من ألطاف الله بالشعب التونسي الصابر ان كانت الثورة فجئية لم يخطط لها حزب و لا جهة ، ثورة خرجت من رحم المعاناة ، لا نقول أنها ولدت قبل وقتها ، ولا نقول أنها ولدت بعده ، إنها فعلا من علم الله سبحانه و آياته العظام .. كانت الشرارة الاولى ، وكانت القطرة التي أفاضت الكأس الملأى التي لم تعد تتحمّل . نجح الشعب في إزاحة الظلم بعدما قهر و عانى ويلات الاستعمار الداخلي البغيظ .. نجح الشعب في الامتحان الشديد وواصل النجاح في كيفية إدارته للأزمة ، توحّد ، تعاون و نبذ الفرقة و التشتت ، وقف وقفة رجل واحد ، رغم محاولات عصابات التخريب المنظمة دفعه الى التناحر و الانحراف ، شعب ضحّى و مازال يضحّي من أجل تونس حرة عادلة ، وكان له ما أراد ، فلنواصل يا شعبي الأبي ، فلنواصل الأتحاد و نبذ الفرقة ، فلننطلق إلى العمل و أعيننا ساهرة ترعى هذا الوطن ، ليفهم كل منا أنّ الوطن مثل العائلة الواحدة و ما يحيط بها من أجوار ، العائلة في الاتفاق تختلف لتكون أحسن، لكنها لا تصل درجة القطيعة و العداء ، تحكمها أصول ثابتة لا محيد عنها ، وتحاول التجديد و التطوّر .. كما تربطها مواثيق قرابة وجيرة ... وطننا يا إخواني هو عائلتنا الموسّعة يجب الحفاظ عليه كلّفنا ما كلّفنا ، فلا حزب مع الوطن و لا جماعة غير جماعته .. ستكون وهذا طبيعي أحزاب و جمعيات و جهات متفاوتة حسب القدرة و حسب الامكانيات ، لكن لن يكون هناك استئثار و تهميش ... ستكون هناك أفكار و إجتهادات .. لكن لن يكون هناك استبداد بالرأي .. كل ما يجب ان يوجد في الوطن المتحضر يجب ان يوجد في وطننا ، لكن يا إخواني لا بد من رفع شعار الوطن عاليا فوق كل الحساسيات و فوق كل الحسابات الضيقة .. ارفعوا التحدي ليكون وطننا هو عائلتنا ، و لنكون جميعا مدافعين عن الانجاز العظيم الذي يرفع رؤوسنا أمام الأجيال القادمة و أمام العالم ، فلا لأحد أن يتبنى الثورة ، و لا لأحد أن يحتل الوطن ، وطننا أبينا و أمّنا ندافع عليه بأرواحنا و بأموالنا ، و كل واحد منا من مكانه و حسب إمكانياته و على قدر جهده ، الجميع يبني و الجميع يشيّد و الجميع يعبر و الجميع له الحق وفق القانون الذي يسهر على تطبيقه الجميع و الوطن فوق رؤوس الجميع حامد دبوس