سم الله الرحمن الرحيم الصراط المستقيم هو الصراط المتوازن ومن روعة اللغة العربية القرآنية أن نسب الأستقامة والتوازن للصراط والمراد في الحقيقة استقامة السائر أي توازنه. فلازم السائر صار لازما الصراط وهو متواتر في البلاغة العربية كقولهم فلان ليله قائم ونهاره صائم فالقيام في الحقيقة صفة للقائم ولكن لما لزمت صفة القيام القائم والتصقت به التصاقا شديدا صارت كأنها صفة لليل فأنعم بها لغة.فلما لزمت صفة التوازن السائرين على الطريق صار هو المستقيم صار الصراط حيا يتنفس لا ندري من المتنعم بصاحبه : الصراط ام الماشي .هكذا تخدرنا اللغة العربية القرآنية جمالا فيا لها من روعة يفنى الصراط في السائر ويفنى السائر الكادح الى الله في الصراط.وهذا ما يفهم من تفسير يستشف من لغة عجيبة واردة للصراط بالسين :" السراط" وقالوا هو من السرط فهنا الطريق يسرط ويبتلع الماشي عليه لشدة تعلقه به أو لشدة تعلق الماشي به تعلق أدى ألى ذوبان واتحاد هو مقام الفناء فلا وجود للسائر لشدة تماهيه في الصراط أي لذوبانه في قيم الدين وتلاشيه في الفكرة. ما أجمل هذا التوازن الذي يحدثنا عنه الحق في مشي المستقيمين المنتسبين لاستقامة الصراط. هو مشي متناغمة خطواته ترسم الواحدة أثرها تلو الاخرى متبعة في ذلك موسيقى يعزفها العقل والروح والعمل جميعا هنا تتقاطع الأبعاد والحواس والكون في خطوات السائرين إلى الله توازن لا نشاز فيه فللعقل نغماته وللروح غزفها وللعمل أوتاره كلها تعاهدت واتحدت للأخذ بيد السائر من السقوط .لكل أداته : كل قد علم صلاته وتسبيحه.لا يبغي لحن على لحن ولا يجور .شتان ان يسقط من ابتلعه "السراط "هيهات أن يهوي هيهات ان يفقد توازنه من صار جزءا من الطريق الذي يسير عليه طريق مهدها السابقون السابقون ليسير عليها مقتفين أفكارهم وارواحهم واعمالهم اللاحقون .السابقون من الذين انعم الله عليهم من غير المغضوب عليهم ولا الضالين.يا له من صراط نسمع من حوله عزفا لا نشاز فيه ولا نرى عليه كبوة.هو صراط من ابعاد ثلاثة : بعد العقل وبعد الروح وبعد العمل . جرم محسوس لا خط هندسي ثنائي الأبعاد كما سجل في مخيلتنا يبدأ بشهادة لا أله ألا الله ويتوقف عند دخول الجنة. انه جسم حساس يشعر بوطء خطوات السائرين عليه فأذا سرت على نغمات العقل والروح والعمل ضمك بل سرطك وابتلعك وسرت خلقا آخر صرت نغما يسير على وقعه الآخرون من بعدك. من هو الصراط المستقسم؟ أليس هو ارواح السلف وعقولهم وآعمالهم وآثارهم المنقوشة في الأمام المبين ؟ خطوات تسطر لنا طريق النعمة بعد ان ذاقوا طعمها.اما من كانت خطواته ناشزا كدابة لم تروض ألقى به الصراط من على ظهره في حفر الرداءة والظلمات ممتدةعن يمينه : ضلالا وعن شماله غضبا. حين نسير مستقيمين لا نتعب وأنى يتعب "الراقصون" .القرآن لا يتحدث عن سير بل عن تنعم . مثل السائرين على الصراط المستقيم مثل الجمل الذي تخدره نغمات الحادي عن الأحساس بوعر الصحراء أو طول الطريق. متى نسمع نغمات هذا الدين متى سنستظل بظلاله كما استظل سيد قطب ؟ متى يحملنا ونحمله ؟ متى يتحول من الاسفار المحمولة ألى انغام تشتت صمت اليبوسة التي تنذر بتفتت تديننا؟ يتبع ان شاء الله لوزان 14-11-2010