سعيّد: "مأجورون وعملاء وخونة.. وهذا مكانهم".. #خبر_عاجل    سعيّد: "وزير سابق متحيّل يتحدّث عن المناولة وهو مطلوب للعدالة".. #خبر_عاجل    ميسي يقود إنتر ميامي لفوز مثير على بورتو في كأس العالم للأندية    كاس العالم للاندية : ريال مدريد يعلن خروج مبابي من المستشفى    100 يوم توريد... احتياطي تونس من العملة الصعبة ( 19 جوان)    عاجل: موسكو تتوعّد برد قاسٍ إذا استُخدمت أسلحة نووية ضد إيران    اتحاد الشغل يدعو إلى فتح جولة مفاوضات جديدة في القطاع العام والوظيفة العمومية    عبد المجيد العبدلي : الصواريخ الإيرانية أربكت إسرائيل وحيّرت أمريكا.. وما يحدث ليس حربًا بل عدوان مسلح    طقس الجمعة: أمطار بالشمال والوسط وارتفاع طفيف في درجات الحرارة    خامنئي: "العدو الصهيوني يتلقى عقابه الآن"    منظمة الأطباء الشبان تؤكد نجاح إضرابها الوطني ب5 أيام وتلوّح بالتصعيد    طقس اليوم: أمطار بهذه السواحل.. رياح والبحر مضطرب..    إيران: هاجمنا عاصمة إسرائيل السيبرانية    أول فريق يحجز بطاقة التأهل في كأس العالم للأندية    بوتافوغو يُلحق بباريس سان جيرمان هزيمة مفاجئة في كأس العالم للأندية    باريوس يقود أتليتيكو للفوز 3-1 على ساوندرز في كأس العالم للأندية    استقبال شعبي كبير في شارع بورقيبة لقافلة الصمود    بالفيديو: رئيس الجمهورية يشرف على اجتماع مجلس الوزراء...التفاصيل    الأوركسترا السيمفوني التونسي يحتفي بالموسيقى بمناسبة العيد العالمي للموسيقى    إيران تحبط مؤامرة اسرائيلية لاستهداف وزير الخارجية عباس عراقجي    إيران تطلق موجتين صاروخيتين جديدتين وارتفاع عدد المصابين بإسرائيل    كأس العالم للأندية: أتليتيكو مدريد يلتحق بكوكبة الصدارة..ترتيب المجموعة    موسم الحبوب: تجميع4.572 مليون قنطار إلى غاية 18 جوان 2025    شارع القناص ...فسحة العين والأذن يؤمّنها الهادي السنوسي .. الثقافة وهواة اللقمة الباردة : دعم ومدعوم وما بينهما معدوم.. وأهل الجود والكرم غارقون في «سابع نوم»!    خطبة الجمعة... ذكر الله في السراء والضراء    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    ملف الأسبوع...ثَمَرَةٌ مِنْ ثَمَرَاتِ تَدَبُّرِ القُرْآنِ الْكَرِيِمِ...وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ    رابع سبب للموت في العالم الخمول البدني يصيب 83 ٪ من التونسيين!    وفاة أول مذيعة طقس في العالم عن عمر يناهز 76 عاما    المنار.. بطاقات ايداع بالسجن لمتورطين في تحويل مركز تدليك لمحل دعارة    الاستثمارات الاجنبية المباشرة تزيد ب21 بالمائة في 2024 في تونس (تقرير أممي)    المنتخب التونسي أصاغر يحقق أول فوز في الدور الرئيسي لمونديال كرة اليد الشاطئية    راج أن السبب لدغة حشرة: فتح بحث تحقيقي في وفاة فتاة في جندوبة    أمام بالميراس...الأهلي المصري ينقاد للهزيمة الأولى في كأس العالم للأندية    أمطار أحيانا غزيرة ليل الخميس    إسناد المتحف العسكري الوطني بمنوبة علامة الجودة "مرحبا " لأول مرة في مجال المتاحف وقطاع الثقافة والتراث    صابر الرباعي في افتتاح الدورة 25 للمهرجان العربي للاذاعة والتلفزيون وكريم الثليبي في الاختتام وتنظيم معرض الاسبو للتكنولوجيا وندوات حوارية بالحمامات    الدولار يتخطّى حاجز 3 دنانير والدينار التونسي يواصل الصمود    بعد 9 سنوات.. شيرين تعود إلى لقاء جمهور "مهرجان موازين"    بوتين وشي: لا تسوية في الشرق الأوسط بالقوة وإدانة شديدة لتصرفات إسرائيل    انقطاع مياه الشرب عن نفزة المدينة ونفزة الغربية ونفزة الشرقية واستئناف تزويدها ليل الخميس بدءا من س 23    عاجل/ الخطوط البريطانية تُلغي جميع الرحلات الجوية الى اسرائيل حتى شهر نوفمبر    اطلاق بطاقات مسبقة الدفع بداية من 22 جوان 2025 لاستخلاص مآوي السيارات بمطار تونس قرطاج الدولي    الخطوط التونسية: تطور مؤشرات النشاط التجاري خلال أفريل وماي 2025    اتحاد الفلاحين ينظم، اليوم الخميس، النسخة الرابعة لسوق الفلاح التونسي    وزارة التجارة للتونسيين: فاتورة الشراء حقّك... والعقوبات تصل إلى 20 ألف دينار    وفاة 5 أعوان في حادث مرور: الحرس الوطني يكشف التفاصيل.. #خبر_عاجل    تحذير للسائقين.. مفاتيح سيارتك أخطر مما تعتقد: بؤرة خفية للجراثيم!    أزمة لقاحات السل في تونس: معهد باستور يكشف الأسباب ويُحذّر    لجنة الصحة تعقد جلسة استماع حول موضوع تسويق المنتجات الصحية عبر الانترنت    بداية من العاشرة صباحا: إنطلاق التسجيل للحصول على نتائج البكالوريا عبر الSMS    النوفيام 2025: أكثر من 33 ألف تلميذ في سباق نحو المعاهد النموذجية اليوم    عاجل: أمل جديد لمرضى البروستات في تونس: علاج دون جراحة في مستشفى عمومي    رئيس الجمهورية يؤكد ضرورة إعادة هيكلة عدد من المؤسّسات التي لا طائل من وجودها    بعد تعرضها للهجوم .. نجوم الفن المصري يدعمون هند صبري بأزمة "قافلة الصمود"    قافلة الصمود تُشعل الجدل: لماذا طُلب ترحيل هند صبري من مصر؟    عاجل : عطلة رأس السنة الهجرية 2025 رسميًا للتونسيين (الموعد والتفاصيل)    طواف الوداع: وداعٌ مهيب للحجيج في ختام مناسك الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سجل أيها التاريخ..أنا ابن عكا..! : د. صلاح عودة الله
نشر في الفجر نيوز يوم 16 - 10 - 2008

د. صلاح عودة الله-القدس المحتلة
"هنا..على صدوركم باقون كالجدار/نجوع نعْرى، نتحدى، نُنْشد الأشعار/ونملأ السجون كبرياء/ ونصنع الأطفال جيلاً ثائراً وراء جيل/ كأننا عشرون مستحيل/في اللد، والرملة، والجليل/ إنا هنا باقون../ فلتشربوا البحرا/ نحرس ظل التين والزيتون/ ونزرع الأفكار كالخمير في العجين/برودة الجليد في أعصابنا/ وفي قلوبنا جهنم حمرا/ إذا عطشنا نعصر الصخرا/ ونأكل التراب إن جعنا ولا نرحل/ وبالدم الزكي لا نبخل، لا نبخل/ هنا لنا ماض وحاضر ومستقبل/ كأننا عشرون مستحيل/ في اللد والرملة والجليل/ يا جذرنا الحي تشبّث/ واضربي في القاع يا أصول"..ألشاعر والمناضل الفلسطيني الراحل توفيق زياد. قبل البدء بالتطرق لما جرى من احداث في مدينة عكا لا بد من هذه المقدمة الموجزة: يقول المثل الروسي "ويل للخزف إذا وقع على الصخر، وويل له إذا وقع الصخر عليه"..! نتيجة لقسوة التاريخ, قسم الشعب الفلسطيني الى ثلاثة اجزاء, فأصبح كالمثلث باضلاعه الثلاثة: قاعدته سكان الضفة الغربية وغزة..وضلعه الأول هم فلسطينيو الشتات، بينما يشكل مواطنو" إسرائيل" الفلسطينيون، الضلع الثالث، الضلع الأقصر..وهم "المكوِّن" الأصغر، لكن ما من مثلث بدونهم..كما أنهم مختلفون لأنهم مواطنون في "إسرائيل"، مع كل المعاني الإيجابية والسلبية لذلك.
ألتسميات:ان التسميات معقدة، فذلك يقول "فلسطينيي 48" وآخر "عرب 48" أو "عرب الداخل"، أو "الجماهير العربية الفلسطينية في إسرائيل"، أو "الأقلية الفلسطينية في إسرائيل" رغم مأساوية تسمية أهل الوطن ب "الأقلية"،أو فلسطينيي الاحتلال الأول(حسب رأيي الشخصي اعتبرها افضل تسمية) ولكن بالإمكان التعايش مع هذه المصطلحات، أما "عرب إسرائيل"، فحقا انها تسمية قاسية ولا ترحم، فقد يكون لإسرائيل عرب، ولكنهم قلّة، وقلّة جدا جدا. ان أية محاولة للتحليل العلمي للظروف الموضوعية لفلسطينيي الداخل، بحكم كونهم مواطنين في دولة "اسرائيل"، لا بد ان تنطلق من بديهية كونهم لم يناضلوا يوماً ما من اجل قيام هذه الدولة" اسرائيل"، لم يهاجروا الى الدولة الجديدة كمعظم الأقليات القومية والاثنية في العالم، ولم يتنازلوا يوماً ما عن انتمائهم القومي لشعبهم الفلسطيني وامتهم العربية ولا عن حقهم الشرعي في وطنهم بدل الالتحاق بكيان استعماري عنصري اقيم على انقاض شعبهم. ان عملية تهجير هذا الجزء من ابناء شعبنا كانت وما تزال القضية الرئيسية التي تشغل بال القادة الصهاينة من"بن غوريون" الى القتيل "رحبعام زئيفي" وصولا الى العنصري الحاقد"ليبرمان" زعيم من يحملون فكرة الترحيل"الترانزفير"..فتصريحات وزيرة خارجية الكيان الصهيوني" تسيبي ليفني" والتي خلفت مؤخرا "اولمرت" في رئاسة حزب"كديما الصهيوني" تكشف عن مخطط صهيوني لتهجير فلسطيني 48 الى خارج حدود دولة ما يسمى "اسرائيل" للحفاظ على عرقيتها اليهودية التي اكد عليها الزعماء الصهاينة مرارا في الاونة الاخيرة..هذا وكانت ليفني قد صرحت في الأيام الأخيرة التي سبقت انعقاد مؤتمر" أنابوليس المشؤوم" بأن إقامة الدولة الفلسطينية لن تكون الحل القومي فقط للعرب في غزة والضفة الغربية، وليس فقط للاجئين الفلسطينيين، بل أيضاً لعرب إسرائيل (فلسطينيي الاحتلال الأول ). انه من الخطورة بمكان أن هذه التصريحات قد خرجت قبل مدة وجيزة على الاجتماع الدولي في أنابوليس مما يعطي إشارة واضحة إلى حجم الخطر الذي يتهدد قضية اللاجئين الفلسطينيين والقضاء على حق العودة. انه في الوقت الذي كان فيه شعبنا يعيش أجواء الذكرى الستين للنكبة وهو يتطلع للعودة، جاءت هذه التصريحات لتعطي إشارة لا لبس فيها على نوايا التطرف والعنصرية الصهيونية للبدء بعمليات تهجير جديدة لأهلنا في الأرض المحتلة عام 1948..إن التصريحات المكثفة التي خرجت من المسؤولين الصهاينة قبيل مؤتمر أنابوليس وبعده تريد التأكيد على (الخطوط الحمراء الصهيونية) والتي تلغي حق العودة في الوقت الذي يبدو فيه الطرف الفلسطيني المفاوض في أضعف حالاته ويلتزم الصمت إزاء كل هذا..!. لقد كان من غير المعقول على السلطة الفلسطينية أن تذهب إلى مؤتمر هذه مقدماته ونؤكد هنا بأن الخطر ما عاد يتهدد اللاجئين الفلسطينيين في الشتات وحسب، بل إن النوايا الصهيونية القديمة الجديدة لتفريغ أراضينا المحتلة عام 48 من سكانها باتت أكثر علانية ووضوحاً في ظل صعود اليمين الصهيوني والتيار الموسادي المخابراتي إلى مكاتب صنع القرار في الكيان الصهيوني..وقد طالبنا مرارا السيد محمود عباس بعدم المشاركة في هذا المؤتمر لأنه يأتي لتصفية ما تبقى من قضيتنا,الا أنه ذهب مع وفده المفاوض ضاربا بعرض الحائط كل هذه المطالبات..وما حصل بعد ذلك هو ارتكاب المجازر الصهيونية البشعة بحق ابناء شعبنا في قطاع غزة وبضوء اخضر من مجرم الحرب العالمي جورج بوش. كثيرة هي الأمثلة والسلوكيات التي تعري وتكشف نوايا الكيان الصهيوني في سعيه لتفريغ القدس والجزء المحتل عام 48 من سكانه واصحاب ارضه الأصليين, واكتفي بسرد بعضها: - في تشرين الأول من العام 2000، انطلق الفلسطينيون داخل "إسرائيل" في عدد من المظاهرات دعماً للانتفاضة التي كانت قد بدأت قبل ذلك بأسابيع قليلة في الأراضي المحتلة"انتفاضة الأقصى" والتي كانت زيارة"شارون" الى الأقصى المسبب الرئيس لاندلاعها, وقد حدث ذلك عندما كان "ايهود باراك" زعيم حزب العمل ووزير الحرب الحالي رئيسا للوزراء "الاسرائيلي".. فقامت القوات"الإسرائيلية" بقمع هذه المظاهرات بوحشية ما كانت لتستخدمها ضد متظاهرين يهود، فقتلت 13 مواطناً فلسطينياً وجرحت المئات. هذه الحوادث هي برهان على الشقاق السياسي بين السكان الفلسطينيين واليهود في دولة الاحتلال، وعلى الموقف العدائي أساساً لهذه الدولة تجاه المواطنين العرب..ومن المعروف أن القيادة"الاسرائيلية" بكافة اطيافها وكذلك الغالبية العظمى من اليهود متأكدين بأن المواطنين الفلسطينيين لا زالوا يشكلون خطرا على أمنهم وأمن دولتهم الاحتلالية، وهذا الموقف يمثل انعكاس للمواقف الرسمية الإسرائيلية التي باتت تنادي بدولة يهودية خالصة للشعب اليهودي، شعار يحمل في أحشائه مطالبة صريحة ببدء تنفيذ سياسة "الترانزفير" ضد المواطنين الفلسطينيين، حيث لم يعد "افيغدور ليبرمان" وحزب "إسرائيل بيتنا" الوحيدين المطالبين بتنفيذ هذا الشعار بل بات شعار دولة الاحتلال بكل أطيافها السياسية وبشكل علني. - في الرابع من آب 2005 قام مستعمر حاقد من اتباع العنصري القتيل "كهانا" وبدم بارد على ارتكاب مجزرة بحق المواطنين العزل في مدينة شفاعمرو الجليلية، عندما فتح النار بكثافة وعشوائية باتجاه ركاب حافلة كانت متوجهة الى المدينة ما اوقع اربعة شهداء و15 جريحا قبل ان يتمكن المواطنون من الانقضاض على القاتل ويتمكنوا من قتله. مجزرة شفا عمرو، حلقة جديدة في مسلسل الإرهاب اليهودي، الذي يضرب كالأفعى السامة، ثم يختبئ ليعود مجدداً.. وفي كل مرة بشكل جديد، والنتائج دائماً شلال من الدم الفلسطيني؛ الذي يقابل بحملة استنكارات إسرائيلية آنية، على المستوى الرسمي واليساري، المنددة بهذا الإرهاب، ليس الا. - في شهر تشرين ثاني من العام 2007 تعرضت قرية البقيعة في فلسطين المحتلة عام1948 لهجمة شرسة من قوات الشرطة الإسرائيلية ووحدات ما يسمى بحرس الحدود، الهدف المعلن اعتقالات لأشخاص قاموا بتخريب برج اتصالات خلوية لأثاره الصحية السيئة على سكان المنطقة، والخطوة هذه قام بها سكان البقيعة لرفض الجهات الرسمية التجاوب مع مطلبهم بإزالة هذا البرج، وقد كانت نتيجة هذا العدوان الشرطي صدامات عنيفة بين سكان القرية والشرطة سقط نتيجتها عشرات الجرحى واعتقل العشرات أيضاً، وانتهكت حُرمات البيوت ودنست أماكن مقدسة للطائفة الدرزية، وأظهرت أجهزة الأمن الإسرائيلية حقدها وعنصريتها في هذا العدوان بشكل لم يترك شك بان الأمر كان أكبر من عملية اعتقال شخص أو أكثر بقدر ما كان الهدف قمع وتهريب المواطنين العرب الفلسطينيين في الداخل المحتل. - وأما بالنسبة لمدينة القدس فالوضع متأزم وبشكل يومي..جباية الضرائب والحجز على الممتلكات..سن قوانين لسحب الهوية من المقادسة..هدم البيوت بحجة البناء غير المرخص..منع المصلين من الوصول الى المسجد الأقصى المبارك للصلاة فيه وأعمال الحفريات حوله وكذلك مداهمته المتواصلة من المستوطنين وتنجيسه, وغيرها من الممارسات والتي ما هي الا عبارة عن حلقة من سلسلة الممارسات والتي هدفها خنق المواطنين لاجبارهم على ترك المدينة المقدسة من أجل تفريغها من سكانها الفلسطينيين وفي النهاية تهويدها بالكامل. وبالعودة الى احداث مدينة "عكا" الأخيرة: من منا لايعرف عكا , انها اعظم مدن ساحل المتوسط , وهي المدينة العريقة والتي اكتسبت شهرتها التاريخية من صمود اهلها الدائم , هذا الصمود الذي توج بانكسار امبراطور فرنسا نابليون بونابرت على اسوارها لتمثل اعظم اسطورة صمود حقيقية لمدينة صغيرة مقابل جيش في اكثر مراحل غروره , وهي المدينة التي صمدت امام غزوات الصليبين قرونا, محافظة على عروبتها. في مساء يوم ما يعرف بعيد الغفران عند اليهود هاجم عشرات المستوطنين في مدينة عكا سيارة مواطن فلسطيني لدخوله الحي الشرقي من المدينة لزيارة أقارب له هناك، وسبب اعتداء المستوطنين يعيدونه لكون المواطن الفلسطيني انتهك حرمة عيد الغفران كونه في هذا العيد لا يتحرك اليهود في مركباتهم، وبعد هذا الحادث توسعت المواجهات بين اليهود والمواطنين العرب، وقام المستوطنين اليهود بمحاصرة العائلات العربية وضربهم بالحجارة مما أدى لسقوط عدد من الجرحى وتحطيم عدد من السيارات والمحال التجارية.ويأتي هذا الحادث ليظهر الطبيعة العنصرية لهذه الدولة الاحتلالية ومؤسساتها ومستوطنيها، فعندما يتعلق الأمر باليهود وشعائرهم الدينية يصبح الالتزام والحفاظ عليها مطلوب من الجميع بمن فيهم المواطنين الفلسطينيين، أما عندما يتعلق الأمر بالمسلمين وشعائرهم الدينية وأماكنهم المقدسة فيصبح لدولة الاحتلال معايير وسياسية مختلفة تنم عن عنصرية فجه تجاه ما هو غير يهودي. وما أن اندلعت المواجهات بين الفلسطينيين واليهود في مدينة عكا إلا وظهرت مواقف العنصرية للجهات الرسمية والشعبية اليهودية في المدينة وغيرها، فمصادر في بلدية عكا سارعت لإتهام جهات إسلامية متطرفة على حد تعبيرها بالوقوف والتحريض على هذه الأحداث، والسبب لمثل هذا الموقف هو رفع وتيرة التحريض على المواطنين الفلسطينيين في الشارع اليهودي داخل مدينة عكا وخارجها، ولخلق مزيد من المبررات للقمع الشُرطي والأمني للفلسطينيين في مدينة عكا وغيرها. عكا وأهل عكا تحت عدوان صهيوني لعين منذ عام 1948، وهم يعانون الاغتراب والاضطهاد والاستغلال والإذلال وهم على أرض وطنهم، ينازعهم الصهاينة الأرض وأمجاد عكا وبيوتها وقناطرها وتاريخها المشرف العظيم..عكا تحت الاحتلال كما هي نابلس وغزة والخليل وجنين، وهي لا تسلم لا في الليل ولا في النهار من إجراءات الصهاينة القمعية والتعسفية، ولا من سياسات المحاصرة والإنهاك والإلغاء والتضييق..وعكا صامدة كما هو صمود كل المدن والقرى والضيعات والمخيمات الفلسطينية. إنها وأهلها جزء لا يتجزأ من فلسطين، وهي الأصل، وهي التاج المرجاني على رؤوس أهل فلسطين.
ان اعتداء الصهاينة على أهل عكا هو بمثابة تأكيد على أنهم الغرباء الذين لا حق لهم بالتواجد على أرض فلسطين..صهاينة يريدون فلسطين خالصة لهم، ولا ينفكون يلاحقون الفلسطينيين حيثما وجدوا حتى لا يكون لهم ذكر وينساهم التاريخ، ولا تعود أمة تخلدهم في ذكريات ماضيها. قاموا بالاعتداء على جمهور الناس لا لسبب إلا لأنهم فلسطينيون، لأنهم أصحاب الأرض، وأهل البيت. ولم يستكن أهل عكا، ولم يجبنوا، بل هبوا هبة شجاعة فيها عنفوان وبأس دفاعا عن أنفسهم وعن وجودهم.
أهل عكا ليسوا عرب إسرائيل، وخسئ كل من أطلق ضدهم هذا الاسم..أهل عكا هم العرب الفلسطينيون الذين جبلوا الأرض بدمائهم وعرقهم، والذين صمدوا عبر التاريخ أمام الغزاة الطامعين، وردوهم مندحرين. أهل عكا ومعهم كل العرب الفلسطينيين في فلسطين المحتلة عام 48 هم حراس الوطن، وهم الأمناء على عروبته وقدسيته ومقدساته. ستون عاما من الاحتلال المذل لم تنل من عزيمة أهل عكا، ولا من إصرارهم على عروبتهم وعروبة مدينتهم، وهم يؤكدون أصالتهم التي هي عنوان بقائهم. هناك مَثَل قديم قدم هذه المدينة التاريخية، التي اندحر أمام صمودها وصمود أهلها"نابليون بونابرت" الذي وصل بجيوشه الى مشارف موسكو، يقول"عكا لا تخشى هدير البحر"، وحقيقة ان أمواج الحقد الإسرائيلي بقيت ترتطم بصمود مدينة"أحمد باشا الجزّار" وتعود متكسرة وخائبة، كما بقيت ترتطم أمواج البحر الأبيض بأسوارها المنيعة وترتد عنها منذ بدء الخليقة وحتى الآن. منذ عام 1948 وأهل عكا ممنوع عليهم ترميم منازلهم القديمة، وممنوع عليهم بناء منازل جديدة، لقد تهدمت الجدران فوق رؤوسهم، لكنهم بقوا صامدين يواجهون ضغط الإسرائيليين، الذين أكثر ما يخيفهم ان تُكتشف حقيقة كذبة"أرض بلا شعب لشعب بلا أرض"، بتلك الصرخة التاريخية القائلة"إن عكا لا تخشى هدير البحر"، وإننا هاهنا باقون وإن هذه المدينة مر عليها غزاة كثيرون كلهم غادروها مهزومين وأكلهم النسيان، بينما بقيت هي صامدة تغسل جدائلها الكنعانية التي تشبه قطيع ماعزعلى جبال جلعاد بأمواج البحر الأبيض المتوسط الفضية.
قبل فترة قال ايهود إيهود أولمرت متحسراً"إن الإسرائيليين خسروا حلمهم التاريخي"، وحقيقة ان ما جرى في عكا في يوم غفرانهم وبعد ذلك، وتحول المستوطنين الى دويلات قَتَلة ومجرمين داخل"الدولة الإسرائيلية"، يثبت فعلاً ان هذا الحلم اليهودي بات يتبدد وأنه اقترب من النهاية. لم تفاجئنا الهبة الجماهيرية التي أقدم عليها شعبنا وأهلنا في مدينة عكا المحتلة، فقد كانت المواجهة مع الصهاينة رسالة قوية للاحتلال الصهيوني أن الشعب الفلسطيني في أرضه المحتلة عام 48 قابض على جمرة الوطن وأنه لن يتنازل عن حقوقه وثوابته، ولن يقبل أن تُهان كرامته مهما طال احتلاله ومورس ضده التجهيل ومحاولة تهجينه ليكون في خدمة الشعب اليهودي الصهيوني ، فأهلنا في عكا الذين استعصوا على نابليون الذي لم يفلح في محاصرة المدينة وعاد أدراجه دون أن يحقق أهدافه , كرروا هذه الأسطورة البطولية ضد المحتل الصهيوني الذي أراد أن يمررعليهم طقوسه فيما يسمى عيد الغفران.. فالمضحك في الموضوع أن مجرد ركوب فلسطيني لسيارته في عكا يعتبر إثارة لغضب الصهاينة لمخالفته عيدهم المزعوم، ليهاجموه ويعتدوا عليه بالضرب المبرح ما أدى إلى تداعي أهل عكا لحمايته وانتفضوا على اليهود الصهاينة لتبدأ المواجهات العنيفة..وأما الأمرالمبكي أن اليهود غاروا على طقوسهم التي لا أصل لها في حين أن أمتنا الإسلامية والعربية لم تثرها الممارسات الصهيونية العدوانية المتكررة تجاه المسجد الأقصى المبارك الذي وصل بهم الحد إلى تدنيسه بشتى الوسائل..فمتى الصحوة يا أمة المليار ونصف المليار؟. وه
ا هي عكا اليوم تقف منفردة ووحيدة امام قطعان الحقد الصهيوني الأكثرعنصرية في تاريخ البشرية..تقف وحيدة والأمة في اصعب مراحل هزيمتها وانكسارها , بل وانحنائها امام اتفه امم الأرض , وما كان هذا ليكون لولا انصراف هذا الشعب عن اصلاح امره وتسليم قيادته لمجوعة من البلهاء ركبوا على اكتاف الأمة في ليلة حالكة الظلام, وتشبثوا بهذا المركب وكأنهم قدرنا الذي لاخلاص لنا منه, وهم مابين عاهر وداعر وسارق ومجنون وخائن وبليد وديوث وظالم , ثم يطلب منا ان نترك اهل عكا وكل فلسطين وكل العراق للمحتل الغاصب وان نستبدل بدلا منهم صورهؤلاء الحكام اللصوص اوثانا تعبد وتمجد , وهم اتفه من ان يكونوا مجرد ماسحي احذية , واعلي تسجيل اعتذاري لماسحي الاحذية عن هذه الاهانة الشديدة..!, وان من يترك هذا الشعب العظيم لقدره وتتحول اذاعاته الى طبل وزمر ومضافة لكل الساقطات , في الوقت الذي تمتهن فيه كرامة الناس في اوطاننا, فان هذا هو نهاية السقوط لهذا الشعب الذي ركن الى هؤلاء الزمر الساقطة واني ومع حبي الكبير والعظيم لأهل عكا والقدس وكل فلسطين وشعبها وكل المقهورين في العالم فاني اعتذر لكم وليس في يدي عذرعن هؤلاء الحكام المهانين , فمن يقبل المهانة لشعبه فانه ساقط..ساقط..!.
أخذنا الحديث عن وحدة الشعب الفلسطيني بعيدا، وتاهت بنا آلامه وآماله إلى أن برزت عكا ماثلة أمامنا تنطق بالمأساة المرة التي يعيشها الشعب الفلسطيني في كل مكان، ونبهتنا إلى أن وحدة الشعب الفلسطيني أكبر من حماس وفتح، وأعظم من الضفة الغربية وقطاع غزة..أسهب فلسطينيو الضفة والقطاع في الحديث عن جمع شقي الوطن متناسين أن للوطن شقوقا أخرى تأبى أن تبقى خارج الوطن.
"لا تمت قبل ان تكون ندا"..مقولة قالها الشهيد البطل غسان كنفاني, وفعلا شعبنا لن يموت ابدا..وكما قال الشاعر الفلسطيني الراحل راشد حسين:سنفهم الصخر ان لم يفهم البشر**ان الشعوب اذا هبت ستنتصر..ومهما صنعتم من النيران نخمدها**الم تروا اننا من لفحها سمر..ولو قضيتم على الثوار كلهم**تمرد الشيخ والعكاز والحجر..!.
د. صلاح عودة الله-القدس المحتلة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.