أظهر استطلاع للرأي أجراه مركز"الدراسات العربي الأوروبي" ومقره باريس أن أهم الأسباب الفعلية التي تقف وراء الإطاحة بالرئيس التونسي زين العابدين بن علي الاستفراد بالسلطة والمكوث فيها زمنا طويلا . وقال 93.7 بالمئة من الذين شملهم الاستطلاع رأوا ايضا ان من أسباب الإطاحة بزين العابدين مصادرة الحريات العامة وإتباع سياسة تكميم الافواة وهدر الطاقات وانتشار الفساد والسياسة الاقتصادية الفاشلة وعدم تكافؤ الفرص وانتشار الفقر بسبب البطالة والظلم الاجتماعي وفقدان العدالة ومنع الحجاب وكبت المشاعر الدينية. اما 3.8 بالمئة رأوا ان الشعب التونسي عاش خلال حقبة حكم ابن علي محصنا ضد العنف والإرهاب والتنظيمات الراديكالية، وكرس كل طاقته للبناء ،فكانت له إنجازاته على مستوى المنطقة . ويرى اما 2.5 بالمئة ان السبب الذي يقف وراء الإطاحة بالرئيس التونسي هو الجيش والذي تخلى عن مسؤولياته تجاه حماية نظامه السياسي . وخلص المركز الى نتيجة مفادها رأي مركز الدراسات العربي الأوروبي : ذهب البعض الى حد اتهام جهات خارجية بأنها تقف وراء الإطاحة بنظام الرئيس زين العابدين بن علي في تونس ، ولكن وقائع الانتفاضة الى حصلت في كل مناطق تونس بينت ان الشعب قد لجأ الى خيار الشارع دون توجيهات خارجية او داخلية بسبب المشاكل الاجتماعية والاقتصادية المتفاقمة التي يعاني منها الشعب حيث شاع الفساد والرشوة ، وعمت البطالة ، وارتفعت أسعار المواد الأساسية ، وزاد منسوب القمع والاضطهاد دون ان يتخذ النظام التونسي أي إجراءات جدية لمعالجة هذه الأمور رغم ما كان يتلقى من تحذيرات من منظمات دولية ومن أنظمة غربية كانت تقف الى جانبه وتقدم له الدعم المالي والسياسي والعسكري . وأضاف المركز ومما يؤكد عفوية التحرك أننا لم نسمع باسم أي شخص يتحدث باسم الانتفاضة ، ولا قرأنا أي بيان يعلن ان هناك جهة معينة مسؤولة عن تحريك الشارع بما فيها قوى المعارضة التي يبدو أنها تفاجأت بما جرى ولم تتوقع سقوط النظام بهذه السرعة . وأشار أن دور الجيش كان كبيرا في سقوط النظام ليس من خلال الانقلاب على زين العابدين بن علي بل من خلال عدم الخضوع لأوامر السلطات السياسية التي كانت تطالبه بفرض النظام بالقوة حتى وأن احتاج الأمر سقوط القتلى والجرحى . وختم المركز انه من الملاحظ مع سقوط الرئيس بن علي حاول البعض تقديم نفسه على انه البديل الشرعي محملاً مسؤولية الأزمات الى بن علي نفسه ولكن فئات كثيرة من الشعب رفضت ذلك واعتبرت ان ثورتها تستلزم تغييراً جذرياً في بنية النظام وإحداث قطيعة مع كل ما له علاقة بتاريخ تونس الرسمي وذلك عبر الإسراع بإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية . وتعيش تونس الآن مخاضاً قد يستمر فترة ولكن ما هو مقبل لن يكون في كل الأحوال أسوأ مما كان قائماً .