" ما زالت اتذكر وجهه.. لقد كان صغيرا جدا"، هكذا عبر عبدالله الجندي الليبي عن ندمه لإصابة أحد المتظاهرين بعد ما أصدرت له الأوامر بإطلاق النار على الثوار مع اقتحامهم لبوابات قاعدته العسكرية. وقال عبد الله، الذي سلم نفسه للثوار ، بعد تلك الواقعة " كانت حياتي بائسة.. ولم أتمكن من الأكل أو النوم"، بحسب صحيفة الشرق الأوسط الصادرة يوم 10-3-2011.
وجلس عبدالله، الذي رفض ذكر اسمه كاملا، في غرفة احتياطية بمحكمة بنغازي القديمة، التي تضم الآن الحكومة المؤقتة للثوار، ووافق المسئولون على السماح له بالحديث دون تصوير.
وعبدالله هو واحد من بين أربعين معتقلا تقريبا يحتجزهم الثوار في ثلاث زنازين مكتظة بالنزلاء، من بينهم ثلاثون جنديا ليبيا لم ينضموا إلى الثوار بسرعة كافية، والبقية مهاجرون من دول أفريقية مختلفة تم اعتقالهم، خوفا من أن يكونوا مرتزقة، ومن المستبعد أن يعرف هؤلاء المعتقلون مصيرهم قريبا.
وصرح مسئول ليبي في مكتب النائب العام المؤقت إن المقاتلين الليبيين سوف يواجهون محاكمات عسكرية، ولكن ليس قبل أن ينتهي صراع السيطرة على الثورة.
وقال عبدالله " شاركت مع الثورة متأخرا .. وعذاب الضمير كاد أن يقتلني"، مضيفا " انه ظل مع الجيش فقط لأنه كان خائفا على حياته.. حتى لا يقتله قوات القذافي". أوامر بالقتل والحرق ووصف عبدالله ما كان يدور داخل كتائب القذافي قائلا " قائدي أخبرنا بأنه سوف يقوم بقتل وحرق كل رجل يرفض قتال المتظاهرين". وتابع الجندي الليبي " التائب" قائلا " ولكن عندما بدأ إطلاق النار، بذلت قصارى جهدي من أجل تجنب إصابة أي فرد.، وأضاف "أطلقت النار في الهواء وعلى الأرض، وكنت خائفا". واستدرك عبدالله قائلا " وبعد ذلك رأيت متظاهرا يسقط على الأرض بعدما تعرض لإصابة في الرجل، عندها عرفت أن الرصاصة خرجت من بندقيتي الآلية"، ومن هذا الوقت وأنا "لا أنام". ووصف عبدالله هذه اللحظة، وهو يضع يديه على خديه، "حدث هذا الأمر بشكل غير مقصود، ولم أكن أرغب في إطلاق النار على مواطن ليبي". وتمنى عبد الله أن يكون المواطن الليبي الذي أصابه ما زال على قيد الحياة " وقال " وردت إلي معلومات أفادت بأن هذا المواطن الليبي الذي أصبته ما زال على قيد الحياة. آمل أن تكون هذه المعلومة صحيحة". وعبر الجندي الليبي، الذي كان يرتدي قميصا أبيض مكتوب عليه " ليبيا حرة" ، ويلف حوله علم الثوار، عن "أمله في أن يكون قيامه بتسليم نفسه لمجلس الثوار خطوة في صالحه عندما يخضع للمحاكمة". وبينما قام الحراس بالتمهيد لأخذ عبدالله بعيدا عن غرفة المحكمة، نظر الجندي الليبي للخلف وتنهد قائلا "أنا جزء من الثورة الآن".