فضيحة تعاطي كوكايين تهز ال BBC والهيئة تستعين بمكتب محاماة للتحقيق نيابة عنها    اليوم: أحمد الجوادي ينافس على ذهبية سباق 1500 متر في بطولة العالم للسباحة بسنغافورة    بطولة العالم للسباحة: الأمريكية ليديكي تفوز بذهبية 800 م حرة    برنامج متنوع للدورة ال32 للمهرجان الوطني لمصيف الكتاب بولاية سيدي بوزيد    تقية: صادرات قطاع الصناعات التقليدية خلال سنة 2024 تجاوزت 160 مليون دينار    وزارة السياحة تحدث لجنة لتشخيص واقع القطاع السياحي بجرجيس    الجيش الإسرائيلي: انتحار 16 جندياً منذ بداية 2025    عراقجي: قادرون على تخصيب اليورانيوم وبرنامجنا لا يدمره القصف    رفع الاعتصام الداعم لغزة أمام السفارة الأمريكية وتجديد الدعوة لسن قانون تجريم التطبيع    وزارة التشغيل: التسجيل في برنامج دفع تشغيل الاشخاص ذوي الإعاقة يتواصل الى هذا الموعد    بلدية مدينة تونس تواصل حملات التصدي لظاهرة الانتصاب الفوضوي    دورة تورونتو لكرة المضرب: الروسي خاتشانوف يقصي النرويجي رود ويتأهل لربع النهائي    إيمانويل كاراليس يسجّل رابع أفضل قفزة بالزانة في التاريخ ب6.08 أمتار    طقس الأحد: خلايا رعدية مصحوبة بأمطار بهذه المناطق    طقس اليوم الاحد: هكذا ستكون الأجواء    الإمضاء على اتفاقية تعاون بين وزارة الشؤون الدينية والجمعية التونسية للصحة الإنجابية    نانسي عجرم تُشعل ركح قرطاج في سهرة أمام شبابيك مغلقة    ما ثماش كسوف اليوم : تفاصيل تكشفها الناسا متفوتهاش !    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    عاجل/ تحول أميركي في مفاوضات غزة..وهذه التفاصيل..    عاجل: ما تشربوش من''عين أحمد'' و''عين أم ثعلب'' في تالة!    عارف بلخيرية رئيسا للجامعة التونسية للرقبي لفترة نيابية جديدة    829 كم في 7 ثوان!.. صاعقة برق خارقة تحطم الأرقام القياسية    خطر تيك توك؟ البرلمان المصري يهدد بالحظر!    كلمة ورواية: كلمة «مرتي» ما معناها ؟ وماذا يُقصد بها ؟    معاينة فنية لهضبة سيدي بوسعيد    في نابل والحمامات... مؤشرات إيجابية والسياحة تنتعش    اليوم الدخول مجاني الى المتاحف    جامع الزيتونة ضمن السجل المعماري والعمراني للتراث العربي    غازي العيادي ضمن فعاليات مهرجان الحمامات الدولي: ولادة جديدة بعد مسيرة حافلة    تململ وغضب ودعوات للمقاطعة.. 70 دينارا لحم «العلوش» والمواطن «ضحيّة»!    درجات حرارة تفوق المعدلات    لرصد الجوي يُصدر تحييناً لخريطة اليقظة: 12 ولاية في الخانة الصفراء بسبب تقلبات الطقس    الكاف: شبهات اختراق بطاقات التوجيه الجامعي ل 12 طالبا بالجهة ووزارة التعليم العالي تتعهد بفتح تحقيق في الغرض (نائب بالبرلمان)    البطولة العربية لكرة السلة - المنتخب التونسي يفوز على نظيره القطري 79-72    شائعات ''الكسوف الكلي'' اليوم.. الحقيقة اللي لازم تعرفها    قبلي: يوم تكويني بعنوان "أمراض الكبد والجهاز الهضمي ...الوقاية والعلاج"    بشرى سارة بخصوص مباراة السوبر بين الترجي والملعب التونسي..    قرطاج يشتعل الليلة بصوت نانسي: 7 سنوات من الغياب تنتهي    الإدارة العامة للأداءات تنشر الأجندة الجبائية لشهر أوت 2025..    عاجل/ وزارة الفلاحة توجه نداء هام لمُجمّعي الحبوب وتقدّم جُملة من التوصيات للفلاحين..    كيف حال الشواطئ التونسية..وهل السباحة ممكنة اليوم..؟!    عاجل/ شبهات اختراق وتلاعب بمعطيات شخصية لناجحين في البكالوريا..نقابة المستشارين في الإعلام والتوجيه الجامعي تتدخل..    تنبيه هام: تحويل جزئي لحركة المرور بهذه الطريق..#خبر_عاجل    زلزال بقوة 6.2 درجة يضرب هذه المنطقة..#خبر_عاجل    شراو تذاكر ومالقاوش بلايصهم! شنوّة صار في باب عليوة؟    تحذير: استعمال ماء الجافيل على الأبيض يدمّرو... والحل؟ بسيط وموجود في دارك    اتحاد الشغل يؤكد على ضرورة استئناف التفاوض مع سلطات الإشراف حول الزيادة في القطاع الخاص    "تاف تونس " تعلن عن تركيب عدة اجهزة كومولوس لانتاج المياه الصالحة للشرب داخل مطار النفيضة- الحمامات الدولي    وفاة جيني سيلي: صوت الكانتري الأميركي يخفت عن عمر 85 عامًا    أحمد الجوادي في نهائي 1500 متر: سباحة تونس تواصل التألق في بطولة العالم    كيفاش أظافرك تنبهك لمشاكل في القلب والدورة الدموية؟    الرضاعة الطبيعية: 82% من الرضّع في تونس محرومون منها، يحذّر وزارة الصحة    سهرة قائدي الأوركسترا لشادي القرفي على ركح قرطاج: لقاء عالمي في حضرة الموسيقى    بطاطا ولا طماطم؟ الحقيقة إلّي حيّرت العلماء    القصرين: منع مؤقت لاستعمال مياه عين أحمد وأم الثعالب بسبب تغيّر في الجودة    تاريخ الخيانات السياسية (33) هدم قبر الحسين وحرثه    شنوّة جايك اليوم؟ أبراجك تكشف أسرار 1 أوت!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لا عيش مشتركا بغير حلم مشترك
نشر في الحوار نت يوم 09 - 11 - 2010

أحد يجادل في أهمية أن نعرف ماذا حدث لمصر والمصريين خلال السنوات الأخيرة، لكنى أزعم أن الأهم من ذلك أن نعرف أيضًا لماذا حدث ذلك، لأنه إذا كان تشخيص العلل واجبا، فإن تحرى مصدرها أوجب.
(1)
نشرت صحيفة «الشروق» يوم الخميس الماضي (4/11) مقالة للدكتورة نيفين مسعد أستاذة العلوم السياسية بجامعة القاهرة حذرت فيها من تعدد الانقسامات في المجتمع المصري، التي لاحظتها مجسدة في مدرجات الجامعة. فذكرت أنه مع ظهور الجماعات الإسلامية في الجامعات إبان سبعينيات القرن الماضي بدأ الفرز التدريجي بين الطلاب والطالبات على أساس الجنس، حيث أصبح أغلب الذكور يجلسون في جانب في حين اتجهت الإناث إلى الجلوس في جانب آخر.

ثم لاحظت أن ثمة فرزا آخر بدأ يظهر في وقت لاحق على أساس الطبقة، وتحدثت عن نموذج لإحدى طالبات القسم الإنجليزي بكلية الاقتصاد رفضت الاشتراك في بحث مع زميلتها في القسم العربي. ولفتت الانتباه إلى اصطفاف ثالث لاحت بوادره انبنى على أساس الانتماء الديني بين المسلمين والأقباط. وهو ما اعتبرته أخطر أنواع التمييز.
وحذرت من التداعيات التي يمكن أن تفضي إلى مزيد من الاصطفافات والشرذمة، على أساس الانتماء إلى المذهب أو إلى التيار الفكري أو الفصيل السياسي. ثم خلصت إلى أنه «لابد من كسر حاجز الجليد داخل مدرجات الجامعة» قائلة إن أي أستاذ مخلص لا يقبل أن يكون شاهدا على أجيال تعيش في جزر متباعدة وتضمها أمصار التعصب والفتنة، مع أن الاسم أن مصرنا واحدة».
رسالة المقالة أطلقت تحذيرا في محله لا ريب، حيث سلطت الضوء على أعراض واقع سلبي يتشكل في مصر. إلا أنه ينطبق عليها الملاحظة التي أوردتها في الأسطر الأولى، من حيث إنها قدمت لنا إجابة عن السؤال «ماذا»، وتركتنا حائرين لا نعرف بالضبط «لماذا»؟، رغم أنها ألمحت إلى أن الفرز في الجامعات بدأ مع ظهور نشاط الجماعات الإسلامية بين طلابها.
هذا التوصيف ينطبق على أغلب الكتابات الصحفية التي تناولت المتغيرات الاجتماعية والثقافية التي طرأت على الواقع المصري، خصوصا تلك التي عالجت أبرز الهزات التي ضربت ذلك الواقع، وتمثلت في ظاهرتي العنف والإرهاب وأجواء التعصب التي أفضت إلى توترات ومشاحنات بين المسلمين والأقباط.
إذا أحسنا الظن فقد نقول إن الكتابات الصحفية بطبيعتها لم تحتمل غوصا في الأعماق وسبرا للأغوار. لكن ذلك لا يمنعنا من ملاحظة أن نسبة غير قليلة من تلك الكتابات ظلت مهجوسة بمحاكمة الواقع ورافضة لتقصى جذوره، إما سعيا وراء تصفية الحسابات الفكرية دفاعا عن الذات، أو استجابة لتوجيهات سياسية دفاعا عن الحكومة. وفي الحالتين فإنها تجاهلت عمدا عوامل البيئة التي أفرزت تلك التحولات.
اختلف الوضع بصورة نسبية فيما يتعلق بالكتب والأبحاث التي تناولت الموضوع. وفي المقدمة منها كتاب «ماذا حدث للمصريين» الذي أصدره الدكتور جلال أمين في عام 1998، وأرجع فيه أغلب التحولات إلى ما سماه «الحراك الاجتماعي» وثيق الصلة بأجواء الانفتاح الاقتصادي التي عصفت بالمجتمع المصري منذ السبعينيات (لاحظ أن الدكتورة نيفين سعد أرجعت مقدمات الفرز داخل الجامعات إلى بدء ظهور الجماعات الإسلامية في محيطها في الفترة ذاتها) وللدكتورة عزة عزت كتاب في الموضوع تناول التحولات في الشخصية المصرية، كما أن مركز البحوث الاجتماعية والجنائية ظل متابعا للمتغيرات الحاصلة في المجتمع، من زاوية رصد مؤشراتها المختلفة. وهو ما عمدت إليه دراسة أصدرها مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء.
(2)
أعاد الدكتور جلال أمين سؤال المتغيرات يوم الجمعة الماضي (5/11) حين نشرت له جريدة «الشروق» مقالا تمثل عنوانه في السؤال التالي: كم تدهورنا منذ الشيخ محمد عبده؟ وقد استهل المقال بتسجيل انطباعاته حين أعاد قراءة أفكار الشيخ الإمام وآرائه النيرة التي عالج فيها قضية العلاقة مع غير المسلمين والموقف من العقل والتكفير والفنون وغير ذلك.

وعلق على تلك الأفكار بقوله إنها راعته ليس فقط لتقدمها ولكن أيضا لأنها كشفت له عن مدى التدهور الذي وصل إليه حالنا. وتساءل بعد ذلك قائلا: هل تحتاج وزارة التربية والتعليم وهي تبحث عن كتب جديدة تضعها بين أيدي الطلاب إلى إطالة البحث، ولديها وأمام عينيها كتابات الشيخ محمد عبده البسيطة والواضحة، والتي يمكن أن يتعلم منها التلاميذ ليس فقط كراهية التعصب وحب المختلفين عنهم في الدين وأهمية البحث العلمي والابتكار، بل تغرس فيهم أيضا حب اللغة العربية الجميلة؟
على الهاتف قلت للدكتور جلال أمين إن أغلب الآراء المتقدمة والبديعة التي عبر عنها الشيخ محمد عبده موجودة في كتابات سابقيه ولاحقيه، وإن ما يحتاج إلى تفسير وتحليل هو ظهور تلك الأفكار النيرة في مرحلة ثم سيادة الأفكار المضادة والمظلمة في مرحلة أخرى.
علما بأن تأثير هذه الأفكار النيرة أو تلك المظلمة لا تقف عند حدود المتلقين، ولكن الحاصل أن أصداءها تنعكس على الإدراك العام، بحيث تشيع أفكار الإمام محمد عبده، وأمثاله انطباعا إيجابيا عن سعة الإسلام وسماحته وقدرته على احتواء الجميع على النحو الذي يشهد به سجل التجربة الإسلامية. أما الأفكار المظلمة فإنها تشكل إدراكا معاكسا يصور الإسلام بحسبانه قطيعة مع الآخرين وإقصاء للمخالفين وإهدارا لحقوق النساء وغير المسلمين. إلى آخر الشرور والمثالب التي تعرفها.
في الحالتين ظلت المرجعية الإسلامية واحدة لم تتغير، ولكن الذي حدث أن ظرفا تاريخيا إيجابيا توافر في لحظة ما فاستدعى الأفكار النيرة والبناءة. ثم في ظرف تاريخي آخر برزت عناصر سلبية استدعت من ذات الوعاء أفكار التعصب والقطيعة والفتنة. وهذا الظرف يتمثل في البيئة السياسية والثقافية والاجتماعية السائدة، التي تشكل تربة استنبات الأفكار.
إذا صح ذلك التحليل فهو يعنى أن الاكتفاء بمحاكمة الأفكار بمعزل عن البيئة التي أنتجتها لا يرتب حكما خاطئا فحسب ولكنه أيضا لا يسهم في علاج أي من العلل التي واجهت المجتمع بسببها، وإنما يؤدي إلى استفحال تلك العلل واستعصائها بمضي الوقت.
(3)
ثمة خطاب يسعى إلى إقناع الرأي العام بأن الإسلام أصبح مشكلة في مصر، ولا أعرف ما إذا كان ذلك من قبيل التحدي المرحلي لشعار «الإسلام هو الحل» الذي يرفعه الإخوان المسلمون، أم أن الانحياز إلى هذا الموقف يستهدف استبعاد الإسلام وإخراجه من المجال العام.

لكن الشاهد أن الاحتمالين قائمان. ذلك أن بيننا من يريد فقط أن يتحدى شعار الإخوان لفض الناس من حولهم في المعركة الانتخابية، وهناك أيضا من لم يخف سعيه وإلحاحه على إقصاء الإسلام ونفيه من الواقع. وهى ممارسات أصبحت تتم على المكشوف، حتى إن بيانا صدر ووقعه نحو مائة من المثقفين العلمانيين طالبوا فيه صراحة بإلغاء المادة الثانية من الدستور التي تنص على أن الإسلام دين الدولة والعربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة المصدر الرئيسى للتشريع. ولا تزال تلك الدعوة تتردد في كتابات بعض المثقفين، الذين اعتبروا أن إلغاء الهوية الإسلامية هو مفتاح حل المشاكل، الذي به يتحقق السلام الاجتماعي ويتقدم المجتمع المدني ويعود الوئام إلى علاقة المسلمين بالأقباط.
صحيح أن الذين يتبنون هذا الموقف الأخير قلة استثنائية في المجتمع المصري، ولكن أغلب هؤلاء مكنوا من مواقع مؤثرة في مجالات الإعلام والثقافة. الأمر الذي سمح بتوسيع نطاق تشويه الإدراك العام، حتى أصبحت الفكرة مسلما بها لدى قطاعات غير قليلة من المتعلمين، وغابت عن الأذهان حقيقة أن المجتمع المصري عاش طويلا في ظل التعاليم في سلام ووئام، وأن الإسلام فيه ظل مصدر قوة وليس مصدر ضعف، وما خطر على بال أحد أن يكون الإسلام مصدرا لتعاسته كما يصور البعض الآن.
(4)
عندي ستة أسباب أزعم أنها تكمن وراء حالة الانفراط والتفكك التي تسود المجتمع المصرى الآن، وأزعم أنها تفسر الكثير من الأعراض التي ظهرت على سطح المجتمع. هذه الأسباب هي:
* غياب الديمقراطية، الذي كان بمثابة ضربة قاصمة لفكرة العيش المشترك. من ثم فبدلا من أن يشعر المواطنون بأنهم شركاء في صناعة الحاضر وبناء المستقبل، بدلا من أن يشتركوا في نسج الحلم معا، فإنهم اكتشفوا أنهم مجرد رعايا لنظام احتكر السلطة واختار أن يحتكر أيضا صناعة الحاضر والمستقبل. وهو ما حكم على المواطنين بالاغتراب في الوطن، فلجأت كل جماعة منهم لأن تحتمي بالجماعة أو الفئة أو القبيلة السياسية.
* غياب الرؤية الإستراتيجية، الذي أشاع قدرا لا يستهان به من الحيرة في المجتمع، بحيث لم يعد الناس يعرفون بالضبط هم مع ماذا أو ضد ماذا، ومن هم الأصدقاء ومن هم الأعداء. وحين غابت تلك الرؤية تمزق الوعي المشترك وتحول المجتمع إلى جزر منفصلة. فانكفأ كل على ذاته، واستشعر غربة إزاء الآخر.
* تشويه الدين وتخويف الناس منه، وتصويره باعتباره عنصر إقصاء وخصما وسببا في التخلف، وليس رافعة للتقدم وبابا للتراحم والتعاون على البر والخير، وإذا كان المتعصبون والإرهابيون قد أسهموا في ذلك التشويه فإن الخطاب السياسي والإعلامي انصرف إلى قمع التعصب والإرهاب، ولم يلق بالا إلى تشجيع الاعتدال والمراهنة عليه.
* الدور التاريخي الذي قام به العلمانيون في الإلحاح على إضعاف الدين وتهميشه، والإلحاح على اعتبار حضوره في المجال العام مصدرا لمختلف الشرور التي تهدد المجتمع. وقد كان ولا يزال جهدهم الذي بذلوه في تعميق الوقيعة بين المسلمين والأقباط على رأس الشواهد الكاشفة لذلك الدور.

* الضائقة الاقتصادية التي ضغطت بشدة على مختلف الشرائح، وسحقت الطبقة الوسطى التي كانت تقليديا أحد أهم عناصر القوة والإبداع في المجتمع، ولأن «الجوع كافر» كما يقال فلك أن تتصور تأثيره على منظومة القيم السائدة، وعلى علاقات الطبقات والفئات بعضها ببعض، وعند الحد الأدنى فإنه يتعذر الدفاع عن قيمة التسامح مثلا حين يصبح الجميع تحت وطأة تلك الضائقة.
* الاختراقات الخارجية التي استثمرت أجواء ضعف مناعة المجتمع لكي تمارس حضورها وأنشطتها في ساحات عديدة، مستفيدة من حالة الوهن التي تعانى منها منظمات المجتمع المدني لصالح إغداق التمويل على تلك المنظمات، الذي ارتبط دائما بأجندة الجهات الممولة، في المجالين السياسي والاجتماعي.
إن الانفراط الحاصل في المجتمع المصري الآن، والتفكيك المشهود لوشائجه وروابطه نتيجة طبيعية لتلك العوامل مجتمعة، التي من شأنها تغييب الحلم المشترك، ومن ثم وضع العراقيل أمام تحقيق أمل العيش المشترك. ومن الخطأ المنهجي والتاريخي أن يحمل عنصر واحد بالمسؤولية عن التراجع والتدهور الحاصلين في بنية المجتمع المصري وقيمه. علما بأن الابتسار أو الاختزال في هذه الحالة يخرج الملف من نطاق البحث الموضوعي ويدخله في مسار آخر تتراوح مراتبه بين سوء التقدير وسوء النية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.