استبقت قوات الأمن السورية إحياء «أسبوع فك الحصار» عن مدينة درعا بحملة اعتقالات استهدفت محركي الاحتجاجات المطالبة بإسقاط النظام، وشملت عددا من المدن والبلدات. وبينما تظاهر نحو ثلاثة آلاف شخص في مدينة بانياس الساحلية تضامنا مع درعا التي شهدت أمس عودة جزئية للمياه، فيما بقيت الكهرباء مقطوعة في المدينة لليوم الرابع على التوالي وسط اقتحامات للمنازل من قبل عناصر الأمن والفرقة الرابعة من الجيش واعتقال كل من تجاوز سن ال15، حيث وصل العدد إلى نحو 500 شخص، في وقت هدد ناشطون اكراد باللجوء إلى اعتصام مفتوح في حال لم يتم إطلاق سراح عشرات ممن اعتقلتهم السلطة خلال 24 ساعة. وبينما دخلت عملية الاستباحة لدرعا (100 كيلومتر جنوب العاصمة دمشق) أسبوعها الثاني، شنت قوات الامن حملة اعتقالات واسعة النطاق في المدينة في وقت دعت فيه المعارضة الى القيام بمظاهرات في عموم البلاد من اجل «فك الحصار» عن هذه المدينة. وقال الناشط الحقوقي عبدالله ابا زيد: ان عناصر الفرقة الرابعة شنوا منذ ساعة مبكرة «مدعومين بدبابات ومدرعات بالتنقل من حي الى آخر، ويدخلون البيوت ويعتقلون في كل مرة شخصا او شخصين». وأضاف: ان «كل الرجال الذين تزيد اعمارهم عن 15 عاما عرضة للاعتقال»، مشيرا الى استجواب مئات الأشخاص منذ الجمعة الماضي. واوضح أبا زيد ان «القناصة يطلقون النار على كل شيء يتحرك»، ويمنعون السكان من رفع «ستة جثث موجودة في الشارع منذ الجمعة، كما ان هناك جرحى لا نستطيع نجدتهم». ومنذ الاثنين الماضي، تحاصر القوات السورية المدينة حيث قتلت 32 شخصا على الأقل الجمعة عندما أطلقت النار على متظاهرين جاؤوا من القرى المجاورة حاملين مساعدات، بحسب منظمات تعنى بحقوق الانسان. كما قتل ستة أشخاص السبت على يد قوات الامن، بحسب الناشطين. وتحاصر القوات السورية مدينة دوما الواقعة على بعد 15 كيلومترا الى الشمال من دمشق. ماء ولا اتصالات إلى ذلك، ذكر شاهد عيان أن الماء عاد إلى بعض القرى المحيطة بدرعا.. لكن درعا لاتزال تعاني من انقطاع التيار الكهربي. وقال عبدالله طيره، من بلدة ازرع التي تبعد حوالي 30 كيلومتراً شمال مدينة درعا، لوكالة «يونايتد برس إنترناشونال»: ان «الماء عاد منذ مساء السبت بعد انقطاع دام أربعة أيام»، لكنه أضاف: ان «الاتصالات الهاتفية لازالت مقطوعة ومن المنتظر أن تعود يوم الاثنين». وأوضح ان كثيراً من المنازل قد تم استهدافها بشكل كبير وتضررت بسب المواجهات التي جرت خلال الايام الماضية، مؤكداً ان بلدته (التي تبعد حوالي 70 كيلومتراً عن العاصمة دمشق) توجد فيها سبعة حواجز تفتيش على طول الطريق، وتطلب البطاقات الشخصية من المسافرين، وان هناك قوائم يتم التأكد منها.
تظاهرة ليلية وفي مدينة بانياس (شمال)، أضاء ثلاثة آلاف متظاهر الليلة قبل الماضية الشموع وتجولوا في المدينة تضامنا مع درعا وكذلك مع مدينة جبلة التي يحاصرها الجيش منذ خمسة ايام، والتي تبعد 20 كيلومترا شمال بانياس، كما قال المرصد السوري لحقوق الانسان. وقال المصدر: ان المتظاهرين «رددوا هتافات ضد النظام وللمطالبة بالحرية وفك الحصار عن جبلة وعن درعا ووقف القصف عنها».
توتر في المنطقة الكردية وأفادت الأنباء الواردة من المناطق الكردية (شمال شرق) أن الاتصالات عادت بعد ظهر أمس بعد قطعها مدة 24 ساعة نفذت خلالها السلطات حملة اعتقالات واسعة في صفوف السكان. وأفاد أحد السكان ان الاعتقالات استهدفت مشاركين في تظاهرات الجمعة الماضية في مدن وبلدات كردية طالبت بإسقاط النظام. وأضاف: ان الحملة تتم من خلال «قوائم معدة سلفاً» بأسماء المطلوبين. وقال أحد القادة الميدانيين لحركة الشبيبة الديمقراطية المقربة من حزب العمال الكردستاني في اتصال هاتفي أمس: إن الحركة وزعت بيانا في شوارع مدينة القامشلي (نحو 900 كيلومتر شمال شرق دمشق) توعدوا فيها السلطات «بتحويل التحركات الاحتجاجية إلى اعتصام متواصل في حال عدم إطلاق سراح المعتقلين خلال 24 ساعة».
أسبوع فك الحصار ودعا الناشطون الى تظاهرات جديدة اعتبارا من أمس تحت شعار «اسبوع فك الحصار» ودعوا الى تظاهرات في درعا اليوم الاثنين في ضواحي دمشق، وغدا الثلاثاء في بانياس وجبلة (شمال غرب)، والاربعاء في حمص وتلبيسه (وسط) وتلكلخ عند الحدود مع لبنان. وينوي المتظاهرون الخميس المقبل تنظيم «اعتصامات ليلية» في كل المدن. وأكد الناشطون على موقع التواصل الاجتماعي ان «الحرية قادمة لا محالة. هذا الشعب بذل دماءه وفلذات أكباده وزهرة أبنائه لأجل الحرية وسينال الحرية قريبا. ستزهر دماؤكم الزكية يا شهداءنا الأبرار».
«إخوان سوريا» تستأنف نشاطها.. وتتحدث عن 900 قتيل
أعلن مسؤول في جماعة الإخوان المسلمين المحظورة في سوريا أن الجماعة قررت استئناف نشاطاتها المعارضة، واتخذت قراراً بهذا الشأن عبر مؤسساتها، وقدّر عدد ضحايا الاحتجاجات بأنه وصل إلى 900 منذ اندلاعها في منتصف مارس الماضي، نافياً أن تكون الجماعة دعت في بيانها الأخير الشعب السوري للتظاهر. وأبلغ زهير سالم الناطق الرسمي باسم جماعة الإخوان المسلمين في سوريا وكالة «يونايتد برس انترناشونال» أمس: «بياننا الأخير لم يتضمن أي دعوة مباشرة للتظاهر وكان هذا العنوان قراءة غير دقيقة من بعض وسائل الاعلام، والذي وجهه البيان هو دعوة لكل أبناء الشعب السوري بكافة فئاته للالتحام بالحراك الوطني». وقال سالم: إن الجماعة «اكدت في بياناتها السابقة أنها ملتحمة بهذا الحراك ومصرة على أن يبقى وطنياً ودون أي احتواء من أي جهة كانت، ولا يحق لأحد أن يدعيه وأن يفرض الوصاية عليه، وتؤكد الآن أن الإخوان المسلمين جزء من المجتمع وليسوا وراء هذا الحراك وليسوا المحركين له ولا الأوصياء عليه». وأضاف: إن وقف الأنشطة المعارضة اتُخذ أثناء حرب غزة أواخر 2008 ومطلع 2009 و«انتهى اثره، ونحن في واقع سياسي جديد وقرار تعليق الأنشطة المعارضة انتهى مفعوله عملياً وتم تجاوزه واتخاذ قرار بهذا الشأن عبر مؤسسات الجماعة، وسنظل دائماً داعين للجهد الشعبي المطالب بحقوق الشعب السوري في الحرية والكرامة». وشدد على أن الجماعة «ستبقى جزءاً من المجتمع السوري ملتزمة بالعمل السياسي السلمي لتحقيق أهدافها المعلنة في وثائقها ضمن اطار المشروع السياسي وميثاق الشرف الوطني». ورداً على سؤال حول امكان مشاركة جماعة الإخوان المسلمين في الحراك الذي تشهدها بلاده، قال سالم :«كوننا لا نملك قواعد تنظيمية بالمعنى الاصطلاحي لكون التنظيم محكوم عليه بالاعدام، فإن لنا قواعد فكرية تؤمن بمبادئنا وأهدافنا ضمن المجتمع السوري وهي تتحرك تلقائياً ضمن هذا المجتمع وتشارك في الحراك الدائر حالياً على طريقتها وبقرارها». ووصف ما يجري في سوريا بأنه «جريمة ابادة ضد الشعب السوري»، وقال: «كنا نتمنى أن تُعالج الأمور بغير هذه الطرق الدموية البالغة القسوة، ونصرّ على أن يبقى هذا الحراك وطنياً، لا طائفياً ولا حزبياً، وأن يبقى أيضاً سلمياً وأن تتحقق أهداف الشعب في العدل والحرية والمساواة». وأضاف الناطق الرسمي باسم جماعة الإخوان المسلمين في سوريا: «لدينا قائمة تشير إلى أن عدد الضحايا اقترب من 900 شهيد منذ اندلاع الاحتجاجات في سوريا». وتشهد سوريا منذ منتصف مارس الماضي تظاهرات عنيفة تطالب بالحرية والإصلاح سقط خلالها مئات القتلى والجرحى، بحسب منظمات حقوقية. وتتهم السلطات السورية «مجموعات مسلحة» بمهاجمة المتظاهرين وقوات الأمن ما تسبب بمقتل وإصابة العشرات منهم.