rnw الفجرنيوز: لم يتحفظ الشارع العربي في الترحيب بفوز باراك أوباما بالانتخابات الرئاسية الأمريكية، ليس فقط لأنه من أصول إفريقية، ولأن جذوره إسلامية، فوالده المسلم يسمى حسين أوباما، أما اسمه الأول باراك، فهو اسم شائع في اللغة السواحيلية شقيقة اللغة العربية، ويعني مبارك أو مبروك، ولكن لأن الشارع العربي كره جورج بوش كما لم يكره أي رئيس أمريكي آخر، بينما أطلق عدة مواطنين كويتيين اسم جورج بوش على أبنائهم، عام 1991 عندما حرر جورج بوش الأب الكويت من الاحتلال العراقي. ويمكن القول أن الناخب الأمريكي منح أوباما تفويضا كاملا بالتغيير في أمريكا، سواء في سياساتها الاقتصادية السابقة، التي تسببت في كارثة لا أحد يعلم عواقبها حتى الآن، وأيضا في سياساتها الخارجية، التي جعلت أمريكا مكروهة ليس فقط في الشرق الأوسط، وإنما في معظم العالم، أما ردود الفعل الدولية على فوز أوباما، فقد منحه تفويضا عالميا بالتغيير أيضا.
ثبات السياسة الأمريكية الخارجية وكانت معظم الدول العربية قد أعربت عن ترحيبها بفوز أوباما، كما عبرت في برقيات التهنئة عن رغبتها في التعاون مع الرئيس الأمريكي الجديد، بما في ذلك الدول التي شهدت توترا في علاقاتها مع الولاياتالمتحدة، مثل سورية والسودان، ولكنها طالبت الرئيس الجديد بتغيير السياسة الأمريكية في المنطقة، بينما طالبت السلطة الفلسطينية بتسريع الجهود لتسوية النزاع بين الفلسطينيين وإسرائيل، وهو ما فشلت فيه على نحو ذريع إدارة الرئيس بوش، بالرغم من الجولة الجديدة لوزيرة الخارجية الأمريكية في المنطقة، أما العراق وإيران اللذان احتلا أكبر مساحة في المناظرات الانتخابية بعد الأزمة المالية، فقد شككا في إمكانية تغيير السياسة الأمريكية بين ليلة وضحاها، وفقا لتصريحات وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري، الذي قال إن "فك الارتباط مع العراق لن يتم في وقت سريع". بينما قال مسئولون عراقيون آخرون أن المفاوضات حول وضع القوات الأمريكية في العراق لن تتأثر بنتيجة الانتخابات، أما في إيران التي رحبت بحذر بفوز أوباما، فقد اعتبر وزير خارجيتها منوشهر متكي، فوز أوباما بأنه "مؤشر واضح على أن شعب ذلك البلد يطالب بتغييرات أساسية في السياسة الخارجية والسياسة الداخلية."
قلق في صفوف حلفاء أمريكا وبالرغم من قلق الدول العربية الحليفة لأمريكا مثل دول الخليج، مصر، الأردن، تونس، والمغرب، من أن يؤدي وصول أوباما إلى البيت الأبيض إلى تغيير كامل في النظرة الأمريكية التقليدية للشرق الأوسط، وشمال إفريقيا، تجعلها تضغط من أجل تنفيذ اصلاحات داخلية، أو أن تربط بين المعونات والإصلاحات الديمقراطية، كما طالبت بذلك المعارضة المصرية، إلا أن الحكومات تراهن على أن التحديات التي ستواجه أوباما، ستجعله عاجلا أم آجلا يتغاضى عن هذه الشروط، وخاصة أن الأزمة المالية هي أول القضايا الملحة التي ستواجه أوباما، وهو في هذا الصدد بحاجة ماسة للأموال الخليجية، كما أن التحدي الإيراني سيكون في مقدمة أولويات السياسة الخارجية الأمريكية، والتي يحتاج فيها أوباما إلى تعاون كامل من أصدقاء أمريكا في المنطقة، ويرى العديد من الخبراء أن أوباما سيسحب القوات الأمريكية من العراق، ولكن بطريقة "مسئولة وغير متسرعة"، مما يطلق يديه للتصرف مع إيران سلميا أو عسكريا، قبل أن تصل إلى صنع السلاح النووي. بينما يرى الخبراء أن سياسته ستكون أوضح فيما يخص النزاع العربي الإسرائيلي، ويتوقعون أنه سيتبنى المبادرة العربية للسلام، كما أنه سيرعى مفاوضات سورية إسرائيلية، ليحقق إنجازا مزدوجا في قضية الشرق الأوسط، وأيضا لحلحلة العقدة الإيرانية بإبعاد سورية عن حليفتها القديمة، خاصة وأن السعودية التي أطلقت المبادرة العربية للسلام، تستعد الأسبوع المقبل لإطلاق مؤتمر حوار الأديان والثقافات، برعاية الأممالمتحدة في نيويورك، بحضور الرئيس الإسرائيلي، شمعون بيريس، ووزيرة الخارجية تسبني ليفني، وهو الحوار الذي لن يمانع أوباما في تبنيه ودعمه. كما يرى الخبراء أن التركة الثقيلة التي تركها بوش لن تمكن أوباما من تحقيق إنجازات حقيقية في النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، على الأقل في العامين الأولين من ولايته الأولى. ترحيب متفاوت من المعارضة العربية وبالرغم من ترحيب المعارضة المصرية بكل أطيافه بفوز أوباما، وأنه سيؤدي إلى تغيير في سياسة أمريكا في المنطقة، وخاصة إذا طبق برنامجه الانتخابي، المتمثل في الانسحاب من العراق، وعدم دعم الأنظمة المستبدة، إلا أن حزب الله يشكك في حدوث أي تغيير في سياسة أمريكا الخارجية، بينما دعت حركة حماس أوباما إلى استخلاص الدروس والعبر من سياسات بوش الخاطئة في المنطقة، بينما قال المتحدث باسم الخارجية السودانية، علي الصادق "لا نتوقع أي تغيير بسبب تجربتنا السابقة مع الديمقراطيين، حين يتعلق الأمر بالسياسة الخارجية لا اختلاف بين الجمهوريين والديمقراطيين." أما الانقلابيون في موريتانيا فقد التزموا الصمت، ربما لأنهم أحسوا أن أوباما لن يعترف بانقلابهم، وكذلك فعلت ليبيا، بسبب وجود العقيد القذافي في أوكرانيا، والذي استبق نتائج الانتخابات عندما كان في بيلاروسيا، وهاجم الولاياتالمتحدة، داعيا في حضور الرئيس الرئيس لوكاشينكو، الذي يوصف بأنه آخر دكتاتور في أوروبا، إلى تشكيل تحالف من "الدول التقدمية" لمواجهة الولاياتالمتحدة، ويبدو أن القذافي فضل منذ أن قرر عدم الانضمام إلى الاتحاد المتوسطي، المراهنة على الأقطاب الجدد الذين سيزاحمون أمريكا على العالم، وفي مقدمتهم روسيا، حيث لا أحد يطالب بإجراء إصلاحات داخلية ولا خارجية.
لا وجود لمعارضة قوية وفي مكالمة مع إذاعة هولندا العالمية، قال الدكتور ضياء رشوان، الباحث في مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية: "أتفق أولا مع كل من فرحوا حول العالم بفوز باراك أوباما، ولكن ليس بدون تحفظ، ولا أتفق مع ما يقوله بعض المعارضة المصرية، من انه سوف يربط بين المعونة الأمريكية، والممارسة الديمقراطية في مصر، وفي تقديري فإن براك أوباما يأتي بتصور عن العالم مختلف عن تصور جورج بوش، وسيسعى أوباما لتحقيق سياسة خارجية نشطة، مهمتها الرئيسية هي إطفاء الحرائق التي أشعلها بوش، والاحتفاظ بقدر من المصالح الأمريكية في كل مكان، مع مراعاة أن لا يصل هذا الاحتفاظ إلى صدام مع قوى دولية رئيسية، وبالتالي ليس في أجندة أوباما هذا الحديث عن الديمقراطية، ولكن انتخابه بعث الأمل في شعوب العالم في أنه يمكن التغيير، ولكن هل سيترتب على هذا سياسة أمريكية لدعم معارضي النظم غير الديمقراطية، أعتقد أن هذا الأمر بعيد عن الصحة، وأن المراهنة عليه من بعض القوى السياسية المصرية أيضا مراهنة غير دقيقة، وفي الأصل يجب أن يبدأ الأمر بوجود معارضة قوية، حتى يمكن لأي طرف دولي أن يؤيدها، والحال ليس هكذا في مصر حتى هذه اللحظة." تقرير: عمر الكدي 06-11-2008