الجزائر: من كمال زايت: أثارت تنحية وزير الإعلام الجزائري عبد الرشيد بوكرزازة جدلا كبيرا، خاصة وأن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة اختار الاحتفاظ بالفريق الوزاري نفسه، عند إعادة تعيينه للحكومة في أعقاب استقالتها بسبب التعديلات التي أدخلت على الدستور، وألغي بموجبها منصب رئيس الحكومة، واستبدل بوزير أول، كما أن هذه التنحية صاحبها إعلان غير رسمي عن تنحية مدير التلفزيون. المفاجأة التي تضمنها تعيين الحكومة الجديدة هي ذهاب عبد الرشيد بوكرزازة وزير الإعلام واستخلافه بمدير عام الإذاعة عز الدين ميهوبي الذي أصبح 'كاتب دولة لدى الوزير الأول مكلف بالإعلام'، وهو ما فهم منه أنه تقليص لأهمية المنصب، وكذا عدم الرضا على الوزير السابق بوكرزازة. والمفاجأة الثانية هي الإعلان في اليوم نفسه عن تنحية مدير عام التلفزيون حمراوي حبيب شوقي، الذي يشغل هذا المنصب منذ كانون الأول/ديسمبر 1999، وهي تنحية تثير كثيرا من الجدل في أروقة التلفزيون وكواليس السياسة، حتى وإن لم تعلن بشكل رسمي حتى الآن، ولكن بعض الصحف نشرت الخبر وأوردت اسم خليفته. وحسب معلومات استقتها 'القدس العربي' من مصادر مطلعة، فإن هناك علاقة بين ذهاب الوزير بوكرزازة ومدير التلفزيون. غير أن المصادر قدمت روايتين قد تكونان سببا في هذا التغيير غير المنتظر. تقول الرواية الأولى ان التلفزيون استضاف مؤخرا أستاذ علوم سياسية في أحد برامجه، وقد هاجم الأستاذ الجامعي الملك المغربي محمد السادس بشكل مهين لم تتقبله الرئاسة التي سارعت إلى تأنيب المدير العام للتلفزيون وتوبيخه. كل هذا في أعقاب تصريحات العاهل المغرب حول الجزائر في ذكرى 'المسيرة الخضراء'. وأوضحت المصادر ذاتها أن حمراوي لم يتقبل هذا التوبيخ، وقرر أن يقدم استقالته منذ حوالي أسبوع إلى رئاسة الجمهورية (على اعتبار أنه معين بمرسوم رئاسي) ورغم أنه لم يتم الإعلان عن استقالة حمراوي بشكل رسمي إلى حد الآن، غير أن هناك اسمين يتم تداولهما منذ السبت لخلافته، وهما زواوي بن حمادي المدير العام الأسبق للإذاعة، ومحمد راوراوة الرئيس السابق لاتحاد كرة القدم والمقرب من المحيط الرئاسي. غير أن حظوظ زواوي بن حمادي تبدو أوفر. وأشارت مصادرنا إلى أن قضية الإساءة للملك المغربي ليست وحدها السبب، وإنما كانت النقطة التي أفاضت الكأس، مشددة على أن التغييرات التي قام بها حمراوي مؤخرا داخل التلفزيون، وأهمها إبعاد مدير الأخبار، ومدير القناة الجزائرية الثالثة ومسؤولين آخرين هي التي عصفت به. وذكرت أن مسؤولي التلفزيون الذين تم إبعادهم لم يتقبلوا الأمر الواقع، وقرروا هدم المعبد على رأس الجميع وفي مقدمتهم حمراوي. وأسرت المصادر نفسها أن بعض هؤلاء المبعدين روجوا لمعلومة إقدام حمراوي على تعيين مسؤولين مقربين من رئيس الحكومة الأسبق مولود حمروش في مواقع مهمة داخل التلفزيون، إضافة إلى حديثهم عن وجود ملفات بشأن تجاوزات وسوء تسيير وفضائح مالية كبيرة. وأكدت المصادر ذاتها أن حمراوي لما سئل رمى بالكرة إلى ملعب وزير الإعلام السابق عبد الرشيد بوكرزازة، مشيرا إلى أنه هو الذي كان وراء تلك التعيينات في التلفزيون. والغريب أن هذا النقاش جرى بعد أيام قليلة من نشر بعض الصحف أخبارا عن أن بوكرزازة يتردد على منزل رئيس الحكومة الأسبق حمروش! وذكرت أن مدير التلفزيون رفض طلبا بالتراجع عن التغييرات التي قام بها مؤخرا، معتبرا أنه من غير المقبول أن يعيد هؤلاء المسؤولين إلى مناصبهم بعد أيام قليلة من إبعادهم منها، وأنه فضل الاستقالة. وفي تعليقه على ما حدث قال عبد العزيز رحابي وزير الإعلام والثقافة الأسبق في تصريح ل'القدس العربي' ان ما وقع ليس فيه أية مفاجأة، وأنه لا غرابة في أن الجزائر عرفت ثمانية وزراء إعلام في تسع سنوات. وأضاف أن وزير الإعلام هو الحلقة الأضعف وتتم التضحية به في كل مرة كنوع من 'كبش فداء'. واعتبر أن النتيجة في الأخير هي أن الوزير الجديد يضطر إلى إغلاق المجال الإعلامي والسياسي أكثر من سابقه. وأشار إلى أن وزراء الإعلام في الجزائر يفتقرون إلى وسائل العمل التي تمكنهم من إرساء سياسة إعلام حقيقية، مشددا على أن وزير الإعلام ليست له سلطة لا على التلفزيون ولا على الإذاعة ولا على وكالة الأنباء ولا على وكالة الإعلان والنشر (تحتكر كل الإعلان التابع للدولة) ولا يتحكم أيضا في المطابع التابعة للدولة. واعتبر رحابي أن هذه الحقيقة يصطدم بها كل وزراء الإعلام، والذين تتم التضحية بهم بمجرد وقوع أي خطأ بسيط، مشيرا إلى أنه لا توجد نية لتطوير قطاع الإعلام والتلفزيون على وجه التحديد، بل إن هناك سعياً لجعل التلفزيون الجزائري نسخة عن تلفزيون كوريا الشمالية.