هل بدأت اللعبة القذرة تلوح في الأفق بعد فشل كل الأوراق لإجهاض الثورة ؟ لقد استعملت الايادي الخفية اللتي تدير اللعبة السياسية في تونس كل الأوراق و ادارت معارك ضارية على كل الجبهات و بائت بالفشل الذريع في إجهاض الثورة اللتي مازال لهيبها يتقد نارا و يشع نورا في نفوس أبناء تونس و شبابها البطل. الصعيد الإقتصادي: فكان على الصعيد الإقتصادي إغراق تونس في الديون حتى تبقى دائما تحت السيطرة الإستعمارية ، الصعيد السياسي: على الصعيد السياسي 1) تفريخ التجمع إلى 80 حزب، 2) تزويد هذه الأحزاب بالمال الوفير حتى تشتري الذمم والأصوات، و تكوين الميليشيات تحت عنوان الحراسة ، 3) وضع قوانين من طرف هيئة بن عاشور للإنقلاب على إرادة الشعب و قوانين أخرى على مقاس فئات سياسية و ايديولوجية ضيقة تناقض هوية الشعب ، 4) حيكت كل المؤمرات لتاخير موعد الإنتخابات و الإبقاء على الحكومة المؤقتة، و كل الدلائل تشير أنه من بين المخططات الإبقاء عليها في المستقبل البعيد، 5) مناورات و مخططات لإجهاض الانتخابات بالتأخير، أو اجرائها إذا تأكد إقصاء المنافسين الكبار بطريقة أو بأخرى، و أصبحت نتائجها مضمونة و تحت السيطرة . على الصعيد الأمني: 1) ضرب وحدة الشعب و الوحدة الوطنية بإثارة فتن العروشيات و الجهويات لتسود الكراهية و تتمزق الصفوف 2) افتعال حرب ثقافية حول الهوية بين أبناء تونس لالهائهم عن تحقيق مطالب ثورتهم و تفريق صفوفهم ، 3) اللعب على الوتر الأمني و حاجة الناس الطبيعية للأمن ليبثوا في نفوسهم الخوف و الرعب بالإنفلاتات الأمنية المتكررة، و بذلك يرسموا حاجزا بين الناس و مطالب الثورة، و يهيئوا الشعب لقبول الدكتاتورية الجديدة مقابل الأمن . 4) تخويف الناس بفزاعة الإسلاميين : مظاهرة أمام الكنيس اليهودي ، قتل القسيس ، فزاعة القاعدة في الروحية ، الهجوم على الناس في الشواطىء،بث الإشاعات المغرضة لإخافة النساء من الإسلاميين حول تعدد الزوجات و حقوق المرأة في العمل و اللباس ... اللعبة القذرة تلوح في الأفق: كل هذه المؤمرات و المناورات بائت في مجملها بالفشل الذريع في القضاء على ثورة الشعب و شبابه البطل. و الأكثر من ذلك لقد فقدت الحكومة الوقتية و هيئاتها اللقيطة كل شرعية حتى تلك اللتي تسمى '' الشرعية'' التوافقية و فقدت ثقة الشعب بالكامل ، بل بان بالكاشف للشعب أن هذه الحكومة الوقتية و هيئاتها اللقيطة قد خانت الثورة ، بل هي متآمرة عليها . و قد آلت الحالة في هيئة بن عاشور إلى انقراضها شيئا فشيئا حتى لم يبقى فيها إلا الفئة المنبوذة من الشعب صاحبة الصفر فاصل خمسة بالمائة (0,5 % ) من مجموع الناخبين في انتخابات 1989. و لم يعد لهم من دعم إلا الدعم الإستعماري. و أمام هذا الفشل الذريع ، بدأت بوادر اللعبة القذرة تلوح في الأفق مع اعتصام القصبة 3: 1- قمع شديد و وحشي للمعتصمين و إستعمال أدوات جديدة للقمع وقع استيرادها حديثا 2- الإستفزاز المتعمد للمشاعر الدينية بالهجوم على المساجد و كأننا في ما يسمى بإسرائيل ، و ضرب المصلين و المصليات و سب الجلالة و دوس القرآن الكريم بالأرجل ، والمقصود به جر الشباب إلى العنف 3- إغتصاب الشباب و البنات من الذين شاركوا في اعتصام القصبة 3 4- تسريب فيدووات إغتصاب وقعت في مراكز الشرطة و الحرس 5- الهجومات الليلية و ترويع الأهالي و القبض على الشباب يندرج كل هذا في إطار زرع الإحباط لدى بعض الشباب و تأجيج مشاعر النقمة لدى بعض الشباب الآخر و جرهم إلى العنف لكي تتمكن من تشويهم و تشويه مؤيدي الثورة و تكميم أفواههم ، و بذلك تكسب الرأي العام لصالح هذه الحكومة اللاشرعية و تتمكن من عزل أصحاب الثورة، و تقتل من تقتل و تعذب من تعذب و تسجن من تسجن بدون رقيب. و لإستكمال المخطط يقع حث الشباب على العنف من طرف الداخلية بالإيحاء بان هناك بوادر في هذا الإطار و ذلك بالكلام عن أسلحة قد سرقت من مراكز أمنية بمنزل بورقيبة ، و إعلان محاولة تفجير إنبوب الغاز بالزريبة وهي كلها أكاذيب من صنع البوليس السياسي . لكن في مقابل هذه المخططات الدنيئة ، أبدى شباب الثورة الأبطال وعيا فائقا و ازدادوا صلابة و حرصا على انجاح ثورتهم بكل الطرق السلمية . و لم يبق أمام القوى الخفية اللتي تدير معركة إجهاض الثورة إلا الطرق الإرهابية المفضوحة و اللتي لم تعد تنطلي على أحد ، كتفجير الكنيس بالإسكندرية اللذي قامت به وزارة الداخلية المصرية و نسبته إلى السلفيين الفلسطنيين، أو كعمليات ذبح الناس من طرف المخابرات الجزائرية و نسبها إلى الإسلاميين. إن ما يمكن أن تقدم عليه هذه الايادي الخفية من عمليات ارهابية لا يمكن التنبؤ بنتائجها الكارثية على مستقبل البلاد أو السيطرة عليها، و لا يمكن البتة أن يكون ذلك في مصلحة أحد بما فيه القوى الإستعمارية