نشبت حرب كلامية بين الشيخ القرضاوي وكبار علماء سوريا، على خلفية الاحتجاجات التي تشهدها المدن السورية، ففي بيان شديد اللهجة دعا رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الجيشَ السوري إلى حماية المتظاهرين المسالمين من "بطش أدوات القمع الظالمة" التي تفتك به، وأضاف أن اتهام المظاهرات بالعمالة، والارتباط بالخارج، ومحاولة قمعها من خلال وصفها بالمؤامرة الخارجية، لن ينطلي على أحد في عالمنا اليوم. * وقال البيان الذي نشر على موقع الاتحاد، إن وجود سورية في مواجهة العدو الصهيوني لن يعفي حكامه عن تحقيق تطلعات الشعب وحرياته، وإزالة الظلم والاستبداد، بل "إن معظم الأراضي العربية الإسلامية قد احتلت في ظل الاستبداد والدكتاتورية والحزب الواحد، أو الزعيم الأوحد"، معبّرا عن فزعه من حجم الاعتداءات ونوعيتها على المتظاهرين المسالمين من "قتل وتعذيب وإهانة لكرامة الإنسان، مما لا يقبله دين ولا خلق ولا قانون". * وأضاف البيان أنه يجب أن تعلم القيادة السورية أن عصر الحزب الواحد والزعيم الأوحد قد انتهى وتجاوزه الزمن، وأن الشباب اليوم يريدون الحرية الكاملة، والكرامة الشاملة، مشيرا إلى أن المظاهرات، اليوم، تعبر عن ضمير الشعب، وأن الحراك الشعبي يحركه الإحساس بالظلم والاستبداد والقهر الذي طال زمنه وأمده، لذلك لن تنجلي إلا بجلاء الظلم والاستبداد، واحترام الحريات للشعوب والأقوام، ودعا البيان الذي أدان بشدة أساليب التعذيب والإهانة والقتل للمتظاهرين المسالمين، الرئيس السوري إلي الإسراع بالبدء فورا بتغيير الدستور، وإطلاق الحريات، وتحقيق مطالب الشعب كاملة، ف"الحلول الجزئية لم تعد ترضي الشعب السوري، ولن تنهي مظاهراته العارمة"، وحذّره بأن سقف المطالب "يزداد كلما تأخرت الإصلاحات الجذرية"، معبّرا عن قلقه من عدم وجود أي مؤشر عملي للبدء بالإصلاحات الجذرية، سوى استبدال بعض الوزراء أو "خطاب الرئيس الذي لم يكن في مستوى تطلعات الشعب السوري، بل كان عبارة عن كلمة توجيهية". * وردا على هذا البيان الذي أحدث ضجة في الوسط السوري، أصدر تجمع "كبار علماء سوريا" بيانا اتهموا فيه بيان القرضاوي بأنه صدر عن "خلفيات حزبية مرتبطة بمخططات واضحة المعالم والأبعاد والأهداف، والذي يستهدف النيل من أمن واستقرار سوريا"، متسائلين عن الجهة التي خولت القرضاوي التدخل في قضايا الشعوب وشؤون الدول الداخلية تحت شعار، حقوق الإنسان والحريات والإصلاح. * وأشار البيان السوري إلى أن مهمة العلماء هي درء الفتن، وتحقيق مقاصد الشريعة في جلب المصالح ودرء المفاسد، بناء على فقه بواقع العالم الإسلامي عموما، وسوريا خصوصا، سيما أنهم يعلمون مواقف سوريا الثابتة والصامدة في وجه أعداء العرب والمسلمين جميعاً، وها هي تدفع ثمناً غالياً لتلك المواقف، حسبهم، مدافعين عن إجراءات الرئيس السوري، بشار الأسد، وواصفين إياها بأنها "جذرية وليست جزئية" مجددين: أن الأحداث التي تشهدها البلاد نتيجة "مؤامرات خارجية" سببها "المواقف الثابتة لسوريا ضد الولاياتالمتحدة وإسرائيل".