الشبكة في مقابلة مع رائد فن "اكناوة" وعضو فرقة جيل جيلالة الفنان مصطفى باقبو
"كم هو جميل أن يرتبط الجمهور بالفن لا بالفنانين!!" . .
*حاورته الصحفية فوزية محمد الجوهري "مراكش المغرب" . .
في إطار الإبحار بقرائنا الكرام في عوالم الثقافي والفني نفتح اليوم نافذة لنطل من خلالها على نوع من أنواع الفولكلور المغربي القادم من عمق القارة السمراء والممتزج بموهبة المغربي اللاّقطة لجميل اللحن وحلاوة المعنى... نلتقي بأحد رواد "تكناويت" الفنان مصطفى باقبو.
نبذة عن الفنان باقبو: . من مواليد1954 بمدينة مراكش- المغرب عمل20 سنة مع فرقة جيل جيلالة تمرس على أيدي فنانين مشهورين عالمين رئيس فرقة"الرجافي الله" شارك ويشارك في مهرجانات مغربية وعالمية
الحوار نت: كيف كانت بدايات الأستاذ مصطفى باقبو الفنية؟ . الاستاذ مصطفى باقبو: ولِدتُ ونشأت في أسرة فنية، فتحت عيني على"تكناويت"،يعني فن اكناوة والذي ابتدأت التدريب عليه من سن الثامنة أو العاشرة، هكذا ترعرت في هذه الأجواء وتأثرت بها، إلاأنني في بداية حياتي لم أولي اهتماما كبيرا لهذا الفن، فحاولت إتمام دراستي التي لم أوفق فيها، بعدهاعملت في مجالات أخرى مختلفة، وفي نهاية المطاف وجدت نفسي لاأستطيع البعد كثيرا عما نشأتُ في أحضانه"فن اكناوة" خصوصا وأن والدي كان يشجعني دائما ويدفع بي للانخراط معهم في هذا المجال.
الحوار نت : ماهي أهم المحطات التي مر بها الفنان باقبو؟ . الأستاذ باقبو: كانت انطلاقتي الأولى بمراكش وبرفقة أخي الأكبر حيث بدأت ممارسة هذا الفن من خلال الليالي التي كانت تُقام في البيوت وفي مناسبات معينة، والتي يمكن أن يطلق عليها اليوم اسم أمسيات"كناوية"،في هذه الفترة وخلال سنوات عديدة تعلمت الكثير تعلمت الغناء، تعلمت طريقة الحركات مع هذا النوع من الموسيقى، تعلمت الآلات الموسيقية لهذا الفن ك" القرقابة" و"الطبل" و" السنتير" أو مايعرف بالكَنبري..كانت هذه الفترة بالنسبة لي كالمعهد، قرأت وتعلمت بها كل ما يتعلق بفن"اكناوة" وكان أساتذتي فيه هم أبي وأخي الأكبر. بعد هذه الفترة اهتممت بالكنبري فتعلمته وأتقنت العزف عليه وبعد مرور ثلاث سنوات اكتسبت تجربة جيدة في العزف على هذه الآلة فاتصلت بالأستاذة"كاترين" أخت الفنان ماكس ليفوريسيان وقد كانت في زيارة إلى مراكش، وفي الأصل كانت تسكن بجوارنا في مراكش مع زوجها الأرميني عازف الناي والذي أسلم فيما بعد، وأشهر إسلامه مع يوسف إسلام في السبعينات والذي يُعرف اليوم بالحاج عبد القادر، وهنا ابتدأت المحطة الثانية في حياتي حيث سافرت إلى أوروبا لمدة سنتين، تنقلت فيها بين انجلتراوهولندا وفرنسا وبلجيكا تعلمت خلالها كيفية الوقوف على خشبة المسرح من خلال العمل والتسجيل مع فنانين عدة، وقد قمت ب33 جولة مع كاترين ، بعدها انطلقت إلى هولندا حيث أقمت بها سنة كاملة. وعند عودتي إلى المغرب سنة1976 وجدت موجة أخرى تكتسح البلد وهي موجة" الهيبي"،خلالها عملت مع فرقة كانت تسمى"نجوم الحمراء" فاكتسبت تجربة أخرى. وفي سنة1984 التحقت بفرقة جيل جيلالة والتي عملت برفقها مدة عشرون سنة.
الحوار نت : قلت أنك عدت إلى المغرب سنة1976 والتحقت بجيل جيلالة سنة1984 ماذا فعلت في الثمان سنوات هذه؟ . مصطفى باقبو: كنت أعمل من قبل مع فرقة تضم كل من أبي وأخي،وبعد عودتي من أوروبا التحقت مرة أخرى بهذه الفرقة، عملت كذلك مع فرقة نواس الحمراء، وتجولت في مدن مختلفة من المغرب خصوصا مدينة الدارالبيضاء أعرض بها فني،إلى أن اتصلوا بي جيل جيلالة سنة1984 لألتحق بهم كعازف على"الكَنبري".
الحوار نت : عملتَ مع جيل جيلالة حوالي20 سنة،كيف تقيم تجربتك مع هذه الفرقة؟ .
الأستاذ باقبو: للأسف الشديد لم تقدم لي فرقة جيل جيلالة الكثير،خصوصا في السنوات العشر الأخيرة التي كانت تعرف فيها الفرقة عدة أزمات منها انعزال محمد الدرهم عنها والذي كان يمثل العمود الفقري للفرقة فأصبحت أنعزل مرة وأعود إليها مرة أخرى بسبب عدم وجود الجديد وفي آخر المطاف انعزلت تماما عنها وكونت بعدها فرقة خاصة بي وهذه المرة بعيدة عن أفراد أسرتي كذلك. . الحوار نت : هل هي مجموعة"الرجافي الله". . الأستاذ باقبو: نعم، فرقة" الرجافي الله" هي الفرقة التي كونتها بعد انفصالي عن جيلالة وهي التي أعمل معها حتى اليوم.
الحوار نت : يُلاحظ أن المعلّم باقبو قد حافظ على لون فن معين وهو"اكناوة" حتى أثناء عمله مع جيل جيلالة، فما سر هذا الارتباط؟ . الأستاذب اقبو: النشأة الأسرية كما قلت سابقا كان لها الدورالأكبر في إنتهاج هذه الطرق من الفنون، وحبي الشديد وتعلقي بآلة الكَنبري زاد ارتباطي بهذا اللون الفني.،أمافيما يتعلق بالشق الثاني من سؤالك وعملي مع جيل جيلالة فأريد هنا أن ألفت نظرك ونظر القراء إلى أنني من أضاف لون"اكناوة" إلى جيل جيلالة، وذلك بعدما اهتم به الأستاذ محمد الدرهم الذي يميل إلى اللون الصوفي. فأدرج فيه هو الآخر فن"اكناوة" وكنت من يضيف له هذه اللمسات في أعماله ولازلنا إلى اليوم نعمل معا في هذا الإطار.
الحوار نت : نبقى في هذا الإطار ونستأذن الفنان باقبو في تعريف موجز عن هذا الفن فن اكناوة . الأستاذ باقبو: :فن اكناوة هو من الفنون الموسيقية، أتانا عن طريق عبيد أفارقة جاؤوا إلى المغرب واستقروا به، وبعد إسلامهم استمروافي هذا الفن بجانب المغاربة فأدخلوا عليه اسم الله والرسول صلى الله عليه وسلم،ونحن تعلمناه عن أجدادنا كما هو فمعظم كلماته لا نفهمها لأننا لا نتقن اللغة الأصلية المستعملة فيه، نحن نردده كماهو إلا ما أضفنا عليه من أمداح نبوية قليلة فالأصل يبقى واحد والكلمات نفسها والموسيقى واحدة عند كل من يمارس فن اكناوة، فعندما أغني – مثلا- أغنية"العفو" أو"ميمونة" فإنني أرددها كما كان يرددها فنانون في عصور سابقة جدا.. الأداء والكلمات والموسيقى نفسها.. خلاصة القول أن موسيقى اكناوة تعتبر اليوم إحدى أنواع الموسيقى المغربية الواعدة على الصعيد المغربي والعالمي.
الحوار نت : دائما نقرأ ونسمع أن لمعظم الفنون رسالة، فهل من رسالة يؤديها هذا النوع من الفنون؟ . الأستاذ باقبو: أهم ما أهدف إليه من هذا الفن هو الحفاظ على التراث خصوصا أمام التيارات المختلفة التي تعرفها المجتمعات والتي تجر معها شبابنا إلى طريق لا نعرف له لونا ولا طعما ولا نهاية.
الحوار نت : تقام مهرجانات مختلفة كمهرجان الصويرة بالمغرب وخارج أرض المغرب والتي يشارك فيها الفنان،كيف يرى غير المغاربة والغرب خصوصا ما يقدمه الفنان باقبو؟ . الأستاذ باقبو: بالنسبة للغرب فهو يؤمن بأن فن اكناوة هو فن مثل الجاز والروك... وما يشدهم له أكثر هو موسيقاه خصوصا على آلة" الكَمبري" الذي يجذب الحضور لما له من روحانيات. والدليل على اهتمام الغرب بهذا اللون من الفن انه كان لي لقاء يوم9 أغسطس2010 بباريس فكان الجمهور معظمه من الفرنسيين، وقد فاق عدد المغاربة و العرب بكثير. والذي زاد اهتمام الغرب بهذا الفن هو تماشي فن اكناوة مع كل الفنون الموسيقية الأخرى،فيمكن لعازف الجاز أن يلتحق بك ويعزف وإياك دون أن يلاحظ الجمهور أن هناك تغييرما في العزف، بل إنه يزيده جمالا ورونقا.
الحوار نت : هل من كلمة عن نوع علاقة" الكمبري" والمعلم مصطفى باقبو؟ بمعنى آخر ماذا تمثل هذه الآلة لمصطفى باقبو؟ . الاستاذ مصطفى باقبو: أعتبره مثل أبنائي، فهو حياتي لا أتحمل أن يوضع في أي مكان كان فلابد أن يوضع واقفا، ولا أسمح بأن يأخذه أحد لا يجيد التعامل معه، فأنا أعتني به بنفسي أغير له الجلد بنفسي،أضبط أوتاره بنفسي، أعطره بالبخور من الخميس إلى الخميس مثلما يهتم الواحد منا بنفسه وببيته طيلة السنة ما عدا في شهررمضان. من خلال آلة الكَمبري أعبر عن وجودي ومشاعري التي يصل صداها إلى الجمهور فيتفاعل مع فني وما أقدمه، أحس به هو فقط أثناء عزفي عليه وكأنني أنا هو وهو أنا، ولا أشعرتقريبا بمن حولي إلا ما تسجله عيني من الحالة التي يكون عليها الجمهور من تفاعل.
الحوار نت : هل لديك أكثر من" كَمبري" ومنذ متى تمتلكهم؟ . الأستاذ باقبو: لدي الكثير، لكن أعمل على ثلاثة فقط، أقدَمهم عمره20 سنة،وآخر15 و10 سنوات..
الحوار نت : ولَجتَ وأبدَعت في المزج الموسيقي، كيف يُقيِّم الفنان باقبو هذه التجربة. وماأبعاد بصمتها عليك؟ . الأستاذ باقبو: أول تجربة لي في هذا الإطار كانت مع كاترين ليفوريس، وبعدها سرت في هذا الطريق خصوصا في مهرجان الصويرة الذي يشهد مشاركة العديد من العازفين الأوروبيين والأمريكيين. وقداعتاد الجمهور بالمغرب وبأوروبا على سماع هذا النوع من المزج الموسيقي، وكان لي في آخر شهر مايو الماضي بمنصة السويسي بمدينة الرباط عرض رائع مع الفنان العالمي سانتانا والذي حضره أكثر من70 ألف متفرج. ويعود الفضل في الاهتمام بهذا اللون الآخرللموسيقى إلى مهرجانات الصويرة والتي صقلت خبرة الكثير من ممارسي فن اكناوة في هذا الإطار.
الحوار نت : هل من كلمة يود أن يقدمها المعلم باقبو للمهتمين بهذا الفن؟ . الاستاذ مصطفى باقبو: الكلمة التي أبعث بها إلى زملائي في هذا الفن هوأن يحافظوا عليه، وأطلب من جمهوري أن يبقى وفيا لفن اكناوة وأن يستمر في دعمه كما وأناشدهم بأن يحترموا كل" الفنانين الكناويين" وليس فقط مصطفى!! ويحبوا فن اكناوة بغض النظر عمن يُقدِّمه. فكم هو جميل أن يرتبط الجمهور بالفن لابالفنانين!!.
كل الشكر والإمتنان من الشبكة وقرائها للفنان باقبوعلى هذه المساحة التي عرّف من خلالها بهذا الفن المغمور لدى الكثير، وقدم من خلالها وجبة دسمة لطلاب المعرفة والبحث والتنقيب ولمقتفي آثار التراث.
*صحفية وكاتبة ناشطة في عدة مؤسسات تربوية وثقافية بألمانيا مصدر الخبر : الحوار نت a href="http://www.facebook.com/sharer.php?u=http://alhiwar.net/ShowNews.php?Tnd=10349&t=الشبكة في مقابلة مع رائد فن "اكناوة" وعضو فرقة جيل جيلالة الفنان مصطفى باقبو &src=sp" onclick="NewWindow(this.href,'name','600','400','no');return false"