يوميات المقاومة .. قتلت 7 جنود للاحتلال بعملية نوعية في جباليا .. المقاومة تكبّد الاحتلال خسائر جديدة    هام/ مجلس وزاري مضيّق حول مشروع قانون يتعلق بعطل الأمومة والأبوة    البرمجة الفنية للدورة 58 من مهرجان قرطاج الدولي محور جلسة عمل    بن غفير يطالب باعادة الاستيطان في غزّة وطرد الفلسطينيين    ذبح المواشي خارج المسالخ البلدية ممنوع منعًا باتًا بهذه الولاية    شوقي الطبيب يعلق اعتصامه    اختفى منذ 1996: العثور على كهل داخل حفرة في منزل جاره!!    وزير الفلاحة يفتتح واجهة ترويجية لزيت الزيتون    عاجل : مطار القاهرة يمنع هذه الفنانة من السفر الى دبي    للسنة الثانية على التوالي..إدراج جامعة قابس ضمن تصنيف "تايمز" للجامعات الشابة في العالم    دراسة : المبالغة بتناول الملح يزيد خطر الإصابة بسرطان المعدة    هل الوزن الزائد لدى الأطفال مرتبط بالهاتف و التلفزيون ؟    كميات الأمطار المسجلة بعدة ولايات خلال ال24 ساعة الماضية    سليانة: القبض على عنصر تكفيري    عاجل/ فرنسا: قتلى وجرحى في كمين مسلّح لتحرير سجين    تونس تصنع أكثر من 3 آلاف دواء جنيس و46 دواء من البدائل الحيوية    العجز التجاري يتقلص بنسبة 23,5 بالمائة    قابس : اختتام الدورة الثانية لمهرجان ريم الحمروني    بن عروس: جلسة عمل بالولاية لمعالجة التداعيات الناتجة عن توقف أشغال إحداث المركب الثقافي برادس    نبيل عمار يشارك في الاجتماع التحضيري للقمة العربية بالبحرين    تعرّف على أكبر حاجّة تونسية لهذا الموسم    عاجل/ السيطرة على حريق بمصنع طماطم في هذه الجهة    أعوان أمن ملثمين و سيارة غير أمنية بدار المحامي : الداخلية توضح    ستشمل هذه المنطقة: تركيز نقاط بيع للمواد الاستهلاكية المدعمة    الخميس القادم.. اضراب عام للمحامين ووقفة احتجاجية امام قصر العدالة    سوسة: تفكيك شبكة مختصّة في ترويج المخدّرات والاحتفاظ ب 03 أشخاص    كل التفاصيل عن تذاكر الترجي و الاهلي المصري في مباراة السبت القادم    بعد تغيير موعد دربي العاصمة.. الكشف عن التعيينات الكاملة للجولة الثالثة إياب من مرحلة التتويج    منحة استثنائية ب ''ثلاثة ملاين'' للنواب مجلس الشعب ...ما القصة ؟    وادا تدعو إلى ''الإفراج الفوري'' عن مدير الوكالة التونسية لمكافحة المنشطات    كأس تونس: تحديد عدد تذاكر مواجهة نادي محيط قرقنة ومستقبل المرسى    فتح تحقيق ضد خلية تنشط في تهريب المخدرات على الحدود الغربية مالقصة ؟    مطار قرطاج: الإطاحة بوفاق إجرامي ينشط في تهريب المهاجرين الأفارقة    الرابطة الأولى: الكشف عن الموعد الجديد لدربي العاصمة    أول امرأة تقاضي ''أسترازينيكا''...لقاحها جعلني معاقة    عقوبة التُهم التي تُواجهها سنية الدهماني    باجة: خلال مشادة كلامية يطعنه بسكين ويرديه قتيلا    تونس: 570 مليون دينار قيمة الطعام الذي يتم اهداره سنويّا    في إطار تظاهرة ثقافية كبيرة ..«عاد الفينيقيون» فعادت الحياة للموقع الأثري بأوتيك    مدنين: انقطاع في توزيع الماء الصالح للشرب بهذه المناطق    منها زيت الزيتون...وزير الفلاحة يؤكد الاهتمام بالغراسات الاستراتيجية لتحقيق الأمن الغذائي ودعم التصدير    بقيمة 25 مليون أورو اسبانيا تجدد خط التمويل لفائدة المؤسسات التونسية    مبابي يحرز جائزة أفضل لاعب في البطولة الفرنسية    بادرة فريدة من نوعها في الإعدادية النموذجية علي طراد ... 15 تلميذا يكتبون رواية جماعية تصدرها دار خريّف    برشلونة يهزم ريال سوسيداد ويصعد للمركز الثاني في البطولة الإسبانية    الاحتفاظ بنفرين من أجل مساعدة في «الحرقة»    هام/هذه نسبة امتلاء السدود والوضعية المائية أفضل من العام الفارط..    مع الشروق ..صفعة جديدة لنتنياهو    عشرات القتلى والجرحى جراء سقوط لوحة إعلانية ضخمة    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    نابل..تردي الوضعية البيئية بالبرج الأثري بقليبية ودعوات إلى تدخل السلط لتنظيفه وحمايته من الاعتداءات المتكرّرة    جراحة التجميل في تونس تستقطب سنويا أكثر من 30 ألف زائر أجنبي    نور شيبة يهاجم برنامج عبد الرزاق الشابي: ''برنامج فاشل لن أحضر كضيف''    مفتي الجمهورية... «الأضحية هي شعيرة يجب احترامها، لكنّها مرتبطة بشرط الاستطاعة»    أولا وأخيرا: نطق بلسان الحذاء    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبود الزمر: تحالف الإسلاميين بعد الثورة "مطلب شرعي" و"ضرورة حتمية"
نشر في الحوار نت يوم 07 - 06 - 2011

عبود الزمر: تحالف الإسلاميين بعد الثورة "مطلب شرعي" و"ضرورة حتمية"
القاهرة/ عبد الرحمن أبو عوف

· محاولات إقصاء الإسلاميين وتشويه صورتهم مصيرها الفشل


· اللجوء للعنف كان رد فعل على جرائم النظام ومبادرة الجماعة الإسلامية فضحته
· شاركنا بقوة في التصدي للفتنة الطائفية وفضح الثورة المضادة
بعد أن انفضَّ "المولد" الذي نصبه الإعلام حول الشيخ عبود الزمر، قيادي الجماعة الإسلامية، وأحد المتهمين الرئيسيين في اغتيال الرئيس السادات، عقب خروجه من السجن، وبعد أن استوعب الرجل ما حدث من تطورات ومستجدات خلال 30 عامًا قضاها في غياهب السجون، كان لنا هذا اللقاء، لنسمع من "الزمر" روايته عما مضى، ونستمع لرؤيته لما هو آت.
الحوار مع عبود الزمر جاء بعد أيام من انتخابه عضوًا في مجلس الشورى الجديد للجماعة الإسلامية، لذا كان من الضروري أن نسأله عما جرى في تلك الانتخابات، وحقيقة الانقلاب على الشيخين كرم زهدي وناجح إبراهيم، كما تطرق الحوار إلى مستقبل الجماعة الإسلامية، وكيفية الموازنة بين "الدعوي" و"السياسي"، والحديث عن احتمالات التحالف بين مختلف فصائل الإسلاميين في الانتخابات المقبلة.
الزمر لم يُخف خلال الحوار عتبه الشديد على ما يتعرض له الإسلاميون من تشويه على يد وسائل الإعلام، ليبدو الزمر أمام المشاهدين "رجلًا غارقًا في الماضي"، مع أن الرجل خلال حواره معنا كان متطلعًا بشدة إلى مستقبل يحتل فيه العرب، بقيادة مصر، مقعدًا دائمًا في مجلس الأمن الدولي.
وفي النهاية باح لنا "عبود الزمر" بسر الحوار، الذي جرى بينه وبين اللواء مصطفى رفعت، وكيل جهاز مباحث أمن الدولة عام 2006 داخل مقر الجهاز بمدينة نصر، وإلى ماذا انتهت الأمور عقب ثورة 25 يناير. فإلى تفاصيل الحوار..

حاولت خلال الفترة الأخيرة، وبالتحديد بعد إعلان نتائج الجمعية العمومية للجماعة الإسلامية، توجيه رسالة طمأنة لجميع ألوان الطيف المصري.. فهل يؤشر هذا على رغبتك في إيجاد نوع من القبول للجماعة في أوساط الرأي العام؟
أرغب بقوة في طمأنة المجتمع المصري بأن الجماعة الإسلامية في ثوبها وتوجهها الجديد ستتحول لعنصر فاعل، وصمام أمان له، وتأكد أن المرحلة الماضية كانت رد فعل لتجاوزات نظام مستبد، صادر الحياة السياسية في مصر، وشل آليات المجتمع كله، وعصف بالحريات، وزيف إرادة الناخبين، وسرق أموال الشعب، فكان من الطبيعي أن تكون هناك حركة مقاومة لهذا الاستبداد والحكم الديكتاتوري.. أما الآن فهذا الأمر أصبح من الماضي، خصوصًا بعد نجاح ثورة الخامس والعشرين من يناير، فقد انتزع شعبنا حريته، وأصبحنا معه نمتلك الحق في ممارسة العمل العام، بل ونشعر أن هذا البلد بلدنا، وينبغي علينا بذل الغالي من أجل رفعته ورفاهيته.
إذا كانت الجماعة الإسلامية تسعى لطمأنة الجميع، فكيف سيتحقق هذا؟
الجماعة الإسلامية ستسعى في المستقبل، ومن خلال مجالات العمل المختلفة، لبناء الوطن، بل إنها شاركت خلال الآونة الأخيرة في مساعي وأد الفتنة الطائفية، وتبصير المجتمع بمخاطر الثورة المضادة، من خلال عدة مؤتمرات نظمتها الجماعة في المنيا وأسيوط وغيرهما، بل إن من الأمور الإيجابية التي لمستها الجماعة خلال هذه المؤتمرات مدى التفاف الجميع حولها، من أقباط ومسلمين، حيث سرنا في مظاهرات في صعيد مصر رافعين شعارات "لا للفتنة الطائفية.. علشان مصر تبقى قوية".
انطلاقة جديدة
هل تعتقد أنّ تعاطي الجماعة الإسلامية الإيجابي مع متغيرات العصر عبر الانتخابات الأخيرة سيسهم في تغيير صورتها النمطية لدى جانب كبير من المجتمع؟
نتائج الانتخابات الأخيرة تعد انطلاقة مهمة للجماعة الإسلامية نحو آفاق المستقبل، حيث جاءت تعبيرًا عن إرادة القاعدة الشعبية داخلها، تماشيًا مع الواقع الجديد التي تمر به مصر، وتمت بصور معقولة، كبداية لأول ممارسة انتخابية تجري من القاعدة للقمة، حيث اختارت الجمعية العمومية مجلس شوراها ورئيسه ونائبه، وحددت هياكلها الرئيسية للمرحلة القادمة، وهو أمر مستجد يخالف ما جرت عليه العادة داخلها، حيث كان مجلس الشورى هو المنوط به التخطيط وتحديد الوسائل والأهداف، وهو ما انتزعته الجمعية العمومية، بل وأقرت عددًا من الخطوات، منها إنشاء حزب سياسي، وجمعية أهلية، والمشاركة في الانتخابات البرلمانية القادمة.
سياسي.. ودعوي
ولكن انخراط الجماعة في العمل السياسي قوبل بتحفظ من البعض، باعتبار أن إمكاناتها الدعوية تفوق بكثير قدراتها السياسية؟
لاشك أن إمكانات الجماعة الدعوية تفوق قدراتها السياسية، بسبب معاناتها الطويلة من ممارسات قمعية، وحظر استمر لسنوات طوال، بخلاف جماعة الإخوان المسلمين مثلًا، ولكن وبعد نجاح الثورة تبدلت هذه الأجواء وهذه الإجراءات بالكلية، وفُتحت آفاق جديدة للعمل السياسي، وكان لزامًا علينا أخذ زمام المبادرة، ودخول المعترك بشكل قوي، ولأجل هذا الأمر ستخضع كوادر الجماعة لدورات تأهيل سياسي، من خلال الخبراء داخل اللجان السياسية التابعة للجماعة في القاهرة والمحافظات، وهي مهمة سيحقق أبناء الجماعة نجاحات لافتة فيها، وسيكتسب أبناؤها الخبرة اللازمة بالعزيمة والإصرار، وهذا ديدن الجماعة في مواجهة الصعاب.
حديثك عن مستقبل أفضل للجماعة وتكريس ثقافة المشاركة السياسية لكوادرها يتناقض مع اتهامات البعض لك بقيادة انقلاب ضد "الشيخين" كرم زهدي وناجح إبراهيم منذ يوم خروجك من المعتقل..!
ضحك طويلًا... لسنا دعاة انقلابات، بل دعاة إصلاح دائمًا، وقد جاءت فكرة عقد انتخابات داخل الجماعة انطلاقًا من الرغبة في تطويرها بما يتناسب مع المرحلة المقبلة، وهذه الدعوة أطلقتها منذ خمس سنوات، وفرضتها حاليًا أجواء الحرية التي تنعم بها مصر، ولم يخطر ببالنا من قريب أو بعيد أي رغبة في إقصاء أحد، خصوصًا أن الشيخين (كرم وناجح) من الجيل المؤسس للجماعة الإسلامية، ولهما من الأفضال الكثير على الجماعة وأبنائها.
تحديات شرسة
إذا كان لهما هذا التقدير، فلماذا إذن تم إقصاء عدد كبير من أعضاء مجلس الشورى السابق؟
نتائج الانتخابات جاءت تعبيرًا عن إرادة الجمعية العمومية، وأُشهد الله أنني لم أتحدث مع أي عضو في الجمعية العمومية لينتخب هذا أو يترك الآخر؛ بل كنت حريصًا أنا وطارق الزمر على عدم خوض هذه الانتخابات، رغبةً في إفساح المجال للشباب، ولكننا استجبنا لرغبة أعضاء الجمعية في التواجد في هيئات الجماعة، في هذا الظرف الدقيق، وفي ظل سعي الجماعة لتأسيس حزب سياسي، وعدد من الجمعيات التابعة لها.
لكن البعض ربط بين خروجك من السجن وبين اندلاع صراع أفضى لصدور قرار بفصل كل من د.عصام دربالة ود.صفوت عبد الغني؟
ما جرى كان مجرد مصادفة بحتة، لم يخطَّط لها، كما يحلو للبعض أن يزعم، وأنا هنا أكرر شهادةً أمام الله، أنني لم أسع لاستبعاد أحد، خصوصًا الشيخين كرم وناجح، واللذين أحمل لهما تقديرًا عاليًا جدًّا.
قادت الجماعة الإسلامية خلال السنوات الماضية ما أُطلق عليه مراجعات فقهية، انتهت بنبذ العنف، ولكنكم أبيتم تقديم اعتذار للشعب المصري عما أصابه بسبب لجوئكم لهذا الخيار؟
لجوء الجماعة الإسلامية للعنف كان رد فعل على ممارسات النظام الإجرامية ضدها، وضد أبناء الوطن، لذا فهذا النظام المقبور هو المطالب بتقديم اعتذار عن جرائمه بحق شعبنا وبحق أبناء الجماعة، خصوصًا أننا حاولنا كثيرًا، خلال فترة الثمانينات، وقف سيل الدماء في تسعينات القرن الماضي، من خلال مبادرة الشيخ الشعراوي في عهد وزير الداخلية الأسبق عبد الحليم موسي، ولكن النظام المقبور هو من وأد هذه المحاولة، عبر تأكيد مبارك استعداده للتضحية بمئات الآلاف من ضباط وجنود الشرطة، مثلما حدث في الحرب مع إسرائيل، دون الدخول في حوار مع الجماعة.
كيف كان ردّ فعلكم على هذا الموقف المتعجرف؟
أدركنا أننا أمام رجل قاسي القلب ومغرور، لا قيمة لدماء شعبه عنده، ومن هنا أطلقنا مبادرة 97 لوقف العنف من جانب واحد، حتى نرأب الصدع، ونعطي الفرصة لتحقيق حل شامل بدلًا من الاستمرار في طريق سيؤدي بالبلاد للمهالك، ناهيك عن الكوارث الاقتصادية والفضيحة الدولية نتيجة انتهاكاته المستمرة لحقوق الإنسان، وفي النهاية يجب التأكيد على أننا كنا نضحي من أجل شعبنا، ولم نكن ضده في أي وقت من الأوقات.
على ذكر مبارك.. ألم تلقته يومًا، خصوصًا خلال خدمتك الطويلة في القوات المسلحة؟
الحمد لله.. لقد أنعم عليّ ربي بعدم رؤية وجهه طوال خدمتي بالقوات المسلحة، بل إن إلقاء القبض عليّ تم قبل استلامه السلطة بيوم، وبالتحديد في الثالث عشر من أكتوبر 1981، فيما تم إطلاق سراحي بعد إسقاط الثوار لنظامه، وغروب شمس الاستبداد والقمع من مصر.
ولكن ألم يتح لك وجودك داخل المخابرات الحربية الاطلاع على تقارير سرية تتعلق بمسيراته العسكرية والسياسية؟
لقد كان عملي في جهاز المخابرات العسكرية والاستطلاع منصبًّا على ساحة المواجهة مع إسرائيل، وتقديم معلومات خاصة عن طبيعة الأوضاع على الجبهة مع العدو، لذا لم أكتب يومًا تقارير عن أحد الضباط أو أطلع على تقارير سرية.
كيف تصف لنا شعورك وأنت تستمع لأنباء إصرار الثوار على إسقاط نظامه وتنحيه؟
حينما كنت أستمع لهذه الأخبار كنت أشبك يدي في الأخرى، حتى أتيقن من يقظتي، وأنني لا أعيش أحلامًا فظيعة، ولكني كنت أتوقع خلال الفترة الأخيرة اقتراب النهاية، خصوصًا عندما رأيت كوادر النظام والحزب الساقط يتبادلون القبلات بعد تزوير الانتخابات، وكنت متيقنًا من أن هذه القبلات هي قبلات الموت، وخلال الثورة كنت متأكدًا من سقوط النظام المستبد، ولكن ما لم أكن أتوقعه هو أن أرى بعيني سقوط هذا الطاغية المستبد، وأن أنعم بالحرية بعد أيام من تنحيه.
حملة تشويه
بعد خروجك من المعتقل، أدليت بعديد من الحوارات الصحفية والتليفزيونية، فجُوبه خطابك السياسي خلالها بغضب وعدم ارتياح من قبل الكثيرين، لاسيما الشباب الذين شعروا أنك لازلت تعيش في الماضي، ولازال حادث المنصة يسيطر عليك؟
أستطيع أن أجزم لك بأنني أوضحت خلال جميع حواراتى أسباب الخلاف مع السادات، وشددت على انتفاء الطابع الشخصي فيها، بل إنني لم أكن من المؤيدين لعملية تصفيته، وكان هذا ثابتًا في كل أوراق التحقيق، بل على العكس أكدت أن السادات كان رجلًا رقيق القلب بالمقارنة بمبارك، بل وأفضل منه بمراحل، بل إنني حرصت على إنصاف السادات وتبرئته من حادثة مقتل الفريق أول أحمد بدوي، وأكدت أن قيام المرافقين لبدوي بشحن كميات كبيرة جدًّا من البلح "السِّيوي" أحدث خللًا في الطائرة أفضي لسقوطها واصطدامها بأحد الأعمدة، وكل هذه الدلائل تشير إلى انتفاء أي خلاف شخصي مع السادات.
إذا كنت تحمل كل هذا التقدير للسادات، فلماذا كان التخطيط لاغتياله أذن؟
لم أكن أفكر في اغتياله، ولم أخطط له، وكنت مناوئًا لهذا الأمر، بل إن تنظيم الجهاد كانت له عناصر داخل الحرس الجمهوري كانت قريبة جدًّا منه، وتستطيع تصفيته، ولكننا لم نصدر لها تعليمات باغتياله، بل إننا كنا نريد التغيير على غرار ثورة الخامس والعشرين من يناير، وإحداث حشد جماهيري يسقط النظام بشكل سلمي.
غير أنك تعرضت لحملات إعلامية شرسة عقب ظهورك الإعلامي الأبرز، منذ خروجك من السجن، على فضائية دريم..!
من أسف أن كثيرًا ممن انتقدوني خلال الظهور لم يشاهدوا الحلقة، بل نقلت إليهم أحاسيس من شاهدوها، حيث كان كلامي واضحًا عن السادات والنظام المقبور، والعلاقة مع الأقباط، حيث حرصت على إبراز رأيي في مختلف القضايا، وأكدت أن لجوء الإسلاميين للعنف ضد حكميْ مبارك والسادات كان يعود لانسداد أفق الحوار والحل السياسي أو وجود أي آليات لمحاسبة النظام الحاكم، أمّا الآن فالوضع مختلف، في ظل أجواء الحرية التي تتمتع بها مصر، بل وأشرت إلى أن الجزية لم تعد تناسب تطورات العصر، خصوصًا مع مشاركة الأقباط في القوات المسلحة، وتقديمهم ضريبة الدم، انطلاقًا من مفهوم المواطنة.
لكن المستقبل كان غائبًا أيضًا عن رؤيتك خلال الحلقة؟
لا.. بالعكس، فقد أكدت لي الحملة الإعلامية التي شُنت عليّ أن هناك مخاوف من احتمال قيامي بأي دور سياسي بعد خروجي من السجن، بل إن البعض عقدوا مقارنات بيني وبين نليسون مانديلا، خصوصًا أنني أمضيت فترة أطول منه في السجن، أما فيما يتعلق بالمستقبل فقد كانت الحلقة مكونة من أربعة أجزاء، وكان الجزء الرابع الذي لم يُعرض مخصصًا للرؤى المستقبلية، وكيفية مواجهة البلاد للتحديات.
وأعتقد أن الموقف متعمد, خصوصًا مع اعتماد البعض على الحوار كمقدمة لحملة التشويه، واتهامي بالماضوية, ومن هنا فقد سرت منتبهًا لرغبة البعض في الإساءة للتيارات الإسلامية، من سلفية وإخوانية وغيرها، تورطت فيها التيارات العلمانية واليسارية من أجل إقصاء الإسلاميين من الساحة.
ضرورة حتمية
أعلنت خلال مؤتمر الجماعة الأخير عن ترحيبك بالتعاون مع جميع القوى الإسلامية، في ظل الاستحقاقات المهمة التي تمر بها مصر؟
التحالف بين القوى الإسلامية مطلب شرعي، يجب علينا تنفيذه انطلاقًا من الآية الكريمة: ((وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان))، فهذا التحالف ضرورة حتمية، حتى إذا كان هناك تباين في وجهات النظر بينهم، ومع هذا فلا توجد آلية حاليًا للتعاون بين الجماعة الإسلامية والإخوان المسلمين -مثلًا- حتى الآن، ومع هذا فأعتقد أن هذه الآلية ستفرضها الظروف مع اقتراب الانتخابات البرلمانية القادمة.
أجواء انفتاح
كنت عرابًا للتحالف بين الجماعة الإسلامية وتنظيم الجهاد، فإلى أين وصلت مبادرتك حتى الآن؟
بالفعل لقد طرحت هذه المبادرة منذ عشرات السنين، ولم يتم التحالف، وكأن استمرار الخلاف بينهما من أقدار الله، رغم تقارب الرؤى بين الطرفين، ولكن هذه المبادرة لم تعد مطروحة على الطاولة الآن، ولا توجد أوراق أو تصورات لإعادة هذا التحالف، ولكن ربما يتغير الأمر في المستقبل، في ظل مناخ الانفتاح الذي يسود مصر بعد الثورة.
غير أن أجواء الانفتاح والثورة تواجه تحديات ضخمة، فكيف نتصدى لها، حتى تعبر سفينة الوطن لبر الأمان؟
من المهم التأكيد على وقوف جهات مشبوهة وراء محاولة اختطاف الثورة المصرية، من قبل فلول النظام السابق، وإدخال البلاد في حالة من الفوضى السياسية والأمنية والاقتصادية، عبر البلطجة والفتنة الطائفية وغياب الأمن، حتى يجبروا العديد منا على الترحم على أيام النظام المقبور، وحتى نقطع الطريق على هذه الفلول.. نحن مطالبون بدعم المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وحكومة د.عصام شرف، وتركه يعمل بدون ضغوط، لاسيما إن حكومة د.شرف أنجزت خلال الفترة السابقة الكثير؛ فقد أعادت علاقات مصر مع دول حوض النيل لمسارها الطبيعي، ولو نسبيًّا، وأصلحت في ساعات ما أفسده النظام في سنوات على الصعيد الفلسطيني.
عنق الزجاجة
هذا على الصعيد المصري، فكيف ترى مستقبل الأمة العربية في ظل اشتعال الثورات ضد الحكم الديكتاتوري؟
لديّ أمل كبير في أن تغدو هذه الأمة قادرة على نفض غبار الماضي، والخروج من حالة عنق الزجاجة، في ظل النجاحات الأخيرة التي حدثت في مصر، باعتبارها درّة التاج العربي، وعمومًا فهذه الثورات قادرة على أن تفرض على الولايات المتحدة إعادة النظر في انحيازها التام لإسرائيل، وطرح رؤى تستعيد الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، بل إنها قادرة كذلك على تأمين مقعد دائم للدول العربية في مجلس الأمن.
إحباط
في النهاية نرجو أن تطلع قراء "الإسلام اليوم" على ذكرى عالقة في ذهنك طوال سنوات الاعتقال الطويلة، ولم تصارح بها أحدًا؟
خلال عام 2006 استدعاني اللواء الراحل مصطفى رفعت، وكيل جهاز مباحث أمن الدولة السابق، لمقر الجهاز بمدينة نصر، للتباحث حول المراجعات الخاصة بالجماعة، وحين دلفت لداخل المبنى فاجأني بالقول، حين رآني أنظر للمبنى وضخامته: يا شيخ عبود، كم يحتاج هذا المبنى من ديناميت لتفجيره؟ وصدقني.. لم أستوعب هذا السؤال للوهلة الأولى، ولكن وبعد ثوانٍ معدودة أدركت مغزاه، فاللواء الراحل يريد إحباطي وتكريس يقين لديّ من استحالة إلحاق الهزيمة بهذا النظام وآلته الأمنية، لاسيما أنني أدركت من ضخامة هذا المبنى وسمك جدرانه وحوائطه وطول أسواره وكمية التسليح أنه كان معدًّا يومًا لمواجهة القوات المسلحة.
ولكن، هل أصابك هذا الموقف باليأس كما رغب اللواء الراحل؟
لم أصب بالإحباط يومًا من إمكانية سقوط هذا النظام المستبد، بل إنني تلوت قول الله: ((وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا))، وهنا تأتي المفارقة؛ فبعد عدة أسابيع من نجاح الثورة فوجئت باتصال هاتفي على التليفون المحمول الخاص بي والذي نجحت وبشكل سري في الاحتفاظ به خلال العام الأخير لوجودي في المعتقل يحمل أرقامًا صفرية، فإذا المتصل يقول إنه يهاتفني من المكتب الخاص السابق باللواء مصطفى رفعت، ويخبرني بنجاح الثوار في اقتحام هذا المبنى بدون إطلاق رصاصة واحدة.
بروج مشيدة
ماذا كان ردُّ فعلك على هذه المفاجأة؟
تعجبت لأقدار الله، الذي يعزُّ من يشاء ويذلُّ من يشاء، وكيف تهاوت هذه القلعة الحصينة بهذه السهولة، بل إنها قدمت درسًا لجميع الطغاة بأن إرادة الشعب لا تُهزم، مهما تسلح الطغاة في بروج مشيدة، غير أنني لم أستمر طويلًا في حالة الاندهاش، بل طالبت من هاتفني بضرورة تأمين محتويات المكان ووثائقه، غير أنه أخبرني بأن الوثائق قد حُرِّقت وفرِّمت وتحولت لكوم تراب، وهو ما أحزنني بشدة؛ لكونها كانت تحمل جميع أدالة إدانة مبارك ونظامه.
مصدر الخبر : الإسلام اليوم
a href="http://www.facebook.com/sharer.php?u=http://alhiwar.net/ShowNews.php?Tnd=18725&t=عبود الزمر: تحالف الإسلاميين بعد الثورة "مطلب شرعي" و"ضرورة حتمية"&src=sp" onclick="NewWindow(this.href,'name','600','400','no');return false"


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.