جاءت ساعة الحقيقة ...و انكشف المستور...و حصحص الحق و زهق الباطل ...طيلة السنين التي مضت و تهمة الارهاب تلاحق الحركة الاسلامية في كل مكان... و صفة التشدد و الحكم بحد السيف فزاعة لم ينجو منها أحد من المسلمين يعتز بدينه على خلاف مذهبه الفقهي ...وكثيرا ما كنا نسمع في كل بوق ينهق... أن الاسلامي خطر شديد على البلاد و العباد و يمثل مشروع قنبلة موقوتة يمكن أن تنفجر في أي لحظة من اللحظات ، فتم تجنيد وسائل الاعلام العالمية لتشويه صورة المسلم الملتزم ، فامتلأت بهم السجون و استشهد الكثير منهم تحت التعذيب و مات من بقي منهم على قيد الحياة قهرا أو غما أو غبنا ، و تم تشريد الألاف الباقية قصرا الى ما و راء البحار و قطعت أرزاق الألاف الأخرى من العائلات لتموت جوعا بتهمة صلاة صبح أو حجاب امرأة و الالالف أخرى التي نجت من السجن او الجوع أو التشريد كانت تعيش تحت المراقبة الادارية من أجل فكرة تبنتها أو رؤية اعتنقتها أو أحلام راودتها . و انتصرت ارادة الله لدعاء المظلومين و لدماء الشهداء و لأنين الرضع و أهات المقهورين و كانت الحركة الاسلامية التونسية أكثر الأطياف و الجماعات بهجة و فرحة لميلاد ثورة المستضعفين لانهم أكثر من اكتوى بنار فرعون تونس و بطش الحزب الحاكم و وحشية البوليس السياسي الذي يفتقد للآدمية . فكان من عدالة السماء و من المنطقي جدا و بالعمليات الحسابية السياسية البسيطة أن تنال الحركة الاسلامية نصيب الأسد في ادارة البلاد و حكمها لما نالها من اضطهاد و حرمان و لا أعتقد أن يشك عاقل أو منصف في المجازر التي ارتكبت في حق الاسلاميين التونسيين طيلة العقدين الماضين . و لكن ر غم ذلك كله ، تعالى انظر معي ايها القارئ الكريم ...كم هي سماحة الاسلام و سماحة الحركة الاسلامية ..و كم هي سعة رحابة صدر قيادتها و مدى قدرتها على العفو عند المقدرة . فبرغم عضويتها التي تتجاوز الملايين و برغم تاريخها الدعوي و النضالي و السياسي و برغم دماء أبنائها التي سالت من أجل الحرية و الوطن و رغم جماهيريتها الواسعة على طول البلاد و عرضها رفضت الانفراد بالسلطة و التفرد بالقرار الوطني لنفسها و أن فعلت ذلك لا يلومها أحد لأنها أهل له و تستحق الريادة بجدارة و بشرف لأن تاريخها ناصع و لا يشك أحد في مصداقيتها أو وطنيتها . و لكن للأسف ...ظن المرجفون من اليسار المتطرف أن سماحة الحركة الاسلامية ضعفا و ارتجالا و خيل لهم أنها غير قادرة على استيعاب متطلبات المرحلة و أنها جماعة من الدراويش لا يفهمون السياسة و ألاعيبها و انها لا تحسن سوى دروس الوعظ و الارشاد بالمساجد الشعبية و الأحياء الفقيرة و أن فهمها للسياسة لا يتجاوز شروح فقه الصلاة و الوضوء و غسل الميت . و لكن في الحقيقة عمت أبصارهم و قلوبهم التي في صدورهم ..و فاتهم أن تونس لا تحتمل حكم الفرد الواحد و لا حكم الحزب الواحد ولا حكم اللون الواحد و أن مصيبة تونس منذ الاستقلال هي الدكتاتورية و ان كانت باسم الثورة أو الثوار . و فاتهم أيضا أن الحركة الاسلامية لا تلدغ من جحرها مرتين و أن ذاكرة التاريخ ما تزال طازجة في أذهان الناس لما اندس اليسار المتطرف لدواوين السلطة في عهد المخلوع و شرعوا قوانين و سياسات كانت سببا في خراب البلاد و تدمير المجتمع و افلاس الدولة و افشاء الرذيلة و المخدرات و المحرمات و رحل المخلوع و كان من المفترض أن يرحلوا معه و للأبد ...لكنهم لبسوا لباس الثورة و على طرفه دم كذب ليخدعوا أنفسهم و العامة و يسرقوا الثورة و يحكموا البلاد ثانية و تكون الحركة الاسلامية شاهدة زور . ولكن...لن تمروا هذه المرة باذن الله مثل المرات السابقة و الحركة الاسلامية ترفع الاذان و تقيم الصلاة و تصد العدوان... والثورة لم تخمد نارها بعد... و دم الشهداء ما يزال عطرا... و الملايين من الاسلاميين و الشباب و العاطلين على أتم استعداد لتصحيح مسار الثورة... والأساتذة المحامين الشرفاء يدركون دورهم نحو القضاء لمن تسول له نفسه لسرقة الثورة أو اغتصاب الشرعية و بث الفتنة بين أبناء الوطن . الخطوة المتوقعة لاحقا : القصبة (3) أو اقالة سراق الثورة أو احالتهم على القضاء بتهمة اشاعة الفتنة و رفض التوافق الوطني . و كل فيه خير للبلاد ، و انقلب السحر على الساحر و تتمسك الحركة الاسلامية بالديمقراطية في حين مدعيها يتبرؤون منها . حمادي الغربي