بيان للهيئة الوطنية للمحامين حول واقعة تعذيب تلميذ بسجن بنزرت    لاليغا الاسبانية.. سيناريوهات تتويج ريال مدريد باللقب على حساب برشلونة    معرض تونس الدولي للكتاب: الناشرون العرب يشيدون بثقافة الجمهور التونسي رغم التحديات الاقتصادية    كأس تونس لكرة اليد : الترجي يُقصي الإفريقي ويتأهل للنهائي    الاتحاد المنستيري يضمن التأهل إلى المرحلة الختامية من بطولة BAL بعد فوزه على نادي مدينة داكار    بورصة تونس تحتل المرتبة الثانية عربيا من حيث الأداء بنسبة 10.25 بالمائة    الأنور المرزوقي ينقل كلمة بودربالة في اجتماع الاتحاد البرلماني العربي .. تنديد بجرائم الاحتلال ودعوة الى تحرّك عربي موحد    اليوم آخر أجل لخلاص معلوم الجولان    الإسناد اليمني لا يتخلّى عن فلسطين ... صاروخ بالستي يشلّ مطار بن غوريون    الرابطة الثانية (الجولة العاشرة إيابا)    البطولة العربية لألعاب القوى للأكابر والكبريات: 3 ذهبيات جديدة للمشاركة التونسية في اليوم الختامي    مع الشروق : كتبت لهم في المهد شهادة الأبطال !    رئيس اتحاد الناشرين التونسيين.. إقبال محترم على معرض الكتاب    حجز أجهزة إتصال تستعمل للغش في الإمتحانات بحوزة أجنبي حاول إجتياز الحدود البرية خلسة..    بايرن ميونيخ يتوج ببطولة المانيا بعد تعادل ليفركوزن مع فرايبورغ    متابعة للوضع الجوي لهذه الليلة: أمطار بهذه المناطق..#خبر_عاجل    عاجل/ بعد تداول صور تعرض سجين الى التعذيب: وزارة العدل تكشف وتوضح..    قطع زيارته لترامب.. نقل الرئيس الصربي لمستشفى عسكري    معرض تونس الدولي للكتاب يوضّح بخصوص إلزام الناشرين غير التونسيين بإرجاع الكتب عبر المسالك الديوانية    الملاسين وسيدي حسين.. إيقاف 3 مطلوبين في قضايا حق عام    إحباط هجوم بالمتفجرات على حفل ليدي غاغا'المليوني'    قابس.. حوالي 62 ألف رأس غنم لعيد الأضحى    أهم الأحداث الوطنية في تونس خلال شهر أفريل 2025    الكاف: انطلاق موسم حصاد الأعلاف مطلع الأسبوع القادم وسط توقّعات بتحقيق صابة وفيرة وذات جودة    نهاية عصر البن: قهوة اصطناعية تغزو الأسواق    حجز عملة أجنبية مدلسة بحوزة شخص ببن عروس    الصالون المتوسطي للبناء "ميديبات 2025": فرصة لدعم الشراكة والانفتاح على التكنولوجيات الحديثة والمستدامة    انتفاخ إصبع القدم الكبير...أسباب عديدة وبعضها خطير    هام/ بالأرقام..هذا عدد السيارات التي تم ترويجها في تونس خلال الثلاثي الأول من 2025..    إلى أواخر أفريل 2025: رفع أكثر من 36 ألف مخالفة اقتصادية وحجز 1575 طنا من المواد الغذائية..    الفول الأخضر: لن تتوقّع فوائده    مبادرة تشريعية تتعلق بإحداث صندوق رعاية كبار السن    تونس في معرض "سيال" كندا الدولي للإبتكار الغذائي: المنتوجات المحلية تغزو أمريكا الشمالية    إحباط عمليات تهريب بضاعة مجهولة المصدر قيمتها 120 ألف دينار في غار الماء وطبرقة.    تسجيل ثالث حالة وفاة لحادث عقارب    إذاعة المنستير تنعى الإذاعي الراحل البُخاري بن صالح    زلزالان بقوة 5.4 يضربان هذه المنطقة..#خبر_عاجل    النفيضة: حجز كميات من العلف الفاسد وإصدار 9 بطاقات إيداع بالسجن    تنبيه/ انقطاع التيار الكهربائي اليوم بهذه الولايات..#خبر_عاجل    برنامج مباريات اليوم والنقل التلفزي    هام/ توفر أكثر من 90 ألف خروف لعيد الاضحى بهذه الولاية..    خطير/كانا يعتزمان تهريبها إلى دولة مجاورة: إيقاف امرأة وابنها بحوزتهما أدوية مدعمة..    الدورة الاولى لصالون المرضى يومي 16 و17 ماي بقصر المؤتمرات بتونس العاصمة    أريانة: القبض على تلميذين يسرقان الأسلاك النحاسية من مؤسسة تربوية    بطولة فرنسا - باريس يخسر من ستراسبورغ مع استمرار احتفالات تتويجه باللقب    سوسة: الإعلامي البخاري بن صالح في ذمة الله    لبلبة تكشف تفاصيل الحالة الصحية للفنان عادل إمام    بعد هجومه العنيف والمفاجئ على حكومتها وكيله لها اتهامات خطيرة.. قطر ترد بقوة على نتنياهو    ترامب ينشر صورة له وهو يرتدي زي البابا ..    كارول سماحة تنعي زوجها بكلمات مؤثرة    هند صبري: ''أخيرا إنتهى شهر أفريل''    قبل عيد الأضحى: وزارة الفلاحة تحذّر من أمراض تهدد الأضاحي وتصدر هذه التوصيات    صُدفة.. اكتشاف أثري خلال أشغال بناء مستشفى بهذه الجهة    تونس: مواطنة أوروبية تعلن إسلامها بمكتب سماحة مفتي الجمهورية    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حوار صحفي مع الكاتب والسياسي الجزائري السيد جمال الدين حبيبي:حاوره الحبيب لعماري
نشر في الفجر نيوز يوم 13 - 11 - 2008


حاوره عن الفجرنيوز:الحبيب لعماري
الفجرنيوز:قبل أن نبدأ الحوار السيد جمال الدين حبيبي هل من تقديم لشخصكم لقراء صحيفة الفجرنيوز ؟
جمال الدين حبيبي:إنني من مواليد 1944 بجبال بني شقران المجاهدة بمعسكر عاصمة الأمير عبد القادر، ومن اسرة ثورية أنجبت والحمد لله والدي القائد الثوري سي الميلود حبيبي، المناضل والمسؤول في الحركة الوطنية، كما انني حظيت بشرف الجهاد في سبيل استقلال الجزائر الى جانب والدي رحمه الله وأخي الأكبر الصادق حبيبي ضابط جيش التحرير الوطني، وبعد الاستقلال التحقت بالحقل السياسي، وكنت من الأوائل الذين أسسوا أحزابا معارضة في نوفمبر 1989 فحزب الوحدة الشعبية الذي اسسته كان يجسد حلمي الكبير الذي رافقني منذ 1962 تاريخ استقلال الجزائر، وكان ثمرة لنضالي ضد الحكم البوليسي خاصة على عهد الرئيس أحمد بن بلة، وضد التفرد بالحكم على عهد الرئيس الراحل هواري بومدين، وضد الفساد الذي عشش في البلاد بعد ذلك، وجراء جرأة برنامج حزب الوحدة الشعبية، لم تجد السلطات من سبيل لإسكات صوته الحر سوى حلّ الحزب وتوقيف صدور جريدتيه «السبيل» باللغة الفرنسية، و«المسيرة»باللغة العربية في سنة 1990.
كما أنني شغلت عدة وظائف من بينها عضو المنظمة الوطنية للمجاهدين، ورئيس لجنة الاعتراف بالعضوية في جيش التحرير وجبهة التحرير الوطني، وهي اللجنة التي استقلت منها احتجاجا على محاولات التزييف والتزوير التي أرادت جهات عدة القيام بها. ورفضت العديد من المناصب إلى غاية سنة 1994 التي قبلت فيها تعييني من قبل الرئيس ليامين زروال بالمجلس الوطني الانتقالي، وبعدها عينني الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في مجلس الأمة وانتخبت رئيسا للمجموعة البرلمانية للثلث الرئاسي، وكالعادة غادرت مجلس الأمة جراء خلافات كبيرة بيني وبين الرئيس بوتفليقة.
الفجرنيوز:انتم عايشتم مراحل عديدة من عمر الساحة الجزائرية على جميع الأصعدة
لو طلبنا منكم و صف مختصر للمراحل الأتي ذكرها؟
الرئيس : بومدين
الرئيس :بن جديد
الرئيس : بوضياف
الرئيس :زروال
الرئيس : بوتفليقة
جمال الدين حبيبي:الرئيس بومدين عرفته شخصيا في سنة 1959 بمركز الثورة الجزائرية بن مهيدي بمدينة وجدة المغربية، وفهمت آنذاك أنه كان رفقة جماعته يخططون بالأساس للاستيلاء على السلطة مباشرة بعد الاستقلال، وهو ما حصل فعلا.لكن حتى بومدين رحمه الله كان في النهاية ضحية لحزب فرنسا وأذنابه في الجزائر.
الرئيس الشاذلي بن جديد: هو أب الديموقراطية في الجزائر أحب من أحب وكره من كره، رجل صادق يكره المؤامرات والانقلابات، وهو ما سهّل عملية الانقلاب عليه والإطاحة به، لسبب بسيط يتمثل في كون بن جديد لم يهيئ الظروف للانتقال من عهد الواحدية إلى فضاء التعددية السياسية، وهو بذلك أوجد الأسباب الموضوعية لتفجير الديموقراطية والانقلاب عليها.
الرئيس الشاذلي بن جديد: هو أب الديموقراطية في الجزائر أحب من أحب وكره من كره، رجل صادق يكره المؤامرات والانقلابات، وهو ما سهّل عملية الانقلاب عليه والإطاحة به، لسبب بسيط يتمثل في كون بن جديد لم يهيئ الظروف للانتقال من عهد الواحدية إلى فضاء التعددية السياسية، وهو بذلك أوجد الأسباب الموضوعية لتفجير الديموقراطية والانقلاب عليها.
الرئيس بوضياف: بمجرد أن تولى رئاسة المجلس الأعلى للدولة بعث إليه برسالة قلت له فيها بأنه غاب فترة كبيرة عن الجزائر، وهو بذلك غير مطلع على تفاصيل الأزمة، وأنه من الأجدر أن يغلق معتقلات العار التي وافق على فتحها ونفي آلاف الجزائريين إليها، وكان ردّ فعله أن وضعني في قائمة المؤهلين للنفي إلى أحد هذه المعتقلات، ولولا وجودي خارج الجزائر بغرض العلاج لكنت قد اعتقلت والتحقت بقافلة المنفيين عن وطنهم داخل وطنهم، وشخصيا لا يمكنني أن أقيم فترة حكمه لأنها كانت قصيرة للغاية، كما أنه رحمه الله تحول إلى ضحية تاريخية، بعدما اغتيل على المباشر وأمام مرأى العالم أجمع.
الرئيس زروال:إنه رجل الحوار بامتياز، كان كثير الاستماع لمحيطه وحتى لمناوئيه، وقد اقترحت عليه إنشاء مجلس الأمة
واستجاب لذلك، كما أنه سن قانون الرحمة، الذي مهد الطريق للمصالحة الوطنية، هو عسكري في تكوينه وسياسي بارع في ادائه، ويشهد له الجميع أنه جسد مبدأ التداول السلمي على السلطة من خلال إشرافه على سير الانتخابات الرئاسية لسنة 1999 وسلم مقاليد السلطة لخلفه عبد العزيز بوتفليقة في حفل لم تشهد له الجزائر المستقلة مثيلا إنه باختصار رجل شريف وخرج من السلطة بشرف.
الرئيس بوتفليقة: صديق حميم ورفيق في الثورة، كنت من الأوائل الذين ساندوه داخليا وخارجيا واستجبت لندائه، بقبولي تعيينه لي عضوا بمجلس الأمة، لكن الظاهر أنه فقد وعيه بفعل حالة السكر التي تفرزها ممارسة السلطة، فاختلطت عليه الأمور ولم يعد يفرّق بين الصديق والعدو، بوتفليقة جاء كما نعلم خليفة لرجل عسكري أرسى أسس الديموقراطية والتداول السلمي على السلطة، إلا انه وللأسف انقلب على هذه المكتسبات وأعاد البلاد إلى مرحلة الواحدية والتفرد بالقرار.
الفجرنيوز:عرف عنكم تزعمكم في مرحلة ما لحزب سياسي وقع حضره لو تحدثنا عن مبادئه وأهدافه وسبب حضره؟
الحزب الذي أسسته هو حزب الوحدة الشعبية، الذي كان يستمد مبادئه من بعدنا الحضاري العربي والإسلامي، وتاريخنا الثوري المجيد، وكانت من أهم أهدافه التأسيس لدولة وطنية تدافع عن سيادتها أولا وقبل كل شيء، لأنني وبحكم تجربتي السياسية وصلت إلى قناعة، هي أن الجزائر المستقلة قد رهنت سيادتها وأعادت الهيمنة لخونة الأمس وأبنائهم، وهؤلاء من المستحيل أن يفكروا في مصلحة الشعب، ومستقبل البلاد، وحال الجزائريين اليوم أحسن دليل على ما أقوله، فهؤلاء دفعوا بآلاف الشباب الجزائري إلى الانتحار في عرض البحر بعدما غامروا بالهروب من بلادهم، لإيجاد غد أفضل وتطليق حالة البؤس والفقر التي فرضتها عليهم السياسات التي انتهجت في عهد الاستقلال وحماية رموز الثورة، كانت هذه هي أهم أهداف حزب الوحدة الشعبية، أي إعادة توحيد الشعب الجزائري واستعادة سيادته على أراضيه وثرواته، وقراراته، لكن الخفافيش الرافضة لتحقيق الحلم الجزائري، كانت تتربص بكل الوطنيين المخلصين، ونجحت في تحييدهم وإخراجهم من اللعبة السياسية التي سنّت هي قواعدها وقوانينها، وبذلك استفقت صبيحة يوم من شهر مارس 1998 على قرار صادر عن وزارة الداخلية بحلّ الحزب، وأود هنا أن أؤكد أن الرئيس ليامين زروال براء من هذه المؤامرة لأن الجهة التي كانت وراء حلّ الحزب أرسلت لي وسيطا وهو ضابط سامي في الأمن العسكري عرض علي حل الحزب طواعية مقابل إرسالي سفيرا إلى الدولة التي أختارها، وهذا بحضور شخصيات هامة ، وبعد فشل محاولة ارشائي انتقلوا إلى تهديد الإطارات المهمة في الحزب لإجبارها على الانسحاب منه.
الفجرنيوز:عاشت الجزائر وما لا تزال منذ الانقلاب على الانتخابات التي فازت بها الجبهة الإسلامية عمليات إرهابية فهل من دروس من هذه المرحلة وسبل الخروج منها؟
جمال الدين حبيبي: هذا الانقلاب لا يمكن فصله عن السياق العام للانقلابات التي عاشتها البلاد حتى قبل نيل الاستقلال، فالجبهة الإسلامية للإنقاذ، وبرغم الأخطاء السياسية التي ارتكبتها برفضها التحالف مع التيار الوطني، فازت وعن جدارة بالانتخابات التشريعية في دورتها الأولى، وظنّت أنها ستصل إلى السلطة بالاستناد على الشرعية الشعبية والدستورية، لكنها هي الأخرى استفاقت كذلك على انقلاب خطط له بعناية حوّلها وفي رمش عين إلى «مجرمة في حق الديموقراطية» مما تطلب حلّها هي الأخرى، ونفي عناصرها إلى معتقلات الصحراء، أقول كل ذلك لأنه لو تحالفت الجبهة الإسلامية للإنقاذ آنذاك مع التيار الوطني لما تمكن الانقلابيون من النجاح في مؤامرتهم، وبرأيي أن بعض كوادر الانقاذ خلصوا أخيرا إلى الاعتراف بهذا الخطأ الاستراتيجي والتكتيكي، وأخص بالذكر الشيخ رابح كبير وعبد الكريم ولد عدة، وأنور هدام وغيرهم، وحتى قادة الجناح المسلح للجبهة أي الأئياس وعلى لسان أميرهم الوطني الشيخ مدني مزراق اعترف بأن الإنقاذيين لم يحسنوا اللعب في الساحة السياسية، فالانقلابيون استفادوا أيما استفادة من حالة الشرخ التي كانت موجودة بين التيارين الإسلامي والوطني، ولعبوا عليها لإنجاح مؤامرتهم على الجميع، وفسحوا بالتالي المجال لهيمنة قطبين متشددين هما القطب العلماني والقطب التكفيري اللذان أدخلا البلاد في دوامة من الاقتتال والعنف حصدت أرواح آلاف الأبرياء من الجزائريين، وهنا أتساءل وببراءة دائما عن هوية المستفيدين من مرحلة العنف الأعمى الذي ضرب الجزائر، ويكفي الوصول إلى الإجابة الصحيحة، لكشف هوية المتآمرين على الجزائر وشعبها، وأقول ذلك لأن الظاهرة الإرهابية عاشتها العديد من البلدان، لكنها لم تخلّف عندها ما خلفته في بلادنا من دمار ومآسي وضحايا، هذه الحصيلة الكارثية سبق لي أن نبّهت إليها في حينها، فخلال الندوة الوطنية التي جمعت رئيس الحكومة سيد أحمد غزالي بالأحزاب السياسية، لم أتحمل متابعة فصول هذه المهزلة وغادرت القاعة، وتبعني المرحوم قاصدي مرباح ليستفسرني عن سبب ذلك، وأجبته بأن الجزائر قد دخلت بالفعل إلى نفق مظلم، وعلى الجميع انتظار نتائج العاصفة، وبالفعل عايشنا ليس فقط تفاصيل العواصف، وإنما كابوس الأعاصير، وحتى في عز الإعصار، حاولت تنبيه القوم إلى أن هنالك فرصا عديدة للخروج من قلب الإعصار، شريطة استعادة السيادة للشعب، وترك المخلصين من أبنائه يشاركون في عمليات الإنقاذ، وشخصيا أرى أن عمر المأساة الوطنية ما كان له ليطول لو أن جماعة المستفيدين لاقت مقاومة فعلية من أبناء التيارين الوطني والإسلامي، مقاومة ليس بالضرورة أن تأخذ طابع الكفاح المسلح، وإنما مقاومة تنطلق من تعرية هؤلاء وتحريم التعامل معهم لا غير.
الفجرنيوز: تمر الجزائر في هذه المرحلة بما يمكن أن نطلق عليه في العالم العربي بالانقلاب الدستوري : التغييرات الدستورية للتمديد للرؤساء كيف ترون هذا الأمر؟
جمال الدين حبيبي: الانقلاب حصل بالفعل، وهذا ما كان الجميع ينتظر حدوثه، والظاهر أنه تحوّل إلى موضة في العالم العربي بالأساس، فغالبية الرؤساء العرب، وجدوا فيه أحسن وسيلة لإطالة عمرهم في السلطة، أو لتوريث أبنائهم فيها، فعندنا في الجزائر على سبيل المثال لم يجد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة من حلّ لتفادي انكشافه، وتعرّيه أمام الشعب الجزائري، سوى اللجوء إلى برلمان فاقد للشرعية ليطيل في عمره الرئاسي، فالرئيس بوتفليقة يعرف جيدا أنه لو عرض مشروع تعديل الدستور على الاستفتاء الشعبي فسيتلقى أكبر صفعة في حياته السياسية، كما انه يعي جيدا أن البرلمان الفاقد للشرعية الذي طالما تحامل عليه وهاجمه، هو الطريق الأسلم لتمرير هذا التعديل الدستوري رغم أنف الشعب الجزائري، وهذا ما حصل بالفعل، حيث إن 500 من نواب البرلمان صوتوا على هذا التعديل، ولم يرفضه سوى نواب حزب الأرسيدي، ورغم ذلك كله فإن بوتفليقة الذي طالما احتقر هؤلاء النواب، لم يجد الشجاعة الكافية للوقوف أمامهم لتقديم الشكر لهم على تزكية انقلابه على الشعب الجزائري، واكتفى بتوجيه رسالة لهم، قرأها رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح، يشكرهم فيها على تصويتهم بالأغلبية الساحقة على التعديل الدستوري، وكأنني بالرئيس كان على علم مسبق بنتائج الصفقة إن لم أقل المؤامرة، ولدى فربما وجرّاء انكشاف المؤامرة أمام الشعب لم يجرؤ بوتفليقة على مخاطبة من أثنى عليهم ووصفهم بنواب الشعب، أمام الشعب الجزائري، عملا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :«إن لم تستح فافعل ما شئت» فشكرا للرئيس على احترامه لمشاعر شعبنا...
الفجرنيوز:هل من وصف لحال الحريات و حقوق الإنسان في المغرب العربي الجزائر تونس المغرب ليبيا موريتانيا ؟
جمال الدين حبيبي : أحسن وصف بنظري هو ما يخلص له المثل الشعبي« وافق شن طبقة» فكأن هنالك اتفاقا بين قادة المغرب العربي على محاربة حقوق الإنسان في بلدانهم، والاتفاق هذا أملته برأيي قناعة هؤلاء الحكام بأن شعوبهم إن فكّ لجامها وقيودها، ستقيدهم وتعيدهم إلى قامتهم القزمية بكل تأكيد، فالشعوب الحرة غير المقيّدة، هي كالمرأة الحرّة التي قال عنها الرسول الكريم صلوات الله عليه«تجوع الحرة ولا تأكل من ثديها» فلو أطلق هؤلاء الحكام سراح شعوبهم، لما بقوا للحظة فوق عروشهم.
الفجرنيوز: تعد الجزائر من الدول الغنية في العالم العربي وقد استفادت في السنوات الأخيرة من ارتفاع النفط فأين انعكاس ذلك على الواقع المعاش (السكن البنية التحتية)؟
جمال الدين حبيبي:سبق لي أن تساءلت في كتابات عديدة عن السند الدستوري الذي سمح للسلطة عندنا بإيداع أموال الشعب في الخزائن الأمريكية، وتساءلت عن المانع الذي يحول دون توظيفها في مشاريع استثمارية تخفف من حدة البطالة وتفتح أبواب العيش الرغيد لأبناء وطننا، ووصلت إلى إجابة تهكمية هي أن السلطة تجوّعنا ربّما لضمان مستقبل الأجيال القادمة، وبذلك لا يمكنني أن أتحدث عن انعكاس ارتفاع أسعار النفط على مستوانا المعيشي، لأن هذه العائدات وجّهت لترقية المواطن الأمريكي ومن ورائه مواطنو العدو الصهيوني لا محالة، أما الشعب الجزائري فهو غارق في مشاكل المعيشة، وتوفير مصاريف العلاج، ولم ير أي كان انعكاسات البحبوحة المالية للبلاد إلا على وجوه كبار المسؤولين وأبنائهم.
الفجرنيوز: ماذا يعني لكم توحد التيار القومي والإسلامي في العالم العربي ؟
جمال الدين حبيبي: ربما تجدون الإجابة عن هذا السؤال فيما قلته عن رفض الجبهة الإسلامية للانقاذ، التحالف مع التيار الوطني عندنا في الجزائر، وما خلفه ذلك من مآسي وكوارث للشعب الجزائري، فالأستاذ والمناضل الكبير عبد الحميد مهري سبق له أن حذر زعيم الجبهة الإسلامية للإنقاذ عباسي مدني من مغبة تهميش التيار الوطني عندنا في الجزائر، ولو أن الشيخ استجاب لنداء هذه الشخصية الوطنية والقومية، لما نجح الانقلابيون في تحقيق مؤامرتهم، وما ينطبق على الجزائر ينسحب إلى العالم العربي ككل فلا مستقبل لدوله إلا عبر تحالف القوميين والإسلاميين لا غير.
الفجرنيوز: هل من كلمة أخيرة؟
جمال الدين حبيبي: كلي أمل أن تعاود الدول العربية والإسلامية محاولات التحرّر ليس من مستعمر الأمس فقط بل من أذنابه وبقاياه، لأن ذلك هو السبيل لتحقيق حلم الشعوب العربية، ولا انسى هنا أن أتوجه بالشكر إلى الإخوة في الفجر نيوز الذين أتاحوا لي فرصة إجراء هذا الحوار.
اسرة تحرير الفجرنيوز تتقدم بالشكر والتقدير للسيد جمال الدين حبيبي على تفظله بهذا الحوار


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.