هذه المادة الإعلامية التحقيقية عن مأساة أسرة موريتانية في إسبانيا ..أرسلها مشكورا للحوار نت الصحفي الموريتاني : محمد سالم ولد محمدو الفتاة الموريتانية "اسلمها " تسجن أبويها وزوجها وتلتحق بأسرة مسيحية !!! مأساة أسرة موريتانية في إسبانيا... بقلم محمد سالم ولد محمدو
لم يكن المختار السالم يتصور في يوم من الأيام أنه سيواجه حكما بالسجن لمدة سبعة عشر عاما مع غرامة مالية تتجاوز 10 آلاف يورو، لسبب واحد وهو أنه تزوج ابنة عمه '' اسلمها'' ذات الأربعة عشر عاما صيف سنة 2005 في نواكشوط، عاش مع زوجه سنة أو تزيد في '' سعادة تامة '' حسب ما يؤكد أفراد الأسرة المنكوبة،قبل أن تعود إلى إسبانيا لتبدأ بالتمالؤ مع أسرة جارتها الإسبانية ملامح مأساة جديدة ساقت المختار السالم إلى السجن يحمل حكما قضائيا يقارب العشرين سنة،رفقة صهريه حيث حصلت الأم '' حواء على حكم بالسجن لمدة عشر سنوات، فيما حصل زوجها محمد على حكم آخر مع وقف التنفيذ وإقامة جبرية في مدينة قادش الإسبانية،دون أن يتاح له الاقتراب أقل من 500 م من المنزل الذي يضم بين جدرانه ابنته '' اسلمه'' التي اختارت أبوين جديدين إسباني الدين والهوية،واللسان. مأساة الأسرة الموريتانية في اسبانيا ..مأساة متعددة الملامح تتداخل فيها الدين والهوية والقضاء بالعادات الاجتماعية والخصوصيات الحضارية لشعبين مختلفان لسانا ودينا وعادات في الاجتماع والأخلاق.
ثقة نهايتها كارثة اختارت أسرة محمد ولد بونه التي تمتد بجذورها إلى العلامة المختار ولد بونه أحد أكبر علماء موريتانيا منذ أكثر من عشرين سنة من مدينة قادش الإسبانية مسكنا ومقاما،واختارت من بين جيرانها أسرة إسبانية توطدت بينها عرى العلاقة لدرجة كبيرة،أصبحت فيها الأسرة الموريتانية تترك ابنتها '' اسلمها'' عدة أشهر عند جارتها الإسبانية،لتقضي هي عطلتها الصيفية في موريتانيا. وتوثقت الصلة بين البنت الموريتانية وبين '' أمها '' الثانية'' حيث كانت تقضي معها عدة ساعات يوميا،فيما كانت أمها '' تنام على أذنيها'' قبل أن تستقيظ على الشرطة الإسبانية وهي تقتادها إلى السجن. دفعت الأسرة الإسبانية الشابة حواء التي ناهزت الآن تسعة عشر سنة إلى تقديم شكوى ضد والديها وزوجها المختار السالم تحت تهمة '' الاغتصاب والاعتداء على قاصر'' لتبدأ حلقات مسلسل من الإهانة والإرهاب ضد أسرة مسلمة في إسبانيا ذنبها الوحيد أنها زوجت ابنتها '' على سنة الله ورسوله'' وضمن عادات وتقاليد المجتمع الموريتاني ووقع العقد على أرض موريتانية وليست إسبانية،على حد تعبير أقارب الأسرة. جلسات قضائية مطولة،ختمت بأحكام نزلت كالصاعقة ليس على الأسرة الموريتانية فقط وإنما على كل الموريتانيين الذين اتهموا حكوماتهم المتعاقبة بالعجز عن نجدة مواطنيها المشردين في إٍسبانيا. وقضى منطوق الحكم الذي صدر عن الغرفة الثالثة بالمحكمة الجنائية بقادش في إسبانيا،بالحبس 17 سنة وشهرين على الوالدة، حواء بنت الشيخ، لإدانتها بالاكراه والتهديد والاعتداء الجنسي، و13 سنة وستة أشهر في حق الزوج، المختار السالم، للإدانة باقتراف إعتداء جنسي، الى سنة وستة أشهر على الأب، محمد ولد عبد الله، لإدانة بتهديد ابنته. وقضت المحكمة بتغريم الوالدة والزوج مبلغ 15 الف يورو يدفع للفتاة كتعويض لها عن "الضرر المعنوي" وأمرت بمنع إقتراب الثلاثة من الفتاة مسافة تقل عن 500 متر وعدم التواصل معها بأي طريقة كانت لفترات زمنية طويلة.. وكانت النيابة قد طالبت في آخر جلسات المحكمة بحبس والدة "إسلمها"، حواء بنت الشيخ، 22 سنة وعشرة أشهر، وحبس والدها، محمد ولد عبد الله، 18 سنة وشهرين فيما طلبت سجن المختار السالم، زوج الفتاة الذي يخضع للاحتجاز منذ ما يقارب العامين، خمسة عشر سنة ، وذلك بينما نفى الدفاع واقعة "الاغتصاب" التي تدعيها الفتاة القاصر وطالب بإخلاء المتهمين ، معتبرا أن لا وجه المتابعة. وطالب محامي الأسرة المسجونة خوسيه آلباريث دويمينغيث محامي عائلة موريتانية باستئناف الحكم الصادر ضد موكليه معتبرا أنه يظل حكما قاسيا جدا ولا يعتمد على أي معايير موضوعية أو طبيعية ويقول دويمينغيث إنه لا وجود لأدلة مادية على تهم الإعتداء والعنف التي بررت بها محكمة أسبانية أحكامها على ثلاثة رعايا موريتانيين ينتمون إلى عائلة واحدة تتهم من قبل ابنتها بتزويجها كرها وممارسة اعتداء جنسي عليها. وقال المحامي الإسباني وفق ما نقلت عنه وسائل إعلام إسبانية إنه لم يتم إثبات حصول أي جروح أو ندوب للفتاة إسلمها نتيجة ما تقول إنه اعتداء جنسي مورس عليها من قبل زوجها وبتواطؤ من والديها.
دفاع قضائي لم تكتف القاضية الإسبانية بإصدار حكم قضائي صارم ضد الأسرة الموريتانية بل أسهبت جدا في شرح حيثياته ويرى أقارب الأسرة أن تبريرات المحكمة كانت أقسى وأبعد عن الحقيقة من الحكم الذي نتج عنها وقالت المحكمة في بيان الحكم بانه'' تأكد لديها بأن الفتاة، اسلمها، المولودة في قادش عام 1992 قد "وضعت في عهدة العائلة الاسبانية، آندريس ماثياس ومرغاريتا أستودّيو، منذ صباها مع انها لم تقطع الاتصال بأبويها بشكل تام ، إذ كانت تزورهما في عطل نهاية الأسبوع وفي المناسبات الأخرى". واستمر الوضع على ذلك حتى مارس 2005 حين نقلها والداها الى موريتانيا حيث تعرفت على المختار السالم الذي تزوج بها في ديسمبر 2005 . ومكثت اسلمها في موريتانيا الى غاية ابريل عام 2006 حين عادت بها والدتها الى اسبانيا لعلاجها من نوبات من الإغماء ومشاكل صحية أخرى'' وإلى هنا تبد أ قصة أخرى وتضيف المحكمة إن اسلمها كانت تعيش في بيت العائلة الاسبانية، كانت والدتها تزورها من حين لآخر "لتجبرها على الاتصال هاتفيا بالمختار السالم وكانت تضربها وتهددها بالاعادة الى موريتانيا وتمزيق رخصة إقامتها وحرقها ورجمها ،إن هي لم ترفع سماعة الهاتف " حسب تصريحات الادعاء العام التي اعتمدتها المحكمة. وتقول المحكمة إن الوالدة حواء منت الشيخ دأبت على ضرب ابنتها وإرغامها على '' إقامة علاقة جنسية'' على المختار السالم والدخول عنوة في بيت النوم واستندت المحكمة إلى شهادة الفتاة باعتبارها الدليل الأول الذي قاد إلى الكشف عن '' ممارسات خطيرة ضد قاصر''واصفة شهادات اسمله بأنها "منسجمة" و"منطقية" و"ذات مصداقية" و"قابلة للتصديق" و"غير منجرة عن حقن دفين" أو جراء "رغبة في الثأر" أو ناجمة عن "اضطرابات نفسية أو عقلية" و"لم تشبها تناقضات في الجوهر". ودافعت المحكمة بقوة عن العائلة الإسبانية التي تتهم على نطاق واسع بأنها من دفع الفتاة إلى الشكوى من والديها وتنفي المحكمة وجود إية دوافع أخرى لدى هذه العائلة الاسبانية ''سوى نجدة الطفلة الموريتانية ومد يد المساعدة لها'' وانها كانت قد "برهنت على ذلك لفترة طويلة باحتضانها للفتاة وشقيقها وتأمين المأكل والملبس لهما وعلاجهما عند الضرورة من دون أي مقابل مادي، وتقديم المساعدة المادية لأبويهما كذلك'' الحكم القابل للاستئناف لايزال يمنع الوالدين من مغادرة مدينة كاديش تمهيدا لصدور حكم نهائي لا ينتظر الكثيرون أن يكون أكثر رحمة من سابقه.
وامعتصماه الأم المكلومة التي تتوقع السجن بعد أشهر قليلة ولفترة تمتد ثلاث عشرة سنة رددت نداء امرأة عمورية '' وامعتصماه'' في رسالة وجهتها إلى الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز
وجاء في رسالة السيدة حواء منت الشيخ '' إننا أسرة معروفة بحسن التعامل والمواطنة الصالحة يشهد لنا بذلك كل جيراننا في اسبانيا لم يصدر منا أي تصرف أو سلوك مخل... وكنا نثق كل الثقة في جيراننا لدرجة أننا كنا نترك ابنتنا تذهب إليهم وتقضي بعض الوقت مع بناتهم...وإذا بهم فجأة ينقلبون علينا وينتهزون براءة البنت وطيبتها ليحيكوا لنا مؤامرة، ويشنوا علينا حملة إعلامية شرسة لا مبرر لها، استغلها البعض ممن لا يعرف تعاليم ديننا الإسلامي السمحة وعادات مجتمعنا المشهور بقيمه ومروءته، لتذهب هذه القضية البسيطة إلى ابعد من ذلك ويتم توظيفها في إطار حملة اشمل وأوسع ....
خيمة اعتصام أمام الكنيسة أقارب الأسرة الموريتانية المكلومة،أعلنوا عن منسقية وطنية في موريتانيا للتضامن من أجل إنقاذ الوالدين والزوج السجين،وتطورت وسائل التضامن مع تنظيم مهرجانات خطابية إلى ''اعتصام مفتوح'' أمام الكنيسة الكبرى في نواكشوط شارك فيها العشرات من الساسة ورجال الأعلام والأئمة والمحامين. وكان من بين المشاركين الذين دعوا السلطات الإسبانية والموريتانية إلى العمل بشكل جاد وسريع إلى إنهاء أزمة الأسرة الموريتانية العلامة الشيخ محمد الحسن ولد الددو رئيس مركز تكوين العلماء في موريتانيا،إضافة إلى مفتي موريتانيا الشيخ أحمدو ولد لمرابط الذي دعا السلطات الإسبانية إلى الإفراج الفوري عن '' الأبوين وصهرهما'' رافضا فرض العادات والتقاليد الإسبانية على أسرة تناقض تلك التقاليد في الدين واللسان والعرق,. الأحزاب السياسية من جهتها طالبت السلطات الرسمية باتخاذ مواقف شجاعة وواضحة من هذه الأزمة. فيما عبر عدد من المحامين عن استغرابهم لقساوة الأحكام ضد الأسرة الجديدة،رغم اشتهار القضاء الإسباني بسهولة الأحكام،التي قد تبلغ سبع سنوات فقط عل القاتل. ويؤكد عابدين ولد بونا أحد أقارب الأسرة المدانة في إسبانيا أن الحكم على اقاربه '' أنه لايمكن أن نحصر القضية في نطاق الأسرة الضيق ولا حتى في إطار الوطن بل يحاول جاهدا أن تظل قضيته عنوانا للاستهدافات المتكررة للأمة الإسلامية من خلال عدم احترام خصوصياتها وقيمها ومثلها العليا'' ويضيف ولد عابدين''هذه الخيمة ليست من أجل استرداد حقوق ابنتنا المسلوبة ولرد الاعتبار لأسرة بريئة تتعرض للسجن والمضايقات بقدر ما هي دفاع عن كرامة الأمة الإسلامية وعن الخصوصيات الثقافية والدينية ،كما أنها أيضا دفاع عن السيادة الموريتانية وعن جالياتها في أوروبا وحماية لمواطنيها الذين لا تبدو أنها متحمسة للدفاع عنهم واسترداد حقوقهم'' حسب تعبيره. ويشرح ولد عابدين صعوبة الوضعية التي تعيشها الأسرة المدانة قائلا '' لاننتظر من قضاء "كافر" أن ينصف "متهمين" مسلمين ويضيف ولد بونه ''وصلت أتعاب المحامي حتى الآن مبلغ 32000 أورو( حوالي 12 مليون أوقية) ولازال يطالب بمنحه مبلغ 15000 أورو(حوالي 5'5 مليون أوقية) كما أن الأسرة الآن في أسبانيا تتعرض لمضايقات عدة من بينها تهجير الأسرة من منزلها الواقع في بورتو ريال (الميناء الملكي) إلى آخر في بورتو سانتمريا.. ليس أصعب ما تعانيه الوالدة حواء بحسب أقاربها هو فقدانها لابنتها الشابة اسلمه،لكن أخشى ما تخشاه هو تحول هذه الفتاة من رعاية الأسرة المسيحية إلى اعتناق النسخة الإسبانية من الديانة المسيحية التي يعتبرها أقارب منت الشيخ نسخة محرفة جدا وقاسية. لكن الوالدة حواء منت الشيخ تخشى أكثر على صبيتها الصغار الآخرين،حيث تتجه الأمور إلى أنها ستبتعد عنهم سبعة عشر عاما أو تزيد،ويظل الحاجز بينهم أسوار سجن عتيد في مونتريال بقادش الإسبانية،وأسوار أخرى أكثر صرامة أساسها التمايز بين دينين وشعبين. هي إذ وحشية أسرة ..أجبرت ابنتها القاصر على الزواج من رجل كهل .,كما يقول الادعاء الإسبان..أو هي مأساة أسرة موريتانية أسرفت في الثقة بجيرانها والابتعاد عن وطنها فنالت جزاء ما أسرفت ..لكنها في أعين آخرين وجه من أوجه التلاغي الشديد بين المسلمين والمسيحيين وعقبة من عقبات حوار الحضارات والاندماج بين الشعوب.