ابراهيم بالكيلاني ( النرويج ) لمن لم يدرك بعد ما أحدثته ثورة الحرية و الكرامة من خطوط فاصلة في العديد من القضايا الأساسية التي يبنى عليها مستقبل تونس . فحدث الثورة هو بالضرورة قطع مع سياسات الاستبداد و الانفراد و الافساد و الانسداد . و هي فاتحة لأبواب الحرية و الكرامة و بانية للديمقراطية و مشيدة للجمهورية و مجذرة لكل مكونات الهوية و الوحدة الوطنية . على رغم هذه البديهيات الثورية ، إلا أن بعضا من دعاة " البولشيفية الجديدة " ، قطعوا مع تراثهم "الثوري" الذي طال ما تغنوا به ، و أغرتهم أزهار ثورتنا المجيدة و سعوا - كما عملوا سابقا – إلى ركب القطار ليس من أجل بلوغ أهداف الثورة و لكن من أجل " بلغمة " الثورة ! حتى يمل الثوار و يعاد " الخوار" ليمارسوا من جديد سياسة الاستفراد المؤدية حتما إلى الاستبداد و الافساد . فمن " التناصف " إلى " بدعة القانون الانتخابي الفريد" إلى" تأجيج الانتخابات" إلى " عُقد الجمهوري " من الذين اكتشفوا أخيرا بأننا نريد بناء الجمهورية الثانية ، و إلى ما يعدونه من " رباط للمال السياسي " و إن كنت أشك في جديتهم على هذه الجبهة ، لأن فيه " مقتلهم" و تورطهم فيه لا يخفى على ناظر.. ها هم " المتساقطون على طريق الثورة " يواصلون " اللعب " بمستقبل تونس ووحدتها و نموها.فمن داع إلى هوية "قرطاجنية " إلى مشكك في ثوابتها إلى "فبركة" على القياس لهوية جديدة ليست العروبة فيها إلا وعاء خاويا ، صعبت على الألسن نطق حروفها ، و على الأقلام رسمها و على العقول تمثلها ثقافة . و ليس الاسلام فيها إلا مرحلة تاريخية انقرضت ، حيث خبت جذوة العقيدة بفعل "تجفيف الينابيع" ، و شوه السلوك بالثقافة الاستهلاكية التي توجهت إلى اشباع الغرائز بدل شحذ العزائم ، وأصبحت قيم الاسلام في "سلمهم القيمي" تهديدا للحداثوية . أما فلسطين فنحن ليس ملكيين أكثر من الملك الذي "فزع و هرب" ، و حق المقاومة بدعة لا تلائم عصرنا ، و الواقع في نظرهم القاصر هو ما يفرضه عليك عدوك ، و لا شأن ل"التوافق" فيه . فهو من مجال غير منسجم لما نبنيه من أسس لحماية المستقبل ! فالعدو الصهيوني بعيدا عنا بعد المشرقين ، و هو لا يمثل خطرا على حاضر و مستقبل البلاد كما يمثله دعاة شمولية الاسلام ! لذلك فمقاومة التطبيع و تجريمه ليس ثابتا من ثوابت تونسي "التجديد" ، و لا مجال لادراجه كمادة من مواد " الميثاق المزعوم " ، و لاحقا مع هذا التمشي سيصبح التطبيع هو "التجديد" ! و لعلنا نقف قليلا لتفنيد هذه الدعاوي "التجديدية " ، فتثبيت تجريم التطبيع مع العدو الصهيوني يؤمّن مستقبل تونس من : 1. التدخلات و الاملاءات الخارجية التي " تتصيّد " الفرص ، و ليس أحكم من الحاجة عند التحكّم بها ، فهي فرصة سانحة تهدد وطننا . 2. المال السياسي الأجنبي الذي يُحوّل إلى من يغازل دولة العدو الصهيوني . 3. الاستبداد و الفساد ، فالتاريخ علمنا أن الاستبداد و الفساد يعششان و يتحكمان في الأوطان عندما تنقاد الرقاب بمقود التطبيع . 4. الجوسسة و ما أدراك ما الجوسسة ، فالتطبيع هو بوابة شره الجوسسة و المستفيد منها الوحيد هو الاستبداد و الفساد . 5. التبعية الثقافية . فبحجج التطبيع سترتد ثقافتنا إلى مزيد من التدهور و التخلف و التلاشي . فمع التطبيع لا مجال لبناء هوية ثقافية مبدعة و فاعلة و مساهمة عالميا . 6. التبعية الاقتصادية . و بحجج التطبيع ستكون بلادنا " مزرعة ديون موجهة " و لن نتحكم حتى في صيغ الاستفادة منها و توظيفها في مشروع تنموي وطني مستقل . فمؤشر التنمية مع التطبيع ليس بخيارنا ! و هذه المحاذير هي دروس من التجربة التونسية و المصرية في عهودها الأخيرة ، عندما تسلّط عليهما الاستبداد و الفساد المدعوم خارجيا بدعم لا محدود من اللوبيات الصهيونية أينما كانت . فهل بعد هذه المخاطر ، لايزال "التجديديون" يعتبرون أن تجريم التطبيع ليس ثابتا وطنيا في تونس الثورة ؟ إن كانوا مصرون على ذلك ، فمن حقنا أن نشكك في وطنية كل من لا يعمل للوقاية من هذه الأخطار التي تحدق بثورة تونس و مستقبلها ! مصدر الخبر : بريد الحوار نت a href="http://www.facebook.com/sharer.php?u=http://alhiwar.net/ShowNews.php?Tnd=19008&t=تجريم التطبيع بين الثابت الوطني و رؤى "التجديد" &src=sp" onclick="NewWindow(this.href,'name','600','400','no');return false"