إذا كان البعض يعتقد أن عملية حصر ممتلكات العائلة الحاكمة السابقة بالعملية اليسيرة فهم مخطئون لأن جرد الأرصدة البنكية والعقارات وغيرها من الامتيازات التي بحوزة « آل بن علي» و»آل الطرابلسي» يستحيل إخضاعها لمبدإ «شقوا دقوا» فهي كثيرة وسرية وموزعة في بلدان مختلفة ولكي تمتد أيادي المحاسبين إليها طبعا - إن طالتها فعلا- فقد يكون قد مرّ وقت طويل كفيل بأن يمنح للناهبين الفرصة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه . واستئناسا بشعار « آشكون زاد»؟ بتنا نصطبح كل يوم على معلومات جديدة تتناقلها الصحف والمجلات الأجنبية عن ممتلكات العائلة المخلوعة وإذا كان همّ البعض إحصاء «أرزاق» شباب وكهول وشيوخ وعجائز تلك العائلة فإن صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية صبّت اهتمامها على آخر حبّة في عنقود « آل بن علي» أي على الابن المدلّل للرئيس المخلوع ذو الست سنوات تقريبا. في إحدى المقالات التي تخص الشأن التونسي والوضع الذي آلت إليه البلاد بعد 14 جانفي 2011 كشفت «لوفيغار» أن العائلة كانت تنتظرعلى ما يبدو هذا السيناريو بدليل أنها خططت لعمليات عقارية كبيرة في فرنسا وهو ما يفسّر إصرارها على اختيار فرنسا كوجهة أولى بعد عملية الهروب الجماعي . ابن الست سنوات «كينغ» العقارات تقول صحيفة «لوفيغارو» أن ليلى الطرابلسي حطّت الرحال في شهر سبتمبر الماضي بفرنسا من أجل شراء نزل فاخر بشارع «فوش» الموجود بالدائرة عدد 16 لفائدة ابنها محمد زين العابدين الذي أطلقت عليه الصحيفة لقب «امبراطور العائلة الصغير» ... كرم الأم الحنون وسعيها إلى ضمان مستقبل «ملكي» للذكر الوحيد في العائلة جعلها تؤمّن له «شالي» فاخر في «كورشوفال» وهي لمن لا يعرفها محطة للرياضات الشتوية مصنّفة على أنها من بين أفخر المحطات في العالم إذ تشكل قبلة مشاهير الفن والمجتمع المخملي كما يملك «صاحبنا» فيلتان فخمتان في «الكوت دازور» .... وإذا أردت أن تعرف قيمة ما دفعته الأم الحنون - وهو بطبيعة الحال من بيت مال الشعب المسكين- فعليك أن تعرف قبلا ما هي «الكوت دازور» أو الشاطئ اللازوردي الذي يجلب الأثرياء من السياح من أقاصي المعمورة ويعتبر موطنا لأجمل الدور والقصور . وكان في حساب الأم الحنون أنه ومن هنا وحتى يكبر زين العابدين الابن ويبلغ سن الرشد الذي يخوّل له فهم قيمة الثروة التي سيستمتع بها و»يرحّم بيها على الوالدين» فليجوع من يجوع ... وليمضي من تخرج من الجامعة سنوات شبابه على الأرصفة وفي المقاهي ..و ليمت من يحرق نفسه يأسا وقهرا .. فشعارها الأوحد كان « أنا وابني وعائلتي ومن بعدي الطوفان» ... لكن الطوفان فاجأها حاملا في طريقه كل شيء ... السلطة وال»التمكميك» والعائلة التي تفككت كما تتفكك قطع الديمينو ... وتحوّلت تلك الهالة المزيّفة التي كانت تحوّط بها نفسها إلى «فضيحة بجلاجل» وكما توزّعت الأملاك والعقارات والأرصدة البنكية في بقاع شتى من العالم ...توزّعت أيضا الصحف العالمية حافلة صفحاتها الأولى بصور من كانوا يحكمون هذا الشعب ويتحكمون في مصيره ولكنها صور تحمل تواقيع من قبيل « عصابة اللصوص» - «حاميها حراميها» و»مطلوبون للمحاكمة»