الأستاذ. عبد الحق محمد الحبيب إكوديان أقر أن تناول واقع وآفاق المسلمين بإيطاليا تعترضه عقبات كأداء تبرز جلية في ظواهر أبرزها.. *غياب دراسات معمقة عن واقع المهاجرين المسلمين بأرض دانتي وليوناردو دافنتشي ومحضن عاصمة الكاثوليكية في العالم. *طبيعة وتكوين أغلب المهاجرين المسلمين وغلبة فئة العمالة اليدوية ونقص التكوين والتأطير بمستوياته المختلفة. *تشتتهم جغرافيا وتباعدهم وغياب أي تنسيق يجعل الحصول على معلومات تواصلية أمرا بعيد المنال. ثم إن تنوع الهيئات الممثلة للجالية وتعدد التنظيمات بمختلف تلاوينها مع غياب مؤسسة جامعة يفرض تحديا سنأتي على ذكره لاحقا إن هذه الحلقات خي مقتطفات من مؤلف شارفت على إنهائه وسيقدم ورقة في مؤتمرات دعينا إليها وكذلك بوصفه مقدمة لأطروحة الماجستير أو الدراسات العليا التي ادعو القراء الأكارم أن يكثروا من الدعاء لنا لنوفق في الحصول عليه بحول الله بقيت كلمة لابد منها وهي أن دوافع البحث ليست عملا تشويشيا أو تحكمه دوافع هوى شخصي أو إكراهات تنظيمية بل إن كاتب السطور يملك بين جنبيه محبة لجميع المؤسسات الإسلامية العاملة بهذا القطر والبحث هو عمل أكاديمي سيكون عونا لها على وضع خارطة طريق عل الله عزو وجل يمن علينا بمشروع يوحد الجميع ويضمن اعتراف الدولة الإيطالية بالإسلام مع ما يتلوه من تبعات خير على أمتنا بإيطاليا. كلمة لابد منها : هل نحن منصفون؟ جمعتني حوارات مع إخوة يقيمون خارج إيطااليا ويحملون تصورات تحتاج إلى بعض التصويب وهم معذورون لأن مصادرهم إما إعلام إثارة أو ناقل غير أمين أو ناقل تنقصه خصلة الدقة في النقل وحسن فهم واقع هذا البلد الذي ألخصه في كلمتين رائع رغم كل المعاناة. قد يقول قائل هذا غزل وتشبيب يحتاج تبريرا, لكنه إقرار بواقع الحال وليس غزلا مجانيا ولايخفى على مدارك القارئ الكريم أن الإسلام أمرنا بالإنصاف ,وقد لمست من بعض أشباه المتدينين ومن سايرهم من الجهال سبا وشتما لهذا البلد وأهله بل ونعتهم بأقذع النعوت ووصفهم بالكفر والدعوة إلأى استباحة نسائهم وأخذهن سبايا ليبرروا فجورهم وفسقهم ثم تبرير بيع المخذرات لهم كونهم كفارا وإذايتهم واجبا ولعمري إن الرد على هذا الجهل المطبق والسواد العقلي والظلمة القلبية والصمم والشلل الذي أطبق على أصحابه حتى استحالوا ينتجون فتاويهم في الأقبية وإن منهم من حصل على أوراقه بدعم من قسيسن ورهبان وسوف آتي على هذا لاحقا. المقياس المثنى لعل من عظيم البلاء الذي يصيب الفكر في مقتل أن تتحول تصوراتنا إلى عصي منبتها الهوى نهوي بها على رأس الحق ونقبر معه الإنصاف غياهب الجب فلايجد سيارة ولاواردا يشتريه بثمن بخس حقائق معدودة وكانوا فيه من الزاهدين فيصير النظر إلى الحقائق بعين واحدة ويستحيل الشمول تجزيئا ويغلب الظلم العدل وتصبح معايير زمن الغربة جعل الحق باطلا والباطل حقا وهنا يكيل الناس كقوم شعيب ويطففون في الميزان فالأخف لأنفسهم وألأثقل على غيرهم وقد أفرد ربنا تبارك وتعالى سورة المطففين لتبيان ذلك المسلك الملوث وهدمه أسس الثقة بين العالمين ولذا فإن مفخرة أمتنا في علم الجرح والتعديل الذي شهد له مؤرخوا الشرق والغرب من غير المسلمين أنه أعظم علم في تبيان مراتب الرجال دون الخضوع للهوى فرحم الله البخاري وصحبه. إن الحياد خرافة في الحديث الإنساني عن تاريخ بعضهم البعض لذا كان القرآن صريحا واضحا قاطعا وهو يقول{وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَئَانُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}المائدة 2،8 فيحمل الحقد البعض على النظر بعين مسودة ويحاكم الطليان بتاريخ موسوليني وأجدادهم المستعمرين ناسين أن هذا الشعب كغيره ثار على طغاته وأحدث قطيعة معرفية وسلوكية معهم ويحاول أن يقدم صورة مختلفة عنهم نلمسها نحن في قيم العدالة التي ننعم بها بينهم. وتجاوز ثقافة الحقد المسبق رهينة أن يستشعر الناس بتجرد ؤقيهم إلى ربهم واطلاعه على مايسرون مايعلنون وبالمقابل لاينبغي أن تفهم محبتنا لهذه الأرض كونه شعور أعمى يدفعنا للموالاة المطلقة والإقرار ببعض الممارسات غير المقبولة وهي كذلك وإن صدرت من الأقربين دما وأرضا { فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا } الأعراف : 85. وأما ثالثة الأثافي وهو الذي قيل عنه نون الهوان من الهوى محذوفة *** فإذا هويت فقد لقيت هواناً وهو مصدر البلاء والشيطان المختفي بين التفاصيل ,ولعل المدنيات التي كأن لم تغن بالأمس وتفرق أهلها أيدي سبأ تدين بذلك لمملكة الهوى وجنوده. وقد علم الصحابة ذلك ووعوه في مسلكيات رسول الله صلى الله عليه وسلم حين كان ينصف الناس مسلمين وغير مسلمين ولم يقبل أن يدع حدا من حدود الله ولو كان الفاعل من أهل بيته حاشاهم جميعا راضين مرضيين. وقد كان ديدن من سبق أن يعاقبوا ضعاف الخلق ويتركوا المترفين وهم في الذنب سواء وتلك كانت دابة الأرض التي أكلت منسأة الحضارات. لقد ضرب العملاق الفاروق عمر بن الخطاب والبطل الفدائي علي بن أبي طالب رضي الله عنهما المثل الناصع في الإنصاف وهما ينزفان على فراش الإحتضار سائلين عن قاتليهما وآمرين بالإنصاف في القصاص فلايظلمون ولايظلمون وكان حقا على الله نصر المؤمنين. وتأمل معي كيف يعلق سيدنا علي وقد ذكر له مخالفوه من الصحابة رضوان الله عليهم وفيهم من قاتله فأجاب : إخواننا بغوا علينا. إنني أقر منصفا أن المهاجرين بإيطاليا يلقون أفضل معاملة ممكنة رغم تصريحات بعض المحسوبين على التشدد في السياسة الإيطالية فهؤلاء يغردون خارج السرب ومواقفهم سببها مايمتلكونه من حجج عن ثقافة الكراهية التي يشيعها بعض الأئمة في الخطب ثم السلوكيات المستهجنة من بيع السموم البيضاء ومن قبل مهاجرين بدون وثائق تركتهم الشرطة ليعيشوا كراما فردوا الجميل بإفساد الأرض وإهلاك الحرث والنسل والله لايحب الفساد. في أية دولة يقابل الشرطي مهاجرا بدون أوراق فيتركه لحال سبيله؟ وفي أيها يدخلون المستشفى ويعالجون بمايفوق 100الف يورو ثمنا لبعض العمليات مجانا ويتقاضون المرتبات كنظرائهم الطليان سوى في أرض الطليان ,وكم مهاجرا حصل على أوراقه بمساعدة القساوسة الذين ضمنوه أمنيا وسكنا دون أن يسعوا لتنصيره ومانالهم سوى القدح والذم إن المعاناة ليست مبررا لشتم أهل هذه الأرض فالجميع في الكربة سواء ولم نر احتراما للعقيدة كما في إيطاليا بل لمدة تفوق العشرين عاما تجاوز الطليان عن كل الأخذاء التي شابت تأسيس كثير من المراكز شفقة ورحمة وغضا للبصر عنهم.معذرة أحبتي لو سردت مجمل الإمتيازات بهذا البلد لظنني الناس واقعا في هواها لكنه الإنصاف ثم إنني لا أخفي محبتي لبلد وشعب استوعب مليون مهاجر اتى أغلبهم متسللا عبر البحر وفتح لهم باب العمل ويسر أمور أوضاعم القانونية وكان سندا لنا في دعم كل قضايا أمتنا بالملايين وإلى أن نلتقي في الحلقة القادمة دعوني ألقي التحية على حديق أوربا ودولة الفن الجميل والشعب الطيب إيطاليا الجميلة وتحية خاصة لجارتي العجوز إيمانويلا التي افتقد تحيتها الصباحية منذ غادرت مدينة بادوفا. في الحلقة القادمة سنطرق باب الأدوات المنهجية التي سنسلكها في بحثنا ونتحدث عن ملامح من تاريخ الإسلام والمسلمين بأرض الطليان ... لاتنسوا أقدامنا في الأرض وقلوبنا في السماء وشرف الكلمة قبل حريتها مع خالص المحبة والتقدير رئيس مؤسسة المأوى الدولية لحصائد الخير بإيطاليا