بدأت القصّة بالسّؤال الآتي: منذ متى لم تذق طعم اللّحم ؟ فبكى المسئول!!! ليس لأنّه لم يذقه منذ أمدٍّ بعيد، أو ليس معه من المال ما يكفي حاجته ! و لكنّه لم يعرف له طعمًا أبدًا و لم يتسنَّى لهُ أن يعرِّفهُ لأبنائه ! هذه الرّواية و إن تبدُو صعبة التّصديق، غريبة الأطوار، لأنّنا لا يُمكن أن نتصوّر و نحن في القرن الواحد و العشرين أنّ أناسًا و خاصّة من بني جلدتنا لم يتذوّقُوا طعم اللّحم أبدًا، و الله لا أبالِغ في هذه القصّة التي رواها لي أحدُ مشايخ الأزهر الشّريف و هو عدل لا يُطعنُ في شهادته بالإضافة إلى أنّه من حملةِ كتاب الله و من مقرئي مصر، و أنّ هذه " التّراجيديا " دارت أطوارها في أرض الكنانة حينما سأل صحفيّ رجلاً من السّواد الأعظم عن " اللّحمة "، فلم يتمالك الرّجل نفسه و انهمرت دموعه و بكى لأنّهُ كان يسأله عن شيءٍ لم يعرف له من قبلُ طعمًا و الأنكى من ذلك أنّهُ لم يتسنّى لهُ أن يقتنيه لأبنائه! في بلد كانت تفيض خيراتُها على ما وراء البحار، و فرعونها يخطّطُ لتوريث ابنه الجاه و السّلطة بعدما نخر في عظم مصر و لم يُبقي عليها أخضرًا و لا يابس إلاَّ و امتصّ ما في فؤاده و ألقاهُ فارغًا، فنهبُوا خيرات مصر و احتكروا أموالها بغير وجه شرعي بل بالغصب و الإنتزاع و حكموها بالحديد و النّار فامتلأت السّجون و المعاقل و الزنزانات و دهاليز التّعذيب و الشّعب يعيش في فقره المُدقع، يتجرّع علقم الفقر و الفاقة و البطالة و يرى الفساد متفشٍّ في بلاده و لا يحرّكُ ساكنًا تحت وطأةِ عصا البوليس و الجلاّدين، بلْ و سوَّلَ لهُ سلطانُه الذي ظنّ أن لنْ يبُور بأن يفرِض على أرجائها حالة الطّوارئ ليجعل أعِزّةَ أهل الكنانة أذلّةً و لكن هيهات هيهات! ففرعون مصر لم تزلْ لهُ إلاّ أيّامًا معدودات و لا بُدّ له أن يلوذ بالفرار متأسِّيًا بطاغيّة تونس الهارب، و إرادة الشّعب المصريّ الذي عرف طريق الإنتفاضة التي أخرجت تونس من غياهب الظّلم و تعنّت الفاسدين، تحيّا انتفاضة شعبنا في مصر و النّصرُ لأمّتنا قادم لا محالة! فإن ضربوا علينا في معاهدة سايكسبيكو و ما سبقها و ما تلاها، حدُودًا ضيّقت علينا أنفاسنا و قزّمونا لأقطار لا تزيدنا إلاّ هوانًا على هوانٍ، فأصبحنا لقمة سائغة للقاصي و الدّاني، و لكنّ التّاريخ يقول لنا مرّةً أخرى: إنّ إرادة الشّعوب لا تُقهر و أمّةٌ قائدُها مُحمّد لا تُركَّع و نصرها معقود على نواصيها! و أخيرًا تحرّكت الشقيقة الكُبرى ! و هاهو الشعب المصريّ يستبِقُ جَهَازَ تشييعِ حكم " مُبارك " إلى مثواه الأخير ! بدونِ رجعة . [email protected]
مصدر الخبر : بريد الحوار نت a href="http://www.facebook.com/sharer.php?u=http://alhiwar.net/ShowNews.php?Tnd=14157&t=ساعاتُ " فرعون مُبارك " في تنازل مُطّرد!&src=sp" onclick="NewWindow(this.href,'name','600','400','no');return false"