أمستردام- تبحث وزارة التعليم الهولندية حاليا سحب أكثر من 4 ملايين يورو قدمتها كدعم للمدارس الإسلامية؛ بسبب ما وصفته ب"سوء التصرف الإداري والمالي وضعف المستوى التعليمي" بتلك المدارس. ورفض عدد من مديري المدارس الإسلامية تعميم هذه الانتقادات على التعليم الإسلامي ككل، مشيرين إلى تشككهم في الهدف من وراء التقرير. وبحسب نتائج البحث الذي أجرته الوزارة على المدارس الإسلامية فإن "50% منها مستواها دون المتوسط أو ضعيف، وأن هناك تلاعبا واسعا بالميزانيات المخصصة لها"، وهو ما يهدد باتخاذ إجراءات مشددة ضدها، منها استعادة أكثر من 4 ملايين يورو كان تم تقديمها كدعم في 2008. طالع أيضا: هولندا.. اختلاف المسلمين يمنع العيد عطلة رسمية
ويذهب التقرير الذي تم نشره الخميس 13-11-2008 إلى أن ما نسبته 9 من كل عشرة مدارس إسلامية في هولندا فيها "تلاعبات في الأموال المخصصة للتربية والتعليم، من المال العام". ومما أشار إليه التقرير من مظاهر "التلاعب" تنظيم "رحلات دورية لأهداف غير تربوية، والصرف المالي غير المسئول على أنشطة خارجة عن أهداف الرسالة التربوية". وكانت وزارة التعليم قد قررت في وقت سابق فتح تحقيق قضائي حول إفلاس ثلاث مدارس إسلامية في أمستردام السنة الماضية، كما قامت بسحب رخص مدارس إسلامية أخرى في السنوات الماضية "لعدم الكفاءة في الإدارة"، أو "للتلاعب بالميزانية"، أو "لأنها لم تحصل على العدد الكافي من التلاميذ". يذكر أن الوزارة لا تتدخل في تعيين مديري المدارس، إلا أن لها الحق في أن تقيل من يثبت في حقه التلاعب وعدم الكفاءة. ويستبعد المراقبون أن يعود قرار منع أو غلق مدارس إسلامية لأسباب دينية حيث إن هذه المدارس تعمل تحت البند 23 من الدستور الهولندي الذي يسمح بإنشاء مدارس على أسس دينية. "تشويه" غير أن عددا من مديري المدارس الإسلامية رفضوا ما ورد في التقرير الوزاري، مشيرين إلى أن هدفه "تشويه التعليم الإسلامي" في هولندا. واعتبر محمد بويمج، رئيس واحدة من هذه المدارس، في تعليق لوسائل إعلام هولندية أن البحث الذي قامت به الوزارة في مدرسته لم يسجل أي خروقات سواء أكانت مالية أم إدارية. وأكد أن الوزارة قبل البدء في البحث، كانت تريد تعميمه على المدارس المسيحية واليهودية، لكنها اقتصرت على المدارس الإسلامية دون توضيح سبب ذلك. ويستغرب بويمج من الحملة الإعلامية "الضخمة" التي صاحبت التقرير، متسائلا عما وراء تسريب الخبر في صحف يمينية متطرفة معادية لوجود المسلمين بهولندا قبل أن يتم نشر التقرير نفسه بشكل رسمي. وفي رأي بويمج فإن الهدف هو "تشويه سمعة التعليم في المدارس الإسلامية، وإيجاد موضوع للاستهلاك السياسي". ومن جهته حذر محمد طالبي، مدير مدرسة الفرقان في روتردام، من تصديق كل ما يروج له حول المدارس الإسلامية، مشيرا إلى أن نتائج البحث في مدرسته كانت "إيجابية"، وأن التدبير المالي يقوم به مكتب حسابات معترف به. وتابع طالبي: "إن التعميم ظلم بحق التعليم الإسلامي.. هناك مدارس معدودة اتهمت بالفعل في السابق بتجاوزات مالية، وسبق للوزارة المعنية أن اتخذت إجراءات زجرية في حقها". ومن الملاحظ أنه على الرغم من التقارير السلبية حول المدارس الإسلامية في هولندا فإن هناك إقبالا عليها؛ حيث يحرص أولياء الأمور على تعليم أولادهم تعاليم الإسلام واللغة العربية، كما أن هذه المدارس توفر عليهم عنت السفر إلى الدول الإسلامية لتعليم أبنائهم هناك، بحسب مراسل إسلام أون لاين. كما أن هناك تقارير رسمية أخرى تشيد بمستوى التعليم والإدارة في عدد من المدارس الإسلامية، مستشهدة بنسب النجاح العالية التي تحققها، ومنها مدرسة "بلال" في أمسفورد، ومدرسة "الصفة" في أمستردام، و"الفرقان" في روتردام. ويدرس نحو 10 آلاف طالب في 44 مدرسة ابتدائية إسلامية بهولندا، إضافة إلى ثانويتين واحدة في أمستردام وثانية في روتردام، ويعود تأسيس المدارس الإسلامية إلى بداية الثمانينيات، وساعد على إنشائها حرية التعليم التي يضمنها الدستور الهولندي للجميع. ويشكل مسلمو هولندا مليون شخص تقريبًا من إجمالي 16 مليونا هم عدد سكان البلاد، ومعظم هؤلاء المسلمين من أصل تركي أو مغربي.