غارات إسرائيلية عنيفة تستهدف مواقع مختلفة في سوريا    علماء يحذرون.. وحش أعماق المحيط الهادئ يهدد بالانفجار    تفاصيل الاحكام السجنية الصادرة في قضية "التسفير"    دعما للتلاميذ.. وزارة التربية تستعد لإطلاق مدارس افتراضية    ترامب يبحث ترحيل المهاجرين إلى ليبيا ورواندا    الدوريات الأوروبية.. نتائج مباريات اليوم    جلسة عمل بين وزير الرياضة ورئيسي النادي البنزرتي والنادي الإفريقي    نصف نهائي كأس تونس لكرة اليد .. قمة واعدة بين النجم والساقية    ملكة جمال تونس 2025 تشارك في مسابقة ملكة جمال العالم بالهند    مهرجان «كنوز بلادي» بالكريب في دورته 3 معارض ومحاضرات وحفلات فنية بحديقة «ميستي» الاثرية    عاجل: ألمانيا: إصابة 8 أشخاص في حادث دهس    تونس: مواطنة أوروبية تعلن إسلامها بمكتب سماحة مفتي الجمهورية    تحيين مطالب الحصول على مقسم فردي معدّ للسكن    الاتحاد الجهوي للفلاحة يقتحم عالم الصالونات والمعارض...تنظيم أول دورة للفلاحة والمياه والتكنولوجيات الحديثة    عاجل: بينهم علي العريض: أحكام سجنية بين 18 و36 سنة للمتهمين في قضية التسفير مع المراقبة الإدارية    القيروان: هلاك طفل ال 17 سنة في بحيرة جبلية!    تحسّن وضعية السدود    معدّل نسبة الفائدة في السوق النقدية    اللجنة العليا لتسريع انجاز المشاريع العمومية تأذن بالانطلاق الفوري في تأهيل الخط الحديدي بين تونس والقصرين    مأساة على الطريق الصحراوي: 9 قتلى في حادث انقلاب شاحنة جنوب الجزائر    تونس تسجّل أعلى منسوب امتلاء للسدود منذ 6 سنوات    عاجل: إدارة معرض الكتاب تصدر هذا البلاغ الموجه للناشرين غير التونسيين...التفاصيل    عاجل/ تحويل جزئي لحركة المرور بهذه الطريق    تونس تستعدّ لاعتماد تقنية نووية جديدة لتشخيص وعلاج سرطان البروستات نهاية 2025    اتخاذ كافة الإجراءات والتدابير لتأمين صابة الحبوب لهذا الموسم - الرئيسة المديرة العامة لديوان الحبوب    النّفطي يؤكّد حرص تونس على تعزيز دور اتحاد اذاعات الدول العربية في الفضاء الاعلامي العربي    عاجل/ زلزال بقوة 7.4 ودولتان مهدّدتان بتسونامي    الشكندالي: "القطاع الخاص هو السبيل الوحيد لخلق الثروة في تونس"    الليلة: أمطار رعدية بهذه المناطق..    جريمة قتل شاب بأكودة: الإطاحة بالقاتل ومشاركه وحجز كمية من الكوكايين و645 قرصا مخدرا    مدنين: مهرجان فرحات يامون للمسرح ينطلق في دورته 31 الجديدة في عرس للفنون    عاجل/ تسجيل إصابات بالطاعون لدى الحيوانات..    غرفة القصّابين: أسعار الأضاحي لهذه السنة ''خيالية''    منوبة: احتراق حافلة نقل حضري بالكامل دون تسجيل أضرار بشرية    سليانة: تلقيح 23 ألف رأس من الأبقار ضد مرض الجلد العقدي    مختصون في الطب الفيزيائي يقترحون خلال مؤتمر علمي وطني إدخال تقنية العلاج بالتبريد إلى تونس    فترة ماي جوان جويلية 2025 ستشهد درجات حرارة اعلى من المعدلات الموسمية    الانطلاق في إعداد مشاريع أوامر لاستكمال تطبيق أحكام القانون عدد 1 لسنة 2025 المتعلق بتنقيح وإتمام مرسوم مؤسسة فداء    حزب "البديل من أجل ألمانيا" يرد على تصنيفه ك"يميني متطرف"    جندوبة: انطلاق فعاليات الملتقى الوطني للمسرح المدرسي    فيلم "ميما" للتونسية الشابة درة صفر ينافس على جوائز المهرجان الدولي لسينما الواقع بطنجة    كلية الطب بسوسة: تخرّج أول دفعة من طلبة الطب باللغة الإنجليزية    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: النخبة التونسية تحرز ذهبيتين في مسابقة الاواسط والوسطيات    خطر صحي محتمل: لا ترتدوا ملابس ''الفريب'' قبل غسلها!    صيف 2025: بلدية قربص تفتح باب الترشح لخطة سباح منقذ    تطاوين: قافلة طبية متعددة الاختصاصات تزور معتمدية الذهيبة طيلة يومين    إيراني يقتل 6 من أفراد أسرته وينتحر    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    الجولة 28 في الرابطة الأولى: صافرات مغربية ومصرية تُدير أبرز مباريات    الرابطة المحترفة الثانية : تعيينات حكام مقابلات الجولة الثالثة والعشرين    الرابطة المحترفة الأولى (الجولة 28): العثرة ممنوعة لثلاثي المقدمة .. والنقاط باهظة في معركة البقاء    ريال بيتيس يتغلب على فيورنتينا 2-1 في ذهاب قبل نهائي دوري المؤتمر الاوروبي    أبرز ما جاء في زيارة رئيس الدولة لولاية الكاف..#خبر_عاجل    صفاقس ؛افتتاح متميز لمهرجان ربيع الاسرة بعد انطلاقة واعدة من معتمدية الصخيرة    "نحن نغرق".. نداء استغاثة من سفينة "أسطول الحرية" المتجهة لغزة بعد تعرضها لهجوم بمسيرة    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



توصيات عامة للثورات المحتملة بقلم / د.ناصر جبنون
نشر في الحوار نت يوم 27 - 03 - 2011


3 توصيات عامة للثورات المحتملة
التخطيط السليم
لا بد لحركات التغيير أن تعد خطط واضحة للتغيير و إدارة الفترة الانتقالية و إعداد المستقبل السياسي. و لا بد ان تشمل خطة التغيير العديد من السناريوهات، فإنه من السهل أن تبدأ أي معركة و لكنه من الصعب الخروج منها بالنتائج المرجوة. و قد روي أن عمرو بن العاص قال "لا أدخل مسألة إلا إذا عرفت كيف أخرج منها"
الابتعاد عن استنساخ التجارب الأخرى.
لقد تم التغيير في تونس و مصر بفضل صمود الشعوب و إصرارها و انضباطها. لكن هذه العوامل لم تكن الوحيدة إذ توفر في هذين البلدين جيشان مركزيان لم تكن العائلتان الحاكمتان تسيطر عليهما و لا بعض كتائبهما. و قد توافقت مصلحة الجيشين مع مصالح الشعوب، و هذا ما لا يتوفر بالضرورة في البلدان الأخرى.
عدم التركيز على الأشخاص و اعتماد مبدأ "اذهبوا فأنتم الطلقاء"
إن هدف التحركات الشعبية هو تحقيق التغيير السياسي و ليس الانتقام من أي شخص أو فئة أو مؤسسة. لذلك وجب اعتماد التسامح واتّباع منهج محمد صلى الله عليه و سلم في فتح مكة عندما قال لمن حاربوه و قتلوا أتباعه "إذهبوا فأنتم الطلقاء" و هذا منهج يحقن الدماء و يصلح القلوب ويوفر الجهود من أحل بناء المستقبل. و لا شك أنه يمكن أن تدار المرحلة الانتقالية للتغيير في وجود بعض القادة الحاليين بطريقة أفضل من إدارتها في غيابهم. فوجودهم يحدد المسؤولية و المحاسبة. أما في غيابهم فقد تقوم فلول أحزابهم و أجهزتهم الأمنية بجرائم يصعب تحديد المسؤول عنها. أما مسألة عدم الثقة في الحكام فيمكن أن تعالج باليقظة و الاعتصامات الدورية، ومساعدة الجهات الخارجية الموثوقة، و إبعاد الحكومات عن إدارة التغيير و حصر مسؤولياتها في تصريف الأعمال. و يجب أن لا تربط الثقة بالأشخاص فغالبا ما يؤدي منح الثقة بدون مراقبة و لا محاسبة إلى الفساد. و يمكن لفاسد مراقب يخاف المحاسبة أن يصبح مصلحا، و يمكن لفاسد غير مراقب و لا محاسب أن يصبح مفسدا.
تكوين لجنة دولية مستقلة لتيسير الانتقال الديمقراطي السلمي
من المؤسف أن يسقط يوميا عشرات الضحايا في الوطن العربي و لا يتدخل أحد لوقف هذه المصائب و تيسير التنقل الديمقراطي السلمي. لقد أضحى الانتقال الديمقراطي أمرا لا مفر منه، لكن يجب أن يعمل الجميع على تحقيق هذا الانتقال بأقل خسائر وبضمان الاستقرار. كما يجب إعداد خارطة طريق واضحة لبناء المستقبل السياسي. و نظرا لاستفحال عدم الثقة و جب تكوين لجنة دولية لتيسير التحول الديمقراطي السلمي. و مع الأسف فإنه لا ينتظر من الجامعة العربية التي امتهنت العجز أن تقوم بهذا العمل خاصة و أن أمينها العام مشغول بحملته الانتخابية. وقد تستطيع منظمة المؤتمر الإسلامي رغم ضعفها الفادح أن تقوم بهذا الأمر بفضل مصداقية أمينها العام المنتخب. و إن لم تفعل؛ فلا بد للمؤسسات الغير حكومية أن تأخذ هذه المبادرة اليوم قبل الغد. و أنا أرشح الدكتور حبيبي الرئيس الأسبقٍ لأندونيسيا، الذي قاد التحول الديمقراطي في بلده، أن يكون رئيسا لهذه اللجنة. كما أرشح لعضويتها شخصيات ِ بارزة في مجال الفكر السياسة و التطوير المؤسسي مثل و الدكتور كلوفيس مقصود الأكاديمي المعروف و الممثل الأسبق للجامعة العربية في الأمم المتحدة، و الدكتور عزمي بشارة والدكتور جمال البرزنجي و الدكتور هيثم مناع. و يمكن لتونس و مصر القيام بدور رائد في مساعدة الدول الأخرى على تعد هذه المرحلة بسلام و تجنب الأخطاء التي و قعوا فيها.
------------------------------------------------------------------------
عثرات يجب تجنبها
تفويض التغيير السياسي لشخص أو لجنة
يعتبر تطوير النظام السياسي المستقبلي أخطر قرار استراتيجي في بلداننا. و لهذا فهو يتطلب مشاركة كاملة عبر انتخاب مجلس تأسيسي لإعداد الدستور ثم القيام باستفتاء بعد توعية الناس. أما تفويض هذه المهمة لشخص أو لجنة، كما لو كانت مهمة إجرائية، فهذا أمر غير مقبول. فالاعتماد على اللجان هو حرمان للشعوب من حقها في بناء مستقبلها. وعلاوة على ذلك، فإن اللجان المتكونة من ممثل عن كل حزب سياسي لا تعكس آراء الشعب و تعاقب الأحزاب الأكبر إن وجدت.
التسرع في العملية السياسية.
يريد بعض الناس الانتهاء مع التغييرات في النظام السياسي والانتخابات و تشكيل حكومة جديدة في أقرب وقت ممكن. هؤلاء الناس غير مرتاحون من الوضع الراهن وهم حريصون على العودة إلى "الاستقرار" في أقرب وقت ممكن. صحيح أن الاستقرار أمر أساسي للاقتصاد، لكن إعداد دستور و نظام سياسي لا يعنيان عدم الاستقرار. من المفترض أن تفصل الحكومات المؤقتة الضامنة للاستقرار عن عملية التغيير السياسي العملية. وينبغي تخصيص وقت وموارد فكرية كافية لهذه العملية. سيشكل النظام السياسي جديد مستقبلنا لعقود قادمة، وهو بالتالي يستحق مدة سنة واحدة من أجل ضمان تحقيق إجماع واع حوله. و إذا لم نفعل ذلك و آثرنا التسرع فسنضطر إلى إعادة كل شيء من جديد.

التركيز على السلطتين التشريعية و التنفيذية و إهمال السلطة الفضائية و الصحافة
تلعب السلطتين القضائية و الإعلامية دورا محوريا في تحقيق العدل و المحاسبة و منع الفساد و فعالية الحكومة. و لذلك وجب إعطاءهما نفس أهمية السلطتين التشريعية و التنفيذية. فلا بد من تكريس استقلالية الفضاء و إعادة تأهيل العاملين في السلك القضائي و تمكينهم من رواتب تحظ لهم كرامتهم و تساعدهم على رفض الفساد. أما الإعلا فقد حقق شيئا من التوازن بفضل اشيكات التواصل الإجتماعي، و لكنه مازال يحتاج إلى المهنية و ربما إلى تشريعات تمنع التزلف و تعظيم الأفراد.
تقسيم الناس على أساس سنهم
لم تظهر هذه المشكلة في ليبيا إلا في اختيار المجلس العسكري في بنغازي. هذا و إني لا أحبذ استعمال" ثورة شباب 17 فبراير" لأنها ثورة كل الشعب الليبي. أما في تونس ومصر فقد تم التأكيد على أن الثورتين ملك للشباب وأن الكبار لا يمثلونها . وأعتقد أن هذه مغالطة. الثورات تنتمي إلى الشباب الذين لديهم بطبيعة الحال مساهمات أكثر من غيرهم ، ولكن الثورة تنتمي أيضا إلى آبائهم وأمهاتهم ، و إخوانهم ، وأخواتهم وأعمامهم ، و أخوالهم، وأجدادهم، وخاصة إلى كبار السن الذين شاركوا في المسيرات و الاعتصام على الرغم من مسؤولياتهم ومشاكلهم الصحية. ومن كبار السن من استشهد خلال هذه الثورة. فالثورة تنتمي إلى الشعب وهي مثل الشجرة التي لها جذور وجذع وفروع. قال الله سبحانه وتعالى " أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُون وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ" (إبراهيم 24-26).
فلا ينبغي لنا فصل الفروع من الجذور. ولا ينبغي لنا فصل الشباب عن الكهول و الشيوخ. الشباب يجلبون الطاقة والبصيرة والكهول يجلبون الخبرة والحكمة. الحجة القائلة بأن الثورة تنتمي لمن نجح في الآونة الأخيرة ، وليس لأولئك الذين قد فشلوا من قبل داحضة و مضللة ، ليس فقط لأن الجميع شارك في نجاح اليوم ، ولكن لأن هذا النجاح الذي لم يكتمل بعد ، هو مبني على النضالات السابقة. يتعين علينا جميعا احترام كل الناس الذين ناضلوا من أجل الحرية والعدالة قبل هذه الثورات. لقد تكلم هؤلاء الناس عندما سكت الجميع.. استشهد بعض من هؤلاء ،والبعض الآخر لا يزال معنا و ينبغي أن يلعب دورا مهمة في تشكيل المستقبل. يمكن أن أذكر من بين هؤلاء الناس في تونس طارق مكي ، منصف مرزوقي ، راشد الغنوشي ، حمة همامي ، نجيب الشابي ، سهام بن سدرين، مي الجريبي ، كريم الهاروني ، محمد عبو ، و صادق شورو الذي قضى نحو 20 عاما السجن منها 14 في الحبس الانفرادي . هؤلاء الناس ليسوا معصومون من الخطأ ، لكنهم يستحقون أكثر احتراما من أولئك الذين قد قفزوا أخيرا فوق عربة الثورة لركوب أحداثها. أما الشخصيات المصرية التي يجب أن تلعب دورا هاما في هذه الفترة في مصر فتشمل محمد البرادعي ، وعصام العريان ، أيمن نور ،و مجدي حسين ، محمد عبد المقصود و جورج اسحق ،و محمد البلتجي ونادر فجاني ، ومحمود الخضيري. و لسوء الحظ ، فإن البعض يحاول تشويه صورة هؤلاء و آخرون حاولوا إقصاءهم بسبب سنهم. و الحقيقة أن جل من لعب ورقة السن من الكبار، لكنهم رأوا في هذه التفرقة وسيلة لإبعاد مخالفيهم.

التركيز على الماضي و ليس المستقبل.
يصر الناس على معاقبة المرتبطين بالأنظمة السابقة في حين ينبغي أن يترك هذا الأمر إلى المحكمة و ألا يشكل أولوية. يجب أن نركز بدلا من ذلك على بناء مستقبلنا السياسي. ولا ينبغي لنا تشتيت جهودنا. فإذا كان علينا أن نؤخر الاهتمام بأمر ما أو أم نختار بين الماضي و المستقبل وجب علنا اختيار المستقبل. فلا يمكن التنازل أبدا عن إتباع العملية الأصح للإصلاح السياسي الذي يمر عبر مجلس تأسيسي منتخب ثم الاستفتاء. إن هذه المعركة لم تحسم بعد ولا بد من ضمان نجاحها.

التركيز على الحاضر على حساب المستقبل.
يركز الكثيرون على الحكومة المؤقتة و يضعون الكثير من الطاقة لتغييرها في حين يحتاجون إعطاء الأولوية للمستقبل و ليس الحاضر. تحرص بعض الأحزاب السياسية على أن تكون جزءا من هذه الحكومة في حين يستحيل على أي حكومة أن تشمل الجميع. يجب أن يكون تطوير النظام السياسي الجديد مستقلا تماما عن الحكومة. الفصل موجود في مصر ولكن ليس في تونس وهذه ورطة كبيرة تخلط الأوراق و تسهم في عدم الاستقرار. وينبغي على ليبيا والبلدان الأخرى التي قد تتغير فيها الحكومات التأكد من جعل هذا الفصل واضحا.
الحقد و البهتان و التخوين.
لا يمكن أن يؤدي الحقد والانتقام سوى إلى انعدام الأمن، والذي يمكن أن يؤدي بدوره إلى عدم الاستقرار. تعرض النبي محمد (ص) وأصحابه للاضطهاد الشرس من قريش الذين قتلوا المسلمين ، وعذبوهم وجوعوهم، وأخرجوهم من ديارهم، بل ومنهم من أكل كبد عم النبي صلى الله عليه و سلم. وعلى الرغم من كل هذه المظالم، فقد عفا عنهم رسول الله عندما فتح مكة المكرمة. وللأسف، فهناك من الناس تسيطر عليه الأحقاد و هناك من يصدر أحكاما مسبقة و معممة على الكثير، وهناك من يحاول تجريم جميع من كانت له علاقة مع والأنظمة و الأحزاب الحاكمة السابقة. وهذا سيجعل الناس يشعرون بأنهم مهددون ، وعندما يشعرون بأنهم مهددون و في خطر، فقد ينخرطون في سلوك و أعمال مضادة للثورة نحن في غنى عنها. يجب علينا تصغير حلقة أعداء الثورة و ليس تضخيمها. ينشر البعض اتهامات زائفة على الفيسبوك و يخونون الكثير من الشرفاء. وسيضعف مثل هذا السلوك الثقة ويبعث على زعزعة استقرار المؤسسات.
ضعف التسامح
نحن لا نريد تغيير ديكتاتورية زعيم بديكتاتورية الثورة، أو ديكتاتورية الحشد. للناس الحق في انتقاد للحكومة ، والثورات، والجماهير يتظاهرون في الشوارع. وينبغي تعزيز قيمة الحوار واحترام رأي الجميع وينبغي التسامح مع من لم يرتك جرائم مثبتة عدليا من الأحزاب الحاكمة السابقة. إذا بدأنا بإلغاء الأحزاب من الآن، فسوف نمهد الطريق لمزيد من الإقصاء. من الصعب أن تكون الدعوات لإلغاء الأحزاب خالية من الحقد والانتقام. و الحقيقة أن هذه المسألة رمزية لأن الأحزاب الحاكمة قد تلاشت في واقع الأمر إذ أنها وجدت فقط لجني بعض الفوائد من الحكومة. ولكن ينبغي أن لا نعطي إشارة إلى أنه يمكن أن نلجأ إلى إلغاء الأحزاب.

من ناحبة أخرى، استغرب حقا أن يتم تخوين بعض من ناضل ضد الديكتاتورية واتهامهم بأنه الدمى للغرب لمجرد أنه كانت وجهات نظر مختلفة. لقد استندت بعض أسوأ الأنظمة الديكتاتورية في تاريخ الإنسانية على شرعية الثورات. أدعوا إلى التحلي بالشجاعة في إصلاح الأخطاء و التعبير عن الرأي عند الاختلاف مع الحكومات ، والحشود، أو الرأي العام . فالسلطان الجائر لا ينحصر في الرئيس. بل يمكن تقوم مجموعة بإحراج الآخرين وتدفعهم على موافقة وجهات نظرهم.
.
التطرف والانتهازية السياسية، والفوضى.
ويرتبط هذا الأمر بافتقار التسامح. بعمل بعض السياسيين الاستفادة من الوضع بمحاولة الظهور بمظهر الراديكاليين من أجل أن تصبح لهم أكثر شعبية أكبر. كان معظم هؤلاء الناس صامتون في ظل الديكتاتورية، والآن يحاولون إبراز شجاعتهم ويتهمون أولئك الذين ناضلوا من اجل الحرية بالخيانة والانتهازية. لن تنفعنا المزايدات بل ستقود بلداننا إلى خسائر من حيث الأمن والفعالية والاستقرار. ينبغي علينا أن نؤكد من أن المطالب السياسية لا تقف في طريق التعليم والعمل المنتج يوميا. أجبني المصريون لقيامهم باعتصام أسبوعي في عطلة نهاية الأسبوع. هذا لا يعني أننا يجب أن يتوقف عن الضغط لضمان ومواصلة عملية التحول الديمقراطي الحق. بل بالعكس ، ينبغي أن يتواصل الضغط السلمي باستمرار من أجل تحقيق النظام الديمقراطي الذي يستحق التضحيات التي بذلتها الشعوب، والذي لم يحسم بعد.

إلغاء المؤسسات القائمة
من الخطأ تجريم المؤسسات وطلب إلغائها. صحيح أن بعض المؤسسات ، أو فروع لها قد أخطأت بل وارتكبت جرائم في الماضي ، ولكن الحل يكمن في : تغيير قيم عملها ، والقضاء على الممارسات الخاطئة ،وتحسين أدائها ، وليس في إلغائها وخلق فراغ سوف يعوق فاعلية الحكومة ويسمح لمزيد من الانتهاكات كما حصل في العراق. لا أستطيع أن أتصور، على سبيل المثال، بلدا بدون أمن الدولة. ينبغي تغيير أهداف هذه المؤسسات و وقف انتهاكات أفرادها ثم تدريبهم وتطويرهم لخدمة البلاد وقيمها الديمقراطية بطريقة مهنية تكرس العدالة وتحترم حقوق الإنسان وحرياته. قرر المجلس العسكري المصري بتجميد نشاطات أمن الدولة حتى تعاد هيكله، ثم وربما تأثرا بما حدث في تونس تم إلغاء هذا الجهاز. و في الحقيقة فإن قرار حل أمن الدولة في تونس و مصر لا يتواز أن يكون مغالطة لإسكات مطالب ملحة من الشعب. فقد تغيرت الأسماء و لم تتغير المسميات. لا يمكن لدولة أن تأمن على نفسها و لا يمكن لديمقراطية وليدة أن تأمن العنف و الانقلابات إلا بجهاز أمن قوي وطني يحترم حقوق الإنسان و يوالي الشعب وخياراته. العلة إذا في العقيدة و القيم و الأساليب الأمنية و ليست في وجود جهاز أمن او في تسميته.
تغيير الأفراد والأحزاب ونسيان القيم
لا يهم حقا من الذي يقود النظام الاستبدادي. فإنه لا يضيف تغيير الأحزاب الحاكمة أو إلغاؤها شيئا إذا استمرت نفس القيم التي تبرر الظلم . لقد انضم الكثير من الناس في الوطن الغربي إلى الأحزاب الحاكم طمعا في منافع مالية. و الآن قد يصوت نفس الأشخاص أو أشخاص آخرين لصالح أي طرف مقابل المزايا المالية. قد نستبدل عدم تسامح الثورة بعدم تسامح الرئيس. و في كلتا الحالتين سيتم تقييد الحريات. ما نحتاج إليه هو مزيد من الثورة الثقافية التي تعزز الحرية والتسامح ، والقناعة ، والعدالة والاحترام والتعاون، وتكبح الطمع و الطغيان و التملق الظلم والمحسوبية و الاستكبار. ويساعد في هذا إعداد النظم السياسية والقانونية والاجتماعية والاقتصادية الداعمة للقيم المطلوبة والدارئة لما سواها. نحتاج أيضا إلى أن ننشر القيم المطلوبة في المنظمات الحكومية وغير الحكومية ، وأدوات هذا النشر متاحة في بعض مراجع الإدارة. لقد شهدنا أيام الثورة أبهى قيم التسامح والتعاون و نكران الذات و الإيثار . كان ذلك طبيعيا لأن الشعوب كانت تؤمن برسالة سامية أكبر من هواء النفوس، و كان القدوة و المثل الأعلى الساطع أمام أعين الناس هو الشهيد. لقد كان الجميع في فصل (أو معسكر) مدرّسه (أو مدربه) شهيد و مساعده شهيد فأخلص الجميع و تعلموا العطاء. ولكنهم سيرجعون إلى حياتهم ليجدوا مدرسين غير المدرسين و مدربين غير المدربين.
فلا بد إذا من التركيز على دور المدراء و المثقفين و الصحافيين و خاصة الجامعيين في تكريس قيم الثورة. لقد قام المثقفون و الصحفيون والجامعيون المتطلعين إلى الالتحاق بالنوادي البرجوازية جرائم أكبر من جرائم الطغاة فكانوا العقول المدبرة والمبررة للطغيان و الإذعان، والفساد والإفساد، وسفك الدماء و تعذيب الأبراء. و ننتظر الآن أن يبرز الوجه المضيء للمثقفين و قد عبد لهم الشهداء طريق العطاء والارتقاء.

و أخيرا
تحية إلى شهداء الثورة و أمهاتهم و آباءهم و أبناءهم وأزواجهم و إخوانهم فقد رفعوا شأننا و هزوا قلوبنا و أسالوا دموعنا وأناروا طريقنا.
تحية إلى شهدائنا الذين سبقوهم في درب العطاء في معركة الاستقلال من المستعمر الداخلي ومعركة الاستقلال الثاني من المستعمر الداخلي
تحية إلى المعتصمين الذين سبقوا السياسيين و أشباه المثقفين فأنجزوا التغيير و رعوا ثورتهم ولم يفرطوا فيها وطالبوا قبل غيرهم بمجلس تأسيسي و حكومة برلمانية.
تحية إلى من تكلموا حين سكت الناس و عانوا البلاء في أجسادهم و حرياتهم و عائلاتهم و أموالهم.
تحية إلى قادة الجيوش و الجنود الذين رفضوا أوامر الطغاة وانحازوا إلى شعبهم و حموا البلاد والعباد
تحية إلى كل من ساهم و يساهم في الإصلاح السياسي و من ساهم قي سقوط الطغاة حتى بحرف واحد من داخل الحكومات و خارجها، فالعادل من لا يبخس الناس أشياءهم.
و دعوة للذين اتحدوا على الإطاحة بالطغاة (كل من موقعه) أن ينبذوا خلافاتهم و يحترموا تضحياتهم ثم يعملوا جميعا لتحقيق إجماع حول التغيير السياسي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.