لا يجد المواطن العراقي وصفا أدقّ وأصدق من قول المتنبي هذا لوضعه الحالي في ظل حكومة المنطقة الخضراء. فقد إعلن المتحدث باسم تلك الحكومة بان ميزانية العراق لسنة 2009 تقترب من 79 ملياردولار. وبديهي إن ميزانية ضخمة كهذه ستجعل لعاب"قادة" العراق الجديد يسيل حتى من آذانهم. خصوصا وأنهم من المحترفين في فن الفساد والافساد والسمسرة وتجارة السلاح السكراب والمخدرات بكافة أنواعها, ولديهم طرق وسبل مختلفة للاستحواذ على عقود ما يُسمى بعمليات إعمارالعراق, وهي في الغالب عقود وهمية مدونة على ورق باهت اللون. وإذا جرى تنفيذ البعض منها فلا يتمّ إلا بشق الأنفس و لغايات في نفس ألف يعقوب أمريكي أو صهيوني أو فارسي. ولكي يوضّح لنا"جناب" الناطق باسم حكومة المالكي, على الدباغ, مدى الشفافية والنزاهة التي تتمتع بها حكومته العميلة راح يشرح لنا كيفية صرف وتوزيع وتوظيف تلك المليارات.والأهداف التي يُراد تحقيقها من أجل خدمة ورفاهية الشعب, كما يزعم, دون أن يخبرنا ولو بكلمة واحدة عن مصيرمليارات العام الحالي, وكذلك الأعوام التي سبقته. وإن كانت قد حقّقت شيئا يُذكر للمواطن العراقي, وعلى أيّ صعيد؟ متناسيا إن العراقيين حُرموا حتى من شمّ رائحة تلك المليارات التي هي خيرات وثروات وطنهم الذي تكالبت عليه الذئاب من كلّ فجّ عميق. وإذا كان العراق, بفضل قادته العملاء الجدد, قد إحتلّ المركزالثاني, وإحتمال أن يحتلّ المركزالأول عن قريب, في ترتيب الدول الأكثر فسادا في العالم, وإذا كان أكثر من نصف العراقيين بين عاطل عن الععل ومهجر ولاجيء أو قابع في سجون الديمقراطية الأمريكية والحكومة التابعة لها, فمن الطبيعي إن هذه المليارات سوف تنتهي, كما إنتهت سابقاتها, في جيوب حفنة من أكثراللصوص والحرامية إحترافا وتفنّنا. وسبق لرئيس هيئة النزاهة في ما يُسمى بمجلس النواب, صباح الساعدي أن أشارالى"بروز ظاهرة تشريع قوانين في مجلس النواب لتبريرالفساد ولتصحيح موقف شخص أو توحّه سياسي ضالع في عملية الفساد". وقال عنهم نائب آخر" إنهم يمارسون الفساد الاداري والمالي دون أن يتركوا أثرا خلفهم لأنهم أصبحوا محترفين". وتجدرالاشارة الى أن نسبة 17 بالمئة من ميزانية العراق الفدرالي تذهب, لمن لا يستحقها ودون وجه حق, الى إمارة مسعود البرزاني في شمال العراق. مع العلم إن ما يُسمى باقليم كردستان العراق لا يضع في خزينة الدولة الفدرالية دولارا واحدا. وهذه حالة غريبة وإستثنائية لا يوجد لها مثيل أو شبيه في 47 دولة تتمتع بانظمة فدرالية في هذا العالم. طبعا لايُخفى على أحد إن حصة مسعود البرزاني من أموال العراقيين هي في الواقع رشوة ليس الاّ والغاية منها هي تجنّب شروره وإستمراره في دعم الحكومة العميلة رغم عدم إعترافه بتلك الحكومة وما يصدرعنها.من قرارات أو قوانين. ولكن وليس من حقّنا أن نلوم"فخامة" الطاووس مسعود البرزاني على حاجته لمليارات الدولارات. فهو رئيس إقليم يتكون من محافظتين ونصف فقط ويقطنه بشرمن نوع خاص, وتقوده حكومة مؤلفة من 42 وزيرا! ولكل واحد من هؤلاء وكيل ونائب وسكرتيرعام وناطق رسمي وعشرات من الحرس والحماية وأفراد عائلة وأصدقاء وجيران..ألخ. ومن حق جميع هؤلاء الوزراء المساكين وأتباعهم أن يأكلوا ويشربوا ويلبسوا على آخرمودة ويتمتّعوا بمباهج الحياة ولذاتها. أماّ الشعب الكردي المسكين فاليذهب الى الجحيم. ولعلّ القاريء الكريم يعرف إن عدد وزراء حكومة جمهورية الصين الشعبية, تلك الدولة المترامية الأطراف وذات المليار ونصف المليار مواطن, لا يتجاوزالخمسة والعشرين وزيرا. فما هو الهدف يا ترى من وجود42 وزيرا كرديا لمحافظتين ونصف المحافظة في شمال العراق؟ إن لم يكن الهدف هو نهب وسلب المزيد من خيرات وثروات العراق ومصادرة لقمة عيش المواطن العراقي, وعلى الأخص أبناء شعبنا الكردي في الشمال. إن العراقي المغلوب على أمره, والذي حرم من كلّ شيء وأصبحت حياته في ظلّ ديمقراطية اللصوص والقتلة والفاشلين, عبارة عن موت بطيء, يعرف حقّ المعرفة الى أين تذهب المليارات التي أعلنت عنها حكومة العميل نوري المالكي. وفي عملية حسابية بسيطة يتّضح إن لنا إن تلك المليارات لا تكاد تكفي كرواتب ومخصصات ومصروفات جيب لسكنة المنطقة الخضراء الذين تجاوزعددهم العشرين ألف عنصر, ما عدا الكلاب البوليسية والحيوانات الأ ليفة التي تعيش حياة أفضل عشرات المرات من حياة ثلثي الشعب العراقي. وهذه الحيوانات هي الأخرى شملها الكرم الحاتمي لحكام العراق الجديد. مضافا الى ذلك إن لدى كل مسؤول في تلك الحضيرة الخضراء, من رئيس الدولة الى أبسط موظف فيها, فريق من الحماية والحراس مؤلف من عشرة أشخاص فما فوق, مسلحين بأسلحة ومعدات حديثة. وهؤلاء بطبيعة الحال لا يعملون مجانا أو لوجه الله كما يُقال. فثمة من يدفع لهم جيدا وبالدولارات الطازجة, لا من جيبه الخاص طبعا بل من جيب خزينة العراق الفدرالي الاتحادي المتعددالولاءات والرايات والاحتلالات. ولا ننسى في هذا السياق الاشارة الى مصروفات ونثريات ومخصصات الرئيس العميل جلال الطلباني. فيقال, والعهدة على القائل, إن لديه أكثرمن ثلاثين, وقيل خمسين مستشارا متخصّصين في كلّ شيء الاّ في خدمة العراق والعراقيين. وطبعا لكل مستشارمن هؤلاء مستشار خاص به وفريق من المساعدين والحماية وهلّم جرا. والجميع كما هو معروف يغرفون وينهبون من أموال الشعب العراقي التي تتعرّض لأكبرعملية سطو وسرقة في التاريخ. [email protected] المصدر بريدالفجرنيوز