جرجيس في 8 أكتوبر 2008 بسم االله حمادي الجبالي في ثورة غضب معرفتي بأخي حمادي الجبالي ترجع إلى ثلاثين سنة أو تزيد قليلا، و أشهد أني لم أره غاضبا بل قل غير مبتسم طيلة هذه المدة و لو مرة واحدة.. يلقاك بوجه طلق، يبادلك التحية بأحسن منها، يبادرك مستفسرا عمن معك أو من خلفك...تلقى منه ما يشجعك على المضي في الحديث معه في شتى المواضيع... و لعل جملة من هذا الخلق شجعت بعضهم على تصنيفه ضمن قائمة المعتدلين من قيادات الحركة بقطع النظر عن عزف هؤلاء على أوتار مهترئة لا تشنف أذنا و لا تطرب عقلا و لا روحا.. كان عهدي بأخي حمادي على ما ذكرت إلى أن كانت مكالمة البارحة.. و كان هذا الحديث بعد تبادل سريع عن أحوال عائلتينا: - أخي حمادي قرأت كلاما بل رأيا منسوبا إليك نقله أحد إخواننا الأعزاء في مقال نشر قبل أيام.. - و ما هو؟ قرأت ما أورده الأخ عمر النمري من أسماء وجوه بارزة من قيادات الحركة نسب إليها اعتبارها مسألة العودة مسألة خلافية و أنه لا يرى بأسا بعودة من يعود من أبناء الحركة إذا كان ذلك محفوظ الكرامة.. ثارت ثائرة الأخ حمادي: - ما اسم هذا الأخ؟ - إنه الدكتور عمر النمري - هذا الأخ لا أعرف من اسمه غير حروف الهجاء.. لم أره البتة، لم نتبادل كلمة واحدة عبر أي وسيلة اتصال.. فكيف يسمح لنفسه أن ينقل عني ما لم أقله البتة..أعطني رقم هاتفه؟؟ - ليس عندي رقم هاتفه.. - من فضلك ابحث لي عنه الآن، أريد أن أبلغه امتعاضي و سخطي عن حديثه باسمي و نقله عني ما لا يمكن أن أقوله.. - هل أفهم من هذا أنك لا ترى عودة محفوظة الكرامة للاجئينا الذين قضوا في ديار الغربة قرابة العشرين سنة بعيدا عن الأهل و الأحبة و الأقارب؟؟ - أولا أنا اعتبر أهلنا، أحبتنا، أقاربنا هم الذين نشترك معهم في حمل نفس الهم و الذين نذرنا أنفسنا معا على السير على هذا الدرب فمنا من قضى نحبه و منا من ينتظر سواء في ديار الغربة أو داخل البلد..أما العودة محفوظة الكرامة، فمسكينة هذه الكرامة التي لا تتعدى دخول المرء البلد ليزور أقاربه دما.. ليقضي أياما يتنعم بأشعة شمسنا و برمال شواطئنا و زرقة سمائنا كشأن أربعة ملايين سائح أو بضع عشرات من الآلاف من عمالنا بالخارج الذين يعودون كل ضيف... - لكن مسألة العودة مسألة خلافية؟ - نعم قد تختلف الآراء فيها...لكننا تعودنا أن هده المسائل يبقى للفرد حرية الاختيار منها إلى أن تحسم الحركة الأمر في مؤسساتها، و عندها يصدر الجميع عن رأي واحد.. - لكن الآن قد تكون مؤسسات الحركة تشكو ضعفا فلا تستطيع - اسمع أخي مؤسسات أي حركة قد تمر بفترات قوة و فترات ضعف - نعم - فترات القوة لا تبرر بأي وجه استبداد المؤسسة بالرأي و فترات الضعف لا تبرر للأعضاء التجني عليها و عدم الالتزام بمقرراتها.. هذا ما تعلمته.. - لكن ألا ترى أن الغربة قد طالت بما فيه كفاية؟ - إن كانت الغربة قد طالت فما نقول عن فترة السجن؟؟ - و أخوك النمري - أرجوك رقم هاتفه في أقرب وقت، لا بد أن تتضح الأمور، من غير المعقول بكل المقاييس أن يقولني ما لم أقله بل قولني ما أرفضه حرصا على مصلحة البلد و مصلحة الحركة و مصلحة الأفراد أيضا.. - معذرة أخي حمادي لم أسألك عن أخبارك و أخبار العائلة؟؟ - السيد محمد جلال سعد مدير معهد الفتيات الطاهر صفر بسوسة أطرد اليوم التلميذة سارة مخلوف من المعهد و عند ذهاب أمها إليه أجاب سيادته:" أنه لا يكلم الإرهابيين و عاد إلى مكتبه... - سألتك عن أخبارك، عن أخبار عائلته؟ - قد أجبتك. - نعود إن شاء الله إلى العودة؟؟ - نعود. - نلتقي إن شاء الله قريبا؟؟ - نعم نلتقي.. - إلى اللقاء إذن؟ - إلى اللقاء.. لكن - ماذا؟ - رقم الهاتف لا تنس!! - إن شاء الله يصلك حال التحصل عليه.. قد يكون من المفيد التذكير أن أخانا حمادي كان سنة 1981 موجودا بفرنسا و انطلقت الحملة على قيادة حركة الاتجاه الإسلامي و هو هناك ينعم بالحرية التي ينعم بها كثير من إخواننا في الغربة.. لم يكن ممن وقعت محاكمتهم فلم تتعلق به أحكام قضائية,.. وكان الواجب أن يعود إلى البلد ليواصل المسيرة و يرمم البناء و ينهض بأعباء كثيرة... لم يتردد لحظة في العودة، ترك هناك من ترك... و عاد... كان يستشعر أنه نذر نفسه لهذا العمل يوم جمعه القدر مع إخوانه ليخوضوا غمار معركة كدح متواصلة يدا بيد و جنبا لجنب... فكيف به و إخوانه في غياهب السجون؟؟ أيتلكأ؟؟ أتكون حريته أعز عليه من حرية إخوانه؟ أيمون أطفاله أفضل /ن أطفال إخوانه؟ أتكون زوجته أفضل من زوجات إخوانه؟؟ أتكون سلامته أفضل من سلامة إخوانه؟ كلا لم يكن التلكؤ من شيمه، و لم تكن حريته أعز عليه من حرية الشيخ عبدالفتاح بالأمس و لا حرية الأستاذ شورو اليوم و لم تكن أم سمية و صفاء و سندس أفضل من أم معاذ أو أم شروق أو أم أيمن.. و كما سمع و أطاع يوم رأى إخوانه وجوب مفارقته الأهل و الأحبة وهجرته.. سمع و أطاع يوم كانت العودة أوجب الواجبات... و في هذا عظة لمن يتعظ.... جرجيس في 8 أكتوبر 2008 عبدالله الزواري المصدربريد الفجرنيوز