لا نبالغ اذا قلنا ان علاقتنا نحن المواطنين بالدولة التونسية وخصوصا منها الحكومة هي علاقة تبادل مصالح ... بل هي كذلك ، ولا يمكن ان تاخذ اي شكل اخر . لا يمكن ان تكون مثلا علاقة حب او علاقة زواج او علاقة ابوة ، او حتى علاقة تحكم واستعباد . لا يمكن ان يكون فيها المواطن اقوى من الدولة ، ولا يمكن ايضا ان يكون فيها الضعيف ، المحتقر التابع ، لمتنازل عن حقوقه ... وبهذا المعنى يجب ان يسود العدل ، والمساواة حدودها القصوى ،،، ان الحديث هنا لا يعني الحديث عن الانتخاب وهو واجب وحق ولا عن الترشح والدخول في سلم المناصب السياسية ... ان ما اقصده من الحديث في هذا الاطار هو النضام العام ، او ما يسمى بالامن ... ما اقصده ، هو الصحة العمومية ، هو التعليم ، هو الخدمه الادارية ، هو الاستثمار الداخلي ، هو المرافق العمومية ، الطرقات ، النضافة العامة ، النقل ، جماليات البناء ، الحفاظ على الطبيعة ، والتواصل المهذب بين المواطن والمواطن ... ان هذه المسائل وغيرها ليست ابدا حقوقا ثانوية ، ولا في المرتبة المتاية بعد السياسة ،،، ان البلاد التي لا تنظر في الصحة العمومية ، واسداء الخدمة الصحية وفق اعلى المعايير لا تستحق باي حال من الاحوال ان تكون الحكومة فيها حكومة محترمة ... ومن يفهم من اعضاء الحكومات انه وصل الى المنصب الذي هو فيه ، تقديرا ، او اعترافا بالجميل ، او حتى شكرا لمجهود سابق قام به في حياته ، لبد ان ينتبه ان ذلك الشكل قد ولى . وانه ليس اكثر من موضف في ادارة الشعب مكلف بانجاز مهمته على اكمل وجه ، وانه لا فرق بينه وبين موضف الحالة المدنية في البلدية او الشرطي في مفترق الطرق او سائق الحافلة في شركة النقل ... وانه مسؤول لا عما يصرح به فقط امام الصحافة مما ينوي اتخاذه من قرارات ، بل وعما اتخذه ايضا ، وعن صورة التطبيق ، وعن المتابعة ، وعن الصيانة ، وعن الحرص على الانجاز ... السيد الوزير ، شخص لا يختلف عني في شيء عند القيام بمهمته الوضيفية ، شاء او لم يشأ ، صحيح انه يؤدي عمله داخل المكتب او من داخله ، وعلى راس جيش من الموضفين ، بينما انا عامل بناء في حضيرة وتحت الشمس ، واتلقى الاوامر ممن هو مشرف علي ، ولكني مثله ادفع ضريبة هي ثمن ما اطالب به من خدمات ... في اي مجال من المجالات داخل البلاد ، مثله تماما حتى لا اقول ازيَد منه قليلا ،، انا لا اطالب ان تكون لي سيارة مثل التي يركبها هو آخر الاسبوع ، ولكنى اريد لزوجتي ان يتم الاعتناء بها من قبل اعوان الصحة العمومية مثلا وان تكون المعدات الصحية نضيفة لا ان تدخل المستشفى بمرض واحد وتخرج بثلاثة امراض ... لا اريد ان تكون النضافة في المؤسسة الصحية شيئا من الرفاهة الاضافية ... لا اريد ان تقول الممرضة او الطبيب او العاملة للمريض عندما يطلب شيئا لمسح دمه : لديك الملحفة على السرير امسك بطرفها وامسح ... اني اشعر بالاهانة عندما آخذ قريبي الى المستشفى ويستقبل بالاحتقار ، وياخذ السيد الوزير قريبه للعلاج في بلد اجنبي ، او يذهب هو بنفسه للعلاج هناك ... اقول لماذا هذا التقسيم ، ولماذا رضي لي هذا الوزير ، او ذاك ، بما انا فيه ، ولم يرضه لنفسه ؟ اني لا اقول هذا وطن احبه وكفى ، ولا ينبغي ان يقول وزير او رئيس اني اقدم لك خدمة بشكل من الاشكال فلماذا لا تقتنع ؟ لا اقول للوزير انت شخص محضوض لانك ... وانا اخدمك لترضى عني ، او لتمنحني بعض الامتياز . انه وطن نلتقي عنده او فيه ... انه وطن نجتمع تحت سقفه جميعا ولكننا وجوبا متساوون داخله في الحق والواجب قولا وايمانا وفعلا ... ان المواطن في تونس ، اي المواطن العادي ، ولا اقصد به المثقف ، او بالتحديد المتعلم لا يفرق بين الدولة ، والحكومة ... لا يفرق بين ما هو ادارة ، وبين ما هو حكومي فكل ما يتجاوز شخصه وملكه ، هو في الواقع بالنسبة اليه ملك للدولة ، وبمعنى ما هو ما لا يمكن ان يحتج عليه ، وان فعل فعليه ان يخفت صوته ... فما تقدمه له هو من قبيل التكرم ، او المزية ... ولكن الواقع هو غير ذلك هي مؤسسة تقدم خدمة ، اي الموضفون فيها يؤدون واجبهم الوضيفي تجاه المواطن كاملا ، المواطن قد دفع ثمن الخدمة التي يطلبها ويدفعها ... العلاقة اذا بين الطرفين يجب ان تكون مشابهة للعلاقة التي تحصل ما بين الحريف والتاجر .. او لنقل علاقة بين طرفين متعادلين ، يحرسها القانون ولا شي غيره ... ان ما اشير اليه بالدولة هنا ليس الا ما هو ثابت في ذهن المواطن العادي من انها المؤسسة ، والموضفون فيها على اختلاف رتبهم ومناصبهم وليس ابدا ما تشير اليه الكلمة كمسطلح في العلوم السياسية ، او حتى في برنامج مادة التربية الوطنية في المدارس . رايي هذا وانا اجاهر به حتى ارى في البلاد ما دعاني لاشهاره ، او يقطع راسي في سبيل