1) الشقاء : تساءل المستشرقون لماذا يخلد الكفار وبعض المجرمين في النار في حين أنهم عاشوا وأفسدوا في الأرض لفترة محدودة فرد عليهم علماء الإسلام بالآية الكريمة : "وَلَوْ تَرَىَ إِذْ وُقِفُواْ عَلَى النّارِ فَقَالُواْ يَالَيْتَنَا نُرَدّ وَلاَ نُكَذّبَ بِآيَاتِ رَبّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * بَلْ بَدَا لَهُمْ مّا كَانُواْ يُخْفُونَ مِن قَبْلُ وَلَوْ رُدّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنّهُمْ لَكَاذِبُونَ". فبعض الناس طبعهم الإفساد في الأرض. ورغم توفر فرص التوبة لا يريدون أن يصلحوا ما كان من فساد طباعهم وأعمالهم ومن تلوث سريرتهم. فهذا علي عبد الله صالح،الذي لا يمت إلى الإصلاح بأية صلة، عاث في الأرض فسادا واستبدادا وتقتيلا وأبى أن يستمع إلى صوت الحكمة والعقل. فأطلق عليه النار ودخل في غيبوبة. وفي غيبوبته يكاد يكون قد لامس يوم القيامة واليوم الآخر والصراط والجنة والنار ثم خرج من رحمة الله به حيا. ولعل الله أراد به خيرا ليعتبر وليراجع نفسه وليتدارك أخطاءه وجرائمه في حق شعبه. ولكنه خرج على الناس في هيئة مشوهة ومنظر مروع، وكأنه قد خرج لتوه من القبر، وهو يتهدد ويتوعد كعادته وكأن الشقاء قد كتب عليه. 2) المكر: إثر الانقلاب على بورقيبة سنة 1987 أطل علينا زين العابدين بن علي على طريقة "برز الثعلب يوما في شعار الواعظينا فمشى في الأرض يهذي ويسب الماكرينا" لأحمد شوقي. أطل من خلال شاشة التلفاز في جلباب الواعظين "لا ظلم بعد اليوم. لا رئاسة مدى الحياة بعد اليوم". ولكنه كان يبطن غير ما يعلن. كان يبطن المكر والخديعة. ولعله نسي أيضا أن الله أشد مكرا. ففي اللحظة التي انقلب فيها على وعوده يسر الله له الزواج من ليلى الطرابلسي التي كانت مع عائلتها من أقوى الأسباب التي أطاحت بحكمه. فكان هو يمكر بهذا الشعب وهي وعائلتها وأصدقاؤها يعيثون في الأرض فسادا ويسطون على أموال الناس ويتعدون على حرماتهم حتى مل الشعب تصرفاتها وتصرفات مرتزقتها وانفجر عليهم كالبركان في أيام مشهودة. فربما تكون هذه المرأة قد قامت بدور البعوضة التي سلطها الله على النمرود والتي أدت به في النهاية إلى قطع رأسه. زين العابدين هذا أعاد في آخر حكمه نفس الكلام الذي بدأ به حكمه : "أنا فهمتكم. لا رئاسة مدى الحياة". ولكن الشعب لم يصدقه هذه المرة وهو يستحضر قول أحمد شوقي "مخطئ من ظن يوما أن للثعلب دينا" وقول الرسول صلى الله عليه وسلم "لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين ". قال الله تعالى "ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين". 3) الفضيحة : لو قيل لأي إنسان على وجه هذه الأرض خذ ما شئت من أموال شرط أن تسمح لجهة ما بفضحك وإظهار عيوبك ما ظهر منها وما بطن أمام الناس جميعا لما قبل بذلك ولو ضاعفت له المقابل أضعافا مضاعفة. كان زين العابدين في ستر من الله عندما مسك بزمام الحكم سنة 1987. والستر نعمة عظيمة من الله علينا لا يشعر بها كثير من الناس. فلم يقدر هذه النعمة حق قدرها. وبدأ عهده بمحاربة دين الله والتعدي على حرماته ونشر الفساد بكل أنواعه في الأرض والتفرغ التام لمحاربة الإسلام والتضييق على الإسلاميين. حتى جاء اليوم الموعود وخلعه الشعب في يوم مشهود. وفضحته وسائل الإعلام التي كانت تمجده وسردت على كل العالم كل ما كان يقوم به من ربط صلة بالصهاينة وتعاطي المخدرات والاتجار بها والاستيلاء على أموال صندوق 26-26 المتأتية من تبرعات المواطنين لفائدة مناطق الظل والتعدي على نساء الغير وممارسته لكل أنواع الفساد المالي والاقتصادي والأخلاقي. فلو كان باختياره لدفع كل ثروته لئلا ينكشف أمره ويفتضح. لقد أسدل الله عليه ستره في البداية ولكنه بفساد طبعه وأفعاله أبى إلا أن يفضحه الله على الملأ. 4) الله يمهل ولا يهمل : أثناء العدوان الإسرائيلي على غزة ورغم بشاعة المحرقة لم يلن قلب حسني مبارك وسمح الرجل لنفسه بالتواطؤ مع العدو الإسرائيلي والتضييق على المقاومة وعلى الشعب الفلسطيني ومحاصرته من كل الجهات إلى حد منع المرضى وجرحى الحرب من اجتياز الحدود والعلاج في مصر رغم مناشدات عديد الأطراف العربية والدولية. والآن وبعد سنتين وبضعة أشهر يجد حسني مبارك نفسه مخلوعا مريضا طريح الفراش وهو يحاكم من طرف الشعب. لقد أصابته دعوة المظلومين وخاصة من الشعب الفلسطيني. قال الشاعر : لا تظلمن إذا ما كنت مقتدرا-- فالظلم ترجع عقباه إلى الندم** تنام عيناك والمظلوم منتبه -- يدعو عليك وعين الله لم تنم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله ليمهل الظالم وإذا أخذه لم يفلته".