لقد انتقص طرف من أطراف الأرض كما أخبر الله تعالى (اولم يروا انا نأتى الأرض ننقصها من أطرافها) الرعد 13 قال بعض المفسرين المقصود منها قبض العلماء وقد ودعنا الراحل الكريم والشيخ الفريد القوى الصامد عزيز النفس عميق الفهم الثائر لدينه الغيور على أمته فضيلة شيخنا وعالمنا وأستاذ الجيل الشيخ عبد المعز عبد الستار الذى كانت غيبته عن مصر فى قطر لسنوات طوال سببا فى أن يحرم الكثيرون من أبناء الصف اللقاء به والتعلم منه وهو أستاذ جهابزة الدعوة وعلمائها ةلم يأخذ حظه من الإعلام والانتشار كغيره وهم كثيرون فى هذه الدعوة وحسبهم أن الله يعلم مكانتهم ولا نزكيهم على الله وهذا لا يعنى التسليم بهذا المبدأ ونبقى على الحال نفسها من حرمان الأجيال المعاصرة من الرعيل الأول المتبقى من الدعوة وعلمائها وانما عليبا أن نسعى للقاء هؤلاء بتلامذتهم وتوريث المفاهيم والنفحات والأخلاقيات والفهم الصحيح للدعوة . فهؤلاء نماذج للثبات والصدق والتجرد والاعتزاز بالصف المسلم الواحد الى اخر لحظة من العمرفهم عناصر قدوة للصف وقد علمنا أستذتنا أن من حق الفرد على جماعته أن توفر له ثلاث المنهج السليم الموافق للكتاب والسته ومحاضن التربية وعناصر القدوة وهذا الرجل وأمثاله من عناصر القدوة التى يحتذى بها لقد عايشت الشيخ الراحل لأيام طويلة كان يتردد فيها على القاهرة فى إجازات متناثرة , وأكرمنى الله أن اتعلم منه عدة مفاهيم دعوية هى من مناقبه رحمه الله أولها اعتزاز الشبخ بالإسلام اعتزازا عظيما وثقته فى امتلاكه أسباب التحضر كلها ومن اللمحات التى كانت تصدر منه مناداته بالنظافة والاهتمام بها وكان يتأذى كثيرا عندما يرى شوارعنا ليست نظيفة , وكثيرا ما كان يقحم هذا المعنى فى محاضراته ويذكر بالحديث الشريف (نظفوا بيوتكم وأفنيتكم ولا تشيهوا بهيود) وكان يطرح أمثلة ونماذج يدلل بها على احترام الإسلام للنظافة وتحويله للمجتمعات التى دانت له إلى مجتمعات نظيفة متحضرة ومن لمحاته رحمه الله اعتزاز الشيخ بأزهريته وزيه الذى لم يفارقه ولم يظهر بغيره كملبس شرف ودليل مهنة رفيعة شرفه الله بها إنه ملبس العلماء الذى عرف به أبناء جيله فكان هو الذى يكسو الملبس مهابة وعظمة وشموخا ومن لمحات حياة الشيخ التى لا تخفى على أحد وقفته الحاسمة مع العلماء الصادقين من تلامذته وأنداده والتى وقفها من شيخ الازهر الراحل الشيخ طنطاوى عندما أصدر فتواه التى أحل بها فوائد البنوك والتى خالف بها أساتذته وتلامذته وكان موقف الشيخ عبد المعز حاسما حيث جاء الى مصر ودعا الشيخ طنطاوى والشيخ القرضاوى أطال الله لنا فى عمره وبارك لنا فيه وهو كذلك دليل عظمة الشبخ عبد المعز فهو أحد تلامذته ومن كان تلامذته كالقرضاوى فكيف يكون هو ؟ وكذلك دعا الشيخ فى هذا اليوم لفيف من العلماء فى بيته فى محاولة لأن يعدل الشيخ عن فتواه بعد مناقشته والاعتراض على أدلته وتفنيدها ومن المواقف التى تحسب للشيخ الراحل مكانته عند علماء العصر وهو موقف يحسب كذلك للشيخ طنطاوى الذى كان تلميذا للشيخ عبد المعز ففى جنازة الشيخ الفقيه سيد سابق رحمه الله وهو من أعلام الدعوة وفقهائها كنت مرافقا للشيخ عبد المعز فى حضور الجنازةو الصلاة عليها وبعد الصلاة توجهت للبحث عن حذاء الشيخ وحملته فرفض رحمه الله بشدة وإذا بالشيخ طنطاوى يطلب من حارسه الخاص أن يحمل الحذاء ويقول هو ابننا أيضا ولكن الشيخ يرفض أيضا وبشدة فإذا بالشيخ طنطاوى رحمه الله يحمل الحذاء بنفسه ويقول لنا جميعا هذا أستاذى أنا وهذا واجبى أنا ومن المواقف التى لا أنسها للشيخ الجليل تواضعه الشديد لصغار تلامذته فقد كان يشجعنى على أن أخطب الجمعة فى حضرته حيث كنا نتبادل الخطبة فى مسجد الشباب بمديتة تصر وكان يحضر فى خطبتى فأطلب منه التفضل بالخطبة فيرفض ويشجعنى على الخطبة فى حضرته ومن اللمحات الدعوية التى غرسها و نقشها فينا الشيخ رحمه الله( أن إمام الدعوة كإمام الصلاة سواء بسواء ونداء الدعوة كنداء الصلاة سواء بسواء ) فقد ذهبت اليه فى إحدى إجازاته أدعوه للقاء للطالبات الأزهريات فأعطانى أجندة مواعيده لأدون الموعد ولكننى لم أجد موعدا فارغا فاليوم ممتلىء تماما بالمواعيد فاعتذرت له قائل:ا لا مكان يا أستاذ لذلك نعفيك من الدعوة فغضب الشيخ وقال: كيف تقرر ذلك ؟ هل أنت جاد فى الموعد؟ هل عندكم موهد للدعوة وتربية هؤلاء الفتيات؟ فقلت نعم قال فهل تريد لى أن أكون من الذين إذا قيل لهم اركعوا لا يركعون,؟ لا يسعنى الاعتذار عن موعد تطلبنى فيه دعوتى :إأن إمام الدعوة كإمام الصلاة والدعوة هى إمامى الذى لا أتخلف عنه أبدا , وبالفعل ألغى موعد غداء مع أولاده وأحفاده القادمين من قطر وقال نلقاهم فى وقت لاحق ويوم الموعد أدخل الفتيات فى غرفة واسعة وفوجئنا بمائدة خليجية عامرة كان قد أعدها لأولاده وأحفاده فقال لى لقد ألغيت موعد الأولاد لكننى لم ألغ الطعام فاستبدلت أبناء النسب بأبناء الدعوة رحم الله الشيخ رحمة واسعة وأفسح له فى قبره مد بصره وجمعه بالصالحين من الأنبياء والصحب والصادقين من التابعين والدعاة على مر العصور وثبتنا الله من بعده على هذه الدعوة المباركة على طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم وانا والله لمحزنون ولا نقول الا ما يرضى ربنا إنا لله وإنا إليه راجعون خضر عبد المعطى خضر مدرس بجامعة برلين المنسق العام للتجمع الأوربى للأئمة والمرشدين