تشهد المحاكم البريطانية هذه الأيّام حربا ضروسا بين السيد محمد دحلان عضو اللجنة المركزية لحركة 'فتح' ورئيس جهاز الأمن الوقائي في قطاع غزة سابقا من جهة، وقناة 'الجزيرة' الفضائية من جهة أخرى، على أرضية رفع الأول دعوى تشهير ضد الفضائية القطرية بسبب استضافتها للناشط الفلسطيني إبراهيم حمامي وتوجيهه ادعاءات للسيد دحلان باستخدام المال للفوز في انتخابات المجلس التشريعي السابق، وهو ما نفاه دحلان بشدة. الطرفان لجآ إلى أكبر شركات المحاماة في بريطانيا، الأمر الذي يعني أنّ التكاليف المالية ستكون باهظة للغاية، وقد تصل إلى حوالى مليوني دولار على الأقل، في حال وصولها إلى المحكمة، حيث من المتوقع أن تمتد المرافعات إلى أكثر من ثلاثة أسابيع يتم خلالها استدعاء شهود من قبل الجانبين لتوضيح وجهتي نظريهما، والإجابة على أسئلة المحامين من أجل إقناع المحلفين بصوابية موقف من يشهدون لصالحه. المحكمة لم تبدأ رسميا بعد، إلاّ أنّ عدة جلسات استماع قد عقدت، كان آخرها يوم الجمعة الماضي، وحاول خلالها محامو السيد دحلان رفض بعض التعديلات على القضية، وبعض الشهود الذين طرحهم الطرف الآخر. في الوقت نفسه نفى دحلان أيّ علاقة له بالسيد سليمان (أبو مطلق) مسؤول الأمن الوقائي في قطاع غزة منذ عام 2002. وعلمت 'القدس العربي' أنّ المفاجأة الأبرز في هذه الجلسات جاءت من خلال إظهار محامي السيد دحلان لإيصال تحويل مبلغ مائة ألف جنيه استرليني من حساب وزارة المالية الفلسطينية في رام الله لحساب مكتب المحاماة المدافع عن السيد دحلان، إضافة إلى دفع السيد دحلان مبلغا سابقا في حدود 125 الف جنيه استرليني، وهو ليس مجموع ما تم إلزامه به من قبل المحكمة حتى هذه اللحظة، أي حوالى 310 آلاف جنيه استرليني بين تأمين وأتعاب، أي ما يعادل نصف مليون دولار تقريبا. محطة 'الجزيرة' وفي إطار الحرب المعلنة بينها وبين السلطة التي وصلت ذروتها أثناء تأجيل الأخيرة بحث تقرير القاضي ريتشارد غولدستون أثناء عرضه في المرة الأولى أمام المجلس العالمي لحقوق الإنسان، أوفدت من يسأل السيد فياض عن تفسيرات لهذه الدعوى، ولكنها لم تتلق أيّ جواب حتى كتابة هذه السطور. يذكر أنّ محطة تلفزيون فلسطين الرسمية الناطقة باسم السلطة انضمت إلى هذه الحرب بسبب موقف الجزيرة من تقرير غولدستون، حيث تتهمها السلطة بتأليب الرأي العام الفلسطيني والعربي ضدها من خلال استضافة بعض الشخصيات المعارضة للسلطة، ومن حركة 'حماس' على وجه الخصوص. التلفزيون الفلسطيني، وطوال اليومين الماضيين، طالب أنصار السلطة بالتوجه إلى مقر مكتب قناة 'الجزيرة' في رام الله للاحتجاج على موقفها المذكور. وظل يردد هذه المطالبة على الشريط الإخباري طوال يوم أمس. نظر المحكمة البريطانية في قضية اتهامات السيد دحلان لقناة 'الجزيرة' كان من المقرر أن يتم في الثاني من شهر تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل (موعد ذكرى وعد بلفور المشؤوم)، ولكن فريقي الدفاع طلبا التأجيل بضعة أشهر لعدم اكتمال ملفاتهما، وقد تجاوب القاضي في جلسة يوم الجمعة مع هذا الطلب، وتقرر تأجيل موعد المحاكمة حتى شهر آذار (مارس) المقبل. يذكر أنّ كل ما يقال في المحكمة من المدافعين والادعاء والشهود مسموح بنشره حتى لو كان ادعاءات غير صحيحة، مما يعني أنّ الصحافة ومحطات التلفزة العربية قد تجد نفسها أمام وليمة حافلة من المعلومات والمفاجآت، وربما الحقائق التي تنشر لأوّل مرة. فمن المعروف أنّ المدعي والمُدَّعَى عليه يقسم أمام المحكمة بأن يقول الحقيقة كاملة، وأيّ إخفاء أو تزوير للمعلومات من جانبه يعني الحنث بالقسم وعقوبة ذلك السجن.