و أنت على بعد نصف كيلومتر من وسط مدينة صفاقس و في اتجاه طريق منزل شاكر تعترضك لوحة كتب عليها "المعهد التحضيري للدراسات الهندسية بصفاقس" فتتقدم خطوات لتجد نفسك أمام بناية تجمع أمامها عدد كبير من الشبان و الشابات و قد ازدحم بهم الطريق. لكن سرعان ما تأخذك الدهشة والحيرة هل أنت فعلا أمام معهد عال يؤمه يوميا مئات الطلبة وعشرات الأساتذة الجامعيين؟ فالحالة هنا يرثى لها. الطريق والساحة التي توجد أمام الكلية مليئتان بالحفر، والأخاديد في اتساع سريع يشتكي منها أصحاب السيارات والدراجات النارية، هذا فضلا عن أكوام الزبالة المكدسة و المياه الراكدة والآسنة التي تبعث روائح لا تطاق... كان الأمل يحدونا أن الوضع ربما يكون أفضل داخل المعهد حيث يجد الطلبة والمدرسون الظروف الملائمة للعمل والاجتهاد. لكن مع الأسف كان الوضع في الشارع أفضل من حرم المعهد فسرعان ما يصم أذنيك و أنت تلج المعهد أزيز المحركات والآلات و الأصوات المتأتية من حضيرة البناء حيث يشهد المعهد أشغالا تنغص الأجواء الدراسية، سواء على المدرسين أو الطلبة، وتجعلهم يجدون صعوبة في التركيز داخل القاعات أثناء الدرس متسائلين في حسرة: أما كان الأجدر أن تكون هذه الأشغال خلال عطلة الصيف؟ ومما زاد الأمر صعوبة وتحملا للمشاق التي تثقل كاهل الطلبة أن ساحة المعهد التحضيري لم تكن ممتدة الأطراف حتى يتمكن الطالب من الفرار بجلده من صخب"المرمة" إلى إحدى نواحيها، بل هي لا تتسع لطلبتها فتراها تقذف بهم إلى الشارع خاصة في غياب قاعة مراجعة في مستوى عدد الطلبة وعدم وجود مشرب يتنفس فيه هؤلاء الصعداء و يبددون به شيئا من قلقهم و ضجرهم. لا يصعب على المرء منذ سنوات أن يلاحظ أن البناءات المدرسية والثانوية والجامعية تشكو قلة الصيانة وأن أغلبها لم يعد يصلح بتاتا أن يكون مؤسسة تربوية و جامعية لا على المستوى المعماري و لا على مستوى التجهيزات. فهل تخلت وزارتا التربية و التكوين والتعليم العالي عن هذا الدور المنوط بعهدتهما؟ ياسين شريطي
الجمعة 11 جانفي - كانون الثاني 2008 بقلم : ياسين شريطي المصدر: