مسلمو أوروبا والصراط المستقيم : أو ضرورة التوازن ح1 -الصراط المستقيم فسر بأنه الطريق المستوي في الدنيا والجسر المضروب على جهنم في الآخرة وهو أحد من السيف وأرق من الشعرة.كيف نسير عليه ؟ يذكر أن من وقع من الجسر يوم القيامة يهوى في نار جهنم سبعين خريفا لا يدرك قعرها ومن يتنكب عن صراط الدنيا المستقيم يحيى حياة ضنكا قال تعالى {ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى} فالصراط الأخروي ما هو إلا امتداد لطريقنا المستقيم في الدنيا. وكلما أحسنت السير اليوم بالإسلام اليوم مرقت بسرعة على الجسر غدا.سيرنا إلى الله كدح : {يا أيها الأنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه} : ماهية الإنسان في غايته : وهدفه الوجودي السير إلى الله ما علاقة كل هذا المعلومات الكثيرة المألوفة بواقعنا في سويسرا خاصة وأوروبا ؟ لا يخفى على المسلم الأوروبي الهجمة الإعلامية والضغط النفسي والفكري الذي يتعرض له المسلم الأوروبي : كأن أصواتا من كل مكان تقول له لا نحبك حيران في الأرض ليس له أصحاب.. تصرخ الأصوات في وجهه . أنت غير مرغوب فيك وإن كان هذا يبدو أكثر في وسائل الإعلام، أما في الطرقات فالأخوات ربما أكثر عرضة- لارتدائهن الحجاب- للمضايقات من الرجال . هل سيسير المسلم على صراط الله المستقيم ويظل محافظا على خطواته نحو الله ويثبت يوم القيامة على الصراط الذي يعبر بنا النار التي لا شك كلنا واردها نحو الجنة؟ ألن يؤدي الضغط إلى الانفجار ؟ ألن يؤدي القهر والشعور بالغبن إلى ردة فعل غير متوازنة؟ التحدي الكبير أمام المسلمين : هو التطرف ولا أقصد هنا الارهاب بالسلاح فقط كما قد يتبادر إلى الاذهان ولكن : الإبتداع كما تحدث القرآن عن : الرهبانيين :فقال عنهم ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم الا ابتغاء وجه الله. المرء بطبيعته يميل على الإشباع الروحي ولكن البدعة في الدين إلى الشطط والغلو في جانب من جوانب المكونات الإنسانية : فلفرط حب الرهبان للروحانيات انعزلوا عن الفعل الحضاري والإجتماعي : إن أخشى ما يخشى على المسلمين : هو اللجوء إلى المغارات : والمغارات ثلاث: مغارة الثقافة ومغارة الروحانيات ومغارة : "العمل" : أقصد القتال أو الاهتمام بالإنجازات الدنيوية المنقطعة عن كل مقصد. ما هي الميول الإنسانية ؟ هي الانسياق – وجود الراحة - نحو مكون من مكونات الانسان .
ما هي مكونات الشخصية الإنسانية والإسلامية ؟ ثلاث مكونات : الروح والعقل والعمل.هكذا خلق الانسان معدلا معتدل التكوين أو في أحسن قوام : {ولقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم} : والتقويم هنا بمعنى التوازن: قال تعالى : {وزنوا بالقسطاس المستقيم} وقال {وأقيموا الصلاة } فحتى تقوم على رجليك لا بد أن تكون متوازنا ناهيك أن تمشي والله أعدك للسير إليه بأن منحك استعدادا للمشي السوي بأن خلط تكوينك : روحا وعقلا وعمل. {يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم الذي خلقك فسواك فعدلك}. البعض تجده يميل إلى الروحانيات وهذا حق طبيعي والبعض يميل إلى العقلانيات وهذا من حقه والبعض يميل إلى العمليات وهذا من حقه .فللإنسان أن يسكن إلى البيت الذي تربى فيه. الغلو الإبتداع التطرف أن تتعصب إلى ميلك الطبيعي وتنفي بقية الجوانب فيك وتدخل في حرب إلى جانب ميل من ميول نفسك ضد نفسك أو ضد ميل من ميولاتها أو ضد ميولات الآخرين : فإن كنت من أهل الروحانيات تجدك تمقت من مالت نفسه للعقلانيات ومن كان من أصحاب الفكر تجده يهزأ بأهل العبادة والتنسك ومن كان من أهل العمل تجده يزدري فعل السابقين. ونسي أن لله طرقا إليه بعدد خلقه وأن كلا يعمل على شاكلته كيف تتوازن مكوناتي ؟ يتبع إن شاء الله