بقيادة بوجلبان.. المصري البورسعيدي يتعادل مع الزمالك    قضية منتحل صفة مسؤول حكومي.. الاحتفاظ بمسؤول بمندوبية الفلاحة بالقصرين    مخاطر الاستخدام الخاطئ لسماعات الرأس والأذن    صفاقس تُكرّم إبنها الاعلامي المُتميّز إلياس الجراية    سوريا... وجهاء الطائفة الدرزية في السويداء يصدرون بيانا يرفضون فيه التقسيم أو الانفصال أو الانسلاخ    مدنين: انطلاق نشاط شركتين أهليتين في قطاع النسيج    في انتظار تقرير مصير بيتوني... الساحلي مديرا رياضيا ومستشارا فنيّا في الافريقي    عاجل/ "براكاج" لحافلة نقل مدرسي بهذه الولاية…ما القصة..؟    الاحتفاظ بمنتحل صفة مدير ديوان رئيس الحكومة في محاضر جديدة من أجل التحيل    الطبوبي في اليوم العالمي للشغالين : المفاوضات الاجتماعية حقّ ولا بدّ من الحوار    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    انهزم امام نيجيريا 0 1 : بداية متعثّرة لمنتخب الأواسط في ال«كان»    نبض الصحافة العربية والدولية... الطائفة الدرزية .. حصان طروادة الإسرائيلي لاحتلال سوريا    الوضع الثقافي بالحوض المنجمي يستحق الدعم السخي    أولا وأخيرا: أم القضايا    المسرحيون يودعون انور الشعافي    إدارة ترامب تبحث ترحيل مهاجرين إلى ليبيا ورواندا    المهدية: سجن شاب سكب البنزين على والدته وهدّد بحرقها    الجلسة العامة للبنك الوطني الفلاحي: القروض الفلاحية تمثل 2ر7 بالمائة من القروض الممنوحة للحرفاء    الكورتيزول: ماذا تعرف عن هرمون التوتر؟    انتخاب رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة رئيسا للاتحاد الافريقي للصيادلة    لماذا يصاب الشباب وغير المدخنين بسرطان الرئة؟    وزير الإقتصاد وكاتب الدولة البافاري للإقتصاد يستعرضان فرص تعزيز التعاون الثنائي    مصدر قضائي يكشف تفاصيل الإطاحة بمرتكب جريمة قتل الشاب عمر بمدينة أكودة    عاجل/ تفاصيل جديدة ومعطيات صادمة في قضية منتحل صفة مدير برئاسة الحكومة..هكذا تحيل على ضحاياه..    الطب الشرعي يكشف جريمة مروعة في مصر    تونس العاصمة وقفة لعدد من أنصار مسار 25 جويلية رفضا لأي تدخل أجنبي في تونس    ارتفاع طفيف في رقم معاملات الخطوط التونسية خلال الثلاثي الأول من 2025    بالأرقام/ ودائع حرفاء بنك تونس والامارات تسجل ارتفاعا ب33 بالمائة سنة 2024..(تقرير)    إقبال جماهيري كبير على معرض تونس الدولي للكتاب تزامنا مع عيد الشغل    وزير الصحة: لا يوجد نقص في الأدوية... بل هناك اضطراب في التوزيع    عاجل/ مجزرة جديدة للكيان الصهيوني في غزة..وهذه حصيلة الشهداء..    الطبوبي: انطلاق المفاوضات الاجتماعية في القطاع الخاص يوم 7 ماي    نحو توقيع اتفاقية شراكة بين تونس والصين في مجال الترجمة    يوم دراسي حول 'الموسيقى الاندلسية ... ذاكرة ثقافية وابداع' بمنتزه بئر بلحسن بأريانة    البطولة العربية لالعاب القوى للاكابر والكبريات : التونسية اسلام الكثيري تحرز برونزية مسابقة رمي الرمح    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: النخبة التونسية تختتم مسابقات صنفي الاصاغر والصغريات بحصيلة 15 ميدالية منها 3 ذهبيات    توقيع عدد من الإصدارات الشعرية الجديدة ضمن فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب    عاجل/ المُقاومة اليمنية تستهدف مواقع إسرائيلية وحاملة طائرات أمريكية..    تونس العاصمة مسيرة للمطالبة بإطلاق سراح أحمد صواب    صادم: أسعار الأضاحي تلتهب..رئيس الغرفة الوطنية للقصابين يفجرها ويكشف..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..طقس حار..    قيس سعيد: ''عدد من باعثي الشركات الأهلية يتمّ تعطيلهم عمدا''    محمد علي كمون ل"الشروق" : الجمهور على مع العرض الحدث في أواخر شهر جوان    توجيه تهمة 'إساءة استخدام السلطة' لرئيس كوريا الجنوبية السابق    منذ سنة 1950: شهر مارس 2025 يصنف ثاني شهر الأشد حرارة    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة للسيدات: المنتخب المغربي يحرز لقب النسخة الاولى بفوزه على نظيره التنزاني 3-2    وفاة أكبر معمرة في العالم عن عمر يناهز 116 عاما    منظمة الأغذية والزراعة تدعو دول شمال غرب إفريقيا إلى تعزيز المراقبة على الجراد الصحراوي    معز زغدان: أضاحي العيد متوفرة والأسعار ستكون مقبولة    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    مباراة برشلونة ضد الإنتر فى دورى أبطال أوروبا : التوقيت و القناة الناقلة    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإتصال الهاتفي طارق تنطبق عليه أحكام الإستئذان ( 27 )
نشر في الحوار نت يوم 22 - 10 - 2010


مشاهد من خلق الصادق الأمين.
الإتصال الهاتفي طارق تنطبق عليه أحكام الإستئذان.((( 27 ))).

أخرج الشيخان عن أبي موسى الأشعري عليه الرضوان أنه قال عليه الصلاة والسلام : „ الإستئذان ثلاث فإن أذن لك وإلا فارجع”.
كما أخرجا عن سهل إبن سعيد عليه الرضوان أنه عليه الصلاة والسلام قال : „ إنما جعل الإستئذان من أجل البصر”.
كما أخرجا عن جابر عليه الرضوان قال : أتيته عليه الصلاة والسلام ودققت الباب. فقال : من هذا فقلت : أنا. فقال عليه الصلاة والسلام: أنا ؟ أنا ؟ كأنه كرهها.
لتكون ثمرات الرقي العلمي نعمة علينا لا شقاء ومنحة لنا لا محنة.
كثيرا ما ينسى الناس من سجناء الإلف والعادة أن نعم الإختراعات العلمية علينا ليست سوى مكتشفات نفذت إليها بصائر العلماء تحقيقا لوعده الماضي سبحانه : „ ويخلق ما لا تعلمون”. من ذلك نعمة تسخير الأثير بطبقاته وذبذباته بما أوتي الإنسان من عقل وتجربة يمكنانه من الطيران في الهواء حينا ومن مخر أعابيب المحيطات الهادرة حينا آخر ومن ربط الإتصال السمعي والبصري بمن يريد في كل شبر من الأرض الممهدة شرقا وغربا. كثيرا ما ينسى الناس من سجناء الكبر بالتقدم العلمي أنهم مازالوا دون سرعة “ الذي عنده علم من الكتاب “ بما أوتي من علم وقدرة مكناه من الإتيان ببلقيس ملكة سبإ لحما ودما وقد سبقها عرشها إلى سليمان عليه السلام في إرتدادة طرف من أداني اليمن جنوب شبه الجزيرة العربية إلى أقاصي فلسطين بالشام. كثيرا ما ننسى من “ يمسك السماوات والأرض أن تزولا “ في غمرة الإبتهاج بالتقدم العلمي. كثيرا ما ننسى أن الكون كله بما أودع فيه من قوانين كيميائية صارمة وفيزيائية أشبه شيء بآلة ضخمة التركيب معقدة الشبكات تظل تنتج وتثمر وتصنع لتوفر للإنسان حاجاته بقدر ضمان غذائها من الطاقة الكهربائية اللازمة فإذا إنقطع حبل هذه لأي سبب كان توقف كل شيء. ألا نسأل أنفسنا لئلا نبطر بكسبنا العلمي : من يضمن لهذا الكون غذاءه الكافي من الطاقة التي تيسر الكشف عن مكنوناته من القوانين والنواميس والسنن؟ من يضمن له ذلك يجيبك قائلا : „ ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده”. سؤال قمين بأن يرتفع بإهتمامك إلى الأعلى وبأفقك إلى الأجمع والأوسع لئلا تذهل عن كونك مستخلفا مستأمنا مستعمرا معلما مسخرا له كل شيء. لئلا تغفل عن كونك أجيرا في كون فسيح لا يضن عليك بأسراره. كون لا تملك منه عشر معشار جرعة هواء نقي تستجلبه خياشيمك دون حول منك ولو كلفت بذلك لأمضيت حياتك ليل نهار صباح مساء تخوض حربا شرسة ضارية لتأمين جرعة هواء لو تخلفت عن رئتيك دقيقة واحدة لهلكت.
هاتفك المعاصر المتطور من هاتف الفاروق.
هل تذكر هاتف الفاروق حين أرسل صيحة تحذيرية من فوق منبره إلى قائده سارية وهو يفتح شرق الأرض في نهاوند وغيرها؟ هي بمثابة ( إس إم إس) مسموع لا مكتوب سريع جدا قصير جدا إخترقت الأثير الهادر بطبقاته وذبذباته التي لما تكشف يومها لتصل بأسرع من الضوء حقيقة وليس مجازا إلى أذن القائد العسكري الفاتح فتحول وجهته العسكرية ويأخذ حذره من عدو يتحينه من ناحية الجبل. ( إس إم إس كل متنه هو : يا سارية الجبل). معنى ذلك أن الكون أودع إمكانية نقل الأصوات والصور بمثل ما نرى اليوم ونعايش سوى أن الكشف عن تلك القوانين تأخر حتى أيامنا هذه إلا إستثناءات يقررها من يمسك السموات والأرض أن تزولا متى شاء وكيفما شاء. هاتف الفاروق واحد من تلك الإستثناءات ومثله تبديل طبيعة النار من حرق وشي وإهلاك إلى برد وسلام على إبراهيم عليه السلام. الإستثناء قائم ولكنه ليس أصلا أبدا. إذ لو كان أصلا لسقط قانون آخر هو أخو قانون الإتصال أي : قانون الإبتلاء. إذا سقط قانون الإبتلاء فإنه لن يفصلنا عن يوم القيامة سوى ثوان معدودات. إذا سقط قانون الإبتلاء عن أمة أو فرد أو حركة فمعنى ذلك أن ساعتها أزفت.
لم يقاس الإتصال الهاتفي على الإستئذان وليس على السلام.
الإتصال الهاتفي حادث. كل حادث إما أن يؤول إجتهادا إلى قرينه فيما هو منصوص عليه وإما أن يتخلف الإجتهاد إنحطاطا منا وليس بحال من الأحوال بسبب أن الحادث كل حادث مطلقا لم يجد له أبا شيخا يحتضنه من توجيهات الوحي وتعليمات الإسلام. ليس هناك حادث لقيط لا أصل له ولكن هناك لقطاء تخلوا عن فريضتي الإجتهاد والتجديد فلم ينسبوا الفرع لأصله جهلا بالعلة أو المقصد أو بما فتنوا من تفوق غالبيهم.
سورة النور تنظم الحياة الداخلية للبيت وعلاقتها مع الزيارات والعودات.
1 يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون. ( تستأنسوا = تستأذنوا ).
2 فإن لم تجدوا فيها أحدا فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم وإن قيل لكم إرجعوا فارجعوا هو أزكى لكم والله بما تعملون عليم.
3 ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة فيها متاع لكم والله يعلم ما تبدون وما تكتمون.
( البيوت غير المسكونة من مثل الفنادق).
4 يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات..

لم كل هذا التشديد في الإستئذان؟
وصل الأمر إلى حد تعيين العورات الثلاث في أثناء اليوم والليلة.( العورة = الفترة الزمنية التي يمكن لك فيها التعري في بيتك أوفي حجرة من حجرات بيتك في مأمن حتى من عيون أصحاب بيتك وأسرتك بله غيرهم. وهي : من قبل صلاة الفجر وقيلولة الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء. ألا ترى أنها فترات إستراحة آمنة إلا من عين زوج مرتبطة بأوقات الصلاة لتكون الصلاة محرار التأقيت اليومي وذلك بسبب أن مواقيت الصلاة يغلب عليها الإنضباط بخلاف أوقات الأكل أو الشرب أو العمل).

السنة النبوية وكذا القرآن الكريم لا يجاوز تعيين مقصد واحد في الأغلب.
من يتتبع تقصيد الوحي من قرآن وسنة لبعض الأعمال يدرك بيسر أن المقاصد المذكورة فيهما ( عد منها إبن القيم أزيد من ألف في القرآن الكريم وحده ثم أرسل الأمر بعد ما علم أن الوحي مبناه التقصيد والتعليل) لا تجاوز ذكر مقصد واحد في كل مرة وأن المقصد المذكور فيهما يرتبط بالضرورة بما سماه العلماء : مورد الغالب. أي بما يغلب وجوده في تلك الأيام وإنما كان ذلك كذلك لأجل قصدين : أولهما أن يعلمنا أن الأحكام بمقاصدها من جهة وثانيهما أنه يمكن إكتشاف مقاصد أخرى يثمرها الزمان والمكان والحال والعرف في تقلباتهم من جهة أخرى.
أمثلة على ذلك.
مثال نحن بصدده. „ إنما جعل الإستئذان من أجل البصر”. البصر الذي أمرنا نساء ورجالا بالغض منه وليس بغضه إنما كان ذلك كذلك ليس بسبب أنه ذريعة إلى الفاحشة المعروفة فحسب كما يجمد على ذلك بعضهم ولكن كذلك بسبب أنه يؤذي المبصر( إسم مفعول). البصر الذي أمرنا بغضه يؤذي الحرائر مثلا. نحن اليوم لا ندرك ذلك جيدا بسبب عوامل جديدة مختلفة ولكن المرأة الحرة الحرية هنا ليست في مقابل الرق تؤذيها النظرة التي تحمل إليها إعجابا بها ممن لا تحب هي إعجابه سيما في حضرة بعض محارمها مثلا أو زوجها إن كانت محصنة بمثل ما تؤذيها النظرة التي تحمل إليها حفاء بها في غير محله وكل ذلك لا علاقة له بذرائع الفاحشة بحال ولكن للمرأة ربما بأكثر مما للرجل دائرة من الحياة الشخصية الخاصة التي تحرص على إحاطتها بضرب من الأسلاك الشائكة ذبا عنها. إنما الذي يغرينا جهلا أن المرأة إما أن تكون كريهة الريح بذيئة المظهر والمحيا لنصرف عنها أبصارنا أو متجملة في إعتدال عرفي ووسطية إسلامية لنصرف إليها أبصارنا تلسعها وتؤذيها ظنا منا أنها تجملت لنا تبيعنا الهوى كما يقولون. إنما الذي يغرينا جهلا أن المرأة لا تنفك فطرة عن الزينة والتجمل وليس دوما بقصد الغواية والإغراء. رب بصر يحدجك حدجا في موطن تظنه آمنا أو يوفر لك ترتيب مظهرك الخارجي قبل الخروج على الناس يكون أحرج عليك من سهم يمزق جلدك. لكل ذلك علاقة وطيدة بغريزة حب التقدير.
هل حدد النبي الأكرم هنا عليه الصلاة والسلام آفات البصر؟ طبعا لا. لم.؟ لأن البصر سهم من سهام إبليس ينكت في القلب نكتة شهوة إذا كان موجها إلى إمرأة بقصد المتعة ولكن كذلك لأنه يؤذي الغافل والغافلة حتى لو لم تصحبه شهوة ولذلك كان عليه الصلاة والسلام لا يحدق في وجوه الناس إلا بما يجعله يتعرف إليهم ثم يظل حييا ينظر في الأرض لئلا تعثر عينه على عورة فيهم فيؤذيهم بذلك.
حتى يكون الإتصال الهاتفي بيننا معروفا مبذولا أو نسجا لأواصر التآخي.
1 لا تغضب عندما تستأذن صاحبك برنات هاتفك مرة بعد مرة فلم يجبك. لم؟ لأن إتصالك إستئذان ومن حق المستأذن( إسم مفعول) إرجاعك. هو إستئذان للدخول عليه في بيته أو في عمله أو في أي شأن إختاره لنفسه ولو كان راحة بدنية أو نفسية. دخولك عليه شغل له قد يضطره إلى ترتيب أمره بأكثر ما يضطره دخولك عليه لحما ودما في بيته.
2 إذا أذن لك صاحبك من خلال قبوله إتصالك فبادر إلى سؤاله عن فراغه أو شغله. قد يكون صاحبك منهمكا في عمل أو في شأن خاص مع زوجه أو في خلاف حاد مع غيرك. بل قد يكون ضيفا أو مضيفا. وليس من إكرام الضيف الإنشغال عنه بالإذن لضيوف الهاتف. الضيف لحما ودما أولى وأبجل لأنه لحم ودم بين يديك وفي بيتك بينما لم يتجشم ضيفك البعيد سوى دق زر من أزرارالأثير. بل بادر إلى توضيح موضوع إتصالك حتى تمكن صاحبك من تقرير الأنسب لوقته وشغله وفراغه وضيفه.
3 بادر بتقديم نفسك ولا تحرج صاحبك. ألم تسمع الحبيب عليه الصلاة والسلام يكره قالة جابر عليه الرضوان له : أنا. من أنت؟ قد يخدعنا الصوت سيما إذا كان الأثير مغياما أو كانت أسلاك الهاتف معطبة.
4 إذا كان الإتصال لتهنئة أو لتعزية فأقصر كلامك على ذاك لتفسح المجال لغيرك يهنؤون الرجل أو يعزونه فإذا أردت حظوة أوسع من حظوة المتصل بالهاتف فما عليك إلا تجشم مشاق الأسفار. أما أن تخالف القاعدة المنطقية : الغنم بالغرم .. ذاك منك سوء أدب. لا تسو نفسك ولا حظك مع الضيف لحما ودما لتهنئة أو تعزية أو زيارة أخوية ودية مع مهنئ من مكتبه الوثير أو معز من سريره الكبير.
5 إذا إخترت أن تتصل بمن تريد دون إعلان رقم هاتفك أو إسمك (unbekannte teilnehmer) أي متصل مجهول باللغة الألمانية .. إذا إخترت ذلك وهو حقك المطلق فلا تسو نفسك وحظك مع من يتصل بإسمه ورقمه لأنه يتيح للمتصل به إمكانيات أوسع لترتيب أمره.
6 إذا إتصلت بصاحبك معلنا إسمك ورقم هاتفك فوق شاشة هاتفه فلم يجبك فلا تحرجه بإتصال جديد لا تعلن فيه إسمك أو رقم هاتفك لتضبطه متلبسا بما تحسبه جريمة أو تنسب لك فيها بطولة. بل يذهب بعضنا إلى إستخدام هاتف رفيقه ممن له علاقة وطيدة مع المتصل به ليحمله على إستقبال مكالمته التي كان قد ردها قبل ثوان. تلك خدعات لا تنسج حبال التآخي بالتأكيد. ها قد إنتصرت عليه حربا ومكيدة فهل سيحتفظ قلبه لك بمساحة ود أو حب؟
7 إستخدم رسائل ( إس إم إس) طريقة للإستئذان أو لغير ذلك بما لا يحرج صاحبك إذا كان ضيفا أو مضيفا أو منشغلا بأمر ما أو منهمكا في عمل ما. ولكن لا تنظر ( لا تنتظر) بالضرورة جوابا إذ حكم الرسالة الهاتفية حكم الإتصال الهاتفي وكلاهما يأخذ حكم الإستئذان.
8 لا تلاحق صاحبك بالمكالمات الهاتفية كمن يلاحق مجرما يريد القبض عليه. إذا لم يجبك من خلال هاتفه المحمول مرة من بعد مرة عاجلته بمكاملة عبر هاتفه الثابت في المنزل أو في المكتب وتظل به حتى تحول بيته أو مكتبه إلى كنيسة تدق أجراسها القوية المخيفة المزعجة. قد يكون صاحبك في شأن خاص جدا مع زوجه أو ولده أو حريف أو زبون أو خصيم أو ضيف أو مضيفا لم يره منذ سنوات طويلات.
9 إضمن لصاحبك عوراته الثلاث التي ضمنتها له سورة النور. ذلك حقه من الراحة والخلوة بنفسه أو بزوجه. إذا بدلت الأعراف تلك العوراث الثلاث بعورات أخرى ثلاث أو أكثر أو أقل فلا باس من ذلك وعليك رعاية ذلك إذ المقصد ضمان حريات الناس وحفظ كراماتهم وحرماتهم وخلواتهم بأنفسهم.
10 إنما جعل الإستئذان من أجل البصر عندما لم يكن هناك إتصال بغير البصر أما عندما حدث إتصال بيننا بغير البصر أي بطريق السمع فإنه يجب حفظ حريات الناس وكراماتهم وحرماتهم وحقوقهم في أنفسهم وخويصات أنفسهم وقد يؤذي السمع بمثل ما يؤذي البصر أو كما قال الشاعر : والأذن تعشق قبل العين أحيانا. السمع والبصر منافذ للعلم والإتصال وهي آلات محايدة قد نستخدمها للنفع وقد نستخدمها للضر والأذى. من صور ذلك الأذى أن يعلم من يخاطبك بالهاتف من حولك ومعك من الناس ومنهم من لا يحبذ ذاك لحاجة في نفسه لسنا مكلفين بالنبش عنها ولا بنكرانها أصلا.
11 إتصالك الهاتفي دخولك بيت غير بيتك وأنت بذاك ضيف وجب في حقك الإستئناس أي الإستئذان بمثل ما وجب السلام.
12 لأي معنى نهينا عن دخول بيت غير بيتنا ليس فيه أحد؟ إذا كان الإستئذان من أجل البصر الذي نحدج به أهل البيت فحسب فإن المنع من الدخول هنا ليس له أي معنى. ولكن المعنى هنا ألا نطلع على ترتيب بيت غير بيتنا دون إذن من أهله لئلا نطلع على عورة أثاث أو متاع. أرأيت كيف أن فهمنا لكملة ( بصر ) في الحديث قاصر؟ أرأيت كيف أن الإنسان المرأة خاصة لا يؤذيه النظر إليه فحسب ولكن يؤذيه النظر إلى حال بيته وعلى بيته يقاس مكتبه ؟ أرأيت كيف أن ما نسميه اليوم القضية الجنسية ليست سوى زاوية واحدة من زوايا النظر والبصر والإستئذان؟
13 أرأيت في النهاية كيف أن الوحي إهتم بمقصد واحد كان هو الأنسب يومها لمناسبة النزول أي ما ترتب على حديث الإفك وأنه أهمل المقاصد الأخرى التي تنتجها أعراف أخرى وبيئات أخرى؟ أرأيت كيف أن أغلى ما يكسب عقلك : نظرة جامعة لا جزئية؟
14 كيف تكون الفنادق مثلا بيوتا غير مسكونة؟ هي مسكونة ولكن سكانها مستعدون دوما لإستقبال الوافدين والزائرين لأن ذلك هو عملهم. أي : إنتفى أذى البصر والسمع. أي : لتكن زيارتك ضيفا أو متصلا بهاتف أو بأي ضرب من ضروب الإتصال المعاصرة من مثل السكايب وغيرها .. ليكن ذلك عفوا من الأذى والحرج والعنت والمشقة التي قد لا تنتبه إليها فلا تغرنك بشاشة مضيفيك أو هشاشك الشهماء والكرماء.. قد تدخل على إمرأة ربة بيت كريمة شهمة تبذل لك من الود ما به تهنأ وتسعد ولو تسمع منها قالتها في عقبك ما عدتها يوما ما حييت بسبب رهقك لها بزيارة مفاجئة.
15 لا يقاس الإتصال الهاتفي على السلام لأن السلام ليس له إستتباع على المسلم عليه سوى إستتباع رد السلام بما لا يكلفه شغلا يقتطعه من فراغه أو صرفا لعناية بضيفه الحاضر إلى ضيف غائب. لا يقاس ذلك على ذلك لأنه ليس من العرف أن يتصل متصل بالهاتف لمجرد أن يفشي السلام على صاحبه ولكن ليحادثه في موضوع ما. لو قيس ذلك على ذلك لقيل إن الإستجابة لكل إتصال هاتفي واجب لأن رد السلام واجب. ولكن يقاس على الإستئذان.
16 جرب نفسك : إذا ردك صاحبك الذي إتصلت به بالهاتف حتى مع علمك أنه فارغ غير مشغول فغضبت غضبا راكم من الكراهية له أو ترسبت به شحنات البغضاء في صدرك.. إذا شعرت بذلك فإن صاحبك أهداك فرصة ثمينة لتأطير نفسك على الحق النازل من السماء. هي فرصة عملية وهل هناك أبلغ من الدرس العملي؟ إذعانك هنا هو للحق الثابت في الإسلام وليس كما يسول لك الشيطان هو إذعان لهوى صاحبك.

إنما سخر لنا سبحانه الهاتف وسائر وسائل الإتصال السريعة صوتا وصورة لنشكره أولا ثم لنحكم تعمير الأرض بما يرضيه ثانيا ثم لتوطيد عرى التآخي بيننا والتكافل ثالثا .. فإذا إنقلب ميزان الأولويات ليكون التطور العلمي هادما لأقصد مقاصد الإسلام فينا أي : التآخي والتكافل معنى ومادة فإن الخلل فينا وليس فيمن أودع في الكون علما تنبجس لنا منه في عصورنا المتأخرة ما ينبجس من رغد عيش.
والله أعلم.
الهادي بريك ألمانيا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.