فرقت قوات الأمن السورية المزودة بهراوات نحو 150 شخصا احتشدوا في وسط دمشق الأربعاء، في أخطر تحد للتسلسل الهرمي الحاكم في سورية منذ أن انتشرت انتفاضات في أرجاء العالم العربي. وقال شاهد من رويترز إن عشرات من أفراد الأمن يرتدون الملابس المدنية هاجموا المتظاهرين، الذين تجمعوا امام وزارة الداخلية للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين السياسيين. وأصيب متظاهر واحد على الأقل في رأسه وتعرض آخرون للضرب واعتقل العشرات، بينهم الناشطة السياسية سهير الأتاسي وعمر اللبواني، وياسين اللبواني وربا اللبواني وعمار وليلى اللبواني، وهم اقارب كمال اللبواني وهو طبيب مسجون بتهمتي 'إضعاف الشعور القومي' و'القيام بأعمال تعرض الدولة لأعمال عدائية'. ومن بين المعتقلين صبا حسن، وشقيق طارق غوراني، ونارت عبد الكريم وكمال شيخو ومازن درويش والطيب تيزيني (69 عاما) وهو استاذ للفلسفة في جامعة دمشق. وقال شهود عيان باتصال مع'القدس العربي' في لندن ان مدرعات تابعة للحرس الجمهوري كانت مصطفة على أبواب دمشق وان الحصار الأمني لمدن دير الزور والرقة والقامشلي ودرعا ما زال مستمرا. واكد الشهود استخدام الرصاص الحي في دمشق وحلب وسماع أصوات إطلاق الرصاص بشكل متقطع بعد منتصف ليل الثلاثاء الاربعاء في منطقة المهاجرين وحي الميدان. كما اكد احد الشهود وجود رقابة أمنية مشددة في مشفى دمشق والمواساة في العاصمة السورية، للتعرف على الجرحى. وتحدثت عن شهود عيان ان اشتباكات تحصل في محيط قلعة حلب. ونقلت رويترز عن الأتاسي إن السلطات السورية لن تستطيع الإفلات من الاضطرابات التي تهز العالم العربي برفضها انفتاح النظام السياسي في البلاد والسماح بحرية التعبير. وقال متظاهر 'جروا سهير من شعرها وأخذوها بعيدا'. والتزم المحتجون الذين تجمعوا في ساحة المرجة التي ترجع للعصر العثماني بوسط العاصمة، الصمت ورفعوا صورا لأقاربهم وأصدقائهم المسجونين قبل ان تنهال عليهم قوات الأمن بالضرب. وقال شهود انه تم حجز بعض المتظاهرين في فندق سميراميس ونقلهم بسيارات تابعة لقوى الأمن الداخلي إلى مكان غير معلوم.' ورفع أحد المتظاهرين صورة مهند الحسني وهو محام نال جائزة دولية في حقوق الإنسان في أيار (مايو) الماضي لدفاعه عن السجناء السياسيين. وفي الشهر التالي صدر ضده حكم بالسجن لمدة ثلاث سنوات. وصرخ أحد ضباط الأمن واصفا المظاهرة بأنها فوضى ورد المتظاهرون بأنها احتجاج سلمي. وفضت المظاهرة عقب الهجوم وواصلت قوات الأمن القبض على آخرين ونقلتهم إلى حافلة زجاجها داكن اللون. وقال مسؤول بوزارة الداخلية إن 'متسللين' حاولوا إثارة الفوضى أمام وزارة الداخلية، ثم بدأت مظاهرة مضادة قصيرة وهتف المواطنون خلالها 'بالروح بالدم نفديك يا بشار' في إشارة للرئيس السوري بشار الأسد. ومنذ أطاحت انتفاضتان شعبيتان برئيسي مصر حسني مبارك وتونس زين العابدين بن علي كثفت السلطات السورية حملتها المستمرة منذ وقت طويل لاعتقال منشقين وشخصيات معارضة وكتاب مستقلين. وهناك ما يتراوح بين ثلاثة آلاف وأربعة آلاف سجين سياسي في سورية محتجزون دون محاكمة على الأغلب، بينهم أكراد وإسلاميون وشخصيات علمانية يطالبون بنظام ديمقراطي بديلا عن احتكار حزب البعث للسلطة المستمر منذ خمسة عقود. وقالت منظمة 'هيومن رايتس ووتش' لمراقبة حقوق الإنسان ومقرها نيويورك إن السلطات في سورية كانت من الحكومات الأسوأ من حيث انتهاكات حقوق الإنسان في عام 2010 حيث سجنت محامين وعذبت معارضين واستخدمت العنف لقمع الأكراد. من جهته قال عصام العطار القائد السابق للاخوان المسلمين في سورية انه يؤيد كلّ حركة شعبية سلميّة جماعية من أجل الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان. كما اصدر النائب السابق لرئيس الجمهورية السورية عبد الحليم خدام بيانا قال فيه ان الشعب السوري بدأ الخروج من دائرة الخوف وان التغيير قادم وناشد الجيش عدم الانجرار لصدام مع الشعب. هذا وأوردت مصادر مطلعة في سورية ان السلطات السورية باشرت حوارا مفتوحا مع بعض القوى السياسية الكردية واعتبرت هذه المصادر ذلك وسيلة لشق المعارضة واضعافها من خلال تقديم وعود خادعة يقوم بتسويفها لاحقا.