحل الأشكال بصورة كبيرة خارج كل الحسابات الموجودة الآن.
* هذه المفاجآت التي تتحدث عنها، هل هى معلومات مؤكدة أم مجرد استنتاجات؟
-(ضحك طويلا وقال) هى استنتاجات!!
* ما هو تعليق على زيارة المعارض الإسلامي حسن الترابي الأخيرة لجنيف التي أثارت اتهامات ضده من قبل الحزب الحاكم، والتلميحات التي تربط زيارة الترابي بقضية المحكمة الجنائية؟
-لا لا.. الترابي ليس له أي دور فيما يتعلق باتهامات المحكمة الجنائية الدولية، المراهنة بإدخال الترابي في الموضوع قد يربك المؤتمر الوطني، فالترابي رغم مغازلته للقوى الدولية لكن لايزال يشكل (بعبع) للقوى الخارجية، ولا يمكن أن يكون مرغوبا فيه.
الشرق
تاريخ النشر:يوم الأحد ,21 سبتمبر 2008


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.