كشفت مذكرات الرئيس العراقي الراحل صدام حسين أنّه أعدّ خطة سرية للهروب من المعتقل الأمريكي وكان يحلم بالعودة مجددا إلى السلطة التي أزاحته القوات الأمريكية عنها بعد غزو العراق في 2003. وقال صدام في الجزء الأول من مذكراته التي نقلها عنه محاميه خليل الدليمي في كتاب صدر مؤخرا في 480 صفحة عن دار نشر سودانية تحت عنوان «صدام حسين من الزنزانة الأمريكية... هذا ماحدث» أنّه أعدّ «خطة كاملة للهروب من السجن بمساعدة فصائل من المقاومة العراقية وقوة خاصة أسّست قبل اعتقاله من أفراد حمايته وحدد لها واجبا وهو اقتحام سجنه إذا ما وقع في الأسر». وسجن صدام وحيدا في زنزانة محصنة داخل أحد قصوره في بغداد. خطّة صدّام وبحسب المذكرات، تنص الخطة التي كان من المفترض تنفيذها صيف 2006 على أن «تقوم قوة بإغراق المنطقة الخضراء بوابل من القصف لإشغال العدو، ثم تقوم قوة أخرى بقصف مقر قوات المارينز في المطار للمشاغلة فيما تقوم سرية بغلق مخارج الطرق ومداخلها التي سيسلكها الرئيس بعد تحريره». وطلب صدام بأن «تقوم سرية باقتحام المقر بعد خرق سياج الموقع وتنقض على الهدف بقاذفات مع تغطية نارية بأسلحة من الأجنحة وبحزمة نارية كثيفة» وإدخال جرافة «لسحب الأبواب لأنّ أقفالها غير قابلة للكسر أو التفجير». وتحدث صدام في الخطة عن القوة الأمريكية التي تتولى حراسته وقال إنّ سلاحها «خفيف ومتوسط (...) وإنّ القوة جبانة وأفرادها أطفال ويمكن لأيّ شخص أن يأخذ سلاحهم بالراشديات»، أي لطمات على الوجه باللهجة العراقية. وبحسب الكتاب فإنّ الخطة تم تأجيلها بسبب حادث إطلاق نار تعرض له السياج الداخلي للمعتقل ما استدعى تشديد الإجراءات الأمنية فيه. ويكشف صدام أنّه تحدث مع رفاقه المعتقلين في بناية المحكمة في 28 سبتمبر 2006 قائلا «إذا ما قدر لي أن أعود، فإنني أستطيع ان أجعل العراق يزدهر من دون معاونة احد وخلال سبع سنوات و(اجعله يعمل) أفضل من الساعة السويسرية». وتحدث صدام في مذكراته عن رفضه عروضا للخروج من العراق قبل الحرب. وقال «كنت أقول: كيف لنا أن نخرج ونترك الشعب العراقي يواجه مصيره المحتوم؟». وأكد أنّ «الأمريكان أبلغوني قبل ذلك وبطريقة غير الواسطة الدبلوماسية المعتادة بأنّهم سيقومون بالضغط على أيّ دولة ألجأ إليها لتسليمي لهم وإذا بقيت داخل العراق فإنهم سيقومون باعتقالي بأيّة طريقة». وأكد صدام أنّ حراسه الأمريكيين كانوا يطلبون توقيعه كالمعجبين. وأضاف «قلت لهم عندما يتحرر العراق وتعودون إلى بلدكم أمريكا وتعود الحياة إلى العراق سأدعوكم لزيارتنا وقد فرحوا بذلك ووعدوا بتلبية الدعوة». وذكر أنّ حراسه كانوا يقيسون حرارته مرتين يوميا إلاّ أنّه رفض طلبهم إجراء فحوص البروستات مؤكدا أنّه بصحه جيدة. وقال لهم ممازحا «إذا أراد شعبي أن أتزوج (من جديد) فسأفعلها». صدّام... وعدي ويروي الكتاب أنّ صدام كان يأكل من وجبات الجيش الأمريكي إلاّ أنّه كان يرفض أكل الطعام الذي يرمى إليه من تحت الباب وكيف أنّه أضرب عن الطعام من الثامن لغاية العشرين من جويلية 200. وتحدث صدام أيضا عن صرامته حتى مع أقرب المقربين أثناء حكمه حتى مع ابنه عدي. وقال «عندما قتل (عدي) أحد مرافقي المرحوم كامل حنا أمرت بسجنه وطلبت من القضاء أن يقول قراره العادل لكنني وجدت أنّ وزير العدل وأنّ القضاء العراقي كان محرجا أمامي فقررت إعدامه». ويضيف «لكن أم عدي أرسلت مبعوثا من دون علمي إلى (العاهل الأردني) الملك الحسين بن طلال رحمه الله الذي على الفور حط بطائرته (...) وفوجئت به يطلب مني العفو عن عدي، وأقسم الملك حسين ألاّ يزور العراق إن لم أستجب لطلبه. فاضطررت وفقا للتقاليد العربية العفو عن عدي شرط أن يعفو عنه أهل الضحية». وروى كيف أقال أخاه غير الشقيق وطبان ابراهيم الحسن عندما كان وزيرا للداخلية بعدما سمع بأنّه أطلق النار على إشارة مرورية حمراء في أحد شوارع بغداد لأنّ سائقه توقف احتراما لها. وقال «قلت له: أنا آسف لا مكان للمجانين والمتهورين في قيادتنا». كما أكّد صدام أنّه لم يكن خائفا عندما صدر حكم الإعدام عليه وأنّه رفض تناول الحبوب المهدئة التي عرضها عليه طبيب، قائلا له: إنّ «الجبل لا يحتاج إلى مهدئات». وقال في آخر لقاء جمعه مع محاميه قبل يومين من إعدامه أنّه يأمل بألا ينساه الشعب العراقي.