فجأة وبمقدمات تبدو أنها نمطية ومتكررة انطلقت شرارة الغضب في تونس الخضراء ، احتقان فاحتجاج ثم غضب تحول إلى بركان هادر لن يهدئ ، شهداء وجرحى وأسرى وكأننا في حرب التحرير المقدسة ، قوات شرطة وقوات خاصة ونزول للجيش وحظر التجوال ، ومازالت الغضبة لم تهدأ بعد، إقالات واستقالات وترضيات وتراجعات رسمية ومازالت الغضبة مستمرة ، هل بدأ العد التصاعدي لسيناريو التغيير واسترداد الحقوق ؟ أم بدأ العد التنازلي لحياة نظام مستبد وفاسد ضمن أكثر من عشرين نظاماً عربياً يعاني أزمات الشرعية والشعبية ويراهن على الغلبة والقمع والاكتساح فضلاً عن الدعم الخارجي غير الأخلاقي ، وسط هذا الزخم من الأحداث جاء خطاب الرئيس التونسي الجنرال زين الدين بن على الذي ظهر عليه التوتر والاهتزاز والارتباك ، التراجع والتسامح والاعتراف بالخطأ بل أنه ضحية تضليل من حوله ، جاءت كلمات الرئيس بكثير من الوعود المرجوة أعلن أنه فهم التونسيين وفهم مطالبهم " أخيراً بعد سنوات القمع والقتل والاستبداد والفساد " وأنه أعطي تعليماته بوقف القتل وضرب الرصاص الحي "لأنه قد أعطى سابقاً تعليمات بالقتل" كما أعلن بحرية غير مسبوقة للإعلام وحق التظاهر بكل سماحة وود فضلاً عن خفض أسعار السلع وتشكيل لجنة مستقلة للتحقيق "لجنة الانتخابات كانت مستقلة"وأخيراً عدم تأبيد الحكم وترك مقعد الرئاسة في 2014 م ، انتهى الخطاب وتتابعت ردود الأفعال حول الرجل ولهجته ووعوده ، كما تتابعت الأسئلة المشروعة خاصة وأن الخطاب جاء تحت ضغط الغضب التونسي ، أسئلة تحمل الهواجس أكثر ما تحمل الثقة في الوعود ولما لا وتاريخ الرجل وكل حكام المنطقة غير مريح ولا مرضي ، صدرت الوعود فهل هناك ضمانات ؟، هل هي وعود لامتصاص الغضبة والجرح ؟ هل عاد الرئيس إلى نفسه وشعبه وأدرك الصواب من الخطأ وأنه ضُلل ممن حوله كما ذكر ؟ هل ما قاله الرئيس تصحيح للمسار أم مناورة وتكتيك يتحول به الرجل مرة أخرى من ديكتاتور مستبد إلى بطل قومي وربما مهدي تونس المنتظر؟ الأسئلة مشروعة والضمانات ممنوعة والغضبة مستمرة ، هذا هو المشهد القائم فما هو المشهد القادم؟!سؤال تطرح إجابته الأيام القليلة الماضية. محمد السروجي كاتب مصري