لا يبدو أن الدول العربية الغنية المصدرة للنفط والغاز ستتأثر من الأزمة المالية العالمية، وخاصة إذا حافظ النفط على أسعاره، ولكن الدول التي تعتمد على السياحة، أو لها استثمارات في سوق العقارات الأمريكي، أو لها تعاملات كبيرة مع البورصات العالمية، فيرجح أنها ستتأثر بشدة. وينصح رئيس اتحاد المصارف العربية، عدنان أحمد يوسف، في مقال نشره اليوم الخميس في صحيفة الحياة، قائلا "علينا البقاء متأهبين وحذرين، ونستبق تفاقم الأوضاع بإجراءات احترازية، كون التشابك الحاصل، بين ما يجري في العالم المتقدم والعالم النامي، ويشمل البلدان العربية، شديد التعقيد والتأثير المتبادل، وان تطلّب الأمرُ وقتاً."
ويؤكد يوسف أن القطاع المصرفي العربي غير مكشوف مباشرة على أزمة الأسواق المالية العالمية، ومع ذلك على هذا القطاع أن يكون متأهبا لتطورات الأزمة، ويقدر يوسف عدد مؤسسات القطاع المصرفي العربي بحوالي 470 مؤسسة، ويقول أن أصول القطاع المصرفي ارتفعت في عام 2007 لتصل إلى 1.69 تريليون دولار، بارتفاع قدره 30 % عن عام 2006، ولكن من الصعب التأكيد أن هذا النمو سيستمر في عام 2008.
تفاؤل في الخليج بينما يرى طارق يوسف، عميد كلية دبي للإدارة الحكومية في حديث لصحيفة البيان الإماراتية، أنه "في ظل النظرة التشاؤمية التي ينظر بها تجاه الاقتصاد الأمريكي نرى بأن النظرة نحو الاقتصاديات الخليجية تتسم بالتفاؤل بصورة أكبر." وذلك لأن "آليات ومحركات النمو هنا في المنطقة الخليجية إلى حد كبير مستقلة وغير مرتبطة بما يحدث في الولاياتالمتحدةالأمريكية حتى في ظل ارتباط عملات الدول الخليجية بالدولار". بالرغم من هبوط أسعار الأسهم في دول الخليج، والدول العربية الأخرى، ففي الإمارات هبطت أسهم شركة موانئ دبي العالمية، وهي أكبر رابع شركة عالمية في مجال النقل البحري بنسبة 43 %، بالرغم من نمو أعمالها هذا العام، وكما يؤكد الخبراء الاقتصاديون، فإن الأزمة العالمية قد تدفع الصناديق السيادية، التي يقدر حجمها بعدة تريليونات من الدولارات، إلى الاستثمار في الأسواق المحلية والإقليمية، بالإضافة إلى أن الأموال ستأخذ طريقها نحو الأسواق الآسيوية أكثر من الغربية، ويبدو وفقا لتقديرات الخبراء أن مصائب قوم عند قوم فوائد، إذا حافظت أسعار النفط على معدلها الحالي، والذي جعل نسبة النمو في دول الخليج تتضاعف خمس مرات على ما كانت عليه عام 2002، وهذا العام سيرتفع حجم اقتصاديات دول الخليج إلى الثلث ليتجاوز التريليون دولار، بنسبة نمو تتراوح بين 5.7 إلى 10.9 %، الأمر الذي سيتيح لهذا الاقتصاد أن يتجاوز الناتج المحلي الهندي لأول مرة.
تشاؤم في بقية البلدان ولكن الدول العربية غير النفطية وخاصة التي تأثرت بشدة من ارتفاع أسعار النفط والغذاء، مثل مصر المغرب، الأردن، اليمن، سورية، لبنان، وموريتانيا ستتأثر بشدة، وخاصة إذا حدث ركود عالمي، يؤثر في قطاع السياحة الذي تعتمد عليه بعض هذه الدول، بالرغم من أن الدكتور أحمد جلال، الخبير في البنك الدولي، يستبعد أن تتأثر مصر بالأزمة المالية الأمريكية، لأن حجم ارتباط الاقتصاد المصري بالأمريكي قليل للغاية، ولكنه يؤكد أن هناك أثارا غير مباشرة نتيجة للأزمة الأمريكية على دول النامية، فعندما يحدث ركود أو تباطؤ في الاقتصاد الأمريكي يقل الطلب على السلع التي تصدرها الدول النامية، كما يتوقع جلال أن تقوم الشركات الأمريكية العملاقة بسحب استثماراتها في الدول النامية، لتعويض خسائرها في الولاياتالمتحدة، الأمر الذي سيؤثر في اقتصاديات هذه الدول.
الأزمة ستؤثر حتى في الدول النفطية وكان رئيس الوزراء الليبي، البغدادي المحمودي قد أكد يوم أمس الأربعاء، خلال اجتماعه باللجنة العليا لمتابعة الأزمة العالمية، أن بلاده لم تتأثر من الأزمة المالية العالمية، وأكدت اللجنة أن 80% من استثمارات ليبيا في الخارج، موجودة على شكل سيولة وودائع، لم تتأثر بالأزمة، ولكن لا يمكن مقارنة بقية الاقتصاديات العربية بليبيا، التي كانت معزولة عن الاقتصاديات الغربية لفترة طويلة، وخاصة الاقتصاد الأمريكي، وبالرغم مما قاله المحمودي، إلا أن الاستثمارات الليبية في الخارج، ومعظمها في البنية التحتية للدول الإفريقية، ستتأثر بشدة إذا تأثرت هذه الدول بالأزمة، وهو ما يبدو مرجحا، ولكن لن يكون هناك تأثير للأزمة داخل ليبيا، التي تبدو أشبه بدولة من شرق أوروبا، بعيد انهيار الاتحاد السوفييتي. ووفقا لتحليل من البنك الإفريقي للتنمية فإن الدول المصدرة للنفط مثل الجزائر، ليبيا، نيجيريا، وأنغولا هي الأكثر عرضة للتأثر بالأزمة، بسبب توظيفاتها المالية في مؤسسات مالية غربية، وقد يكلف ذلك الجزائر جزءا كبيرا من دخلها لهذا العام، الذي وصل إلى 80 مليار دولار. تقرير: عمر الكدي 02-10-2008