عزيز ذلك الذي ألقى في وجه أخيه صدقة في شكل بسمة، وعزيز ذلك الذي كان في عون أخيه، وعزيز ذلك الذي أماط الأذى عن الطريق، وعزيز ذلك الذي شاكته شوكة في سبيل الله.. أعزّة هؤلاء جميعا، لكن كيف بالذي تعرض إلى حقول من الأشواك؟!.. كيف بالذي نخرته ونخلته الأشواك؟!.. كيف بالذي هدهدت رحيق عمره الأشواك؟!.. كيف بالذي شحذوا له الأشواك وشحنوها ثم أرسلوها عليه.. لا لتشوكه وتلسعه إنّما لتعقر جسمه النحيل عقرا..
كيف بالذي مدّدوه وصلّبوه وقلّبوه على خبائث الأشواك؟! كيف به؟!!.. لله درّه إذ يتعايش مع أشواكهم المسعورة لألفيتين ولقرنين ولعقدين..
عشرون عاما وهم يشوكونه!!.. عشرون عاما ليس له من الزاد إلا "حسبي الله ونعم الوكيل"...
هذا الذي سجن قبل الإنترنت وقبل شيوخها - جوجل، ميكروزوفت وإكسبلورر وفايرفوكس- وقبل شبابها - سكايب ومسنجر وياهو- وقبل غلمانها - فايسبوك وتويتر- ..هذا الذي سجن قبل بروسترويكا غورباتشوف وقبل انهيار المعسكر الشرقي هذا الذي سجن قبل الستالايت وقبل القنوات المشفرة والمفتوحة وقبل الجزيرة وقبل إقرأ!!.. هذا الذي سجن عندما كان بورقيبة ووسيلة والهادي نويرة.. على قيد الحياة وعندما كان فرح عيديد وفريدريك وليام دي كليرك في السلطة وعندما كانت جنوب إفريقيا تحت حكم "الأبارتايد"، هذا الذي سجن عندما كان ميتران يحكم فرنسا، وعندما كان بلاتيني لاعبا في ميادين الكرة..
أبدا لا يمكن أن تسري على مثل هذا عزّة العوام، هذا عزّته خاصة.. عزّته تتدفق عبر الجداول، تتسرب من ثنايا الصخور نظيفة رقراقة عذبة لتتجمع في بحيرة تكون وقفا للشيخ!! تلك بحيرة العزّة يتردد عليها أصحاب الأنفس الثقيلة والهمم البخيلة والألسن الطويلة ! لعلّهم وهم في حماها تلفحهم نسائمها فتطرد بعض ما علق بهم من وهن.
على الذين لا يجيدون فن الصبر ويحترفون فنون الثرثرة أن يخفتوا من صوت مذياع التشويش لأنّ الفرصة قد لا تعاد، وأنه قد لا يكون لليوم غد بعده!!!.. انتبهوا بعد قليل ستشاهدون بأم أعينكم كتلة من الصبر تتحرك في الطريق العام، ستشاهدون الثبات تشكّل في لحم ودم.. لديه قدمين وينتعل فردتي حذاء، سترونه يدبّ في الزقاق والأسواق ويتبسم في وجوه المارّة!.. لا تجهدوا أنفسكم وتتعبوا أعناقكم، لن يضيع في الزحام.. فسماته معروفة ونادرة! عيناه واسعتان وجسمه نحيل مكتوب على جبينه حرف ""لا"".... "لا للظلم".. "لا للاستكانة".. "لا للتفريط في مشروع خيرالدين والثعالبي وبن عاشور وخليفة والنيفر وسلامة".. "لا لبيع إرث الشهداء"..
تنبيه:
على كل الذين سيشدّون الرحال إلى بيت الشيخ من أجل تهنئته أن لا يمسّوا شيئا من طيبهم لأنّهم سيتعرّضون في بيت الدكتور إلى رياح العزّة الزكيّة الفوّاحة فتنسخ ما بهم من طيب..
رجاء:
ونحن في إطار الأفراح والمسرّات، رجاءً عدم إخبار شورو بأسماء من تورّطوا في تزكية من حجب عنه الشمس طوال عشرين عاما.. لا تخبروه عمّن فوّت عنه طفولة أطفاله.. لا تخبروه عن أولئك الذين زكّوا من حجب عن شورو صغاره حتى إذا خرج بعد دهر من سجنه فتح ذراعيه لصغيرته لتعدو إليه ويحتضنها؛ فأطلقت إليه صغيرته صغيرتها..
جيل كامل رُدم بجرّة قلم!!! ابتسم.. إنّك في دولة القانون والمؤسسات،، دولة لا ظلم بعد اليوم!!!
لا تندم على ما فاتك من وقائع وأحداث يا صادق.. حين كنت تبتهل بالليل لربك في قبوك المظلم، مات أقوام في خمّاراتهم،، ومات أقوام في ملاهيهم،، ومات أقوام آخرون بتخمتهم.. قصيرة هي هذه الحياة يا صادق، وطويلة جدا تلك التي اقتطعت لها من عمرك عشرين عاما..
مرحبا بك بين شعبك ناسكا متعبّدا خارجا لتوه من خلوته.. مرحبا بك أيّها الجبل الأشمّ.. مرحبا بك أيها الصادق.. مرحبا بك يا شورو..