د.جهاد عبد العليم الفرا نداء هتفت به حناجر السوريين في أنحاء سوريا الحبيبة في الصنمين ودمشق والتل وحمص وحماة واللاذقية وغيرها "بالروح بالدم نفديك يادرعا"، "لا إله إلا الله والشهيد حبيب الله"، " الله.. سوريا.. حرية وبس"... درعا عروس الجنوب السوري بلد النخوة والرجولة والشجاعة والشهامة ومنها انطلقت شرارة الثورة الشعبية العارمة مطالبة بإطلاق الحريات والإصلاح السياسي ووقف العمل بقانون الطوارئ المسلط على رقاب الشعب السوري منذ عام 1963 ومحاربة الفساد والإفراج عن المعتقلين قديما وحديثا وعودة المهجرين المطلوبين إلى الوطن منذ عشرات السنين، وقدمت درعا ثمنا لذلك فلذات أكبادها شبابا في ربيع أعمارهم شهداء بإذن الله عند ربهم يرزقون وستكون دماؤهم الطاهرة الزكية وقودا ودافعا قويا لكل فئات الشعب السوري للاستمرار بهذه المطالب المشروعة العادلة والتضحية من أجل نيلها. ونحن من مهاجرنا القسرية نهتف مع الشعب السوري كله "بالروح بالدم نفديك يادرعا"، "لا إله إلا الله والشهيد حبيب الله"، "الله.. سوريا.. حرية.. وعدل" نقف معكم يا أهل حوران الأشاوس الأبطال نناديكم على البعد ونشد على أياديكم ونبوس الأرض تحت نعالكم ونقول نفديكم. لقد طال عهد الكبت والظلم والاستبداد والقهر وخيم ظلامه على سوريا منذ عشرات السنين وترددت شعارات الإصلاح والقضاء على الفساد وإطلاق الحريات وإغلاق السجون والمعتقلات، لكنها لم تكن إلا شعارات جوفاء خالية من كل مضمون نفذ معها صبر الشعب السوري وتقدم أهل درعا الصفوف ليشقوا طريقه إلى الحرية والكرامة مدركين ومتيقنين أنّ الثمن سيكون غاليا وأنّ التكلفة ستكون باهظة وها هي دماء شهدائهم وجرحاهم تسيل بغزارة معطرة ومضمخة الجنوب السوري لتتعالى الهتافات تباعا ومن كل جنبات الوطن الحبيب وصدق فيهم قول الشاعر: وللحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة يدق لم يع النظام السوري أو يستوعب الدرس التونسي ولا الدرس المصري من أن ثورات كهذه إذا انطلقت فإنها لا تتوقف إلا حين تنال مطالبها كلها غير منقوصة، وكلما أمعن هذا النظام في القتل والقهر كلما ارتفع سقف هذه المطالب وكلما ارتفع عدد الشهداء والجرحى اشتدت إرادة الشعب بالتغيير حتى تشمل كل جوانب الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية. إنها ليست ثورة جوعى وليست ثورة لنيل المزيد من الخدمات إنها ثورة على الظلم والظالمين ثورة على القهر والمستبدين ثورة لنيل الحرية والانعتاق من أجهزة الأمن القابعة على أنفاس السوريين تحصي عليهم أنفاسهم وتعد حركاتهم وسكناتهم تلاحقهم وتتبعهم وتتعقب كل من له نفس معارض لهذه السياسات التي لم يعد لها مكان في عصرنا سياسة الحزب الواحد والقائد الواحد سياسة تأتلف مع رأس المال وتقمع كل من يعارضها أو ينتقدها. تشير التقارير الإعلامية إلى ارتقاء خمس وخمسين شهيدا والمئات من الجرحى الذين لا يجدون سيارة إسعاف تواسيهم وتداوي جراحهم بل تنتزعهم الأجهزة الأمنية من بين الجموع لتزج بهم في المعتقلات بآلامهم وبجراحهم الدامية غير عابئين بإنسانيتهم بل إنهم يأخذون الكثير من الشهداء ولا يسلمون أجسادهم الطاهرة لذويهم حتى لا تكون جنازاتهم مظاهرات من أجل الحرية. وحشية ليست جديدة على الشعب السوري من هذه الأجهزة القمعية والمعروفة بسوابقها الوحشية ولا تزال مجزرة حماة وجسر الشغور وسجن تدمر الصحراوي ماثلة في ذاكرة الشعب السوري وحية في ضميره. نعم لا خوف بعد اليوم كما ردد ت هتافات المتظاهرين "ما في خوف بعد اليوم" فإما أن تكون حرية أو الموت دونها وإما حكم عدل ينعم فيه الشعب السوري بالحرية والعدالة والعزة والكرامة أو فليذهب الحاكم إلى مزبلة التاريخ كما ذهب أقرانه من قبل في مصر وتونس. هنيئا لكم يا شهداء الحرية والعزة والكرامة في درعا الشهامة والرجولة والشجاعة سيذكركم تاريخ سوريا الحديث بمداده الذهبي أنكم من أطلق مسيرة الحرية والعزة والكرامة وسنردد على البعد من منافينا مع الشعب السوري الحر الأبي الذي لا يرضى الهوان والمذلة والعبودية "بالروح بالدم نفديك يادرعا"...