عقوبة ب20 مليار لشركة المشروبات ''SFBT''    27 ألف متفرج لنهائي الأبطال بين الترجي و الأهلي    تصفيات مونديال 2026: حكم جنوب افريقي لمبارة تونس وغينيا الاستوائية    عاجل : الفيفا تعلن عن الدولة التي ستستضيف كأس العرب    عاجل - مطار قرطاج : العثور على سلاح ناري لدى مسافر    في مسابقة طريفة بصفاقس.. صناع الخبز يتنافسون على نيل شرف أفضل صانع خبز !    زلزال بقوة 5.1 درجات يضرب هذه المنطقة..    عاجل/ مقتل 3 مقاتلين ليبيين في اشتباكات مع مهربين قرب الحدود مع الجزائر..    ما الجديد في قضيتي بسيس و الزغيدي ؟    تنبيه/ بداية من منتصف نهار اليوم: هذه المناطق دون ماء..    اخر مستجدات قضية سنية الدهماني    أنشيلوتي يتوقع أن يقدم ريال مدريد أفضل مستوياته في نهائي رابطة أبطال أوروبا    غوارديولا يحذر من أن المهمة لم تنته بعد مع اقتراب فريقه من حصد لقب البطولة    حجز حوالي 08 طن من السميد المدعم بالقيروان..    في يومها العالمي.. الشروع في اعداد استراتيجية وطنية جديدة للنهوض بالأسرة    أغلبهم متطفّلون وموجّهون .. «الكرونيكور» قنبلة موقوتة تهدّد إعلامنا    عاجل/ مع انتهاء آجال الاحتفاظ: هذا ما كشفه محامي مراد الزغيدي..    الرائد الرسمي: صدور تنقيح القانون المتعلق بمراكز الاصطياف وترفيه الأطفال    غوغل تكشف عن محرك بحث معزز بالذكاء الاصطناعي    الترجي يستعدّ للأهلي ..دخلة «عالمية» ومنحة «ملكية»    رالي تانيت للدراجات .. نجاح تنظيمي باهر    اليوم إياب نصف نهائي بطولة النخبة ..الإفريقي والترجي لتأكيد أسبقية الذهاب وبلوغ النهائي    ارتفاع عدد قتلى جنود الإحتلال إلى 621    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    صفاقس: ينهي حياة ابن أخيه بطعنات غائرة    ضجة في الجزائر: العثور على شاب في مستودع جاره بعد اختفائه عام 1996    كيف سيكون طقس اليوم الأربعاء ؟    أول أميركية تقاضي أسترازينيكا: لقاحها جعلني معاقة    ر م ع ديوان الحبوب: الاستهلاك المحلي بلغ معدل 36 مليون قنطار من القمح الصلب والقمح اللين والشعير    الرئيس الايراني.. دماء أطفال غزة ستغير النظام العالمي الراهن    "حماس" ترد على تصريحات نتنياهو حول "الاستسلام وإلقاء السلاح"    ماذا في لقاء وزير السياحة بوفد من المستثمرين من الكويت؟    القيروان: حجز حوالي 08 طن من السميد المدعم    6 علامات تشير إلى الشخص الغبي    البرمجة الفنية للدورة 58 من مهرجان قرطاج الدولي محور جلسة عمل    وزير الفلاحة يفتتح واجهة ترويجية لزيت الزيتون    للسنة الثانية على التوالي..إدراج جامعة قابس ضمن تصنيف "تايمز" للجامعات الشابة في العالم    هل الوزن الزائد لدى الأطفال مرتبط بالهاتف و التلفزيون ؟    عاجل/ الداخلية: لسنا السبب في التهشيم بدار المحامي    تونس تصنع أكثر من 3 آلاف دواء جنيس و46 دواء من البدائل الحيوية    بن عروس: جلسة عمل بالولاية لمعالجة التداعيات الناتجة عن توقف أشغال إحداث المركب الثقافي برادس    تعرّف على أكبر حاجّة تونسية لهذا الموسم    الكاف: حريق اندلع بمعمل الطماطم ماالقصة ؟    العجز التجاري لتونس يتقلص بنسبة 5ر23 بالمائة خلال الأشهر الأربعة الاولى من سنة 2024    قابس : اختتام الدورة الثانية لمهرجان ريم الحمروني    تفاصيل القبض على تكفيري مفتش عنه في سليانة..    سوسة: تفكيك شبكة مختصّة في ترويج المخدّرات والاحتفاظ ب 03 أشخاص    أول امرأة تقاضي ''أسترازينيكا''...لقاحها جعلني معاقة    في إطار تظاهرة ثقافية كبيرة ..«عاد الفينيقيون» فعادت الحياة للموقع الأثري بأوتيك    بادرة فريدة من نوعها في الإعدادية النموذجية علي طراد ... 15 تلميذا يكتبون رواية جماعية تصدرها دار خريّف    الاحتفاظ بنفرين من أجل مساعدة في «الحرقة»    نابل..تردي الوضعية البيئية بالبرج الأثري بقليبية ودعوات إلى تدخل السلط لتنظيفه وحمايته من الاعتداءات المتكرّرة    نور شيبة يهاجم برنامج عبد الرزاق الشابي: ''برنامج فاشل لن أحضر كضيف''    مفتي الجمهورية... «الأضحية هي شعيرة يجب احترامها، لكنّها مرتبطة بشرط الاستطاعة»    أولا وأخيرا: نطق بلسان الحذاء    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشيخ صالح بن عبد الله عملاق من عمالقة الشّمال الغربي
نشر في الحوار نت يوم 28 - 11 - 2010

شيخي الجليل صالح بن عبد الله لعلّي أن أفيك بعض حقّك بهذه الكلمات القليلة المبعثرة التي تتدفّق من قلب مكلوم ممّا أصابك وأصاب الكثير من إخوانك أحرار تونس حيث مُدّت عليكم أيادي البغي والبطش والظّلم شلّت أياديهم وجعل الله كيد البغاة ومكرهم في نحورهم.
عرفت الكثير من قيادات النّهضة وكلّهم على خير كثير وتتعلّم منهم الكثير الكثير ولكلّ ميزته وللشيخ صالح بن عبد الله ميزته وخصوصيته ... الوحيد الّذي أشعر بحضرته وكأنّي أمام صحابي جليل، فجسمه النّحيف يذكّرك بالصّحابي الجليل ابن مسعود رضي الله عنه وزهده وثوريته تذكّرك بأبي ذرّ الغفاري رضي الله عنه ونظرته الحادة الثّابتة الثّاقبة توحي إليك بعزم ومضاء لامتناهيين... يحدّثك الشّيخ صالح فينقلك بسرعة عجيبة وبسلاسة من دنيا الرّغبات والشّهوات إلى عالم الإحساس النّبيل والطّهر والرّغبة في ما عند الله والعزوف عن هذه الدّنيا تراه كبيرا متعاليا على كلّ ما يشدّ إلى الأرض ويثقل عن الكدح إلى الله ولسان حاله يقول "يا دنيا غرّي غيري فقد طلّقتك ثلاث" ... ابتسامته العريضة وكأنّها أحضان أمّ حنون ترحب بفلذة كبد طال غيابه ... لا يتكلّف الشّيخ صالح ويؤثر على الخصاصة، عندما أراه أذكر قول الله عزّ وجلّ "يحسبهم الجاهل أغنياء من التّعفّف".
بعدما حوكم وفصل من عمله ظلما وعدوانا وتعرّض إلى الحصار الإقتصادي اللاّإنساني واللاّأخلاقي الظّالم مثل الكثير من إخوانه زرته في بيته في يوم صيف فوجدتني أسافر في لحظات عبر الزّمن إلى أزمنة مضت ... قمّة التّواضع وهو المستشار القاضي بدائرة المحاسبات التّابعة للوزارة الأولى ولكن لم يغرره المنصب ولم يعطي لهذه الدّنيا حتّى أقلّ ممّا تستحق ... فرش بسيطة للغاية وأكل ممّا تيسّر ثمّ يمرّ بك بسرعة إلى حديث واهتمامات الكبار ... شؤون الحركة، العمل الدّعوي وكيف يمكن هداية النّاس إلى الخير وإلى طريق الله. قال لي كلمات والله لن أنساها وكلّما ذكرتها ذكرته وكلّما ذكرته ذكرتها: في بيته ومجلسه المتواضع مادّيا والمرتفع معنويا أسند ظهره إلى الحائط وحدّق في بعينيه الغائرتين وقال: يا عربي، أفمن يمشي مكبّا على وجهه أهدى أمّن يمشي سويا على صراط مستقيم"؟ ثمّ استطرد في تفسير الآية فأشبعني وعظا جازاه الله خير الجزاء ومنذ ذلك اليوم كلّما مررت بتلك الآية في سورة الملك إلاّ وذكرت تلك القمّة الشّامخة وذاك النّبع التّربوي الفيّاض ... زارنا مرّة لمّا كنّا تلاميذ صغارا في المعهد الثّانوي بتاجروين ثمّ أخذنا في رحلة مشي وتعليم عبر الغابة الجبلية المحاذية للمعهد ولمّا توغّلنا في الغابة بين الأشجار الكثيفة والمنحدرات والجرف العميقة وكان الفصل ربيعا طلب منّا أن نتحلّق ونجلس ففعلنا ثمّ بدأ يعظنا عن كتاب الله المنظور وتحدّث عن الكون والطّبيعة والجبال والأشجار وغيرها ممّا يدلّ عن عظمة الخالق ثم أكّد على ضرورة التّفكّر والتّدبّر في عظمة الله عبر مخلوقاته وكان حديثه عذبا فيّاضا يتدفّق من فيه مباشرة إلى أفئدتنا وكأنّه لا يمرّ عبر الآذان وكنّا نصغي إليه بكلّ اهتمام وانتباه وليس ذلك لجمال وصدق ما يقول فقط بل أيضا لقوّة شخصيّته فهو والله يفرض عليك الإنتباه والجدّية ويجعلك تراقب نفسك وكلّ حركاتك وسكناتك ليس خوفا ولكن تقديرا وإجلالا للمقام الذي يضعك فيه... في نهاية موعظته طلب منّا أن نغمض أعيننا وأن نرهف السّمع وأن ننصت إلى الطّبيعة وإلى الصّمت ففعلنا ووالله لقد كانت تجربة رائعة حيث سمعت أشياء من حولي ما كنت أوليها أيّ اهتمام حتّى حفيف أوراق الشّجر وهبّات النّسيم تسمعها وتعلم أنّها تسبيح للخالق البديع وفتنعم ترتقي ويزداد إيمانك بالله ويقينك بعظمته وتركن إليه وتطمئن ولا تبالي بعدها بما قد يصيبك من مكروه ولا زلت إلى حدّ اليوم أمارس عبادة "إرهاف السّمع لمخلوقات الله" هذه التي علّمني شيخي صالح بن عبد الله حفظه الله وكلّما مررت بآية سورة الإسراء "تسبّح له السّماوات السّبع والأرض ومن فيهنّ و إن من شيء إلاّ يسبّح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنّه كان حليما غفورا" ذكرت شيخي ومعلّمي جازاه الله خير الجزاء.
في أكتوبر 1984 استدعيته في ريفنا الجميل لحضور حفل زفافي وكان عرسا إسلاميا على غير ما اعتاد النّاس وحضرت فيه فرقة العالية من بنزرت وكان تحدّيا حيث كان الأوّل من نوعه ولم يتعوّد النّاس على بروتوكولات ولا مضامين العرس الإسلامي وحضر الحفل بعض المتصعلكين وكعادتهم بدءوا بالتّشويش والتّهكّم وما إن أخذ الشّيخ صالح المصدع حتّى نزلت السّكينة وغشيت الرّحمة المكان وانتبه الشباب قبل الشّيوخ ولعلّ الأعين قد ذرفت من خشية الله في ليلة الفرح تلك وترك كلامه أثرا بليغا طيّبا عند كلّ الحضور نساء ورجالا كبارا وصغارا فللّه درّك يا عملاق الشّمال الغربي كيف يتطاول عليك خفافيش الظّلام!!!.
شيخي ومعلّمي الفاضل،
أنا أعلم علم اليقين أنّك تهزأ من خصومك ولا تقيم لهم وزنا ولا تبالي بما أصابك في سبيل الله وأنت أكبر من أن ينالوا منك يا رمز العفّة والطّهر وأعلم أنّهم ما رغبوا في النّيل منك والتّشفي بك إلاّ لأنّك أغضتهم حيث ثبتت على مبادئك فلم تغيّر ولم تبدّل وتنقض عهدا وكسرت الحصار عن نفسك ولم تبق أسير سمعة المنصب والوظيفة العمومية ونزلت إلى السّوق تبتغي من فضل الله الحلال وكأنّك تحاكي مسيرة الصّحابي الجليل عبد الرّحمان ابن عوف حيث قال في بداية هجرته "أروني السّوق" أسأل الله لك الثّبات والرّفعة وأن يغنيك من حلاله ويرزقك رزقا واسعا طيّبا مباركا فيه. تهمهم كلّها يعلم القاصي والدّاني أنّها باطلة وملفّقة وستدور الدّائرة عليهم بإذن الله ولا يحيق المكر السّيّئ إلاّ بأهله.
الجرذان تعجز على أن تتسلّق قمة الجبل الشّامخ فتتّخذ لها جحورا في سفحه وكأنّها تحاول يائسة النّيل منه حتّى إذا ما احتمل السيل غمر عليها جحورها وجرفها إلى الأبد وطهّر الأرض منها أو انحطّ عليها جلمود صخر من عل فدفنها شرّ دفن وبقي الجبل عاليا شامخا يطاول الأنجم ولا يعبأ بالأنواء والأعاصير على مرّ الدّهور والعصور حتّى يقضي الله أمرا كان مفعولا.
اللّهمّ عليك بالظّلمة وأعوانهم فإنّهم لا يعجزونك، اللّهمّ حاسبهم حسابا شديدا وعذّبهم عذابا نكرا واجعل عاقبة أمرهم خسرا واجعل الدائرة تدور عليهم.
إنّهم يرونه بعيدا ونراه قريبا
لك الله شيخي الحبيب صالح بن عبد الله وتحيّة وفاء وإكبار.
تلميذك العربي القاسمي / نوشاتيل سويسرا في 28.11.2010


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.