شبهة تلاعب بالتوجيه الجامعي: النيابة العمومية تتعهد بالملف والفرقة المركزية للعوينة تتولى التحقيق    عاجل: تسقيف أسعار البطاطا والسمك يدخل حيّز التنفيذ    وزير السياحة يعاين جهود دعم النظافة بجزيرة جربة ويتفقد موقعا مبرمجا لاقامة مدينة سياحية ببن قردان    الصولد الصيفي يبدا نهار 7: فرصة للشراء ومشاكل في التطبيق!    عاجل/ مقتل فنانة خنقا في عملية سطو على منزلها…    أول رد لحماس على طلب نتنياهو بشأن "غذاء" الرهائن..#خبر_عاجل    نشطاء إسرائيليون يعرقلون دخول المساعدات إلى غزة    ترامب: الغواصتان النوويتان اللتان أمرت بنشرهما تتموضعان في "المكان المناسب"    تونس تحرز المرتبة الثالثة في النسخة الأولى من الألعاب الإفريقية المدرسية بالجزائر ب141 ميدالية    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    عاجل/تنبيه: تيارات قوية وأمواج متقطعة..السباحة ممنوعة اليوم..    بشرى سارة: درجات الحرارة أقل من المعدلات العادية خلال العشرية الأولى من شهر أوت..#خبر_عاجل    مهرجان الحمامات الدولي 2025: "روبين بينيت" تغني للحب والأمل في عرض ينادي بإنسانية الإنسان    عرض "خمسون عاما من الحب" للفنانة الفرنسية "شانتال غويا" في مهرجان قرطاج الدولي    من بينها السبانخ.. 5 أطعمة قد تغنيك عن الفيتامينات..تعرف عليها..    حكايات تونسية ...«الماء إلّي ماشي للسدرة.. الزيتونة أولى بيه»    القناوية... فوائد مذهلة في ثمرة بسيطة... اكتشفها    كأس أفريقيا للمحليين... حلم الجزائر في 2025    فيما «البقلاوة» تثور على التحكيم ...الترجي يحرز «السوبر»    إعفاء كاتب عام بلدية مكثر    أخبار الحكومة    المنستير: دعوة إلى إحداث شبكة وطنية للإعلام الجهوي خلال ندوة علمية بمناسبة الذكرى 48 لتأسيس إذاعة المنستير    أماكن تزورها...بلاد الجريد حضارة وتراث وتقاليد    وسط تحذيرات من ضربة مفاجئة جديدة.. إيران ترفض وقف تخصيب اليورانيوم    أبو عبيدة.. مستعدون للتعامل مع الصليب الأحمر لإدخال الطعام والدواء لأسرى العدو ولكن بشرط    أيام قرطاج السينمائية تكرّم الراحل زياد الرّحباني في دورتها المقبلة    العهد مع جمهور الحمامات ...صابر الرباعي... يصنع الحدث    اعلام من باجة...سيدي بوسعيد الباجي    تاريخ الخيانات السياسية (35): المنتصر يقتل والده المتوكّل    يحدث في منظومة الربيع الصهيو أمريكي    مصب «الرحمة» المراقب بمنزل بوزلفة .. 130 عاملا يحتجون وهذه مطالبهم    الجوادي بطل العالم في 800 و1500 متر سباحة ... ميلاد أسطورة جديدة    وفاة كهل غرقا بشواطئ بنزرت    واقعة قبلة الساحل تنتهي بودّ: اتصال هاتفي يُنهي الخلاف بين راغب علامة والنقابة    تطاوين على خارطة السياحة الوطنية: إجراءات جديدة لدعم المشاريع والشركات الأهلية    منظمة الصحة العالمية تدعو إلى إدماج الرضاعة الطبيعية ضمن الاستراتيجيات الصحية الوطنية وإلى حظر بدائل حليب الأم    لماذا يجب أن ننتبه لكمية السكر في طعامنا اليومي؟    فاكهة بألف فائدة: لماذا يجب أن تجعل العنب جزء من غذائك اليومي؟    جرجيس: انتشال جثتين لطفلين غرقا بشاطئ حسي الجربي    هكذا سيكون الطقس هذه الليلة    مقترح قانون لإحداث بنك بريدي: نحو تعزيز الشمول المالي وتوفير خدمات مصرفية للفئات المهمشة    تنبيه للمواطنين: انقطاع واضطراب الماء بهذه المناطق..    سيدي بوزيد: تضرر المحاصيل الزراعية بسبب تساقط البرد    اعادة انتخاب عارف بلخيرية رئيسا جديدا للجامعة التونسية للرقبي للمدة النيابية 2025-2028    عاجل : نادي الوحدات الاردني يُنهي تعاقده مع المدرب قيس اليعقوبي    تواصل الحملة الأمنية المصرية على التيك توكرز.. القبض على بلوغر شهير يقدم نفسه كضابط سابق    بلاغ هام لوزارة التشغيل..#خبر_عاجل    عودة فنية مُفعمة بالحبّ والتصفيق: وليد التونسي يُلهب مسرح أوذنة الأثري بصوته وحنينه إلى جمهوره    بطولة العالم للسباحة: الأمريكية ليديكي تفوز بذهبية 800 م حرة    ''السوبر تونسي اليوم: وقتاش و فين ؟''    تقية: صادرات قطاع الصناعات التقليدية خلال سنة 2024 تجاوزت 160 مليون دينار    وزارة السياحة تحدث لجنة لتشخيص واقع القطاع السياحي بجرجيس    ما ثماش كسوف اليوم : تفاصيل تكشفها الناسا متفوتهاش !    نانسي عجرم تُشعل ركح قرطاج في سهرة أمام شبابيك مغلقة    الملك تشارلز يعرض مروحية الملكة إليزابيث للبيع    شائعات ''الكسوف الكلي'' اليوم.. الحقيقة اللي لازم تعرفها    جامع الزيتونة ضمن السجل المعماري والعمراني للتراث العربي    المعهد الوطني للرصد الجوي.. البحر قليل الاضطراب والسباحة ممكنة في النهار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رحمك الله شيخي الفاضل ونصر الله القرآن وأهله
نشر في الحوار نت يوم 19 - 12 - 2010


الدكتور.خالد الطراولي
نعم فاجأتني وفاته رغم أنه بلغ من العمر عِتِيَّا...نعم فاجأتني وفاته وكأني ظننت أن عاشق القرآن لا يموت، ويبقى ببقاء ما يحمله...نعم فاجأني رحيله إلى دار غير داره وأهل غير أهله، لأني كنت أمنّي نفسي و لا أزال، أني عائد يوما إلى حيّي وبلدي لألقى الأحبة والأصحاب...وكان الشيخ الخطوي رحمه الله ممن أحببت ولازمت.
كانت بدايتي مع الراحل العزيز في جامع "صاحب الطابع" بتونس العاصمة في أواخر السبعينات من القرن الماضي وأنا في أواخر سنوات المراهقة، حلقة إملاء للقرآن الكريم، بدأناها من سورة البقرة...كان الشيخ الخطوي رحمه الله ضريرا ولكنه ذا بصيرة عالية، حافظا للقرآن بقراءاته المتعددة، آتاه الله بسطة في الجسم والقبول في الأرض، فكان ذا كاريزما وتواضع زادهما القرآن رفعة وشأنا، كان الجميع يسعى لتأبط ذراعه لمرافقته إلى داخل المسجد وإلى حلقة الإملاء، شرف لنا جميعا كنا نتنافس عليه صغارا وكبارا! كم هي جميلة تلك الخطوات التي نخطوها على الحصير وهو يمسك بذراعنا، كانت مسافة قصيرة ولكن لها حلاوة لا يفقهها إلا من تقرب من العلماء وتواضع لخدمتهم...
كان يعطينا كل أسبوع ثمن الجزء من القرآن لنحفظه ونكرره فرادى وجماعة، صوت جهوري تسكن له الأفئدة والقلوب وصفائح الرخام التي تحملها جدران المسجد الجامع، كانت حلقة إملاء الشيخ الخطوي معروفة ويرتادها الصغار والكبار، كان البعض منا يريد أكثر من ثمن الحزب للحفظ وكان الشيخ يلطّف من حماسنا ويلزمنا بهدوء العالم المجرب، بالاكتفاء بما تيسَّر داعما رأيه بأن القليل الدائم خير من الكثير الزائل...وصدق الشيخ، فبعد مدة تناقص الأفراد ولم يبق إلا القليل...
ثم تواصلت رحلتي القصيرة مع الشيخ الكريم وانتقلت معه إلى جامع "باب الأقواس" وأنشأت حلقة قرآنية وافق على الوقوف عليها رغم شبابية أفرادها جميعا وبدأنا حلقة إملاء كانت سورة مريم بوابتها، وكنت قد بدأت أتقن علم التجويد وبعض أبواب الفقه و"متن ابن عاشر" على يديه وعلى يد الفقيه العالم "عم الطاهر" إمام المسجد الجامع...كانت سورة مريم جميلة كجمال كل القرآن، تلامس الوجدان وخاصة مشاعر شباب ومراهقين بدأوا يقتربون بكل حياء من جنة القرآن...كانت سور مريم وطه والأنبياء والحج تحمل خيطا حريريا جميلا يدخل إلى الأعماق، وكانت قراءة الشيخ الخطوي لها مزيجا من الترانيم التي تنسجم صعودا أو هبوطا مع آيات النعيم أو العذاب، فتلتقي راحة الصوت مع رياض الجنة، وشدته مع آيات الترهيب...
ومرت الأيام وجاء داعي الهجرة بالباب وافترقنا وتركت الشيخ الخطوي وأهل القرآن، ورغم بعد الشقة تواصلت معه على حياء عن طريق البعض ممن تركتهم بجانبه، لقد حلت المصائب وجاءت سنوات الجمر ودخلت البلاد في دهاليز الظلام ومُنعت الاملاءات القرآنية في المساجد وأغلقت أبوابها إلا في أوقات الصلاة، خلط بين التدافع السياسي المدني وبين مرجعية وهوية وشعيرة ودين، فجففت منابع التدين وكان للإملاء القرآني النصيب الأوفى...
كان الشيخ الخطوي رحمه الله قرآنيا خالصا ولم يكن فقدانه للبصر معيقا له في المساهمة في بناء الأفراد وتقريبها من هذا النبع الصافي الشافي للعقول والصدور، لم يحفظ القرآن ليرتله في المأسي والأحزان أو وحيدا في الأسحار، ولكنه جعله إملاء للناس وتبليغا لحروفه وجمله وآياته، فتراه يتنقل من مسجد إلى مسجد، صاحب الطابع، البرج، الزيتونة.. ولم يكل الشيج أو يضجر، عمل لله دون أجر ولا جزاءا مرجوا. لقد عمل الشيخ الخطوي مع المتاح، بصره المفقود لم يعرقل سعيه، انسداد الآفاق في بعض الأزمنة الصعبة لم تبطل عزيمته، تعامل مع المتاح قدرة وبيئة ووظفهما عاليا من أجل إنجاح الهدف، عاش مع القرآن وعاش للقرآن، حتى غضبه كان للقرآن! وإن كنت ناسيا فلن أنسى ليلة بجامع الزيتونة المعمور وهو يؤم المصلين لصلاة التراويح، وفجأة توقف الشيخ قليلا عن التلاوة وهو الحافظ عن ظهر قلب للقرآن، ولم يتذكر أحد أن الشيخ الخطوي نسي وسبحان من لا ينسى، وظن البعض أنه نسي حقا فهمس له تلقينا، وغضب الشيخ وواصل القراءة وأحسسنا بغضبه من خلال تلاوته، كانت وقفته تأثرا وتذكيرا ولم يكن ناسيا...
سيدي وشيخي سلام عليك في عليّين
سلام عليك مع الصالحين
سلام عليك بين الحافظين
سلام عليك إلى يوم الدين
من ابنك البار وتلميذك المطيع الذي أحبك ولا يزال، ويبكيك اليوم وكل الحسرة أنه لم يرافقك لسنين، وهو عاجز اليوم أن يصطحبك إلى مثواك الأخير في هذا الزمان الجائر بعض أهله وسامح الله الجميع! خالد.
ديسمبر 2010
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.